الطريق المؤدية إلى قرية "تيخيت" بإقليم شيشاوة، مغامرة بحد ذاتها قبل وقوع الزلزال، فالحجارة تتساقط من الجبال، وبعد الزلزال، سقطت أحجار بحجم الغرف وسط الطريق المؤدية لها.
الطريق ملتوية وخطيرة وبعضها غير معبدة، وبمجرد الوصول إلى قرية "تيخيت" يظهر حجم الكارثة للعيان.
تيخيت
تقع "تيخيت" فوق جبل، وقد انهارت بكاملها بسبب الزلزال المروّع، وكأنها لم تكن لها قائمة، وقد نصبت الوقاية المدنية الخيام، والعائلات تبحث عن بريق أمل، في حين اختارت عائلات أخرى الجلوس تحت الأشجار للهروب من لهيب الشمس تحت وقع الصدمة.


في ظل كل ذلك، يجلس إبراهيم أدجار (23 سنة) فوق ركام منزله، ولم يستوعب بعد كيف فقد 12 من أفراد أسرته دفعة واحدة، وعيناه ت أنه مر بفترة صعبة.
قال أدجار لوكالة "الأناضول": "فقدت 12 من عائلتي، لا نملك من الأمر شيئا، ما علينا إلا الصبر، ونحتسب أمرنا لله، وإنا لله وإنا إليه راجعون".
يحاول إبراهيم أن يبقى قويا رغم أن نظراته تبين غير ذلك.
وأضاف والحسرة بيّنة على وجهه "فقدت أخي الذي قضى مع ابنيه الصغيرين، وجدي وجدتي، وعمي وزوجته وأبناءهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
بالكاد يحكي إبراهيم عن قصته الحزينة، حيث نجا من الموت بعدما كان خارج القرية مع أصدقائه، ليسمعوا آثار الزلزال ويعاينوا قريتهم وهي تتحول إلى ركام في رمشة عين، حسب قوله.
يؤكد إبراهيم أنه في اللحظات الأولى لم يكن يدري أهو في حلم أم حقيقة بسبب هول الكارثة، لكنه سرعان ما انخرط طوال الليل في البحث عن مفقودين لعله يظفر بشيء ما، في حين لم يتمكن آخرون من ذلك.
صعوبة البحث
أحد أفراد الوقاية المدنية المكلفين بالبحث، يقوم بجولة لعله يجد مؤشرات على وجود أحد الأحياء، فالرائحة تزكم الأنوف، خاصة أن المباني انهارت على البشر والحيوانات بالقرية.
فطريقة البناء المتكونة من طوب جعلت عمليات البحث صعبة للغاية، خاصة أن انهيار الطوب لا يترك منافذ للأكسجين، ووجود القرية فوق جبل جعل من عملية الإنقاذ ضربا من المستحيل.
خلال اليومين الأولين من الزلزال، فاقت حصيلة الوفيات في القرية 60، وهي مرشحة للارتفاع لأن إجمالي السكان يزيد عن 170 فردا.
أمل
رجال الوقاية المدنية يبحثون بين الركام رغم صعوبة الأمر، حيث توقع الشاب عزيز وهو أحد أفراد الوقاية المدنية، استمرار عمليات إنقاذ المواطنين.
وأوضح للأناضول، أن جغرافية القرية صعبت من جلب الجرارات للمساعدة في إزالة الركام.
ترك الزلزال المدمر الذي ضرب مدنا و قرى في المغرب، وراءه أضرارا كبيرة طالت الجوانب المعيشية، مسببا الكثير من المآسي الإنسانية والصعوبات خاصة لدى سكان الأرياف.
وباستثناء مدينة مراكش التي شهدت انهيار عدة مبان، فإن الملاحظ أن الزلزال خلف خسائر وأضرارا كبيرة بالقرى دون المدن.

عن الأناضول

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الوقایة المدنیة

إقرأ أيضاً:

الحردلو صائد الجمال (15): حكاية المسدار.. غاب نجم النَطِح..!

الشعر البدوي كجنس أدبي يُعتقد أنه جاء للسودان مع هجرة القبائل العربية التي بدأت باكراً قبل الإسلام؛ واستمرت إلى القرن الخامس عشر الميلادي..(هكذا يحكي عادل بابكر) ومن خلال الهجرات العربية المتتابعة من شبه جزيرة العرب إلي حيث المراعي والماء..!
تلك الهجرات التي نقلت معها تقاليد عميقة الجذور من الشعر الشفاهي..الذي كان يلعب دوراً لا غنىً عنه في حياتهم اليومية..ففي هذه المجتمعات تسود الأمية بصورة مهيمنة..فالشعر يُلقى ويُنشد ويُترنم به..ولكن لم يحفظ أي شيء منه مكتوباً..وبهذا لم يكن له إرث يذكر..!
لا دليل على أن المسدار كان معروفاً في السودان قبل الحكم التركي (1820-1885)..فالمسدار مثل غيره من أشكال الشعر الشعبي يتم تناقلها شفاهة..وهي الحالة التي نتج عنها أن المسادير التي تمّ نظمها مبكراً ضاعت مع الزمن ..ّ!
ويرجّح (سيد حامد حريز) أستاذ الفولكلور الشهير أن المسدار ظاهرة شعرية جاءت مؤخراً ويصفه بأنه "مرحلة متقدمة" من تطوّر الشعر الشعبي. وفي بحثه القيم متقن التوثيق وكتابه بعنوان "فن المسدار" يرى د.حريز أن المسدار هو "شكل فني في هيئة قصيدة سردية مطوّلة اقترنت بمرحلة متقدمة في تطوّر الشعر"؛ وأن هذه المرحلة المتطورة كانت في الحكم التركي..وأن الصوّر الأولية من المسادير التي وصلت إلينا تتبع لذلك العهد..!
الرواد الثلاثة الأشهر لهذا الفن هم إبراهيم الفرّاش (1847-1883) وعبد الله أبو سن (؟؟؟؟- 1909) وأخوه الحردلو (1830-1916)..وبما أن الأخوين محمد أحمد وعبدالله من معاصري الشاعر إبراهيم الفرّاش..يبدو أنهما قاما بتناول المسدار في مرحلة متأخرة من حياتهم، على خلاف الفرّاش الذي مات في العهد التركي قبل المهدية..ومن بين ثلاثتهم أصاب الشهرة صاحبنا الحردلو باعتباره (شيخ المسدار) الذي لا خلاف عليه..!
الجيل الثاني من شعراء المسدار يشمل (أحمد عوض الكريم أبو سن) و(عبد الله حمد ود شوراني) و(الصادق حمد الحلّال- الصادق ود آمنة) و(عاجب ود موسى) وآخرين..هؤلاء الشعراء ظلوا مخلصين لفن المسدار الكلاسيكي شكلاً ومحتوى و"تكنيك"..!
ومع أن بعضهم انسحب من نمط الترحال البدوي وعاش حياة مستقرة إلا أن أشعارهم ظلت تحمل الروح البدوية..وبالنظر إلى حياتهم الجديدة..فقد وجدوا أيضاً طريقهم للتعبير عنها من خلال المسدار..!
ومثالاً لذلك فقد تسرّبت إلى أشعار أحمد ود عوض الكريم أبو سن الذي استقر في خشم القربة وأصبح مزارعاً تعبيرات ومفردات مدينية حضرية مثل: القطار والمسرح (التياترو) ومشروب (الجن)..!
**
مفردة (مسدار) تعني لغة اسماً للفعل (سَدَر) الذي يعني عزم السير إلى جهة ما، ومسدار تعنى مكاناً معلوماً ما، أو مقراً تتجه إليه الماشية بحثاً عن الماء والكلأ..ولكل قبيلة رعوية مسدار أو مسادير ومرعي أو مورد تمكث به لأيام ثم ترحل عنه لتعقبها غيرها من القبائل..!
والمسدار بهذا المعنى يستخدم بكثرة في شعر الشكرية...ففي (مسدارسيتيت) يقول الشاعر عبد الله ود أبو سن عن محبوبته التي تشبه الظبية صغيرة السن:
عَناق الأريل المسدارا جبره
تحادثني حديثاً كلّو عبره
أنا ان جنيتا قط ماظني ببرا
بلا عناب جناين وادي شبره
وباعتبار المسدار شكل ونمط شعري فهو يمثّل قصيدة مطوّلة تتكوّن من عدد من المربوعات التي تصف رحلة الشاعر إلى محبوبته..! والرحلة قد تكون حقيقية في الأرض مثل (مسدار قوز رجب) للشاعر حمد الحلال...أو تكون خيالية كما في أمثال عديدة من المسادير.
وفي كل الأحوال فهي قصيدة حب طويلة تصف نزوع الشاعر وسعيه إلى محبوبته؛ فمشاعر الحنين السيّالة المتدفقة يتخللها وصف الأمكنة التي يمر بها طريق الرحلة، وطبوغرافية الأرض والمعالم البارزة..ويحمل المسدار أحياناً اسم المكان الذي انطلقت منه الرحلة مثل (مسدار رفاعة) و(مسدارسيتيت) و(مسدارالصباغ).
**
شاعر مصري وباحث في الشعر الشعبي "عبد الستار سالم" يورد عن هذا النوع من الشعر البدوي عدة أجناس ويذكر منها الرباعية و(الحردلو السوداني) "هكذا يسميه"..! والموال والدوبيت والعدودة (نواح على الميت) والنميم والجنزير والسلسلة والقولة و(الواو)..ويقول إنها جميعها من (عائلة التربيع) الذي يسمونه في الشام العتايا ونعناع الجنينة وفي العراق الابوذية وفي الخليج النبطي وهو يذكر المسدار ويقول الباحث المصري عنه تحديداً (المسدار السوداني)..!
**
بعض المسادير تصف رحلة قد تستمر لعام كامل..وبدلاً من التركيز على أسماء الأمكنة تتجه أكثر إلى وصف تقلبات الطبيعة الخلوية وأجواز الفضاء...فهي تصوّر أحوال تغيّرات الطقس وتمثّل لها بمواقع وحركة النجوم..وكل تغّير في المناخ يعني خطوة وعتبة للاقتراب من المحبوبة واشتعال الحنين..!
**
مثال ذلك (مسدار النجوم) لـ"ود شوراني" وإشارته إلى (نجم النطح) الذي يرتبط بفصل الصيف:
غاب نجم النّطِح والحر علينا اشتدّا
ضيّقنا وقِصِر ليلو ونهارو امتدا
نَظِرت المنو لي القانون بقيت اتحدى
فتحت عندي منطقة الغُنا الإنسدا
هنا يقول "عادل بابكر" بذات الشاعرية:
Al-Natih star went down,
leaving us in a stifling heat,
with nights getting shorter and days longer
Her glance emboldened me to defy all laws,
and released streams of songs long-blocked inside..
هنا يشرح عادل بابكر في هوامشه (التقويم البدوي) لمواسم العام والفصول المناخية. وهو تقويم يجعل لكل نجم (عِينة) من العِيّن ويطلقون على النجوم أسماء محلية؛ ويتم تقسيم كل فصل من فصول العام الأربعة إلى (سبع عِيّن) بمجمل 28 عينة في العام..ومدة العِينة 13 يوماً..وفي المثال السابق يمثل غياب نجم النطِح تحوّل المناخ إلى ارتفاع كبير في درجة الحرارة..!
**
عجيبة (منطقة الغُنا الانسدا) هذه عند ود شوراني..! ونقول ويقول غيرنا إنها وقع الحافر على الحافر بين ود شوراني "البدوي" ومحجوب شريف "الحضري" ..ومحجوب شريف يقول: (وتفتح كلمة من عينيك لي مجرى الغُنا المسدود)..!
مَنْ الذي يستطيع أن يشكّك في مصادر إلهام هذين الرجلين وفي الإبداع السوداني العجيب..؟!
ألم يقل عاطف خيري: (أقيفي معاي.. نشيل كتف الغُنا الميّل)..؟!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • حريق في مخلفات زراعية بقرية النزلة بالفيوم
  • وفاة 12 شخصا غرقا وفي الحوادث خلال يوم!
  • حريق يأتي على "مصبنة" في تزنيت
  •  مرصد الجوع العالمي: معسكر زمزم بإقليم دارفور السوداني يشهد مجاعة الآن
  • في ظل الجفاف وشح المياه.. مشروع ترفيهي للتزحلق على المياه بالرحامنة
  • منجم رصاص يهدد مناطق مصنفة من طرف اليونسكو بتزنيت
  • زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزيرة “سولاوسي” بإندونيسيا
  • استشهاد مراسل الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي
  • زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب جزر "ساندويتش الجنوبية"
  • الحردلو صائد الجمال (15): حكاية المسدار.. غاب نجم النَطِح..!