تسببت عاصفة "دانيال" التي ضربت السواحل الليبية بوفاة أكثر من ألف شخص -حسب التقديرات الأولية-، نتيجةً لانهيار سدين مائيين ووقوع فيضانات غمرت مناطق سكنية بالكامل.

ومع أن الفيضانات ظاهرة تحدث من حين لآخر في المناطق الساحلية، فإنها باتت أكثر شدة وتكرارا خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يرجعه العلماء إلى ظاهرة الاحترار العالمي.

أثر التغير المناخي

وبحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عن الظواهر المتطرفة، فإنه بات من الواضح بشكل متزايد أن التغير المناخي أثر بشكل ملحوظ على العديد من المتغيرات المرتبطة بالمياه مثل هطول الأمطار ونشاط الرياح الشديدة، وهي ظواهر ترفع من شدة وسرعة وتيرة الفيضانات.

التغير المناخي أثر بشكل ملحوظ على هطول الأمطار ونشاط الرياح الشديدة وشدة الفيضانات وسرعة وتيرتها (رويترز)

ويتسبب احترار الغلاف الجوي لكوكب الأرض في زيادة نسبة الرطوبة في الهواء، مما يزيد من احتمالية هطول الأمطار. إلا إن هطول الأمطار في هذه الحالة يحمل بعض الجوانب السلبية؛ إذ يتسبب ارتفاع درجات الحرارة أيضًا في زيادة جفاف التربة، لتقل نسبة امتصاصها لمياه الأمطار، وتسهم بالتالي في انتشار المياه إلى مناطق أبعد من المعتاد.

كما يمنح ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي والمسطحات المائية، طاقة أكبر للعواصف الساحلية والأعاصير، فتهب بدرجات أقوى ومعدلات تزداد عامًا بعد عام، وتزيد بالتالي من شدة وسرعة وتيرة حدوث الفيضانات.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن ذوبان الأنهار والصفائح الجليدية يرفع من مستويات سطح البحر عالميًا، حيث أصبحت محيطات الأرض وبحارها أعلى بنحو 20 سنتيمترا مقارنة بما كانت عليه في عام 1900، وهو المعدل الأعلى للارتفاع في قرنٍ واحد خلال الألفي عام الماضية.

الوضع في شمالي أفريقيا

وبحسب دراسة نشرت في العام 2021، فإن السواحل القاحلة في شمالي أفريقيا، والتي تمتد لمسافة تزيد عن 4633 كيلومترًا من خليج تونس إلى دلتا النيل، شهدت تصاعدا في نسبة الفيضانات الساحلية نتيجة للارتفاع المستمر في مستوى سطح البحر الناتج عن ظاهرة الاحتباس الحراري.

السواحل القاحلة في شمالي أفريقيا شهدت تصاعدا في نسبة الفيضانات الساحلية (رويترز)

ويؤكد تقرير للبنك الدولي على تلك النتائج، مشيرًا إلى أن ارتفاع منسوب مياه البحر الناجم عن تغير المناخ يجعل دول شمال أفريقيا الأكثر عرضةً للمشكلات المناخية في القارة الأفريقية.

ويضيف تقرير بحثي صادر عن المفوضية الأوروبية، أن أضرار الفيضانات الساحلية السنوية بشكل عام قد تزيد بمقدار 20 إلى 50 ضعفًا بسبب تغير المناخ فقط، في حال لم يتم اتخاذ تدابير مناسبة للتكيف مع الفيضانات وضبط متوسطات درجات الحرارة عالميًا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هطول الأمطار

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء إعادة الفتح الكامل لمعبري سبتة ومليلية شمال المغرب؟

بتصاعد نقاش حول مدى فعالية اعتزام الرباط ومدريد إعادة الفتح الكامل لمعبري مدينتي سبتة ومليلية شمال المغرب، والخاضعتين للسيطرة الإسبانية.

ويركز النقاش على الانعكاسات المحتملة لهذه الخطوة المرتقبة على مدن الشمال المغربي، خاصة أن إغلاق المعبرين منذ أكثر من 6 أعوام ساهم في الحد من تهريب السلع بين الجانبين.

وفي حين "تضغط" إسبانيا لإعادة فتح المعبرين كليا، بسبب تضرر التجارة في سبتة ومليلية من الإغلاق، لا يزال المغرب "يتأنى" ويجعل من "الترقب" سيدا للموقف.

نقابي مغربي يرى أن التبادل التجاري مفيد للطرفين، خاصة أنه يدر دخلا جمركيا، داعيا إلى فتح نقاش حول هذا الموضوع للوصول إلى حلول وبدائل.

وعلى مدى عقود امتهن مئات المغاربة، بينهم نساء وأطفال، تهريب سلع من سبتة ومليلية إلى مدن مغربية، إذ كانوا يحملون على ظهورهم أكياسا ضخمة مُحملة ببضائع إسبانية.

غير أن هذا الوضع تغير منذ إغلاق المعبرين، ودفع السلطات المغربية إلى إطلاق مشاريع لتنمية المنطقة، في محاولة للقضاء على أنشطة التهريب وتداعياتها على اقتصاد المملكة.


ووفق إحصاءات، فإن أنشطة التهريب من سبتة ومليلية كانت تكبد خزينة المغرب خسائر بين 500 مليون دولار و700 مليون دولار سنويا.

وتخضع مدينتا سبتة ومليلية، إضافة إلى الجزر الجعفرية وأخرى صخرية بالبحر المتوسط، لإدارة مدريد، فيما تعتبرها الرباط "ثغورا مغربية محتلة".

فتح مع وقف التنفيذ
السلطات الإسبانية أعلنت إعادة فتح معبر مليلية أمام السلع، في انتظار إعادة فتح معبر سبتة، بينما لم يصدر أي تصريح من السلطات المغربية.

وقالت مندوبة الحكومة الإسبانية بمليلية صابرينا موح، الأحد، إنها ستعقد اجتماعا الأسبوع المقبل مع منظمات الأعمال الإسبانية، لبحث إعادة فتح الجمارك التجارية بعد نحو 6 سنوات ونصف من الإغلاق.

واعتبرت أن "دخول شاحنة محملة بالأجهزة، في 15 يناير الجاري، من مليلية إلى (مدينة) بني أنصار، يمكن اعتباره بمثابة إعادة فتح مكتب الجمارك التجارية المغلق منذ أغسطس (آب) 2018 من جانب واحد".

وأضافت موح، وفق إعلام إسباني، أن "اختبارات أُجريت منذ اتفاق إسبانيا والمغرب عام 2022 على إعادة فتح الجمارك، مكنت من اكتشاف مشكلات فنية تحتاج لحل".


وتابعت أن "الجمارك ستساعد مجتمع الأعمال على النمو، والحصول على أسواق جديدة".

وبينما لم يصدر تعقيب من السلطات المغربية حول الملف، رصدت وسائل إعلام مغربية دخول شاحنة بضائع من كلا الطرفين يوميا.

وفي أغسطس 2018، قرر المغرب إغلاق مركز الجمارك مع مليلية، ومنع أي عملية استيراد أو تصدير عبر المعبر البري، ليتبعه في ديسمبر/كانون الأول 2019 قرار بإغلاق معبر سبتة أمام تجار السلع المهربة.

وآنذاك أعرب المسؤولون الإسبان عن غضبهم من الإجراءات المغربية، وباشروا الضغط للسماح بعبور كلي للسلع والمنتجات؛ في ظل خسارة العاملين في مجال تصدير واستيراد البضائع في سبتة ومليلية.

في المقابل لا تزال السلطات المغربية تختار "الصمت" في إدارتها لهذا الملف.

مطلوب حلول وبدائل
محمد بوجيدة، عضو نقابة العاملين المغاربة بسبتة ومليلية، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، يقول إن الأمر يتعلق في مرحلة أولى بدخول شاحنة واحدة حاليا من كلا الطرفين، وهي خطوة إيجابية لكلاهما.

ويعتبر بوجيدة، في حديث للأناضول، أن التبادل التجاري بين الطرفين مفيد لهما، خاصة أنه يدر دخلا جمركيا لكلاهما.

ويدعو إلى فتح نقاش حول الموضوع للوصول إلى حلول وبدائل بالمنطقة، مشددا على ضرورة انخراط البرلمان المغربي في هذا النقاش.

كما يدعو بوجيدة إلى تسهيل مرور المواطنين، خاصة المغاربة القاطنين في مليلية.

ووفق تقرير برلماني مغربي "توجد حوالي 3500 امرأة مغربية تمتهن التهريب المعيشي في معبر سبتة، ويوجد أيضا 200 طفل قاصر".

وأضاف التقرير الصادر عام 2019، أن "المغربيات الممتهنات للتهريب المعيشي يعشن وضعا مأساويا، وينمن ليومين وأكثر في العراء".

وأوصى بمحاربة شبكات التهريب وتجفيف منابعها، حمايةً للاقتصاد الوطني.

ومنذ إغلاق المعبرين، أطلق المغرب حزمة إجراءات لتحقيق التنمية الاقتصادية، سواء في مدينة الفنيدق (قريبة من سبتة) والمدن المجاورة، أو الناظور والنواحي (قريبة من مليلية).

وفي يناير/كانون الثاني الجاري، صادقت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بالناظور (حكومية) على 44 مشروعا بتكلفة إجمالية 16.7 مليون درهم (1.67 مليون دولار).

وتتوزع هذه بين 15 مشروعا مقدما من طرف التعاونيات و29 لفائدة شركات صغيرة، وهي تهم قطاعات الفلاحة، والصناعة التقليدية، والتجارة والخدمات، والصيد البحري، والسياحة والنقل.

ومن بين هذه المبادرات أيضا، إطلاق برنامج بتكلفة 400 مليون درهم (4 ملايين دولار) بالفنيدق في فبراير/ شباط 2021، يهدف لتسريع بناء وتهيئة منطقة الأنشطة الاقتصادية بالمدينة.

وفي ديسمبر 2024، قال تقرير رسمي مغربي إنه في إطار التمكين الاقتصادي للنساء على مدى ثلاث سنوات، تم إنجاز 70 مشروعا بكلفة 1.9 مليون درهم (19 ألف دولار) بين 2022 و2024، بكل من الفنيدق والمضيق ومرتيل، حيث استفادت عشرات النساء من معدات وآليات ودعم مالي.

وتهدف هذه المبادرة، المنظمة من طرف الجمعية الجهوية للاتحاد الوطني لنساء المغرب بعمالة (محافظة) المضيق والفنيدق، إلى تقوية قدرات النساء صاحبات مشاريع.

ووفق بوجيدة، فإن المغرب استطاع الحد من "التهريب المعيشي"، مضيفا أن "هناك صرامة كبيرة في منع التهريب بين البلدين".

ويشدد على ضرورة تقوية البدائل في المنطقة، خاصة لفائدة المواطنين الذين كانوا يمتهنون التهريب المعيشي.

وينصح بتقوية المشاريع، لافتا إلى أن إحصاء في الناظور أظهر تراجع عدد السكان، ما يدل على أن جزءا منهم هاجر إلى أماكن أخرى.

ضغط إسباني
ولا يزال المسؤولون الإسبان يضغطون من أجل فتح المعبرين كليا، بسبب الخسارة التي تكبدتها سبتة ومليلية.

وتحدثت تقارير إعلامية إسبانية عن أن قيمة المعاملات التجارية للتهريب المعيشي تبلغ في مليلية لوحدها أكثر من ملياري يورو (2.2 مليار دولار).

وقال رئيس مجلس رابطة وكلاء وممثلي الجمارك الإسبانية أنطونيو ليوبيت دي بابلو إن العاملين بمجال تصدير واستيراد البضائع في سبتة ومليلية خسروا 80 بالمئة من نشاطهم التجاري الحدودي جراء استمرار إغلاق الحدود التجارية مع المغرب.

وأضاف دي بابلو، على هامش الدورة العشرين لمنتدى الجمارك بمدينة مالقا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أن التحديات التي يواجهها مهنيو القطاع في سبتة ومليلية والجزيرة الخضراء، لا تزال بحاجة إلى حلول.

وانتقد ما أسماه "نقص الضغط" من الحكومة الإسبانية على المغرب للوفاء بالتزاماته.

وأعرب عن اعتقاده بأن "الحكومة الإسبانية لم تتمكن من إلزام المغرب بالوفاء بتعهده الذي تم الاتفاق عليه عام 2022 لإعادة فتح الجمارك في سبتة ومليلية".

وقبل أيام، أعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن الاتفاق المبرم مع المغرب، بخصوص إعادة فتح المعبرين كليا، كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 8 يناير الجاري.

مقالات مشابهة

  • 3 مخاوف تدفع إلى التدخل الدولي في ليبيا، و5 أسباب وراء “فشل الدولة”
  • السيطرة بشكل كامل على حريقي إيتون وباليساديس في الولايات المتحدة
  • ماذا وراء إعادة الفتح الكامل لمعبري سبتة ومليلية شمال المغرب؟
  • ليبيا – باشاآغا: تصاعد السلوكيات المنحرفة يهدد النسيج الاجتماعي ويتطلب حلولًا جذرية
  • الأمطار الأخيرة تنعش سدود المملكة
  • النائب العام يشهد مراسم تكريم أعضاء النيابة من ليبيا وبعض دول أفريقيا
  • انقطاع الطريق الساحلية بين الحسيمة وتطوان متواصل و مسلك مؤقت يهدد الأرواح
  • حطمت الأرقام القياسية.. أطول فترة بدون أمطار | ما قصة فينيكس؟
  • تفاقم الفيضانات غرب فرنسا جراء هطول أمطار
  • «الدولي للاستمطار» يناقش دمج الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار لتعزيز هطول الأمطار