ما دلالات التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة ضد إيران؟.. بحث عن ثمن
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
ما زالت الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية تدرس أسباب وتبعات التهديدات التي ألقاها رئيس جهاز الموساد ديفيد بارنيع ضد إيران بصورة لافتة، لاسيما عند حديثه عن التوضيح لطهران أن استخدام خلاياها الوكيلة سيترتب عليه أيضا تحصيل ثمن من القيادة الإيرانية، ما يشير الى أن تصريحاته هذه لم تأت من فراغ، لأنها جاءت ضمن المؤتمر السنوي لمعهد سياسة مكافحة الإرهاب بجامعة ريخمان، ويمكن اعتبارها غير عادية بكل المقاييس، وهي غريبة أيضا، وقد استهدفت أيضا الآذان الإسرائيلية.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد أن "تهديدات بارنيع المباشرة للقيادة الإيرانية، وتدفيعها الثمن عن كل استهداف للإسرائيليين، وصولا إلى قلب طهران، لم تأت من فراغ، بل على خلفية زيادة كبيرة في التحذيرات بشأن محاولات الأخيرة مهاجمة أهداف إسرائيلية ويهودية في الخارج، ولعل تسلسل الإحباطات بمعدل هجومين أو ثلاثة هجمات شهريا، وما تتحدث عنه المعلومات الاستخباراتية حول الزيادة في تحذيرات قبل الأعياد، دفع بارنيع لتقديم هذا الخطاب الاستثنائي".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "من وجهة نظر الموساد، فإن ترجمة هذا التهديد يعني أن تحصل إسرائيل على الثمن من القيادة الإيرانية، ممن أمر بالهجوم، وأرسل الفرق، وأعطى الأمر، ولذلك فقد ارتأى بارنيع تعزيز تهديده بكشف تفاصيل قادة الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات الإيرانية مع أسماء ووجوه جنرالات إيرانيين".
وتابع: "الرسالة واضحة وبسيطة ومفادها أنهم إذا قرروا قتل اليهود والإسرائيليين، فإن دماءهم على رؤوسهم، وينبغي أن ترتعش أصابعهم قبل الموافقة على مثل هذه الهجمات، لأننا سنصل إليهم حتى لو في قلب طهران، رغم منطقها المتمثل باستخدام فرق بالوكالة لإيذاء الإسرائيليين".
وختم بالقول أن "هناك شعور إسرائيلي بالغرابة من كلام بارنيع لأنه انصبّ فقط على إيران، دون ذكر حزب الله أو الفلسطينيين على الإطلاق، رغم المعطيات التي تشير لارتفاع وتيرة العمليات المسلحة في الضفة الغربية".
التهديدات الإسرائيلية باتجاه إيران لم تقتصر على رئيس الموساد، حيث انضم رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي في التهديد بمهاجمة إيران، زاعما أنه "إذا اكتشفت إسرائيل سياسة إيرانية لتخصيب اليورانيوم إلى المستوى العسكري، فلن نتمكن من المقامرة بمصيرنا، وسيتعين علينا أن نتحرك دون خيار آخر".
ياعيل تشيخنوفر مراسلة صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نقلت عن هنغبي أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوضح لجميع زعماء العالم أن تخصيب اليورانيوم بنسبة أعلى من 60 بالمئة أمر خطير، والنتيجة أن إسرائيل ستضطر للتصرف دون خيار آخر، ما يعني أننا وصلنا لوضع يقول فيه الإيرانيون إنهم يتجهون نحو القنبلة النووية، ولا أعتقد أنه يمكننا الرهان على مصيرنا إذا كانت هذه السياسة الإيرانية، ولكن دعونا نأمل ألا نصل لتلك اللحظة، لكننا نستعد لها على أي حال".
وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "هنغبي زعم في تصريحاته أن رسالتنا واضحة: فمن يظن أن عزيمة إسرائيل تشبه خيوط العنكبوت، سيشعر في رقبته أن عزمنا يشبه الكابلات الفولاذية، وستكون هذه النتيجة، ولابد من تنفيذ سياسة هجومية، يجب علينا التحرك بشكل حركي ومباشر ضد إيران ووكلائها في المنطقة وخارجها، بطريقة من شأنها أن تلحق الضرر ببناها التحتية، وتعزز الردع".
عند تفسير هذه التهديدات الإسرائيلية باتجاه إيران، فيمكن الحديث عن توجيه تحذير إسرائيلي مباش لروسيا على خلفية تعاونها مع إيران في حرب أوكرانيا، مما سيحرج الروس الذين يتحدثون دائما عن التزامهم بأمن دولة الاحتلال، ما حمل نوعا من التهديد الإسرائيلي غير المباشر لروسيا أيضا، وهي ليست أشياء بسيطة من وجهة النظر الإسرائيلية لإجبار موسكو على الرد، خاصة عقب مغادرة طائرتين من روسيا لإيران محملتين بالأسلحة، وهذه كلمات أكثر من إشارة إلى أن إسرائيل قلقة بشأن ما كان على متنهما.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة إيران الفلسطينيين إيران فلسطين الاحتلال الإسرائيلي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
روسيا في سوريا... انتكاسة ومرونة استراتيجية أيضاً
اعتبر البعض في الغرب انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، وقرار روسيا بالوقوف جانباً والسماح بحدوث ذلك، مؤشراً على التمدد الإمبراطوري المفرط لموسكو وتراجع نفوذها الإقليمي.
سقوط الأسد يمثل انتكاسة لروسيا، ولكنه أيضاً انعكاس لمرونة الكرملين
وحسب هذا التفكير من الواضح أن "العملية العسكرية الخاصة" الجارية التي يشنها الكرملين في أوكرانيا تضغط على الجيش الروسي إلى درجة جعلته عاجزاً عن وقف المد المتدحرج للمتمردين، فكان عاجزاً وغير راغب بدعم النظام أكثر من ذلك.
ورغم جاذبية هذه الرواية، دعا الباحث البارز في معهد الأمن القومي بجامعة ميسون جوشوا هيومينسكي المحللين الغربيين إلى الحذر من التركيز الكبير على فكرة أن روسيا كانت عاجزة عن المساعدة ومن عدم التركيز بشكل كاف على واقع بسيط مفاده أنها كانت غير راغبة بذلك.
وبحسب الكاتب فإن من المرجح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأى في دعم روسيا للأسد ترتيباً منخفض الكلفة نسبياً وعالي التأثير، لكن مع تقدم المتمردين، خسر فائدته.
استخفاف بالدب الروسيوكتب هيومينسكي في موقع "بريكينغ ديفنس" أن الاستراتيجية تتلخص أساساً في المقايضات، وهنا يبدو أن موسكو اتخذت قراراً واضحاً بأن الفائدة المترتبة على مواصلة دعم نظام الأسد لم تكن تستحق الكلفة.
وشكل سقوط بشار الأسد انتكاسة لموسكو، فمنذ التدخل في سوريا سنة 2015، قدم الكرملين دعماً مالياً وسياسياً كبيراً للأسد، وهذا الاستثمار يعد صغيراً نسبياً عند تقييمه بالمقارنة مع الموارد التي ضختها أمريكا في المنطقة مثلاً، وبالمقابل اكتسب الكرملين موطئ قدم في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط. وكانت قواعده البحرية في البلاد بمثابة محطة لإعادة التزود بالوقود في البحر المتوسط ونقطة انطلاق للعمليات في أفريقيا.
احتمالان متساويانوسارع البعض للإشارة إلى تأثير أوكرانيا على العمليات الروسية في سوريا، لكن بحسب الكاتب، يشكل هذا سوء فهم لدور موسكو في البلاد، الذي اقتصر إلى حد ما على توفير القوة الجوية والمستشارين، مع بعض المقاولين العسكريين من القطاع الخاص.
والسؤال هو هل كانت روسيا لتكون أكثر استعداداً لمواجهة تقدم المتمردين دون الحرب الأوكرانية؟ هذا محتمل بحسب الكاتب، لكن من المحتمل أيضاً أن النظام قد أصبح قضية خاسرة، فالسرعة التي انهار بها، تعكس ضعفاً عسكرياً وتنظيمياً وتكتيكياً كبيراً، وأي هجوم مضاد بالنيابة عن النظام سيكون باهظ الثمن مادياً وعسكرياً.
كما أثبت نظام الأسد لموسكو أنه شريك متقلب وصعب، إذ رفض التعامل مع المعارضة، جعل البلاد جزءاً من نفوذ إيران.
مصير القوات الروسيةويضيف الكاتب أنت الموقف الروسي الجديد في سوريا ما زال غير معروف، وتشير التقارير الأولية إلى أن القوات الروسية تعيد تموضعها داخل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس، وربما تخلي البلاد بالكامل.
ومن المرجح وفق الكاتب أن تلعب الكراهية المؤكدة تجاه روسيا بسبب قسوتها بالنيابة عن نظام الأسد، وتمكينه من البقاء في السلطة، دوراً في التطورات.
ومع ذلك، لا يوجد ما يضمن أن تسعى هيئة تحرير الشام إلى طرد القوات الروسية بشكل دائم من البلاد، بل قد تسعى إلى تحويل موسكو من خصم إلى مجرد طرف محايد.
انتكاسة ومرونة وبحسب الكاتب فإن تقاعس الكرملين عن دعم الأسد، يرسل رسالة إلى الأنظمة الأوتوقراطية في أفريقيا، بأن موسكو مستعدة لمواصلة دعم النظام طالما كان فائزاً وقادراً على الاحتفاظ بالسلطة ــ وراغباً بالاستماع إلى نصيحة الكرملين. وعندما يصبح النظام غير قادر على القيام بذلك، يتخذ الكرملين قراراً استراتيجياً ويغير مساره.ويختم الكاتب أن سقوط الأسد يمثل انتكاسة لروسيا، لكنه أيضاً انعكاس لمرونة الكرملين الاستراتيجية. والتركيز فقط على الانتكاسة وتفويت المرونة يخاطر بمفاجأة استراتيجية سواء في سوريا أو في أماكن أبعد.