هل مصر قادرة على تحرير كامل لـ سعر صرف الدولار؟
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
مع تواصل أزمة شح الدولار في مصر، وتأثيرها على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية، بدءا من أسعار السلع وارتفاع التضخم، وصولا إلى تأخر مراجعات صندوق النقد الدولي ضمن برنامج الإقراض، يدور تساؤل حول مدى قدرة مصر على تحرير كامل لسعر صرف الدولار.
وربما هذا هو السؤال الصعب في الوقت الحالي. لكن هذا قد يتحقق على المدى المتوسط في ظل تحركات الحكومة المصرية في عدد من الملفات سواء على الصعيد الخارجي وما يتعلق بجذب استثمارات جديدة، أو على الصعيد الداخلي مع الاستمرار في تحسين بيئة الأعمال وتعزيز مناخ الاستثمار.
الحكومة المصرية ووفق وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، كشفت أنها تعمل على جمع نحو 5 مليارات دولار من عائد برنامج الطروحات حتى شهر يونيو/حزيران المقبل. فيما قال وزير المالية، محمد معيط، إنه يجري التفاوض مع مؤسسات دولية للحصول على تمويلات بنحو 1.5 مليار دولار خلال الشهر المقبل. هذا بالإضافة إلى عودة مصر لسوق الدين الدولية خلال الفترة المقبلة.
وبالرغم من الاستقرار الذي تشهده سوق الصرف مع ثبات أسعار صرف الدولار في السوق الرسمية، لكن معهد التمويل الدولي، كشف في مذكرة بحثية حديثة، أن الجنيه المصري مقوم حاليا بأعلى من قيمته الحقيقية بنسبة 10% مقارنة بـ "سعر الصرف الفعلي الحقيقي"، القوة النسبية مقارنة بسلة عملات تضم 13 من الشركاء التجاريين الرئيسيين للبلاد.
وأرجع المعهد مبالغته في تقدير العملة إلى ارتفاع التضخم في السوق المحلية إلى مستويات قياسية وانخفاض التضخم بين الشركاء التجاريين، وثبات سعر الصرف، والذي يقول محللو المعهد، إنه قد يتسع إلى 20% بحلول نهاية عام 2024.
ثبات سعر الصرف منذ ينايرفي سوق الصرف الرسمية ومنذ بداية العام الحالي، فقد استقر سعر صرف الدولار عند مستوى 30.96 جنيها منذ آخر خفض أعلنه البنك المركزي المصري في يناير/كانون ثاني الماضي والذي جاء بعد سلسلة من تخفيضات سعر العملة التي أدت إلى خسارة الجنيه ما يقرب من نصف سعره مقابل الدولار. وفي الوقت نفسه، يبلغ يزيد سعر الصرف بالسوق الموازية حاليا بنحو 30% عن السعر الرسمي.
وأشار معهد التمويل الدولي، إلى أن الحل يتمثل في التعويم الكامل للجنيه. مضيفا: "البيانات تعزز الحجة لصالح تحرير سعر الصرف، وهو تحول في السياسة من شأنه، إذا صاحبه سياسات أكثر صرامة، أن يساعد في تقريب مصر خطوة نحو استقرار الاقتصاد الكلي". وكان معهد التمويل الدولي قد دعا في السابق صانعي السياسات إلى اعتماد سعر صرف مرن بالكامل وإلغاء السوق الموازية للمساعدة في إعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبي المتآكلة.
فيما يتوقع العديد من مراقبي السوق تخفيضا جديدا في سعر الجنيه بالتزامن مع المراجعة المتوقعة من قبل صندوق النقد الدولي لبرنامج قرض مصر البالغة قيمته 3 مليارات دولار، والذي وافقت الحكومة بموجبه على التحول إلى سعر صرف "مرن بالكامل".
وكشف المعهد، أن تخفيضات سعر الجنيه لمرة واحدة بدءا من عام 2016 ساعدت في تخفيف الضغط على العملة على المدى القصير، مما جعل السعر الرسمي يتماشى مع السعر الحقيقي. ومع ذلك، فإن "الاختناقات في الاقتصاد وضعف انتقال السياسة النقدية والإقراض المدعوم والسياسات المالية التوسعية" سرعان ما تؤدي إلى ظهور ضغوط تؤدي إلى ارتفاع السعر الحقيقي، مما يولد الحاجة إلى تخفيض آخر لقيمة العملة و"بدء الدورة من جديد".
أوضح، أنه حتى في غياب إصلاحات السياسات الأخرى، فإن الانتقال إلى التعويم الكامل "من شأنه أن يسمح لسعر الصرف الحقيقي بالهبوط بالقرب من مستوى قيمته العادلة، مما يصب في صالح قطاع التصدير وخفض عجز الحساب الجاري والمساعدة في جلب رأس المال وتقريب مصر خطوة نحو استقرار الاقتصاد الكلي".
ومن المتوقع أن يبدأ صندوق النقد الدولي الجمعة المقبلة، مراجعته لبرنامج قرض الـ 3 مليارات دولار لمصر. لكن احتمالات وصول بعثة صندوق النقد إلى القاهرة هذا الأسبوع تبدو ضئيلة. وكان من المقرر إجراء المراجعة الأولى لبرنامج القرض منتصف مارس/آذار الماضي قبل أن تتأجل بسبب عدم تحقق بعض الشروط الرئيسية في اتفاقية القرض.
سداد التزامات خارجية ضخمةفيما يتعلق بالبيانات الإيجابية، فقد واصل احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ارتفاعه ليسجل نحو 34.93 مليار دولار بنهاية أغسطس/آب الماضي، وفق بيانات البنك المركزي المصري. وفيما يتعلق ببرنامج الطروحات، فقد أعلنت الحكومة المصرية عن إتمام أكثر من صفقة خلال الربع الثاني من العام الحالي. حيث تعتزم الحكومة جمع ما يصل إلى 5 مليارات دولار من البرنامج بحلول منتصف العام المقبل.
وفي سياق الحصول على تمويلات جديدة، كانت وزارة المالية قد أعلنت أنها تستهدف تدبير تمويلات خارجية تتراوح بين 1.5 وملياري دولار خلال الربع الرابع من عام 2023. ويتضمن ذلك الإصدار الأول للبلاد من سندات الباندا المقومة باليوان الصيني بقيمة 500 مليون دولار والإصدار الثاني من سندات الساموراي المقومة بالين الياباني بقيمة 500 مليون دولار.
فيما تمكنت الحكومة المصرية من سداد نحو 25.5 مليار دولار من أقساط وفوائد الديون المستحقة عليها خلال النصف الأول من العام الجاري. فيما سددت الدولة التزامات مستحقة عليها بقيمة 52 مليار دولار خلال العامين الماليين 2021/2022 و2022/2023.
وفي الوقت نفسه، يتعين على الحكومة سداد 15.1 مليار دولار أخرى من مدفوعات الديون القصيرة والطويلة الأجل خلال النصف الثاني من العام الحالي، تليها 46.3 مليار دولار أخرى على المدى المتوسط والطويل السداد خلال عامي 2024 و2025، بحسب أحدث بيانات البنك المركزي المصري.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News سعر الجنيه المصري مصر أزمة الدولار في مصر الجنيه المصريالمصدر: العربية
كلمات دلالية: سعر الجنيه المصري مصر أزمة الدولار في مصر الجنيه المصري الحکومة المصریة ملیارات دولار صرف الدولار ملیار دولار صندوق النقد سعر الصرف سعر صرف
إقرأ أيضاً:
«النقد الدولي»: منطقة الشرق الأوسط ليست بمنأى عن التوترات التجارية
«أ.ف.ب»: من المتوقع أن يشهد النشاط الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسارعًا هذا العام، رغم استمرار أجواء عدم اليقين التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، بحسب ما أفاد تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي اليوم.
وأوضح تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي: الشرق الأوسط وآسيا الوسطى» أن النمو سيتزايد في عامي 2025 و2026، ولكن بوتيرة أبطأ مما كان متوقعًا في السابق. ووفقًا للتقديرات، سيحقق اقتصاد المنطقة نموًا بنسبة 2.6% في عام 2025، و3.4% في 2026، مقابل 1.8% في عام 2024.
وأشار جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إلى أن الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب لن تؤثر كثيرًا على المنطقة نظرًا لضعف الترابط الاقتصادي بينها وبين واشنطن، واستثناء قطاع الطاقة من هذه الرسوم.
غير أن أزعور أشار إلى أن حالة عدم اليقين العالمية تلقي بظلالها على الاستثمارات، والأسواق المالية، وأسعار النفط، مما يعمّق الاتجاه التراجعي في الأداء الاقتصادي. وفي هذا السياق، خفّض صندوق النقد توقعاته لبلدان المنطقة المصدّرة للنفط في عام 2025 بمقدار 1.7 نقطة مئوية.
وتخفي هذه التقديرات فروقات كبيرة بين الدول النفطية، حيث من المتوقع أن تحقق دول الخليج نموًا بنسبة 3%، مقابل انكماش بنسبة 1.5% في إيران والعراق. أما في الدول المتأثرة بالنزاعات كسوريا، اليمن، السودان، والأراضي الفلسطينية، فتبدو التوقعات أكثر تشاؤمًا وسط تراجع المساعدات الدولية.
وأوضح أزعور أن المساعدات الدولية انخفضت بنسبة 25% منذ 2021، ومن المرجح أن يستمر هذا التراجع، ما يشكّل خطرًا على الدول الأكثر هشاشة. ولم يشمل التقرير توقعات تخص لبنان وسوريا، حيث تعاني الأولى من تداعيات صراع مع إسرائيل وانكماش بنسبة 7.5% في 2024، في حين خرجت الثانية من حرب أهلية طويلة.
ورغم الآمال بأن تساهم مشاريع الإعمار في تحفيز الانتعاش الاقتصادي، تبقى الاحتياجات التمويلية مرتفعة. وأشار أزعور إلى اهتمام خليجي بمساعدة الدول المتضررة، لكنه شدد على أهمية إطلاق إصلاحات اقتصادية واجتماعية لاستعادة الثقة وتحقيق الاستقرار.