تواصل عمليات البحث رغم تلاشي الأمل بالعثور على ناجين من الزلزال المدمّر في المغرب
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
الرباط - تتواصل عمليات البحث والإنقاذ في المغرب الثلاثاء 12/09/2023 للعثور على ناجين وتقديم المساعدة لمئات المشردين الذين فقدوا منازلهم رغم تلاشي الآمال بعد أكثر من 72 ساعة على الزلزال المدمّر الذي خلّف نحو 2900 قتيل.
ويقع مركز الزلزال، الذي أدى إلى مقتل 2862 شخصا وجرح 2562 آخرين وفق حصيلة نُشرت مساء الاثنين، في إقليم الحوز الممتد بمعظمه على جبال الأطلس الكبير حيث فاقمت الانهيارات الأرضية صعوبة الوصول إلى القرى المنكوبة.
ويحاول عناصر الإنقاذ المغاربة، بدعم من فرق أجنبية، تسريع عمليات البحث للعثور على ناجين محتملين وتوفير مأوى لمئات الأسر التي خسرت مساكنها.
لكن في بعض المناطق النائية والمعزولة، يقول السكّان إنهم متروكون لمصيرهم.
في قرية إيمولاس الواقعة في جبال الأطلس الكبير، يبدو السكان ضائعين وسط أنقاض منازلهم.
تقول خديجة المقيمة في هذه القرية التي يصعب الوصول إليها، وهي تخفي وجهها بحجابها، "نشعر أننا متروكين تمامًا هنا، لم يأتِ أحد لمساعدتنا. انهارت منازلنا وليس لدينا أي مكان نذهب إليه. أين سيعيش كل هؤلاء الفقراء؟".
من جهته، يقول محمد أيتلكيد وهو يقف وسط أنقاض "لم تأتِ الدولة، لم نرَ أحدًا. بعد الزلزال، جاؤوا ليحتسبوا عدد الضحايا. مذاك الحين، لم يبقَ إلّا واحدًا منهم. لم يأتِ أي دفاع مدني أو عناصر مساعدة. لا أحد معنا".
شاهد مراسلو وكالة فرانس برس مروحيات تقوم برحلات ذهابًا وإيابًا لتوصيل الطعام إلى الناجين من الزلزال في بعض القرى الصغيرة النائية.
حلول لإيواء المشرّدين
وقال رئيس الوزراء عزيز أخنوش الاثنين إن السكان الذين هدمت بيوتهم "سيتلقون تعويضات"، موضحًا "سيكون هناك عرض واضح سنحاول تحضيره هذا الأسبوع" في هذا الشأن.
ولفت إلى أنه يتمّ النظر حاليًا في حلول لإيواء المشرّدين.
في هذه الأثناء، لا يزال الوصول إلى القرى الأقرب إلى مركز الزلزال صعبًا بسبب الانهيارات الأرضية.
وأنشأ الجيش المغربي مستشفيات ميدانية لعلاج الجرحى في المناطق البعيدة، على غرار قرية أسني في إقليم الحوز المنكوب.
وقد استقبل هذا المستشفى أكثر من 300 مصاب بحسب الطبيب الكولونيل يوسف قموس الذي تحدث لوكالة فرانس برس.
وإذا كان تنظيم عمليات العلاج صعبا في البداية كما أوضح أفراد من الأطقم الطبية، فإنهم واجهوا أيضا تحدي توفير مخزونات الادوية.
من جهته، رأى منسق منظمة أطباء بلا حدود في فرنسا جان جونسون أن "الأمور تبدو على ما يرام بخصوص كمية المعدات الطبية، والمغاربة يعرفون ما ينبغي القيام به"، في انتظار الحصول على ضوء أخضر من السلطات للتدخل.
واضاف "يملكون كل ما يلزم للعلاجات الأولية، لكن هناك نقص في ما يخص مستلزمات علاج الصدمات (مثل لقاحات مضادة للتيتانوس أو مضادات الآلم...)".
وكان المغرب أعلن مساء الأحد أنه استجاب لأربعة عروض مساعدة قدمتها بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات، لمواجهة تداعيات الزلزال.
وأفاد مراسلو فرانس برس أن عناصر إنقاذ إسبان وصلوا الى منطقتين ضربهما الزلزال جنوب مراكش، وهي تلات نيعقوب وأمزميز في إقليم الحوز.
وقالت رئيسة الفريق الإسباني أنيكا كول لوكالة فرانس برس "الصعوبة الكبيرة تكمن في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها كما هي الحال بالنسبة لهذا المكان، ويتم نقل الجرحى بالطائرة العمودية".
وأضافت "من الصعب القول ما إذا كانت فرص العثور على ناجين تتضاءل لأنه على سبيل المثال، في تركيا (التي ضربها زلزال عنيف للغاية في شباط/فبراير) تمكننا من العثور على امرأة على قيد الحياة بعد ستة أيام ونصف يوم. دائما يكون هناك أمل".
وتابعت "من المهم أيضًا العثور على الجثث لأن العائلات يجب أن تعرف".
والزلزال الذي وقع ليل الجمعة السبت، بقوة 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6,8 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، هو أقوى هزّة يتمّ قياسها في المغرب على الإطلاق.
والمغرب غير معتاد عمومًا على الزلازل المدمرة. واعتبر هذا الزلزال الأعنف "استثنائيا" نظرًا إلى بؤرته الواقعة في قلب جبال الأطلس الكبير، خصوصًا أن الرقعة الجغرافية المنكوبة شاسعة.
وفي 29 شباط/فبراير 1960، دمر زلزال بقوة 5,7 درجات مدينة أغادير الواقعة على ساحل البلاد الغربي مخلفا أكثر من 15 ألف قتيل، أي ثلث سكان المدينة.
المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: على ناجین فرانس برس
إقرأ أيضاً:
مستشفى الأمل .. خدمات علاجية متكاملة نحو الشفاء والتحرر من آفة المخدرات
الإدمان طريق مظلم، بدايته تجربة، ونهايته قيود تكبّل الروح والجسد، ثمة حياة تُسلب، وأحلام تنهار، وأسر تكابد الألم في صمت موجع، إذ إن المخدرات ليست مجرد مواد، بل وحش يتسلل خفية، يدمر العقول، ويفتك بالأجساد، ويقود الإنسان إلى هاوية لا قرار لها، ومع ذلك، الأمل موجود، والتعافي ممكن، وضمن ملف جريدة "عُمان" للتوعية بآفة المخدرات مجتمعيًا، كانت زيارتها لمستشفى الأمل للطب النفسي وعلاج الإدمان في ولاية الرستاق، وهو أول مؤسسة صحية خاصة تقدم علاجًا متكاملًا للإدمان في سلطنة عُمان، للاطلاع على الخدمات التي يقدمها المستشفى، ولا شك أن رحلة الشفاء تبدأ بالتحرر من سجون الإدمان، وتقود هذه الخطوة إلى النور لاستعادة الإنسان حياته وذاته وأحلامه ومستقبله، وقد التقى فريق جريدة "عُمان" بالأطقم الطبية والنفسية ومشرفي التعافي، وشملت الزيارة التعرف على مراحل علاج الإدمان وصولًا إلى التعافي ومساعدة المرضى للاندماج مجتمعيًا، وتهيئة السبل لهم ليكونوا أشخاصًا منتجين في المجتمع.
علاج متكامل
وقال الدكتور وليد عبدالحكم، طبيب اختصاصي الطب النفسي وعلاج الإدمان بمستشفى الأمل للطب النفسي وعلاج الإدمان: تأسس المستشفى في نهاية عام 2017، وهو مؤسسة متخصصة في علاج الاضطرابات النفسية وعلاج الإدمان، إذ نتعامل في الجزء النفسي مع مختلف الفئات العمرية، سواء الأطفال أو المراهقين أو البالغين وكذلك كبار السن، أما فيما يتعلق بعلاج الإدمان، فإنه يبدأ من مرحلة علاج الانسحاب، ثم ينتقل المريض إلى قسم التأهيل، إذ يخضع إلى برنامج تأهيلي علاجي نفسي سلوكي عن طريق فريق مدرب من الأخصائيين النفسيين والمعالجين ومرشدي التعافي، من أجل تعلّم المريض سلوكيات جديدة في كيفية التعامل والامتناع عن المواد المخدرة.
وأوضح أن مستشفى الأمل لعلاج الإدمان يمثل المؤسسة الصحية الخاصة الوحيدة في سلطنة عُمان التي يتوفر فيها فريق طبي كامل، ابتداءً من الأطباء النفسيين وأطباء علاج الإدمان بمختلف الدرجات الوظيفية كاستشاريين واختصاصيين وأطباء مقيمين، وفريق تمريض مختص في التعامل مع الحالات النفسية ومرضى الإدمان، بالإضافة إلى فريق من الأخصائيين السلوكيين يشمل الأخصائيين النفسيين ومرشدي التعافي، ومعالجين سلوكيين لمعالجة سلوكيات الإدمان.
وأشار إلى أن مستشفى الأمل للطب النفسي وعلاج الإدمان يتعامل مع جميع أنواع الإدمان للمواد المخدرة مثل المورفين والميثادون، والحبوب مثل عقارات البريجابلين (اللريكا)، والبنزوديازيبينات، والمهلوسات مثل حبوب الكبتاجون، والميثامفيتامين (الكريستال ميث والآيس)، وكذلك إدمان الكحوليات، ويشمل علاج الإدمان، بالإضافة إلى علاج أعراض الانسحاب وخروج السموم من الجسم، علاج الآثار النفسية للمخدر، ويليها برنامج علاج سلوكي نفسي لتغيير السلوكيات المرتبطة بتعاطي المواد المخدرة، واكتساب المهارات التي تساعد على منع الانتكاسة، مشيرًا إلى أن التنويم بالمستشفى متاح فقط حاليًا للرجال، أما بالنسبة للنساء، فيتم استقبال الحالات في العيادة الخارجية مع عمل برنامج علاج خارجي وجلسات معرفية سلوكية من خلال فريق مختص بالعيادة الخارجية، مع الحفاظ على كامل السرية والخصوصية للمريضة، وجارٍ العمل حاليًا على توفير قسم مستقل خاص بالتنويم لحالات الاضطرابات النفسية والإدمان للنساء.
الاندماج مجتمعيًا
وقال محمد الخصيبي، مرشد تعافٍ ومعالج إدمان بالمستشفى: يبدأ عملنا بعد استلام المريض من قسم إزالة السموم، ونستهل العمل بتقييم حالة المريض وشدة مستوى الإدمان والمراحل التي طرقها من خلال فترة التعاطي، وذلك من خلال فريق متكامل يضم أخصائيين نفسيين ومعالجي إدمان ومرشدي تعافٍ، لتهيئة المريض وتحضيره لمرحلة التأهيل مع توضيح الأهمية القصوى للتأهيل وجوانبه، بحيث يمر المريض خلال التأهيل بـ4 مراحل أساسية، وكل مرحلة تتطرق لمميزاتها وحافزها، إذ نبدأ بالتركيز على الخسائر التي تسبب بها الإدمان للمريض، حيث إن معظم مرضى الإدمان يصلون إلى مرحلة فقدان الأمل في مواصلة حياتهم وكذلك اليأس، وهنا يأتي دورنا لاحتواء المريض وتحفيزه لاستعادة حياته الاجتماعية والأسرية وإعطائه الأمل، ومن هنا ننتقل بالمريض إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة الأمل ودمج المريض لمواجهة المجتمع الخارجي، وذلك بناءً على خطة علاجية بإشراف المتخصصين بالفريق، وكذلك بالتنسيق مع أهل المريض، ونتدرج في إعادة دمج المريض مجتمعيًا لفترات تبدأ بساعات وتصل لأيام، وبمتابعة من مشرفي التعافي لمساعدته لتخطي أي صعوبات ومواصلة رحلته العلاجية، وبعد أن يتخطى المرحلتين الثالثة والرابعة، سيكون المريض على استعداد كامل للانخراط في المجتمع والاندماج نفسيًا واجتماعيًا وأسريًا، وتبقى له جوانب في حياته يتمسك بها خلال فترة تعافيه.
وأكد أن المراحل الأربع تتضمن توضيح المشكلة للمريض، وكيفية التعامل معها، ومواجهتها، والخروج من اليأس وعدم الصواب في حياة المريض إلى الصواب، وتنمية الوازع الديني له، وبعد هذه المراحل، تتم متابعة المريض خارج المستشفى خلال مدة تُقدّر ما بين 3 أشهر إلى 6 أشهر، من قبل الفريق العلاجي، وتقييم حالة المريض في جلسات أثناء متابعته بين الفينة والأخرى، مضيفًا إن وزارة التنمية الاجتماعية، بالتعاون مع مستشفى الأمل لعلاج الإدمان، تقوم بدور مهم من خلال برنامج إعادة دمج المتعافين مجتمعيًا، ومساعدتهم في كل ما يواجهونه لاستدامة تعافيهم، ومساعدتهم في البحث عن وظائف لهم أو إعادتهم لوظائفهم، مع العلم أن معظم المرضى يتمتعون بمهارات تؤهلهم لإعادتهم إلى سوق العمل.
تجربة متعافٍ
كما التقت جريدة "عُمان" بأحد المرضى المتعافين في المستشفى، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إذ قال: كنت فاقد الأمل نتيجة تعاطي المخدرات والوقوع في الإدمان، وسأظل مدمنًا حتى الممات، وقد بلغت مرحلة اليأس، ولم أتخيّل أنني سأكون إنسانًا منتجًا في المجتمع مرة أخرى، إلى أن وصلت إلى هذا المستشفى لمساعدتي، حيث بدأت العلاج في قسم الأعراض الانسحابية، ثم تم نقلي إلى قسم التأهيل النفسي، والذين مدّوا لي يد العون كي أعود إنسانًا منتجًا في المجتمع، وتحسين سلوكي للتعامل مع الآخرين، مع العلم أن الإدمان تسبب بخسارة كل أصدقائي، وفقد أهلي الأمل في إمكانية توقفي عن التعاطي، ولكن لله الحمد قطعت أشواطًا طويلة من العلاج مع الفريق العلاجي الذين ألهموني في تجاوز الصعاب وتحسين سلوكياتي، إذ كنت إنسانًا كثير الكذب والمراوغة، وبعيدًا عن أسرتي، وألجأ إلى التعاطي دائمًا، واكتسبت من القائم على التأهيل النفسي مهارات العودة إلى المجتمع لأكون مسؤولًا عن أسرتي.
وأضاف: لم أتوقع يومًا أن أصل إلى مرحلة أقوم فيها بمساعدة مدمن للتوقف عن التعاطي، إذ كنت في السابق أساعد البعض على التعاطي، واليوم أنا أحمل مسؤولية ورسالة أمل لكل الناس التي تعاني من المخدرات.
تمكينهم من العودة
وقال محمد بن حسن العجمي، مشرف تعافٍ: يجب تعريف المريض بأن لديه مشكلة إدمانية، وليس مشكلة جرمية، وكل إنسان واقع في أسباب التعاطي، ومن خلال الجلسات الخاصة بالمريض، يتم تعريفه بأن لديه مرضًا مزمنًا متفاقمًا، مع وجود العلاج الذي يعتمد على طريقة الجلسات والتأهيل النفسي والإدراك والوعي، فالمريض يجب أن يكون مدركًا وواعيًا بالوضع الذي هو فيه، ومسؤوليتنا في المستشفى تكمن في إعادة المريض إلى حياته الطبيعية السابقة عبر جهود تستمر ما بين 3 و6 أشهر، من خلال الجلسات النفسية والعلاجية، مع متابعة الأسرة ودعمها المعنوي والذاتي لاستقرار المريض، ومناط بنا إيجاد بيئة جديدة لعبور المدمن ووصوله إلى مدمن متعافٍ، ومع وجود الكادر الطبي والإداري ومشرفي تعافٍ، قادرين بلا شك على إعادة تأهيل المرضى وتمكينهم من العودة إلى المجتمع.
وأضاف: إن المريض بعد قضائه فترة العلاج في المستشفى وخروجه إلى المجتمع، تتم متابعته لفترة تمتد ما بين 3 و6 أشهر، ويتم الالتقاء به بشكل مستمر مع تطبيق برنامج "NA"، وهو برنامج يمنحنا الأمل، فلا يتطلب من المريض غير الرغبة في الامتناع عن التعاطي، والنية لتجربة هذا الأسلوب الجديد في الحياة، وهو برنامج متعارف عليه دوليًا.
وقال راشد بن صالح الناصري، ممرض أول: نستقبل في المستشفى كل الحالات الذهانية مثل الاكتئاب والانفصام وحالات الهوس، وكممرضين، تكمن مهمتنا في متابعة الحالات بشكل يومي من حيث العلامات الحيوية والأدوية، وكذلك متابعة الأمراض الأخرى المصابون بها طوال اليوم، ونحرص على النظافة الشخصية للمريض، ومتابعة سلوكياتهم بالتعاون مع الفريق الطبي والأخصائيين النفسيين.
الدمج المجتمعي
وقال وليد الدماطي، أخصائي العلاج النفسي وعلاج الإدمان: إن مهام القسم النفسي بالمستشفى تبدأ باستقبال الحالات، وعمل التقييم النفسي للمريض، ومن ثم نبدأ مع المريض الجلسات الفردية باستخدام البرامج العلاجية المتخصصة، منها العلاج المعرفي السلوكي، وعلاج الجدل السلوكي، وكذلك العلاج بالقبول والالتزام، ومن ثم ننتقل إلى قسم العلاج الجماعي، ويشمل العلاج بالفن من خلال بعض الأنشطة التي يتم فيها تدريب المريض، إذ من خلال ذلك نعمل على تعزيز العديد من المهارات كالذاكرة والتواصل مع الآخرين، مع العلم بوجود مرضى من ذوي الإعاقة في المستشفى، والذين نقوم بتمكينهم للتواصل مع الآخرين، كما نقوم بتعليم المريض طبيعة مرضه من خلال المجموعات التعليمية للمرضى، ومن ثم ننتقل إلى الدمج المجتمعي للمريض وإعادة تأهيله قبل إعادته للاندماج في المجتمع.