بالقرن الماضي، عاشت مناطق بنغلاديش، المعروفة أيضا بباكستان الشرقية، على وقع العديد من الأعاصير المدمرة.

فسنة 1911، شهدت المنطقة، التي كانت حينها قابعة تحت الانتداب البريطاني، على وقع إعصار أسفر عن سقوط نحو 120 ألف قتيل.

وبعدها بستة سنوات، شهدت المنطقة إعصارا آخر أدى لوفاة ما لا يقل عن 70 ألفا، وسنة 1962، ضرب إعصار هاريات (Harriet) مناطق تايلاند وبنغلاديش وأودى بحياة أكثر من 50 ألفا.

وعام 1970، اهتزت بنغلاديش، التي كانت حينها جزءا من باكستان، على وقع إعصار بولا (Bhola) المدمر الذي خلّف أضرارا جسيمة متسببا بمقتل مئات الآلاف.

 يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، ظهرت العاصفة الاستوائية نورا (Nora) فوق بحر الصين الجنوبي.

وقد استمرت هذه العاصفة 4 أيام قبل أن تتدهور لبقايا منخفض فوق خليج تايلاند وشبه جزيرة مالايو يوم 5 تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه.

إلى ذلك، ساهمت بقايا هذا النظام الجوي في تطور منخفض آخر عند خليج البنغال بحلول صباح يوم 8 تشرين الثاني/نوفمبر.

وقد استمر هذا المنخفض في التطور وتحرك ببطء نحو الشمال.

وبتلك الفترة، رجّح معهد الأرصاد الجوية الهندي تحوّل هذا المنخفض الجوي لإعصار مدمر.

يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، بلغت شدة الإعصار ذروتها حيث تراوحت سرعة الرياح أحيانا بما بين 185 و240 كلم بالساعة كما قدر الضغط المركزي بنحو 960 هيكتوباسكال.

مساء يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، بلغ الإعصار الساحل الشرقي لباكستان.

وعلى بعد نحو 100 كلم من مدينة أجارتالا (Agartala) الهندية، بدأت حدة الإعصار بالتراجع يوم 13 من الشهر نفسه قبل أن يتلاشى تدريجيا ليتحول لبقايا منخفض فوق جنوب ولاية أسام الهندية.ب

سبب حالة العداء بين الدولتين، لم تتمكن الهند وباكستان من التنسيق حول خطورة هذا الإعصار.

إلى ذلك، أصدر مكتب الأرصاد الجوية الباكستاني تحذيرا متأخرا يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1970 حول إعصار مدمر ودعا لتأمين ومساعدة المناطق الساحلية. من جهة ثانية، لم تكن باكستان مستعدة لمواجهة مثل هذه الأعاصير.

فعقب إعصارين بالستينيات، طلبت إسلام آباد مساعدة واشنطن لمجابهة الأعاصير المستقبلية.

وعقب جملة من الأبحاث، قدّم غوردون دون (Gordon Dunn) رئيس المركز الوطني الأميركي للأعاصير تقريرا حول مخاطر الأعاصير بباكستان.

وفي الأثناء، اتجهت السلطات الباكستانية بالسنوات التالية لتجاهل هذا التقرير متسببة في حالة من التخبط عند وقوع إعصار بولا سنة 1970.

 واستقلال بنغلاديش أسفر هذا الإعصار الذي ضرب مناطق بنغلاديش، باكستان الشرقية حينها، والبنغال الغربية الهندية عن مقتل نحو 300 ألف شخص.

وفي الأثناء، رجحت مصادر أخرى سقوط عدد أكبر من الضحايا قدر بنحو نصف مليون شخص. وبسبب ذلك، صنف إعصار بولا ضمن قائمة أعنف الكوارث الطبيعية بالتاريخ.

بالفترة التالية، تعرضت حكومة الرئيس الباكستاني يحيى خان لانتقادات لاذعة، من المسؤولين بباكستان الشرقية ووسائل الإعلام العالمية، بسبب تعاملها السيئ مع الكارثة وتدخلها الضئيل لمساعدة الضحايا.

وبالانتخابات التي أجريت بالشهر التالي بباكستان، حققت رابطة عوامي المعارضة فوزا ساحقا على حزب الشعب الباكستاني بباكستان الشرقية.

ومع تزايد حدة التوتر بالمنطقة، اندلعت حرب تحرير بنغلاديش، أواخر آذار/مارس 1971، التي شهدت إبادة جماعية راح ضحيتها مئات الآلاف من البنغلاديشيين.

وبحرب التحرير، لم تتردد الهند في التدخل لصالح بنغلاديش. وبسبب ذلك، أخذت الحرب منحا آخر انتهى بإعلان استقلال بنغلاديش بشكل رسمي عن باكستان

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

بعد انقطاع طويل.. هذا ما ستبحثه الجارتان بنغلاديش وباكستان في داكا

داكا- لأول مرة منذ 15 عاما، تجري باكستان وبنغلاديش محادثات دبلوماسية على مستوى مسؤولين من خارجية البلدين، غدا الخميس، في العاصمة داكا. وترأس وكيلة وزارة الخارجية الباكستانية آمنة بلوش وفدا دبلوماسيا باكستانيا وصل اليوم الأربعاء إلى داكا، حسب وكالة الأنباء البنغلاديشية الرسمية.

ويرأس الفريق الدبلوماسي البنغلاديشي وكيل وزارتها محمد جاسم الدين، دون توضيح جدول أعمال محدد، حيث من المتوقع أن تتناول المحادثات ملفات مختلفة في العلاقات بين البلدين.

ويبدو أن بنغلاديش مقبلة على مرحلة جديدة لتعزيز علاقاتها مع الصين وباكستان، بعد انتهاء حكم رئيسة الوزراء السابقة حسينة واجد وحزبها "رابطة عوامي" إثر حراك طلابي أسقطها في 5 أغسطس/آب 2024.

أنشطة الحراك الطلابي في بنغلاديش أسقطت حكومة حسينة واجد (الجزيرة)

وتلتقي آمنة بلوش ضمن جدول أعمالها برئيس وزراء الحكومة البنغلاديشية المؤقتة محمد يونس ووزير خارجيته محمد توحيد حسين، ومن المقرر أن تكون مباحثات هذا الأسبوع تمهيدا لزيارة هي الأولى لوزير خارجية باكستاني لبنغلاديش منذ عام 2012.

وينتظر وصول نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار -الذي هاتف نظيره البنغلاديشي الأسبوع الماضي- إلى داكا أواخر الشهر الجاري حسب مسؤولين بنغلاديشيين، ويتوقع أن تشهد زيارته توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز العلاقات بين البلدين.

وحسب مصادر إعلامية محلية فقد كانت المحادثات -بهذا المستوى الذي سيجرى خلال هذا الأسبوع- قد عقدت عام 2010، وتناولت الصفحات الأليمة في علاقات البلدين خلال حرب عام 1971، التي مهدت لاستقلال بنغلاديش عن باكستان، وما يتعلق باعتذار باكستاني عما حدث فيها.

إعلان

إضافة للتعويض عن أضرار الحرب، وملفات مالية، وأخرى تتعلق بتسوية أحوال مواطنين من البلدين، ولا يعرف هل ستبحث هذه المسائل الشائكة من جديد أم تؤجل لمحادثات لاحقة لحساسيتها؟.

تراجع تجاري

من جانبه قال السفير البنغلاديشي لدى باكستان محمد إقبال حسين خان، الذي سيشارك في المباحثات "إن إسلام آباد مهتمة بتعزيز العلاقات التجارية مع داكا".

وأشار في تصريحات محلية، إلى رغبة باكستانية في تصدير السلع بأسعار تنافسية بما فيها القطن والسكر والأرز والقمح، وهي منتجات استهلاكية أساسية، وبضائع أخرى من إيران وأفغانستان تنقل عبر باكستان، بأسعار نقل تنافسيه، حسب قوله.

وتظهر إحصاءات المصرف المركزي البنغلاديشي، أنه وخلال السنة المالية 2023-2024 صدَّرت بنغلاديش إلى باكستان سلعا قيمتها 61.98 مليون دولار فقط، وهو رقم يشير إلى انخفاض بنسبة 31.78% عن السنة المالية التي قبلها. مقابل تصدير باكستان إلى بنغلاديش ما قيمته 627.8 مليون دولار، مع تراجع طفيف عن السنة التي قبلها، حيث شهدت تصدير باكستان إلى بنغلاديش ما قيمته 698.7 مليون دولار.

ورغم عدم وجود قيود رسمية على التجارة بين البلدين، لكن الموقف السياسي أولا، ثم عوائق جغرافية ولوجستية تتعلق بالنقل بينهما، وعوائق تعريفية وغير تعريفية ربما تكون كلها قد أثرت في الجانب التجاري للعلاقات، وفق رجال أعمال ومحللين.

وتلك الأرقام بعيدة عن حجم التبادل التجاري لبنغلاديش مع الصين والهند مثلا، فقد استوردت بنغلاديش من الصين خلال السنة المالية لعام 2024 ما قيمته 16.63 مليار دولار ( أي 26.4% من مجموع استيراد بنغلاديش)، وما قيمته نحو 9 مليارات دولار من الهند (14.3% من واردات بنغلاديش).

وهذا يعني أن الواردات من باكستان إلى بنغلاديش تشكل نحو 1% فقط، وهي الدولة الـ 20 بالنسبة لبنغلاديش من حيث الواردات، ومعظم قيمة المستورد المقدر بـ476.3 مليون دولار هو من القطن الباكستاني.

إعلان

تنويع المصادر

ويرى محللون اقتصاديون في داكا، أن بلادهم بحاجة إلى تنويع مصادر وارداتها من السلع الأساسية من دول تقدم لها أسعارا تنافسية، ويمكن الاعتماد عليها في مجال الطاقة والغذاء والمواد الخام للصناعات.

وحسب تقديرات مجلس الأعمال الباكستاني، فإن لباكستان إمكانات ترفع بها حجم صادراتها إلى بنغلاديش إلى 2.95 مليار دولار أميركي من القطن والغزل والأقمشة والمنسوجات والمنتجات الزراعية والكيميائية ومواد البناء والبلاستيكيات، وهو ما دفع غرفتي التجارة من البلدين إلى توقيع مذكرة تفاهم في 13 من يناير/كانون ثاني الماضي لتأسيس مجلس أعمال باكستاني بنغلاديشي مشترك.

ويعتبر مسؤولون سابقون في اتحاد الغرف التجارية والصناعية البنغلاديشية، أنه كان ممكنا التقدم في العلاقات التجارية بين البلدين قبل نحو عقدين لكنه تعثر، فاتفاقية تحرير التجارة بين البلدين اقترحت عام 2002، لكنها لم تنجز لخلافات في شروط الوصول إلى أسواق كل منهما.

وانعكس ذلك على حجم التبادل التجاري الذي انخفض بعدها، إذ تراجعت صادرات باكستان إلى بنغلاديش من 947.23 مليون دولار عام 2011 إلى 583.44 مليون دولار عام 2020، كما تراجعت صادرات بنغلاديش إلى باكستان من 82.73 مليون دولار إلى 61.94 مليون دولار بنفس الفترة الزمنية.

تسهيل الاتصال والتواصل

وعن التواصل بين البلدين أشار السفير البنغلاديشي إلى شركتي طيران باكستانيتين (فلاي جناح وإير سيال) تعملان على تدشين خطوط نقل جوي مباشر بين البلدين، من منطقة سيالكوت الباكستانية.

وتقدمتا إلى سلطات النقل المدني في بنغلاديش لترتيب رحلات إلى مطار شاه جلال الدولي في داكا، ويتوقع تحقق ذلك في شهرين، ما سينعكس على التواصل بين الشعبين، إضافة إلى السياحة والتجارة بين البلدين.

يشار إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف التقى نظيره البنغلاديشي محمد يونس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، ومرة أخرى في قمة مجموعة الثماني للدول النامية المسلمة في القاهرة في 19 ديسمبر/كانون أول الماضي.

إعلان

وشهدت الشهور الماضية خطوات باتجاه تحسين العلاقات بين البلدين، حيث سهَّلت بنغلاديش -حسب مصادر صحفية- إجراءات التأشيرة للمواطنين الباكستانيين، وكذا بالنسبة لتأشيرات البنغلاديشيين الراغبين في زيارة باكستان.

كما استؤنف النقل البحري المباشر بين موانئهما، وظهرت مؤشرات على وجود توجه بين رجال الأعمال من البلدين في تعزيز العلاقات التجارية بينهم.

من جانبه، قال شفيق العلم السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء البنغلاديشي، إن حكومة محمد يونس لديها منطلق رئيسي في السياسة الخارجية بتعزيز العلاقات مع جميع دول المنطقة، بما فيها الأعضاء في رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي "سارك"، وأن باكستان جزء من منطقة جنوب آسيا إضافة إلى الهند ونيبال وبهوتان وغيرها، وكل ذلك يوجه دبلوماسية بنغلاديش لما فيه مصلحتها.

مقالات مشابهة

  • مواصفات أسئلة امتحانات الترم الثاني 2025 لصفوف النقل .. تفاصيل رسمية
  • تفاصيل تكشف لأول مرة .. الرئيس السوري المخلوع استخدم طائرة خاصة لنقل أموال وممتلكات ووثائق إلى دولة خليجية
  • بعد انقطاع طويل.. هذا ما ستبحثه الجارتان بنغلاديش وباكستان في داكا
  • ناقشا الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.. محافظ الطائف يستقبل قنصل بنغلاديش في جدة
  • بمشاركة 640 دار نشر من 34 دولة.. الكشف عن تفاصيل الدورة الـ 29 من معرض مسقط الدولي للكتاب
  • أحمد الصايغ يحضر حفل سفارة بنغلاديش بيومها الوطني
  • روبوتس واختراعات.. ننشر تفاصيل الملتقى التكنولوجي الثاني للذكاء الاصطناعي
  • شاهد | إعصار إخوان الصدق في بلد الإيمان يهلك الطغاة ويغرق المستكبرين
  • هل ينسحب اتفاق سد تشرين بسوريا على بقية المناطق الخاضعة لـقسد؟
  • مقـ ـتل 3 أشخاص وإصابة 19 آخرين في انفجار سيارة شرطة بباكستان