الصراع على الإرث بين الأحفاد في السودان بعد الصراع الدائر بين الجيش والدعم السريع وصل لارتكاب جرائم قتل

المصدر: الحدث.نت

مثلما يقلب التاجر الخاسر دفاتره القديمة عندما يفلِّس، طفق القادمون من الخرطوم، خاصّةً أولئك الذين مسّـتهم ضراء الحرب الطاحنة بنقص في الأموال والثمرات، نبش أوراق الدفاتر الأسرية القديمة بحثاً عن ميراث سقط سهواً أو أخفي عمداً، سواءً أكان الميراث المذكور منزلاً أو أرضاً زراعية، إلّا أنّ نبش الأوراق القديمة لم يعجب بعض ذوي القُـربى، لتتفجّر احتكاكاتٌ اجتماعيّةٌ، سرعان ما تصبح ملاسنات حادة، وأحياناً تتطوّر إلى اشتباكات بالأيدي، وربما بلغت حد القتل مثلما حدث في إحدى المُدن السُّودانية.



العربية 360 | مشاهد مأساوية متفرقة لحصاد 3 شهور من الحرب في السودان
العربية 360 | مشاهد مأساوية متفرقة لحصاد 3 شهور من الحرب في السودان
جريمةٌ مُروِّعةٌ!
ويبدو أنّ حرب الجنراليْن بالخرطوم لن تتوقف حتى تقضي على الأخضر واليابس في السودان، فما إن عاد مواطنو الخرطوم إلى ذويهم بولايات السودان المختلفة فراراً من جحيم الحرب الطاحنة والمعارك المُحتدمة، حتى اشتعلت حروب صغيرة قوامها الأهل والأقارب أنفسهم هذه المرة، كما تُؤكِّد تفاصيل الحكايات المُبكية بين الأصول والفروع داخل البيت الواحد أو الأسرة الواحدة.

وتؤكد منظمة الهجرة الدولية أن "4.8 مليون شخص فروا من الصراع بينهم 3.8 مليون نازح داخليًا وأكثر من مليون عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة للسودان".

وأشارت إلى أن أكبر عدد من النازحين داخليًا فروا من العاصمة الخرطوم، التي هرب منها 2.7 مليون شخص بما يعادل 75% من مجموع النازحين.

ارتفاع لافت!
فقد أكّد مُواطنون بولايات السودان المُختلفة لـ"العربية.نت" أنّ المطالبات بتقسيم الإرث ارتفعت بطريقة غير مسبوقة بعد اندلاع الحرب في السودان، ولا يكاد يمر يوم واحدٌ دون ظهور أزمة جديدة هنا أو هناك بين أقرباء يطالبون بحقهم في الميراث.

وروى شهود عيان لـ"العربية.نت"، وقوع جريمة قتل بمدينة حلفا الجديدة التي تبعد 367 كلم تقريباً بالاتّجاه الشرقي للعاصمة الخرطوم، دافعها الأساسي النزاع على الميراث.

وجرت تطوُّرات الأحداث المُرعبة في شهر أغسطس الماضي، عقب عودة الجاني إلى منزل الأسرة، حيث يقطن أخوه مع أسرته، واضطر المتهم لإخلاء المنزل الأول لأصحابه الذين عادوا إلى المدينة إثر اندلاع الحرب بالخرطوم. ولم يلبث الوضع إلّا قليلاً حتى حمى وطيس المعارك الكلامية بين الجاني العائد إلى منزل الأسرة، وبين المجني عليها "زوجة أخيه التي تسكن في المنزل"، ولم يتوقّع أحدٌ أن تنتهي المشادات الحادة بجريمة مُروِّعة، ففي غمرة هياجه انهال الجاني على زوجة أخيه طعناً بسكين ولم يتركها إلّا بعد أن خرت صريعة مضرجة بدمائها على الأرض. وعبثاً حاول ذووها إسعافها إلى المستشفى لتلقي العلاج إلّا أنّها لفظت أنفاسها الأخيرة قبل وصولها إلى هناك، بينما اُقتيد المتهم للتحقيق بتُهمة القتل العمد.

في السياق ذاته، سردت إحدى المواطنات، تفاصيل مُحزنة في إحدى مناطق ولاية الجزيرة بوسط السودان، حيث اضطرت أسرتان ينتهي نسبهما إلى أب واحد - إحداهن مقيمة هناك والثانية قادمة من الخرطوم - لتقسيم منزل الأسرة إلى نصفين بينهما جدارٌ عازلٌ، بعد عجز الطرفين في العيش بسلام تحت سقف واحد، وأضافت السيدة المذكورة: "كنا نسمع أصوات الصراخ والمشادات والتلاسن بين أفراد الأسرتين بوضوح شديد بحكم إقامتنا جوارهم، ولم نستطع التدخُّل لفض المنازعات خوفاً من اتّهـامنا بالانحياز إلى طرف على حساب الآخر".

من جانبها، ذكرت المُحامية صفاء عوض لـ"العربية.نت" أنها رصدت خلال حركتها بأروقة المحاكم في الولاية الشمالية أنّ المنازعات القضائية ما بين الورثة القادمين من الخرطوم والمُقيمين بالولايات ارتفعت بطريقة غير مسبوقة حول أنصبة كل طرف في المنازل والمزارع، ومضت لتقول إنّ تلك الأراضي لم تكن ذات قيمة تُذكر قبل نشوب الحرب، إلّا أنّها اكتسبت قيمة إضافية عقب اتّجاه أعداد ضخمة من المواطنين الفارين من جحيم الحرب بالخرطوم صوب مسقط رأسهم بولايات السودان المُختلفة، خاصّة مع ارتفاع تكاليف الحياة وفقدان الغالبية العُظمى لمصادر دخلهم، كما خلّفُوا بيوتهم وأمتعتهم وعرباتهم وجميع مُـدّخراتهم وراء ظُهُـورهم.

حيث ذكرت الأمم المتحدة إن الاقتصاد السوداني تراجع بنسبة تصل إلى 42% جراء القتال الشرس بين الجيش والدعم السريع الذي قارب على إكمال شهره السادس.

المحاكم لا تَتَدَخّل!
في السياق ذاته، قال مستشار بوزارة العدل في السودان لـ"العربية.نت": معظم المواريث في الولايات أراضٍ غير مسجلة مثل البيوت والحواكير القديمة في القرى وهذه تورثٌ بالتراضي، وتتم عادةً بدون مُكاتَبات رسمية وعقود بيع مُوثّقة، ومثل هذه الأراضي لا تُورث بواسطة المحاكم، لأنّ المحاكم ترفض توريث الأراضي غير المسجلة رسمياً، وهذه معضلة أساسية واجهت المُـواطنين عند المطالبة بحقوقهم، لأنّ الغالبية العُظمى من البيوت في القُرى إن لم تكن كُلّها، غير مسجلة وتتوارث بوضع اليد فقط، إذ مثلت كماً مهملاً لزمان طويل.

وأضاف المستشار لـ"العربية.نت": هذا موضوع مهم جداً لا بُدّ أن يتم تسليط الأضواء عليه والتشديد على ضرورة توريث الأراضي والبيوت غير المسجلة في القرى والبوادي والقرى بواسطة المحاكم حتى ولو اضطرت لتوريثها بالرسم التقريبي "الكروكي" المقترح من الورثة، مع ضرورة أن يشمل ذلك الأمر، الأراضي الزراعية والبيوت".

وينهي المستشار حديثه لـ"العربية.نت" بأن المحاكم تقف مكتوفة الأيدي أمام الفصل في منازعات الأراضي غير المسجلة، إذ تشترط تسجيل الأراضي لبدء إجراءات التوريث، أما الأراضي المسجلة فيمكن توريثها بواسطة المحاكم دون عناءٍ.

موضوع يهمك?أعلن الجيش السوداني السبت مقتل 30 من قوات الدعم السريع في اشتباكات بين الجانبين في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.وقال...الجيش السوداني يعلن مقتل 30 من الدعم السريع باشتباكات شمال دارفور الجيش السوداني يعلن مقتل 30 من الدعم السريع باشتباكات شمال دارفور الحدث
إنها الحرب!
يُذكر أنّه منذ اندلاعه في 15 أبريل، حصد النزاع بين الجيش والدعم السريع، عشرات الآلاف من القتلى والمصابين وسط المدنيين العُزّل والطرفين المُتحاربين، كما اضطر خمسة ملايين شخص تقريباً لهجر منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور إلى دول الجوار، خصوصاً مصر، تشاد وجنوب السودان؛ بينما انتشرت بشكل واسع أعمال النهب والاعتداءات في عدد من المناطق، بينها الخرطوم وإقليم دارفور.
////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

محمد أبوزيد كروم: الطريق من سنجة إلى مدني ثم الخرطوم ..

-بفضل الله، ثم دماء وعرق رجال القوات المسلحة والقوات المساندة لها تحررت العزيزة على قلوب السودانيين مدينة سنجة التي غابت عنا لخمسة أشهر كالحة، على غفلة وغدر وتقصير غير مقبول، أقول من باب أنني عايشت واعرف عن قرب تضحيات أبناء سنار وشبابها وهم يدافعون عن أرض الأجداد مع جميع أبناء السودان الذين ساقهم واجب الدفاع عن السودان الدولة والأرض إلى بقعة سنار المباركة .. لقد بُذلت دماء عزيزة وغالية في سبيل صمود سنار وإن غابت سنجة قليلاً قبل أن تعود صباح اليوم عودتها الظافرة..

-لقد أدارت القوات المسلحة السودانية معارك حساسة ومعقدة حرب مركبة في ظروف بالغة التعقيد وانتصرت وتنتصر يومياً على مليشيا الدعم السريع المدعومة بطريقة تستطيع من خلالها هزيمة أي قوة مهما كبرت، طبعاً إلا جيش السودان المُر.. وفي ظل ما توفر من سلاح وعتاد واستعدادات وخطوط إمداد وأموال طائلة ودعم لوجستي إستطاعت مليشيا الدعم السريع بغدرها الماكر صبيحة ١٥ أبريل أن تسقط الكثير من المدن وتخربها وتسرقها وتفسد فيها، هذا غير الانتهاكات والتعدي واذلال المواطنين على أساس العرق واللون مثل ما حدث في الجنينة والجزيرة وقبلها في الخرطوم .. ولكن انظروا كيف عاد جيش الدولة وحقق انتصارات ساحقة ثمنها سحق المليشيا من كل مكان عاد له الجيش ابتداءً من أمدرمان معركة الإذاعة (معركة رمضان) وجبل موية والدندر والسوكي إلى مناطق كركوج ودونتاي واللكندي وصولاً إلى سنجة .. ينسحب الجيش من المناطق نتيجة لحسابات واقعية وفق تقديراته ويخرج بأقل الخسائر ثم يعود منتصراً ساحقاً للمليشيا .. وهنا الفرق بين الجيش والملايش والملاقيط!!..
-وبعد معركة جبل موية العظيمة، وتحرير الجبل الاستراتيجي وسنجة يبقى الطريق إلى مدني والخرطوم هو خلاصة معركة تفتيت المليشيا وهو الأمر الذي يحتاج إلى تدابير منها تجهيز القوات والكتائب للحماية والتأمين لما بعد النصر منعاً لأي محاولات للتخريب تفعلها المليشيا نتيجة اليأس كما حدث أمس الأول في الدندر الأمر الذي ترتب عليه سحق القوة الملتفة بالكامل من المليشيا.. إسناد الجيش وتجهيز المقاتلين وترتيب صفوفهم واجب المرحلة اكمالا لهذه الإنتصارات العظيمة وتتويجاً لها، ومع الضغط العنيف والمتزامن ستنهار المليشيا كما نراها الآن..

-كما أنه على قيادة الدولة تقدير التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوداني وهو يقف سداً منيعاً خلف جيشه ويتحمل النزوح وفقد الأرواح والممتلكات، على القيادة أن تقدم كل ما هو ممكن لاستكمال طريق النصر الواضح دون الإلتفات لمساومات الخارج المعادي الذي يسعى لمنح قبلة الحياة لحواضن المليشيا السياسية من قحت وتقدم وإيجاد مخرج لما تبقى من المليشيا عبر الضغوطات المختلفة..

-ختاماً نحمد الله على هذا النصر الكبير، وبالترتيب الجاد والسعي الحثيث سيكتمل النصر بإذن الله قريبا في مدني ومنها إلى الخرطوم ثم إلى دارفور ليُحرر السودان كله من الأوباش، وهذا النصر الكبير يحتاج إلى يقظة ومزيد من الاستعداد ومزيد من التجييش ومزيد من السلاح والعتاد لحماية الانتصارات والمكاسب التي تحققت وموعدنا الخرطوم قريباً بإذن الله..

محمد أبوزيد كروم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • “حكايات من الرمال” معرض فني يمزج التراث بالذكاء الاصطناعي
  • محمد أبوزيد كروم: الطريق من سنجة إلى مدني ثم الخرطوم ..
  • الجيش السوداني يكثف ضرباته على مواقع الدعم السريع في الخرطوم وبحري
  • ياسر العطا من أمدرمان: الانتصارات ستتواصل وستعم إرجاء البلاد “أمة الأمجاد والأعراق”
  • فرض “حل” على الفلسطينيين لن ينهي صراع الشرق الأوسط مع إسرائيل
  • قائد القوات البحرية الأمريكية في البحر الأحمر يكشف تفاصيل هجمات “جو-جو” لطائرات الحوثي المسيرة
  • ???? أين سيهرب جنجويد مدني والجزيرة؟
  • شاهد بالفيديو.. أطرب فتيات سودانيات في مشوار معه.. سائق تاكسي مصري حافظ أغاني “الزنق” السودانية للفنانة “ماروكو” ويحرص على تشغيلها في سيارته وساخرون: (الشعب المصري اتهكر)
  • عالم “الجربندية” السياسية
  • منظمة دولية: السودان يمضي نحو “الانهيار الشامل”