موقع النيلين:
2025-04-25@03:25:31 GMT

مصطفى الفقي يكتب: الدور العربي في إفريقيا

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

مصطفى الفقي يكتب: الدور العربي في إفريقيا


تعد الأسابيع الأخيرة على المستوى الدولى والإقليمى أفريقية بامتياز فقد بدأت بالأحداث الدامية والمؤسفة فى السودان التى تبدو وكأنها عملية انتحار لأحد الشعوب وتدمير ذاتى داخل أحد الجيوش الأفريقية المهمة.

ولقد شعرنا نحن العرب بحكم الجوار الأفريقى والتداخل التاريخى والارتباط الجغرافى بأن شيئا خطيرا يحدث فى القارة السمراء بعدما اقتحمت أطرافها تنظيمات متطرفة وجماعات إرهابية، إضافة إلى مجموعات عسكرية أقرب إلى الميليشيات حاولت وتحاول السيطرة على القرار السياسى فضلا عن القرار العسكرى فى تلك الدول.

يكفى أن نتذكر أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة حدثت ثمانية انقلابات عسكرية فى غرب أفريقيا وحدها، وكان آخرها انقلابى النيجر والغابون، وهو ما يعنى أن العدوى تنتشر وأن الخروج على الشرعية أصبح سمة سائدة نتيجة الشعور بالظلم من جانب بعض القوى الأوروبية الكبرى وفى مقدمتها الجمهورية الفرنسية، ولعل مبعث الاهتمام من جانبنا كعرب لما يدور فى القارة السمراء هو ناتج من أكثر من سبب، أولها أن ثلثى العرب تقريبا يعيشون فى الجناح الأفريقى للأمة فى شمالها وشرقها وبعض أطرافها فضلا عن التداخل التاريخى للمصالح ومصادر المياه والطاقة والعوامل الجيوسياسية التى تجعل الارتباط أقوى بكثير منه بين قوتين مختلفتين فى الاتجاه، ولكنهما متفقتان فى الهدف النهائى وهو رفض السيطرة الأجنبية والاتجاه للتحرر الوطنى ومقاومة الاستنزاف الخارجى لمقدرات القارة ومواردها على كافة الأصعدة.الأمر الثانى هو أن كثيرا من دول القارة خصوصا جنوب الصحراء تشعر بالحساسية تجاه الدول العربية فى الشمال الأفريقى وانشغالها بمشكلات المشرق وفى مقدمتها قضية العرب الأولى القضية الفلسطينية، ولقد نتج من ذلك إحساس أفريقى بانسلاخ شمال الصحراء عن جنوبها بما يمكن أن يدخلنا فيه من نعرات عنصرية تتصل بالأعراق والأجناس وربما الديانات أيضا.

نتذكر اليوم ما طالب به الرئيس الكنغولى السابق موبوتو من ضرورة إنشاء منظمة أفريقية بحتة لدول جنوب الصحراء تكون متفرغة لشئون الدول الأفريقية السمراء بعيدا من الاهتمام العربى الأفريقى فى صراعات المشرق، وكان ذلك التفكير تحت مظلة منظمة الوحدة الأفريقية قبل أن تتحول إلى الاتحاد الأفريقى كما نشهد الآن، كذلك فإن بعض الصراعات العربية فى الشمال الأفريقى خصوصا فى ما يتصل بالعلاقات بين الجزائر والمغرب تمثل هى الأخرى بعدا للشعور بأن مشكلات الشمال ذات خصوصية عن تلك التى يعانى منها الجنوب.لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نظن، وقد يكون بعض الظن إثما، أن هناك عمليات استقطاب بين دول فى الجنوب وأخرى فى الشمال إذا اندلع صراع بينها، وأظن أن أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، تعكس بشكل أو بآخر شيئا من ذلك.

بقيت نقطة جوهرية وأعنى بها ما جرى فى السودان خلال الأشهر الأخيرة وكيف تعرضت تلك الدولة الأفريقية الكبيرة، كمّا وكيفا، لانقسام حاد يكاد يمزق سلامتها الإقليمية ويطعن وحدة جيشها فى الصميم فى ظل حالة تمرد لجماعة من الداخل تكونت فى ظل ظروف سابقة لتلك الدولة العربية الأفريقية المهمة، حيث توافد ملايين اللاجئين والنازحين داخل السودان وخارجه فرارا من المعارك الدامية والقذف الذى لم يتوقف منذ بدايته على نحو ينذر بالمساس بوحدة السودان وسلامة أراضيه، وكان الشيء المؤسف حقا هو حالة الاستقطاب الدولى والإقليمى التى جعلت هناك مؤيدين لشرعية القوات المسلحة السودانية وآخرين داعمين للحركة المسلحة التى قامت بها قوات «الدعم السريع»، وكأنما كتب الله على القارة فى هذا العام أن تشهد صراعات متداخلة فى ظل ملابسات غامضة أحيانا.ويكفى أن نتأمل الدور الفرنسى، على سبيل المثال، تجاه دول غرب القارة، حيث تحمست ولو سرا لانقلاب الجابون، بينما رفضت بشدة ما جرى فى غضون انقلاب النيجر، فالمصالح الذاتية للدول الكبرى هى التى تحكم طبيعة الدعم الذى يؤدى إلى الانفجارات الثورية والانقلابات العسكرية، وليس بعيدا منا ما جرى فى دول أخرى منذ الزحف القبلى فى صحراء مالى، حيث أصبحت منطقة الصحراء الكبرى مسرحا لعمليات تؤثر بشكل مباشر فى وحدة القارة وسلامة أراضيها، بل إن هناك محاولات متعددة للغزو الخارجى تجاه دول القارة.

ولا يغيب عن الأذهان أن هناك جماعات شبه عسكرية، بل وتنظيمات إرهابية تسعى للنيل من الاستقلال الوطنى للدول الأفريقية والعبث بمقدراتها، فالذين يتخوفون من انقلاب النيجر هم أولئك الذين يسعون إلى رصيد ذلك البلد من مادة استراتيجية هى اليورانيوم، وتأثير ذلك بمستقبل المنطقة فى ظل التكالب الأجنبى على دول القارة بدءا من الوجود الصينى والهندى والأمريكى والبريطانى والفرنسى معا إلى جانب الشهية الجديدة لروسيا الاتحادية فى المنطقة، حتى إن بعض ضباط الانقلاب فى النيجر رفعوا فى اليوم الأول لهم أعلام موسكو كأنما هى إشارة للصراع المكتوم بين القوى المختلفة على الأرض الأفريقية.بينما تقف وراء انقلاب الجابون أسباب فى مقدمتها ترهل النظام السياسى لعائلة بونجو التى حكمت البلاد لأكثر من نصف قرن وبددت جزءا كبيرا من ثروة النفط على نحو لا يعود بفائدة مباشرة على شعب الغابون، الذى لا يملك مقدراته على النحو الذى يريده، ذلك الشعب الأفريقى الذى تلامس حدوده عددا من دول الجوار التى تجعل العدوى للانقلابات فى غرب القارة أمرا واردا، حيث الجيوش النظامية حديثة العهد بالسلطة وترى أن مصلحة الدعم أقوى من نصوص الدستور فى بلادها، ولعلى أطرح الآن الملاحظات الثلاث التالية:

أولا: إن العرب مطالبون باتخاذ مواقف أكثر إيجابية تجاه القارة الأفريقية وظروف دولها المعقدة والمتشابكة فى الوقت نفسه، كما أن الشراكة العربية الأفريقية يجب أن تمتد لتكون مظلة للمصالح المشتركة بين الجانبين، كذلك فإن العلاقة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقى يجب أن تظل على تواصل دائم للمساعدة فى حل مشكلات القارة دون تركيز على القضايا العربية وحدها، لأن الأفارقة شديدو الحساسية تجاه بعض المراحل فى التاريخ المشترك للمنطقة، حيث لعب الاستعمار الأجنبى بورقتين كبيرتين، أولاهما بريطانية الصنع وهى التى تدور حول سياسة فرق تسد، والثانية تدور حول الاحتواء الثقافى مثلما جرى فى السياسة الفرنسية التى اتبعتها باريس تجاه مستعمراتها فى شمال وغرب أفريقيا.ثانيا: إن الحديث عن الانقلابات العسكرية فى القارة الأفريقية يثير قضية الاستقرار السياسى فى دول القارة وأهمية الدعم المستمر للمساعدات الفنية والمادية لدولها، حتى تشعر بأن العرب جادون فى التعاون المشترك والدعم الدائم لدول القارة، خصوصا تلك التى تعانى الفقر ونقص الموارد، كما أن العرب يجب أن يتوقفوا عن تصدير مشكلاتهم لدول القارة لأن فيها ما يكفيها، فالخلاف الجزائرى المغربى على سبيل المثال لا ينبغى أن يكون سببا للانقسام بين دول القارة ومقدراتها المختلفة حتى لا ينعكس ذلك على الاتحاد الأفريقى، والأمر ذاته ينسحب على أزمة سد النهضة والخلاف بين مصر وإثيوبيا فى هذا السياق.

ثالثا: إن موقف الولايات المتحدة تجاه الأوضاع فى غرب أفريقيا لا يتوافق بالضرورة مع الموقف الفرنسى على رغم انتمائهما المشترك للمجموعة الأوروبية بكل ما لها وما عليها، ولا تزال باريس تتذكر بمرارة أن على عمر بونجو الرئيس الذى أطاحه انقلاب الغابون كان قد خرج على الدائرة الفرنسية واقترب من مجموعة الكومنولث البريطانية فى حركة غير محسوبة دفع ثمنها فى الانقلاب الأخير.دعونا نتذكر معا أن أفريقيا كيان مهم بالنسبة إلى العرب، وأنها امتداد طبيعى للمكون السكانى فى المنطقة، وأن التعاون بين الجانبين أمر يحتمه التاريخ، وتعززه الجغرافيا، ويستدعيه المستقبل.

الشروق نيوز

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: دول القارة

إقرأ أيضاً:

صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا

لفت مقال بموقع ناشونال إنترست إلى أن القارة الأفريقية أصبحت محطة مركزية في إستراتيجية روسيا العالمية، إذ استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انشغال الولايات المتحدة بالصراع في أوكرانيا ووسّع نفوذ بلاده في أفريقيا عبر بناء قواعد عسكرية وتوقيع اتفاقيات دفاعية وتغيير موازين القوى من البحر الأحمر إلى غرب أفريقيا.

وأوضحت كاتبة المقال زينب ربوع أن انسحاب واشنطن من النيجر، إلى جانب طرد فرنسا من دول مثل السنغال ومالي وبوركينا فاسو، شكّل تراجعا واضحا للحضور الغربي في منطقة الساحل، مما سمح لروسيا بملء هذا الفراغ بسرعة عبر التعاون الأمني.

محور عدائي جديد

وأضافت ربوع وهي مديرة برنامج بمركز السلام والأمن في الشرق الأوسط في معهد هدسون مختصة في التدخل الصيني والروسي في الشرق الأوسط ومنطقة الساحل وشمال أفريقيا، أن موسكو لم تكتف بالتمدد السياسي، بل أصبحت المورد الأول للسلاح في أفريقيا، وتُشكّل صادراتها 40% من واردات السلاح في القارة.

وحذرت الكاتبة من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إذا لم تتصرف لاستدراك التوسع الروسي، فإن الكرملين سيحافظ على قاعدة إستراتيجية أخرى في الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ويزيد الأمرَ خطورة -حسب ربوع- أن روسيا تعمل على التنسيق مع الصين وإيران لتشكل محورا عدائيا عازما على تحدي الهيمنة الغربية برا وبحرا وجوا.

إعلان إستراتيجية أمنية

وأوضحت ربوع أن هذا التوسع الروسي جزء من إستراتيجية بوتين للحرب "غير المتكافئة"، وتقوم هذه الإستراتيجية على تسليح الأنظمة العسكرية ودعم الانقلابات واستثمار الفوضى لتعزيز النفوذ الروسي في القارة.

وكشفت ربوع عن خطط روسية لنشر قوة قوامها 5 آلاف جندي في منطقة الساحل، لتعزيز النفوذ الروسي وتقويض الهياكل الأمنية المدعومة من الغرب.

وأكدت أن النفوذ الروسي المتزايد في دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي شكلت تحالفا جديدا يُعرف باسم "تحالف دول الساحل" يعكس هذه الديناميكية.

فمنذ عام 2020 وحتى 2023، شهدت هذه الدول انقلابات مدعومة من موسكو، تخلت بعدها عن علاقاتها العسكرية والدبلوماسية مع الغرب، وبدأت بالتنسيق الأمني تحت إشراف روسيا.

فاغنر أداة عسكرية

وأشارت الكاتبة إلى أن روسيا تستخدم مجموعة "فاغنر" كأداة إستراتيجية، تتجاوز كونها مليشيا مسلحة، بل تمثل وسيلة لإعادة تشكيل منظومة الأمن في القارة. وتلعب "فاغنر" دورا محوريا في دعم الأنظمة وتوفير الحماية مقابل الولاء لموسكو.

ووفق المقال فإن أكبر مثال على دور فاغنر ظهر جليا في غينيا الاستوائية، حيث أُرسلت قوات روسية لحماية نظام الرئيس أوبيانغ مباسوغو، مقابل النفوذ في منطقة حيوية وغنية بالنفط.

وخلص المقال إلى أن تجاهل الغرب لهذه التحركات قد يؤدي إلى إعادة تشكيل ميزان القوى العالمي لصالح محور موسكو-بكين-طهران.

مقالات مشابهة

  • «نريد مستقبل مشرق».. مصطفى فتحي يتحدث عن مواجهة بيراميدز وأورلاندو بدوري أبطال إفريقيا
  • مصدر بوزارة الدفاع لـ سانا: أطلقت ميليشيات حزب الله اللبناني عدة قذائف مدفعية من أراضي دولة لبنان، تجاه نقاط الجيش العربي السوري في منطقة القصير غرب حمص
  • مصطفى بكري: محاولة لإسقاط النظام العربي بالكامل.. ومصر تتصدى لهذا المخطط
  • 13 دولة تشارك في البطولة الأفريقية للكونغ فو بالقاهرة
  • صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا
  • الكنيسة في إفريقيا تودّع البابا فرنسيس: «صوت من لا صوت لهم وصديق إفريقيا»
  • مصطفى العش: جاهزون لمباراة العودة أمام صن داونز في دوري أبطال إفريقيا
  • الطبعة الثالثة للصالون الإفريقي للأعمال في هذا التاريخ
  • نرمين الفقي تحتفل بشم النسيم برفقة نجمات الفن والإعلام
  • السور العربي الواقي!