في الوقت الذي تسعى واشنطن إلى استغلال الانشقاقات في دائرة النفوذ الروسي التقليدي، بدأت قوات أمريكية تدريبات مشتركة مع قوات من أرمينيا، في هذا البلد الصغير في جنوب القوقاز والذي كان حليفاً لروسيا منذ 200 سنة.

حتى الآن، التزمت أرمينيا الحذر في شأن استفزاز روسيا

وكتب توماس غروف وفيفيان سلامة في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنه في علامة على إعادة تموضع جيوسياسي بدفع من من الهجوم الروسي على أوكرانيا، بدأت القوات الأمريكية مناورات مشتركة مع قوات أرمينية لمدة عشرة أيام،وسيتدرب نحو 175 عسكرياً أرمينياً مع 85 جندياً من الجيش الأمريكي في أوروبا ومن القيادة الإفريقية، قرب يريفان.

شريك أمني مهم لروسيا

ومنذ الانفصال عن الاتحاد السوفييتي، شكلت أرمينيا شريكاً أمنياً مهماً لروسيا وهي تؤوي عدداً من القواعد العسكرية التي يقيمها الكرملين خارج الأراضي الروسية، كما أن أرمينيا بقيت عضواً في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف أمني يضم دولاً من الاتحاد السوفيتي السابق، والذي أسسته موسكو رداً على حلف شمال الأطلسي. 

As Washington seeks to exploit cracks in Russia’s traditional sphere of influence, U.S. forces began joint military exercises with troops from Armenia, a longtime Moscow ally https://t.co/8skfFDMmOF

— The Wall Street Journal (@WSJ) September 11, 2023

لكن أرمينيا تعمد إلى النأي بنفسها عن النفوذ الروسي بشكل متزايد، خصوصاً عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا.. وفي وقت سابق من هذه السنة، رفض رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان مباشرة استضافة مناورات منظمة معاهدة الأمن الجماعي في أرمينيا، كما أنه رفض إرسال قوات للمشاركة في هذه المناورات، التي أجريت في وقت سابق من هذا الشهر في بيلاروسيا.

وأقر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية بأن الولايات المتحدة، تتطلع إلى تعزيز التعاون مع دول تعتمد تقليدياً على موسكو في التعاون الاقتصادي والعسكري، على الرغم من أن هذا المسؤول رفض فكرة أن يكون هذا هو هدف المناورات الجارية حالياً مع أرمينيا.. وقال: "نتطلع دائماً إلى تعميق علاقاتنا الثنائية مع هذه الدول".

وسبق لأرمينيا أن استضافت قوات من حلف شمال الأطلسي للتدريب.. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن المناورات المشتركة مع أرمينيا كانت موضع تخطيط منذ زمن، وإنها تركز على عمليات حفظ السلام.

تصاعد التوترات الإقليمية

وتأتي المناورات وسط تصاعد في التوترات الإقليمية بين أرمينيا وجارتها أذربيجان، وكذلك وسط خيبة أرمينية من فشل روسيا، في فرض تنفيذ اتفاق وقف النار الذي رعته بين البلدين عام 2020، بينما الكرملين غارق في الحرب الأوكرانية. 

Armenia’s latest exercises with Washington, coming as Russia is distracted with the war in Ukraine, show that the country may be easing away from its traditional cooperation with Moscow, with ramifications for Azerbaijan. By @tggrove and @vmsalama https://t.co/layFelkziM

— Will Mauldin (@willmauldin) September 11, 2023

وبينما يعكس تحول أرمينيا نحو الغرب تغيراً في نظرة الجيل الشاب الذي يرى مستقبله في أوروبا والولايات المتحدة، فإنه يعكس أيضاً إحباطاً أرمينياً من روسيا.. وتقول يريفان إن موسكو المنشغلة بأوكرانيا، قد أخفقت في الوفاء بالضمانات الأمنية التي تعهدت بها في ناغورني قرة باغ، الجيب الأرميني الذي يقع داخل أذربيجان، وهو محل نزاع عنيف في معظم الأحيان، بين أذربيجان وأرمينيا منذ ثلاثة عقود، ويقطن هذا الجيب 120 ألف أرميني، وأعلن الانفصال عن أذربيجان في التسعينات.

والأسبوع الماضي، حشدت أذربيجان قوات حول الجيب وعلى حدود أرمينيا، في خطوة حذر باشينيان، من أنها تفاقم الوضعين السياسي والعسكري.

وفي وقت سابق، أخفقت موسكو في مساعدة أرمينيا عام 2021 عبر منظمة معاهدة الأمن الجماعي، عندما اتهمت يريفان أذربيجان بالتوغل داخل الأراضي الأرمينية.

ضعف إستراتيجي

ويقول رئيس مركز الأبحاث للسياسة الأمنية في يريفان أريج كوتشينيان، إن "أرمينيا تعتمد على نحو مبالغ فيه على روسيا وهذا الضعف الإستراتيجي الأكبر لنا وخطأنا الأكبر، وعلينا إحداث تغيير حيال الغرب وشركاء آخرين.. لم يعد الأرمينيون ينظرون إلى روسيا كشريك.. بدأوا في وصفها بالخائنة".

حتى الآن، التزمت أرمينيا الحذر بشأن استفزاز روسيا، التي غزت جورجيا عام 2008 وأوكرانيا العام الماضي، بعدما حاولتا الخروج من دائرة نفوذها.. ومع ذلك، تتعرض روسيا لانتقادات متزايدة في الخطاب الأرميني المؤيد للغرب، وفي الإعراب عن خيبة الأمل من سياساتها.. واستدعت وزارة الخارجية الروسية الأسبوع الماضي السفير الأرميني للاحتجاج على اللغة المناهضة لروسيا في أوساط المسؤولين في يريفان.

وفي الوقت الذي تزداد فيه التوترات بين روسيا وأرمينيا حول ناغورني قره باغ، تضطلع الولايات المتحدة بدور ناشط في المنطقة، منددة بالأزمة الإنسانية داخل الإقليم الانفصالي، وتدعو أذربيجان إلى إعادة فتح ممر لاتشين.

وأثارت المناورات الجارية مع أرمينيا قلقاً في أذربيجان، بأن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون وسيطاً نزيهاً في نزاعها مع يريفان، على الرغم من الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، وكذلك المسؤولون في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لإجراء محادثات بين الجانبين من أجل خفض التوتر.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني ناغورني قره باغ أرمينيا أذربيجان

إقرأ أيضاً:

بالنسبة لترامب.. هذا ما يعنيه قرار الحصانة الصادر عن المحكمة العليا الأمريكية

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، تحدّثت فيه عن قرار المحكمة العليا الأمريكية، منح الرئيس السابق، دونالد ترامب، حصانة جزئية من الملاحقة القضائية، في قضية أحداث السادس من كانون الثاني/ يناير.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المحكمة العليا الأمريكية قضت، الإثنين، بأن الرئيس السابق محمي جزئيًا من الملاحقة القضائية بينما يحاول درء لائحة اتهام من المستشار الخاص، جاك سميث، فيما يتعلق بجهود ترامب لإحباط انتقال السلطة بعد انتخابات 2020.

وكان المراقبون السياسيون والمحاكم يتوقعون الخطوط العريضة للحكم منذ أشهر، التي تفيد بأن الرؤساء يحق لهم الحصول على حماية كبيرة لأعمالهم الرسمية، وقد هلّل ترامب لذلك باعتباره انتصارًا.

ويعني القرار أنه من شبه المؤكّد أن المحاكمة في هذه القضية سيتم تأجيلها إلى ما بعد انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر؛ وفي حالة فوز ترامب، من المؤكّد تقريبًا أن وزارة العدل ستُسقط القضية، وذلك وفقًا لأشخاص مقربين منه.

وبالنسبة للرئيس جو بايدن، الذي يسعى لولاية ثانية، لم يكن الحكم هو النتيجة الأكثر فائدة في جهوده لوصف ترامب بأنه خطير بل كان ذلك بمثابة تأكيد للائحة الاتهام. وسلّط فريق بايدن الضوء فورا على الحُكم كدليل على التهديد الوجودي الذي قال الرئيس الحالي إن سلفه وخليفته المُحتمل يشكله على البلاد.

وبحسب بيان منسوب إلى أحد كبار مستشاري حملة بايدن: "حكم اليوم لا يغير الحقائق، لذا دعونا نكون واضحين للغاية بشأن ما حدث في 6 كانون الثاني/ يناير. إن ترامب يترشح بالفعل للرئاسة، كمُجرم مدان لنفس السّبب الذي جعله يجلس مكتوف الأيدي بينما هاجم الغوغاء مبنى الكابيتول بعنف: فهو يعتقد أنه فوق القانون ومستعد لفعل أي شيء من أجل الحصول على السلطة والاحتفاظ بها لنفسه".

وذكرت الصحيفة، أنه عندما واجه ترامب محاكمة عزله بسبب أحداث 6 كانون الثاني/ يناير 2021، أوضح الجمهوريون واحدا تلو الآخر عدم التصويت لإدانته في مجلس الشيوخ من خلال القول إن نظام العدالة الجنائية هو المكان الأنسب لمحاسبته. ويدعم نفس هؤلاء الجمهوريون الآن ترامب لولاية ثانية، وهي الولاية التي وعد فيها باتباع نهج متطرف في السلطة التنفيذية، والتي ستأتي بعد أن قدمت المحكمة العليا تعريفًا شاملاً للأعمال الرسمية باعتبارها محصنة من الملاحقة القضائية. 

وفي مقابلة مع موقع "فوكس نيوز"، ادّعى ترامب أنه تعرّض "لمضايقات" من قبل الديمقراطيين لسنوات، بما في ذلك الرئيس السابق، باراك أوباما، والرئيس الحالي، جو بايدن. وقال ترامب: "والآن تكلمت المحاكم".

وأضاف ترامب، في وقت لاحق: "الآن أنا حر في القيام بحملة مثل أي شخص آخر. نحن نتقدم في كل استطلاعات الرأي، بفارق كبير، وسوف نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".

لقد أدار ترامب دائمًا حملته الانتخابية كيفما أراد. ويبدو أنه يستمتع بتلك اللحظات، والضجّة الإعلامية التي تلت ذلك. ولكن في شهر نيسان/ أبريل، عندما أصبح من شبه المؤكد الآن أنها المحاكمة الجنائية الوحيدة التي سوف يواجهها قبل بدء يوم الانتخابات في مانهاتن، تلاشت البهجة تقريبا.


وقد أُدين ترامب في محاكمة استمرت ستة أسابيع بـ34 تهمة جنائية، تتعلق بتزوير سجلات تجارية، والتي قال ممثلو الادعاء إنه دفعها لإخفاء دفع رشوة لنجمة إباحية خلال حملة سنة 2016.

ومن المقرر أن يصدر الحكم عليه في تلك القضية في 11 تموز/ يوليو، ومن غير المرجح أن يؤدي حكم المحكمة العليا إلى تأخير ذلك. وفي حين يشعر البعض من فريق ترامب بالقلق بشأن هذا الاحتمال، يعتقد عدد قليل من المراقبين أن القاضي خوان ميرشان، سيجبر ترامب على البقاء إما خلف القضبان، أو تحت الإقامة الجبرية في منزله خلال السباق الرئاسي.

وعلى الصعيد السياسي، حقّقت الإدانة فوائد لترشحه على المدى القصير. فقد جمع مبلغاً مذهلاً من المال، في حين دعا السواد الأعظم من الجمهوريين فجأة إلى محاكمة الديمقراطيين انتقاما منهم.

وبينما اتخذت المحكمة العليا خطوة أولية تحدد الحصانة، فإن توقيت ما سيأتي بعد ذلك غير واضح. حيث أعادت المحكمة الأمر إلى قاضية المحاكمة، تانيا تشوتكان، التي يجب عليها الآن أن تقرر ما إذا كانت ستعقد محاكمة صغرى لتقرر ما هي الادعاءات الواردة في لائحة اتهام المحامي الخاص التي تشكل أفعالاً رسمية، وبالتالي من المحتمل أن يتمتّع بالحصانة من الملاحقة القضائية وفقًا لقرار المحكمة العليا، الاثنين.

وذكرت الصحيفة أن مثل هذه الإجراءات، اعتمادًا على نطاق الأمور التي تسمح القاضية تشوتكان بسماعها، يمكن أن تكون مشكلة في التفاصيل بالنسبة لترامب. إذ أنّ حقائق الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير من قبل مجموعة مؤيدين لترامب، وما يقوله ترامب بخصوص الفوز في انتخابات سنة 2020 في الأسابيع التي تلت الانتخابات، هي بالتأكيد غير مفيدة له مع الناخبين المتأرجحين.


ولهذا السبب، شعر حلفاء ترامب بالارتياح لأن الأسئلة الأولية في المناظرة ضد بايدن، الأسبوع الماضي، لم تكن حول هجوم الكابيتول، الذي يواصل ترامب الدفاع عنه، بل حول الاقتصاد.

ومن الممكن أن تعيد المحاكمة المصغّرة تركيز الاهتمام على ما حدث في ذلك اليوم في واشنطن. لكن الفريق القانوني لترامب أثبت خبرته في تأخير الأمور، وقد لا يحدث ذلك قبل الانتخابات. وحتّى لو حدث ذلك، فإن أي محاكمة فعلية تتعلق بتصرفات ترامب في محاولة للبقاء في السلطة لا تزال بعيدة المنال.

ومع ذلك، فإن الأمل في إجراء تلك المحاكمة المصغرة قد يكون الخيار الأفضل للديمقراطيين الذين يسعون إلى إبقاء سلوك ترامب الذي يقوض الانتخابات في دائرة الضوء.

مقالات مشابهة

  • الكرملين: حزب العمال البريطاني يميل إلى رفض إعادة العلاقات مع روسيا
  • بيسكوف: الكرملين لا يتدخل في قرار تعليق ارتداء النقاب في روسيا
  • الأمم المتحدة: الحرب تشرد 136 ألفاً من جنوب شرق السودان
  • ثمنت اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين… سورية: القرار يساهم في إعادة حقوق الشعب الفلسطيني
  • غارة إسرائيلية على بلدة بني حيان في جنوب لبنان
  • ‏دوي صفارات الإنذار في شمال إسرائيل لأكثر من نصف ساعة بعد رشقات صاروخية من جنوب لبنان
  • بالنسبة لترامب.. هذا ما يعنيه قرار الحصانة الصادر عن المحكمة العليا الأمريكية
  • كيف أعادت Apple تصميم تطبيق الصور
  • «الطرابلسي» يستقبل القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية
  • الجيش الإسرائيلي يعلن استهدافه بنى تحتية ومبنى عسكريًا تابعًا لحزب الله في جنوب لبنان