أسرارٌ وحكاياتٌ في حياة الموسيقار بليغ حمدي، ظلت مدفونة لسنواتٍ طوال، وحبيسة الأدراج منذ وفاته في سبتمبر عام 1993، خاصة وأنّ رحلته كانت مليئة بالتفاصيل، فقد عاش الحياة بوجهيها -الحلو والسيء- فيقول: «أنا في حياتي قعدت مع رؤساء جمهورية وملوك وأمراء، ودخلت أيضًا قفص علشان أقف أمام القاضي.. عِشت أحلى أيام وأسوأ أيام».

ورغم ما حققه من نجاحاتٍ ضخمة في عالم الموسيقى، فلم يتمكن طيلة حياته أنّ يُدون مذكراته، إلا جزء بسيط سجله بصوته، بجانب حواراته الصحفية ولقاءاته التليفزيونية والإذاعية النادرة، حيث كان مُقلًا فيها، وهي المادة التي جمعها الكاتب أيمن الحكيم، في كتاب «بليغ حمدي سلطان الألحان» والذي تضمن كواليس عديدة عن حياته، وتجلياته وكذلك مآساته.

سر جمال ألحان بليغ حمدي

ويرى بليغ حمدي، حسبما جاء في كتاب أيمن الحكيم، أنّ «سر جمال ألحاني هو القرآن الكريم.. لقد قرأته 40 مرة.. وكل ألحاني التي دخلت قلوب الناس، كان مصدرها القرآن، لأنه يجمع في آياته أجمل الألحان وأعظمها».

شائعات طاردت بليغ حمدي

بليغ، الذي تحل ذكرى وفاته الـ30، اليوم الثلاثاء، عاني كثيرًا من الشائعات التي كانت تُطارده من آنٍ لآخر، ما بين الزواج والثراء وغيرها، إذ قال في تصريحاته النادرة: « كل مطربة أعمل لها لحنًا لابد أن تظهر شائعة زواج بيني وبينها، وينسجون حولنا قصص حب وهمية.. ولو كان كل ما يقال صحيحًا لأصبح لي الآن 90 زوجة و 160 مولودًا».

وأضاف «البعض قال عني إنني مليونير، لمجرد أنه عندي خادم وسائق ومديرة منزل وطباخ، وهم لا يعرفون أن الخادمة (صباح) قامت والدتي بتربيتها منذ كانت صغيرة، وأنا أعتبرها مثل ابنتي تمامًا، وليس لها مصدر رزق غيري، أما الطباخ فقد كان يعمل عند المرحوم عبد الحليم حافظ كسائق، وكان حليم يحبه كثيرًا، وقد ترك خطابًا يوصي بهذا السائق خيرًا، ولكن أحدًا لم ينفذ الوصية فجاءني لمساعدته، واشترى له أهل الخير بواسطتي سيارة ليعمل عليها، وأخبرته أن بيتي مفتوح له في أي وقت يشاء، ولكنه بعدما تعب من العمل على خط الإسكندرية القاهرة جاءني وسلمته مفتاح سيارتي».

ورغم «المزاج العالي» و«الإبداع الاستثنائي» الذي تمتع به بليغ حمدي، إلا أن كان وراء تلك الشخصية صفاتٌ غريبة بالنسبة للبعض، وهو ما كشفه ابن شقيقه «هيثم حمدي» والذي أكد أنه «شخصًا ملولًا» لدرجة كبيرة، إذ روى موقفًا جمعه بالراحل عبد الرحمن الأبنودي: «أيوه يا عبد الرحمن.. شوف يا حياتي، الساعة 9.30 بالظبط هكون عندك.. هيثم واقف قدامي هيوصلني»، متابعًا «تيجي الساعة 9:15 يسألني، جاهز؟.. أقوله: أيوه جاهز.. يقولي: طيب يلا بينا على إسكندرية، أرد عليه وأقوله: إسكندرية إيه يا عمي والناس اللي منتظراك؟!.. يقولي: معلش هكلمه من هناك ملكش دعوة أنت».

وأضاف: «وإحنا في إسكندرية، يقولي: اتصل بالشاعر سيد مرسي وفلان وفلان اعزمهم على الغداء عند محل سمك شهير هناك، وبالفعل كنت أنفذ ذلك، وأهب إلى المحل قبل الغداء بساعتين وأدفع الحساب وأرجع لأصحابه، فأفاجأ به يقول: رجعني على مصر، وفعلًا يصمم على رأيه، والناس تروح تتغدى لوحدها»، متابعًا «تفسيري للمسألة دي، أنه ليس بوهيميًا كما يقولون.. الحكاية كلها مجرد زهق».

ليلى مراد تسببت له في «عُقدة» نفسية

حكاياتٌ عديدة، جمعت بليغ حمدي بمئات الفنانين، لكن ابن شقيقه أشار إلى 3 فنانين، هم الأبرز في حياته، وهم: محمد فوزي، وليلى مراد وعبد الحليم حافظ، حيث يقول: «كان عنده عقدة صغيرة وإحساس بالذنب تجاه ليلى مراد، بسبب أغنية (تخونوه)، فقد لحن الأغنية في الأصل لتغنيها ليلى مراد ثم خطفها عبد الحليم منه، ورغم أنها لم تغضب، وكان موقفها (شيك) جدًا، إلا أن بليغ كان حاسس إنه أخطأ في حقها، وكانت هي تحبه جدًا، بدليل أنه الوحيد الذي استطاع أن يقنعها بأن تقطع عزلتها الطويلة، وتظهر على شاشة التلفزيون في حوار مطول ضمن برنامج (جديد في جديد) الذي كان يقدمه لتليفزيون أبو ظبي، وبعد التسجيل اتصلت به وقالت له إنها غير راضية عن إذاعة البرنامج «ويا ريت يحرق الشرائط»، وفعلاً في يوم أخذني بليغ ورحنا المكتب وطلّع الشرايط وقال لي: احرقها قدامي، وكانت وجهة نظرها أنها لا تريد أن يراها الناس بعد ما ظهرت عليها علامات الزمن، تفضل أن تظل صورتها القديمة في أذهان الناس بلا تغيير».

ضاع حلمه بعد وفاة «العندليب»

بليغ حمدي، في حوارٍ نادر له تحدث عن علاقته بعبد الحليم حافظ، حيث قال: «كنا بمثابة رحلة فنية طويلة، وتعددت اللقاءات كنا أحيانًا نختلف في وجهات النظر، ولكن أبدًا لم نختلف كأصدقاء، وعندما اتجهت إلى الغناء الشعبي، ابتعدنا بعض الشيء عن العمل معًا ثم التقينا في اللون الشعبي بأغنية (على حسب وداد قلبي) و(أنا كل ما أقول التوبة)، وبدأنا رحلة عمل عظيمة، كم كنت أتمنى أن تستمر حيث إنه من خلال صوت حليم كنا سننطلق للعالم بألحان لها قومية موسيقية.. حقيقي قدمنا الأغنية الطويلة، وذلك حتى لا تحدث فجوة عملية في الغناء المصري الشرقي. وأردنا أن نكون جاهزين لكل الاتجاهات، وحدث ما كنا نخشاه، فبعد رحيل حليم حدثت فجوة فعلاً، وضاعت أحلامنا، وهي تقديم شعبيات على صورة لوحات غنائية».

حدث صعب في حياة بليغ حمدي

وتُعتبر قصة وفاة المطربة الشابة سميرة مليان، عام 1984، هي الحادث المأساوي الأبرز في حياته بليغ حمدي: «كان عنده إحساس بالظلم والمرارة»، كونها توفيت داخل شقته، بعد حفل عشاء حضره العديد من الشخصيات المصرية والخليجية، وحصل وقتها حكمًا بالحبس سنة مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ، ووضعه تحت المراقبة لمدة عام، وذلك بتهمة الشروع في تسهيل الفجور، ما اضطر للسفر إلى لندن ومنها لباريس، بعدما استشعر الخطر يقترب منه، بالتزامن مع تراجع حالته الصحية، وظل بالخارج لمدة 5 أعوام، حيث وصف تلك الفترة بأنها تعادل مليون سنة في «ثقلها ومرارتها ووطأتها»، وذلك قبل أن يعود مُجددًا في نوفمبر عام 1990، قبل 3 أشهر من سقوط الحكم بالتقادم، أصدرت المحكمة ببراءته من تلك التهمة الجائزة، وألغت الحكم الصادر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: بليغ حمدي ايمن الحكيم ليلى مراد عبد الحليم حافظ عبد الحلیم بلیغ حمدی

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يزور مؤسسة دار القرآن في العاصمة الماليزية

زار فضيلة الإمـام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، مَركز القُرآن الكَريم بدار القــرآن جاكيـم بالعاصمة الماليزية كوالالامبـور، مشيرا إلى أن هذا الحدث يمثل مناسبة طيبة للحديث عن القرآن الكريم، كتابُ الله الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفِه، الذي لا يستوعبُ الحديثَ عنهُ زمان ولا يحصُره مكان، فقد تعالى فوقَ الزمانِ وفوقَ المكانِ، وذهب بعيدًا إلى ما فوق العقول، وإلى ما وراء أحداث التَّاريخ وسجلَّاته، ولا عجب! فهو الكتاب الذي تكفَّل اللَّه -سبحانه وتعالى- بتنزيله ووحيه، كما تكفَّل بحفظِه وحراسة آياته وكلماته، ولم يعهد بهذه المهمة إلى أحدٍ غيره، لا من البشر، ولا من الأنبياءِ ولا من غيرهِم: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9].

وأضاف فضيلته خلال كلمته في الاحتفالية التي عقدها مركز دار القرآن جاكيم، بمناسبة زيارة شيخ الأزهر بلماليزيا، أنَّ الله قد صدق وعده فقُيِّض لهذا الكتابِ من وسائلِ الحفظِ في الصُّدورِ وفي السُّطور ما لم يُقيَّض لأيِّ كتاب آخر من الكُتُب، وقد مرَّ ما يقرُب من خمسة عشر قرنًا من الزمان على نزول القرآن الكريم، وجيوشُ المتربِّصين به ساهرةٌ تلتمسُ له العيوب وتُفتِّشُ عن الهفوات، ومع ذلك فإنَّ أحدًا من هؤلاء المتربِّصين لم يظفَر ببُغيته، ولم يستطع أن يُسَجِّلَ عليه هفوةً واحدةً يأباها العقلُ الصَّحيح، أو انحرافًا تَضِيقُ به الفِطْرة السَّليمة، أو خطأً واحدًا يَصدِمُ ثوابتَ العلم وتجاربَه المستقرَّة.

شيخ الأزهر يزور مؤسسة دار القرآن جاكيم الماليزيةشيخ الأزهر يزور مؤسسة دار القرآن جاكيم الماليزية

وأشار فضيلته إلى أنَّه كان من المتوقَّعِ أنْ تجيءَ الآياتُ الأولى من القُرآنِ الكَريم مُوقِظَةً لفطرةِ الإيمانِ باللَّهِ تعالى، ومُكتفيةً بها في تحصيل هذا الإيمان الذي هو: أصل الأصول في الأديان، بل الأصلُ الذي لا يثبتُ في غيابه أصل آخر، غير أنَّا وجدنا القرآنَ يبدأُ رسالته للناس بقرع أجراس العلم والمعرفة في آذانهم وعقولهم أوَّلًا، ليتنبَّهوا -بعد ذلك- إلى أنَّ أمرَ العقيدةِ في الإسلام يتأسَّسُ -أوَّلَ ما يتأسَّس- على «العِلْم» والنظر العقليِّ، وليس على مجرَّد «التَّسليم القلبي» الذي لا يستند إلى بدائه العقول والأدلَّة والبَراهين السَّاطعة.

وبيَّن شيخ الأزهر خلال كلمته أنَّ العقلَ هو المِحورُ الأساسيُّ الَّذي تدورُ عليه كلُّ تكاليفِ الشَّرعِ، التي هي: «خِطابُ اللَّهِ المُتعلِّقُ بأفعالِ المكلَّفِين اقتضاءً أو تخييرًا».. ومَنزلةُ هذا العقلِ في القرآنِ الكريمِ هي من المسلَّماتِ الّتي لا تَقبلُ نِزاعًا ولا جِدالًا، وتلاوةُ القرآنِ تُثبِتُ ذلك ثُبوتَ أرقامِ الحسابِ، وبصورةٍ يَنفرِدُ بها هذا الكِتابُ عن سائرِ الكُتبِ الأخرى. وقد حفَل هذا الكتابُ الكريم وفي كثيرٍ من آياتِه، وعلى نحوٍ لافتٍ للنَّظر، حفل بتحرير شعور الإنسان وقلبه وضميره من عبادة الأحجارِ والحيوانات والأشخاص، وخَلَّص عَقْلَه من الأوهامِ والأساطيرِ والخرافات، وتَسامَى بالنَّفسِ الإنسانيَّة ومشاعرِها فوق رَهَق المادَّة وعبوديَّة الغرائِز، وإغراءِ الشَّهواتِ واسترقاقاتها.

وأكَّد فضيلته أن القرآن صنع رجالًا، بل صنع أمةً كبرى من أمم التاريخ، نقلها -على ضعفِها وبساطتِها ورثاثة حالها- من المحليَّةِ إلى العالميَّةِ في غضونِ عقودٍ قليلةٍ، واستطاعت أن تَنشرَ في شرقِ الدُّنيا وغربِها حضارةً لايزالُ دَيْنها ثقيلًا في أعناقِ صُنَّاعِ حضارة اليوم، ورموزِها وفلاسفتِها وعلمائِها ومفكِّريها، وكانت حضارةً مُعجزةً بِكُلِّ المقاييس، لايزال علماء التاريخ، في الغرب قبل الشرق، في حيرةٍ من أمرِ تفسيرِها.

شيخ الأزهر يزور مؤسسة دار القرآن جاكيم الماليزيةشيخ الأزهر يزور مؤسسة دار القرآن جاكيم الماليزية

وأضاف فضيلته أنَّ التَّاريخَ يُثبِتُ أنَّ هذه الأمَّةَ حِينَ كانت تُصِيخُ السمعَ إلى نِداءاتِ القُرآنِ وتُطبِّقُ ما اشتمل عليه مِن توجيهاتٍ إلهيَّةٍ، علا قدرها وارتفع شأنها وبَلَغتْ مِن الحضارةِ والتقدُّمِ العِلميِّ والأخلاقيِّ درجةً زاحَمَتْ فيها بمَنكِبَيْها حضاراتٍ عالميَّةً كانت تتفرَّدُ بقيادةِ العالمِ آنَذاكَ، بل استَطاعَ المُسلِمون أن يُزِيحوا هذه الحضاراتِ شرقًا وغَربًا في أقلَّ مِن ثمانينَ عامًا مِن آخِرِ آيَةٍ نزلَتْ مِن هذا القُرآنِ الكريمِ ليَملَئوا الأرضَ نُورًا وعدلًا وعِلمًا.. .وقد كانت قوَّةُ الدفعِ الإسلاميِّ تُجاهَ العِلمِ والفلسفةِ والأخلاقِ والفُنونِ المُتعالِيةِ - مَثارَ إِعجابِ كثيرٍ مِن الأُوربيِّينَ ممن رَصَدُوا ظاهرةَ الفُتوحاتِ الإسلاميَّةِ في أُوربا، ودَرَسُوها في تجرُّدٍ ومَوضوعِيَّةٍ وإِنصافٍ يَستوجِبُ الثناءَ والشُّكرَ.

وتابع شيخ الأزهر أنَّ الله قد قَيَّضَ لنصوصِ القرآنِ أن تُحفَظَ في السُّطورِ وفي الصُّدورِ، ممَّا مكَّنَ لرُوحِ الحضارةِ الإسلاميَّةِ أن تَظَلَّ صامدةً في معاركِ التَّطوُّرِ، وأن تَبقى حَيَّة نابضةً ومؤثِّرةً حتَّى يومِ النَّاسِ هذا، رُغمَ ما أصابها مِن تَراجُعٍ وتَقهقُرٍ، ورُغمَ ما وُجِّه -ويُوجَّهُ- إليها مِن ضَرَباتٍ قاسيةٍ، مِنَ الدَّاخلِ ومِن الخارجِ على السَّواءِ، وكانت -دائمًا- كالجمرةِ المُتَّقِدةِ التي لا يَخبُو لها أُوارٌ، حتَّى في زمنِ التَّراجُعِ والنُّكوصِ.. ولو أنَّ أمَّةً أُخرى تَعرَّضَت حضارتُها لِما تَعرَّضَت له حضارةُ المسلمين لتَلاشَت وأَصبَحَت في ذمَّةِ التَّاريخِ منذُ قرونٍ عدَّةٍ.

اقرأ أيضاًجامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM تمنح شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسنة

جامعة العلوم الإسلامية الماليزية تمنح شيخ الأزهر الدكتوراه الفخرية في دراسات القرآن والسنة

مقالات مشابهة

  • عاجل.. طبيب رفعت يكشف لـ "الفجر" مفاجأة حول وفاة اللاعب واللحظات الأخيرة في حياته
  • تنبأت بوفاته قبل 5 أشهر| ليلى عبد اللطيف حديث الجماهير بسبب أحمد رفعت
  • سبب وفاة أحمد رفعت (فيديو)
  • حقيقة اعتداء حسام حبيب على شيرين عبد الوهاب وإصابتها| طليقها كلمة السر (الحقيقة كاملة)
  • محمد نجاتي يُشيد بتامر عاشور.. ويؤكد: بليغ حمدي مصر
  • عمرو يوسف يكشف تفاصيل بداياته الفنية وأسرار جديدة عن حياته الشخصية
  • شاب عشريني يتخلص من حياته شنقا في الوراق
  • شيخ الأزهر يزور مؤسسة دار القرآن في العاصمة الماليزية
  • بسبب انقطاع الكهرباء.. مصرع طفل أصيب باختناق داخل أسانسير
  • بسبب خلافات زوجية.. وفاة سيدة قفزت من شرفة شقتها بالإسكندرية