في ذكرى وفاة بليغ حمدي.. أصيب بعقدة نفسية بسبب ليلى مراد وقرأ القرآن 40 مرة
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
أسرارٌ وحكاياتٌ في حياة الموسيقار بليغ حمدي، ظلت مدفونة لسنواتٍ طوال، وحبيسة الأدراج منذ وفاته في سبتمبر عام 1993، خاصة وأنّ رحلته كانت مليئة بالتفاصيل، فقد عاش الحياة بوجهيها -الحلو والسيء- فيقول: «أنا في حياتي قعدت مع رؤساء جمهورية وملوك وأمراء، ودخلت أيضًا قفص علشان أقف أمام القاضي.. عِشت أحلى أيام وأسوأ أيام».
ورغم ما حققه من نجاحاتٍ ضخمة في عالم الموسيقى، فلم يتمكن طيلة حياته أنّ يُدون مذكراته، إلا جزء بسيط سجله بصوته، بجانب حواراته الصحفية ولقاءاته التليفزيونية والإذاعية النادرة، حيث كان مُقلًا فيها، وهي المادة التي جمعها الكاتب أيمن الحكيم، في كتاب «بليغ حمدي سلطان الألحان» والذي تضمن كواليس عديدة عن حياته، وتجلياته وكذلك مآساته.
سر جمال ألحان بليغ حمديويرى بليغ حمدي، حسبما جاء في كتاب أيمن الحكيم، أنّ «سر جمال ألحاني هو القرآن الكريم.. لقد قرأته 40 مرة.. وكل ألحاني التي دخلت قلوب الناس، كان مصدرها القرآن، لأنه يجمع في آياته أجمل الألحان وأعظمها».
شائعات طاردت بليغ حمديبليغ، الذي تحل ذكرى وفاته الـ30، اليوم الثلاثاء، عاني كثيرًا من الشائعات التي كانت تُطارده من آنٍ لآخر، ما بين الزواج والثراء وغيرها، إذ قال في تصريحاته النادرة: « كل مطربة أعمل لها لحنًا لابد أن تظهر شائعة زواج بيني وبينها، وينسجون حولنا قصص حب وهمية.. ولو كان كل ما يقال صحيحًا لأصبح لي الآن 90 زوجة و 160 مولودًا».
وأضاف «البعض قال عني إنني مليونير، لمجرد أنه عندي خادم وسائق ومديرة منزل وطباخ، وهم لا يعرفون أن الخادمة (صباح) قامت والدتي بتربيتها منذ كانت صغيرة، وأنا أعتبرها مثل ابنتي تمامًا، وليس لها مصدر رزق غيري، أما الطباخ فقد كان يعمل عند المرحوم عبد الحليم حافظ كسائق، وكان حليم يحبه كثيرًا، وقد ترك خطابًا يوصي بهذا السائق خيرًا، ولكن أحدًا لم ينفذ الوصية فجاءني لمساعدته، واشترى له أهل الخير بواسطتي سيارة ليعمل عليها، وأخبرته أن بيتي مفتوح له في أي وقت يشاء، ولكنه بعدما تعب من العمل على خط الإسكندرية القاهرة جاءني وسلمته مفتاح سيارتي».
ورغم «المزاج العالي» و«الإبداع الاستثنائي» الذي تمتع به بليغ حمدي، إلا أن كان وراء تلك الشخصية صفاتٌ غريبة بالنسبة للبعض، وهو ما كشفه ابن شقيقه «هيثم حمدي» والذي أكد أنه «شخصًا ملولًا» لدرجة كبيرة، إذ روى موقفًا جمعه بالراحل عبد الرحمن الأبنودي: «أيوه يا عبد الرحمن.. شوف يا حياتي، الساعة 9.30 بالظبط هكون عندك.. هيثم واقف قدامي هيوصلني»، متابعًا «تيجي الساعة 9:15 يسألني، جاهز؟.. أقوله: أيوه جاهز.. يقولي: طيب يلا بينا على إسكندرية، أرد عليه وأقوله: إسكندرية إيه يا عمي والناس اللي منتظراك؟!.. يقولي: معلش هكلمه من هناك ملكش دعوة أنت».
وأضاف: «وإحنا في إسكندرية، يقولي: اتصل بالشاعر سيد مرسي وفلان وفلان اعزمهم على الغداء عند محل سمك شهير هناك، وبالفعل كنت أنفذ ذلك، وأهب إلى المحل قبل الغداء بساعتين وأدفع الحساب وأرجع لأصحابه، فأفاجأ به يقول: رجعني على مصر، وفعلًا يصمم على رأيه، والناس تروح تتغدى لوحدها»، متابعًا «تفسيري للمسألة دي، أنه ليس بوهيميًا كما يقولون.. الحكاية كلها مجرد زهق».
ليلى مراد تسببت له في «عُقدة» نفسيةحكاياتٌ عديدة، جمعت بليغ حمدي بمئات الفنانين، لكن ابن شقيقه أشار إلى 3 فنانين، هم الأبرز في حياته، وهم: محمد فوزي، وليلى مراد وعبد الحليم حافظ، حيث يقول: «كان عنده عقدة صغيرة وإحساس بالذنب تجاه ليلى مراد، بسبب أغنية (تخونوه)، فقد لحن الأغنية في الأصل لتغنيها ليلى مراد ثم خطفها عبد الحليم منه، ورغم أنها لم تغضب، وكان موقفها (شيك) جدًا، إلا أن بليغ كان حاسس إنه أخطأ في حقها، وكانت هي تحبه جدًا، بدليل أنه الوحيد الذي استطاع أن يقنعها بأن تقطع عزلتها الطويلة، وتظهر على شاشة التلفزيون في حوار مطول ضمن برنامج (جديد في جديد) الذي كان يقدمه لتليفزيون أبو ظبي، وبعد التسجيل اتصلت به وقالت له إنها غير راضية عن إذاعة البرنامج «ويا ريت يحرق الشرائط»، وفعلاً في يوم أخذني بليغ ورحنا المكتب وطلّع الشرايط وقال لي: احرقها قدامي، وكانت وجهة نظرها أنها لا تريد أن يراها الناس بعد ما ظهرت عليها علامات الزمن، تفضل أن تظل صورتها القديمة في أذهان الناس بلا تغيير».
ضاع حلمه بعد وفاة «العندليب»بليغ حمدي، في حوارٍ نادر له تحدث عن علاقته بعبد الحليم حافظ، حيث قال: «كنا بمثابة رحلة فنية طويلة، وتعددت اللقاءات كنا أحيانًا نختلف في وجهات النظر، ولكن أبدًا لم نختلف كأصدقاء، وعندما اتجهت إلى الغناء الشعبي، ابتعدنا بعض الشيء عن العمل معًا ثم التقينا في اللون الشعبي بأغنية (على حسب وداد قلبي) و(أنا كل ما أقول التوبة)، وبدأنا رحلة عمل عظيمة، كم كنت أتمنى أن تستمر حيث إنه من خلال صوت حليم كنا سننطلق للعالم بألحان لها قومية موسيقية.. حقيقي قدمنا الأغنية الطويلة، وذلك حتى لا تحدث فجوة عملية في الغناء المصري الشرقي. وأردنا أن نكون جاهزين لكل الاتجاهات، وحدث ما كنا نخشاه، فبعد رحيل حليم حدثت فجوة فعلاً، وضاعت أحلامنا، وهي تقديم شعبيات على صورة لوحات غنائية».
حدث صعب في حياة بليغ حمديوتُعتبر قصة وفاة المطربة الشابة سميرة مليان، عام 1984، هي الحادث المأساوي الأبرز في حياته بليغ حمدي: «كان عنده إحساس بالظلم والمرارة»، كونها توفيت داخل شقته، بعد حفل عشاء حضره العديد من الشخصيات المصرية والخليجية، وحصل وقتها حكمًا بالحبس سنة مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ، ووضعه تحت المراقبة لمدة عام، وذلك بتهمة الشروع في تسهيل الفجور، ما اضطر للسفر إلى لندن ومنها لباريس، بعدما استشعر الخطر يقترب منه، بالتزامن مع تراجع حالته الصحية، وظل بالخارج لمدة 5 أعوام، حيث وصف تلك الفترة بأنها تعادل مليون سنة في «ثقلها ومرارتها ووطأتها»، وذلك قبل أن يعود مُجددًا في نوفمبر عام 1990، قبل 3 أشهر من سقوط الحكم بالتقادم، أصدرت المحكمة ببراءته من تلك التهمة الجائزة، وألغت الحكم الصادر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: بليغ حمدي ايمن الحكيم ليلى مراد عبد الحليم حافظ عبد الحلیم بلیغ حمدی
إقرأ أيضاً:
في ذكرى وفاة الشيخ البرديسي: رحلة عطاء مفتي الديار وعضو كبار العلماء
في مثل هذا اليوم، الرابع من يناير عام 1921م، الذي يوافق الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة 1339هـ، رحل عن دنيانا العالم الجليل والمفتي الفقيه، الشيخ محمد بن محمد بن القاضي إسماعيل الأنصاري البرديسي، الحنفي. ورغم مرور أكثر من مئة عام على وفاته، لا يزال إرثه العلمي والفقهي يتردد صداه في أروقة العلم والتاريخ الإسلامي.
مولده ونشأتهتحتفي هيئة كبار العلماء بذكري وفاة العالم الجليل، وتفرد بعض المعلومات القيمة حول ميلاده ونشأته وحياته العلمية المثمرة، فتقول: “وُلد الشيخ محمد إسماعيل البرديسي في عام 1864م، الموافق 1281هـ، في بلدة برديس التابعة لمركز البلينا بمحافظة سوهاج. نشأ في أسرة علمية مشهود لها بالتقوى والفضيلة، حيث كان جده القاضي إسماعيل الأنصاري البرديسي قاضي المحكمة الشرعية ببرديس، مما كان له الأثر الكبير في تكوين شخصيته العلمية والدينية”.
تعليمه ومسيرته العلمية
وتابعت: تلقى الشيخ البرديسي تعليمه في رحاب جامع الأزهر الشريف، حيث تخرج منه وازداد تأثرًا بعلمائه العظام، خاصة من خلال سماعه لدرس السيد جمال الدين الأفغاني الذي كان له دورٌ بارز في تشكيل توجهاته الفكرية.
كان الشيخ البرديسي أحد العلماء الذين لم يقتصروا على التلقي، بل بدأوا بتأدية دورهم في نشر العلم والتدريس في الأزهر الشريف، حيث تصدر للتدريس ونشر معارفه.
بعد أن أتم دراسته، شغل الشيخ العديد من المناصب القضائية المرموقة، بدءًا من نائب محكمة قنا الابتدائية الشرعية، مرورًا بعضويته في محكمة المحروسة الابتدائية الشرعية، وصولًا إلى مفتش في القضاء الشرعي. لم يكن دور الشيخ البرديسي مقتصرًا على التعليم والإفتاء فحسب، بل كان له بصمة واضحة في العمل القضائي الذي خدم من خلاله الأمة الإسلامية.
مفتي الديار المصرية وعضو هيئة كبار العلماءفي عام 1920م، تم تعيين الشيخ محمد إسماعيل البرديسي مفتيًا للدِّيار المصرية، إضافة إلى اختياره شيخًا للسادة الحنفية. وقد شهدت تلك الفترة من حياته بروزًا كبيرًا لدوره الفقهي والعلمي، حيث كان له إسهامات هامة في مجالات الفقه الشرعي. وتقديرًا لعطاءه العلمي الكبير، تم اختياره عضواً في هيئة كبار العلماء بموجب الإرادة السنية الصادرة من رياسة مجلس الوزراء في أغسطس 1920م.
مؤلفاته العلميةمن بين مؤلفاته القيمة التي تبرز مكانته العلمية، نجد كتابه الشهير "الإتحاف في أحكام الأوقاف"، الذي يعكس علمه الواسع وتعمقه في المسائل الفقهية. كما أن مكتبة الأزهر الشريف تحتفظ بآثار علمية له تُعد مرجعًا للباحثين والدارسين في علوم الشريعة.
رحيلهرحل الشيخ محمد إسماعيل البرديسي عن عالمنا في يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة 1339هـ، الموافق الرابع من يناير 1921م، بعد رحلة طويلة من العلم والبحث والاجتهاد، وكان لوفاته وقعٌ كبير في الأوساط العلمية والدينية، إذ فقدت الأمة أحد أبرز علمائها الذين أسهموا في رفعة العلم الشرعي في مصر والعالم الإسلامي.