حصد الأسطورة ليونيل ميسي لقب كأس العالم 2022 في قطر، لينهي معاناة 36 عاما عاشها “راقصو التانجو” منذ آخر مونديال صعدوا فيه كأبطال لمنصة التتويج بقيادة مارادونا.
لم يكن ذلك الإنجاز هو المهيمن على تحليل مشهد ميسي مرتديا البشت العربي، وبين يديه “كأس العالم” إلى جوار أمير قطر وجيانو إنفانتينو رئيس الفيفا، بل الصراع مع غريمه كريستيانو رونالدو الذي ودع البطولة ذاتها على يد المغرب من ربع النهائي.


“انتهت القصة.. ميسي يحسم صراع الأفضل في التاريخ”.. كان ذلك لاحقا هو العنوان الرئيس الذي تردد صداه حول العالم بعدما حطم “البرغوث” أكبر لعناته مع الألقاب، لكن هل حقا انتهى الجدل؟
وهل يمكن الحديث عن التاريخ على امتداده وتقلباته وطبيعة نجومه وعصوره المختلفة وتطوراتها وأدواتها في الرياضة وغيرها بهذا الرأي القاطع؟
يمثل هذا السؤال حلقة جديدة من سلسلة كووورة “بعدٌ ثالث” التي تُعنى برصد وتحليل العلاقة القريبة للغاية بين كرة القدم والعلم، الثقافة، التعليم، الصحة، التغيرات الاجتماعية، وغيرها.

حافي القدمين.. ملك لنصف قرن!
بعد نحو شهر واحد من عيد ميلاده الـ37، كان كريستيانو رونالدو على موعد مع إنجاز فريد: لقد بات “الدون” أفضل هداف في تاريخ كرة القدم إذ وصل إلى 807 أهداف حين هز شباك توتنهام بهاتريك قاد به مانشستر يونايتد للفوز 3-2 بالدوري الإنجليزي الممتاز (12 مارس/آذار 2022).
كانت تلك لحظة فارقة في تاريخ كرة القدم أيضا، ولم يتوقف رونالدو عندها وأكمل مسيرته عبر بوابة النصر السعودي حيث يواصل تعزيز مكانته التهديفية غير المسبوقة حتى الآن.
لقد اجتاز رونالدو رقم الأسطورة التشيكي النمساوي جوزيف بيكان الذي سجل 805 أهداف خلال مسيرته التي امتدت بين 1931 و1955 وفقا لموقع “فيفا”.
بقي بيكان -الذي كان يمارس اللعبة في بداية مسيرته “حافي القدمين”- ملك الهدافين لأكثر من نصف قرن.
لكنه رغم ذلك لم يظهر سوى في نسخة وحيدة لكأس العالم (إيطاليا 1934)، مع منتخب النمسا ولم يتوج أبدا باللقب، علما بأنه أكمل مسيرته الدولية لاحقا مع منتخب تشيكوسلوفاكيا.
وفي تقرير عنه يقول موقع الفيفا: “يُنسب لبيبي (لقب بيكان)، تسجيل 805 أهداف في 530 مباراة، بمتوسط 1.52 هدف في المباراة الواحدة، وهذا يجعله من دون شك أحد أعظم الهدافين على الإطلاق”.
وتابع: “كما تمكن بيكان من الركض لمسافة 100 متر في 10.8 ثانية، وهو ما كان يتأخر بنصف ثانية فقط عن الرقم القياسي العالمي وقتها”.
وأضاف: “سواء كان ذلك من وحي الخيال أم حقيقة، فمن المؤكد أنه كان يتمتع بالسرعة اللازمة (ليلهث المدافعون خلفه)، وقد أكد معاصروه إنه كان بارعا بكلتا قدميه، وكان قارئا غير عادي للعبة”.
يقول المؤرخ الرياضي رادوفان جيلينيك: “لم يكن بيكان محظوظا وهو في ذروة عطائه إذ لم تقم كأس العالم بالتتابع المعتاد في عامي 1942 و1946، بسبب الحرب العالمية (الثانية)”.
وأضاف: “لو شارك بيكان في مونديال 1942 لحظي بشهرة واسعة ربما كانت ستضاهي الهالة التي أحاطت بعد سنوات بالأسطورة بيليه”.
أما بيكان فقد وضع القضية الجدلية تحت الضوء في تصريح للتليفزيون التشيكي عام 1990، وقال: “عادة ما يبادرني الصحفيون الشبان بالقول إن تسجيل الأهداف في زمني كان أسهل”.
وتابع: “أرد دائما: هل تتوفر فرص التسجيل أمام المهاجمين هذه الأيام، فيجيبون بالطبع هناك الكثير منها”.
وأوضح: “هذه هي النقطة الفاصلة، لو لم توجد الفرص لكان الأمر صعبا، وبالتالي فإن (مهارة) تسجيل الأهداف هي نفسها قبل 100 عام وستكون بالصورة ذاتها بعد قرن من الآن، لن يتغير الأمر أبدا”.
وتفرض كلماته هذه سؤالا محيرا: ماذا لو حضر بيكان في زمن ميسي ورونالدو، وتوفرت له كل الظروف والإمكانيات الاحترافية والتقنية والطبية نفسها، مع تطور شكل المسابقات وزيادة عدد مبارياتها مقارنة بعصره؟

بولت أم أوينز؟
في إحدى محاضرات منصة “تيد” الشهيرة وضع الصحفي الاستقصائي، الباحث الأمريكي ديفيد إيبستين، العداء الأسطوري الجامايكي يوسين بولت صاحب الرقم القياسي لسباق 100 متر (2013) في مقارنة مع نظيره الأمريكي جيسي أوينز صاحب الرقم القياسي (1936).
وأكد إيبستين أنه بمقارنة رقمي بولت (9.77 ثانية) وأوينز (10.2 ثانية) ووضعهما في مضمار واحد الآن، سيكون بولت بفارق هذين الرقمين متقدما على أوينز بنحو 4 أمتار (14 قدما)، “وهذا رقم كبير في هذا النوع من السباقات”.
وتابع: “لكن الحقيقة أن بولت كان يتنافس في مضمار صنع خصيصا بتقنيات عالية ليركض فيه المتسابقون مع أقل قدر من المقاومة ليصلوا إلى أقصى سرعة ممكنة”.
وبين: “أما أوينز فكان يجري في مضمار مغطى برماد خشب محروق، بالتالي كان هذا السطح يجبره على بذل قدر أكبر من الطاقة”.
وزاد إيبستين: “يظهر تحليل الميكانيكا الحيوية لسرعة مفاصل أوينز أنه لو كان يجري على نفس المضمار الذي تسابق عليه بولت لكان الفارق بينهما خطوة واحدة فقط وليس ما يقرب من 4 أمتار!”.
واستطرد: “هذا هو الفارق الذي أحدثته تقنية سطح المضمار وغيرت به سباقات السرعة”.
ووفقا لإيبستين هناك العديد من العوامل التي تلعب دورا في تحطيم الأرقام القياسية الرياضية، ويعد تطوير مواهبنا الطبيعية هو مجرد واحد منها.
لقد كان بيليه ومارادونا في وقت سابق عنوان هذا الصراع الجدلي، رغم فارق الزمن بينهما أيضا، ثم برز التباين لاحقا بين مارادونا ومن تبعوه من أساطير اللعبة.
لكن تبقى المقارنات التاريخية غير محسومة، بالنظر لكثير من العوامل المهمة التي يتم تغييبها عمدا أو من دون قصد عن واقع التقييم الكامل لظروف كل عصر وأدواته… ورغم ذلك سيستمر الجدل.

موقع كووورة

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم: هذا هو رئيس الجمهورية الذي نريد


قبل ثلاثة ايام على موعد جلسة انتخاب الرئيس في التاسع من الشهر الجاري، وجهت الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم كتابا مفتوحا الى نواب الامة حددت فيه مواصفات رئيس  الجمهورية الذي تريده برزها التحلي بصفة "الزعامة" لا بصفة "القيادة"، ولا يستجدي السلطة من أحد. ولن يقف فوق الطوائف ليكون رمزاً حقيقيّاً لوحدة لبنان ولا يسفح الدستور كُرمى لأحد، وليس لديه حسابات يصفيها مع أحد، ولا فاسداً عُضواً في نادي الفاسدين ولا يرضخ لنفوذ الدول، بل يرمم صداقاتِ لبنان، ويبني صداقاتٍ جديدةً قائمةً على مصالحِ لبنان.
وقالت الجامعة في كتابها:
إنَّ الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم، وبعد التشاور مع مسؤوليها في الانتشار، وبعد استطلاع آراء المنظمات الاغترابية المتحالفة معها، والشخصيات الفاعلة في اللوبي اللبناني في دول القرار، وعشِيَّةَ الانتخاباتِ الرئاسيةِ التي تأخرت لسنتين، وبعدَ حربِ إسنادِ الآخرين، وقد دُمِّرَ فيها البشر والحجر، وفي ظِلِّ الاحتلال الإسرائيلي للقرى المُدمَّرة، وفي ظِلِّ الدولةِ التي كان العالم على وشكِ إعلانها دولةً فاشلة، حيث دُمِّر الاقتصاد، وسُرِقت أموال لبنان، وودائع اللبنانيين، مقيمين ومنتشرين، ومستثمرين، وعلى وقع انهيار الإقليم وسقوط الطاغة الذين جثموا، وبأيادٍ لبنانية، على صدر الوطن، وفي ظلِّ المُتغيِّرات، السلبية والإيجابية، التي تلف المنطقة الشرق أوسطية، وإذ يُفتَح مجلس النواب، ربما مُرغَماً، وأخيراً، لانتخاب رئيس للجمهورية، ولمّا كان الانتشار اللبناني، ولمّا يزل، وحدَهُ الأملَ المتبقي لإنهاء الأزمة المالية والاقتصادية، لا أموال صندوق النقد والبنك الدولي ومؤتمرات الدول المانحة المُترجمة كلها ديوناً أو نفوذاً، تعلن باسم، الانتشار هذا، شروطه، غير المتسامحة، لما نريده في الرئيس العتيد:
لا نريد رئيساً يتكنّى بصفة "الزعامة"، بل يتحلى بصفة "القيادة"، فلا يضع شخصَه على قمة الهرم، بل الوطن.
 لا نريد رئيساً يستجدي السلطة من أحد، بل رئيساً يفرضها على الجميع.
 لا نريد رئيساً تحت الطوائف، بل رئيساً فوق الطوائف ورمزاً حقيقيّاً لوحدة لبنان بحسب الدستور.
 لا نريد رئيساً طَرفاً يسفح الدستور كُرمى لأحد، أو خوفاً من أحد، بل رئيساً، ليس حَكماً فقط بين اللبنانيين، بل حاكماً عادلاً مؤتمناً على تطبيق دستور الطائف نصاً وروحاً.
لا نريد رئيساً لديه حسابات يصفيها مع أحد، ولا فواتير يدفعها لأحد، بل رئيساً يصفي حسابات الوطن مع المتآمرين، والفاسدين، والمرتهنين، ويدفع فواتير الوطن للمظلومين من شعبه.
لا نريد رئيساً فاسداً عُضواً في نادي الفاسدين، بل رئيساً نزيهاً يُوقِّع، وبجرأة، على الطلب من الأمم المتحدة تنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد التي وقّع عليها لبنان سنة ٢٠٠٩، لاستعادة أموال لبنان واللبنانيين المنهوبة.
لا نريد رئيساً يرضخ لنفوذ الدول، بل يرمم صداقاتِ لبنان، ويبني صداقاتٍ جديدةً قائمةً على مصالحِ لبنانَ أولاً، وذلك لتحصينهِ، فيستعيد لبنان دوره العربي والعالمي.
لا نريد رئيساً يجعل من لبنان ساحةً لأحد، بل واحةَ سلامٍ وفكرٍ مستنيرٍ بذاتِهِ، مُضيءٍ على الإنسانية.
لا نريد رئيساً يُفرِّط قَيدَ أُنمُلة بالسيادة، مهما عَظُمت الضُغوط، والتهديدات، أو المُغريات، فلا "اتفاق قاهرة" جديداً، ولا معادلات "ذهبيَّة" أو "خشبيَّة" بعد اليوم، بل رئيساً يعتبر تطبيق الدستور أساساً، والجيش حامياً، وتطبيق القرارات الدولية، بدءاً من اتفاقية الهدنة، مروراً بالقرارات ٤٢٥، ١٥٥٩، ١٦٨٠ و١٧٠١ التزاماً لا مهادنة ولا لُبسَ فيه، أساسه وضع السلاح الفلسطيني وسلاح حزب الله، وأي سلاح غير شرعي تابع لأحزاب ومنظمات وسرايا، خاصةً ما ظهر منه خلال الحرب الأخيرة، بيد الجيش اللبناني وحده، فيصبح تطبيق هذه القرارات حامياً من أطماع الدول، ومُلزماً للدول الإقليمية وعلى رأسها إيران وإسرائيل.
لا نريد رئيساً يُوقِّع على حكومةِ مُحاصصة "توافقيّة"  يُمثِّلُ فيها الوزراء أحزابهم، وتنتهج أساليب القرارات والصفقات بالتراضي، بل رئيساً يفرض حكومةً تمثل فريق الأكثرية الحاكمة، يقابلها فريق الأقلية المعارضة، وإنهاء حالة الثلث المعطِّل المنافي للدستور ولمنطق دور الحكومة، فيستعيد المجلس النيابي دوره الأساسي في التشريع والمحاسبة.
لا نريد رئيساً تشلُّهُ الإدارةُ العامةُ "العثمانية" المترهلة، بل رئيساً يُعيد لمجلس الخدمة المدنيّةِ والتفتيش المركزي مَجدهما، يُنَظِّف دَرَجَ الإدارة من فوق إلى تحت، يفرض المكننة، فلا تعود الإدارة عِبئاً، ومغارةَ فساد، بل وسيلةَ خِدمةٍ سريعةٍ ونظيفةٍ للمواطن، وأساسَ تمويلٍ عادلٍ للدولة، وعاملَ نُمو.
 لا نريد رئيساً يُلزِّمُ إعادةَ الإعمار لصناديقَ ومجالسَ اشتهرت بالفساد، كمجلس الجنوب، والهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الإنماء والإعمار، بل رئيساً مُنزَّهاً يُشرف بشخصه على مؤسسةٍ وطنيَّةٍ جديدةٍ للإعمار، عمادها تِقنِيات الجيش وَخُبُراتِهِ في الإحصاء والمسح والتقييم والتعويض، بمشاركة الدول المانحة عبر مندوبيها، كي تذهب التعويضات لمستحقيها.
 لا نريد رئيساً يجعل من الإصلاح شعاراً، بل رئيساً يجعلُ الإصلاحَ سلوكاً شخصيّاً بالممارسة، فينعكس سلوكُهُ تطويراً للقوانين مَرجُوّاً منذ عُقود، ويحرص على فصل السلطات كي تنتظم. ولإحلال العدل والثقة بالدولة يَجعلُ تطهير وإصلاح القضاء بدايةَ هذا الإصلاح.
نريد رئيساً مؤمناً بالمنتشرين وقدراتهم، وبشبابِ لبنان وقُدُراتِه، وبِقدرةِ شعبِهِ على النهوض، نريد رئيساً يضع لبنان مُجدَّداً على طريقِ الحداثة، ويُحصِّنه من الإيديولوجيات المُميتة والبائدة، نريد رئيساً يؤمن بأننا نستطيع أن نُنافسَ الآخرين بالعلمِ والتقدُّمِ والمعرفة، وأن نكون شُركاء في التنمية وفي الرؤيا المتقدمة الناشئة في العالم العربي، وأن نعود مستشفى العرب، وجامعة العرب، لا أن نكون مصدر تصدير الثورات، وتدريب المقاتلين، ومصنعاً للمخدرات التي تُهدِّدُ أجيالنا الناشئة وشعوبَ المنطقة.
نريد رئيساً يُرسِّم حُدود الوطن، ويعرف حجمَ المسؤولية الاستثنائية المُلقاة على عاتقهِ، فهو الذي سيرسم اليوم خَطَّ لبنان الجديد، وَيَعمل على قِيامتِهِ كطائرِ الفينيق من الرماد، وتَحصينِهِ من القوى الإقليميّة، وإعادته رَقماً صعباً، بقدرِ ما هو حِياديٌّ في الصراعات الإقليمية والدولية، بقدر ما هو مُنغَمِسٌ،  مُتشبِّثٌ بعروبته، وعالميته، وحريته، وسيادته.
نهيب بنواب الأمة عدم "التذاكي"، وانتهاز الفرصة عبر جعل "اللعبة البرلمانية" تصب في مصلحة من يتمتع بالصفات التي ذكرنا، فلعلها الفرصة الأخيرة للإنقاذ، ونعد اللبنانيين أنَّ الانتشار سيكون المُساند، والمُراقب في آن!
الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم
المكتب الإعلامي
6 كانون الثاني 2025

مقالات مشابهة

  • «الشراكة».. الهُوية التي نذهب بها نحو العالم
  • واشنطن بوست: العالم الذي ينتظر ترامب يختلف عن ما كان قبل 4 سنوات
  • فوائد ومخاطر المشي حافي القدمين داخل المنزل
  • ألمح إلى إمكانية عودته للعب مع ميسي وسواريز واتفق مع تصريح رونالدو.. إليك ما قاله نيمار لـCNN
  • لأول مرّة في التاريخ.. «هانوي» أكثر المدن الكبرى تلوثاً في العالم
  • “كين” يتجاهل بيليه وميسي بقائمة أفضل 3 لاعبين في التاريخ
  • كين يتجاهل بيليه وميسي بقائمة أفضل 3 لاعبين في التاريخ
  • الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم: هذا هو رئيس الجمهورية الذي نريد
  • تفاصيل جديدة بشأن الفيروس الصيني الذي يثير الهلع في العالم
  • المشي حافي القدمين بالمنزل.. فوائد وتحذيرات