الجزيرة:
2025-03-15@13:39:13 GMT

ساحة الكرامة.. لماذا اختيرت رمزا لحراك السويداء؟

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

ساحة الكرامة.. لماذا اختيرت رمزا لحراك السويداء؟

السويداء- دخلت محافظة السويداء يوم الجمعة الماضي يومها العشرين من انتفاضتها ضد السلطة السورية بحشود ضخمة جاءت من قرى ومناطق كثيرة في المحافظة وأمت ساحة الكرامة وسط المدينة، استجابة لدعوات أطلقها ناشطون ضمن ما سموها "الانتفاضة الشعبية" ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

واندلعت موجة الاحتجاجات الأخيرة في المدينة ذات الغالبية السكانية الدرزية (أقصى الجنوب السوري) لأسباب معيشية عقب رفع سعر المحروقات، وبدأت أول نشاطاتها بإعلان الإضراب العام في المحافظة، وخلال الأسابيع الثلاث الماضية أقفلت المحلات أبوابها، وتخلف العدد الأكبر من موظفي المحافظة عن الذهاب إلى أعمالهم، وتزامن ذلك مع إحراق الإطارات عند بعض مداخل المحافظة.

وحظيت "الانتفاضة" بأولى قفزاتها النوعية بانضمام المرجعية الدينية، ممثلة في شيخَي العقل حكمت الهجري الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، والشيخ حمود الحناوي أحد شيوخ العقل الثلاثة للطائفة في سوريا، في حين اكتفى الشيخ يوسف جربوع -ثالث شيوخ العقل- ببيان منخفض السقف يُحمل الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأحوال ويطالب فيه بإقالتها.

امتدت الاحتجاجات أفقيا على نحو لافت ومغاير لمسيرة المحافظة منذ بداية الثورة السورية ضد النظام في مارس/آذار 2011، فقد ارتأت السويداء في ذلك الوقت أن تقف موقفا مختلفا عن بقية المناطق السورية، ورغم أنها لم تحظ بثورة شعبية ضد النظام -كحال جارتها درعا وسائر مدن الثورة- فإنها لم تُحسب نصيرةً للسلطة من قبل باقي السوريين ولا من قبل النظام نفسه، وعبّرت المحافظة عن موقفها بتخلف عشرات الآلاف من شبانها عن الالتحاق بالخدمة في الجيش.

ساحة الكرامة في بداية ستينيات القرن الماضي كانت ميدانا لألعاب الفروسية (مواقع التواصل) سر التسمية الجديدة

لم تحظ ساحة الكرامة (ساحة السير أو ساحة الرئيس سابقا) بالرمزية التي هي عليها اليوم، فتاريخها يقول إنها كانت ميدانا لألعاب الفروسية، وكان الدروز فيها يتغنون بفروسيتهم ويرقصون خيولهم ويحيون الاحتفالات، كما يقيمون فيها بعض مراسم الجنازات، التي كان آخرها عام 1964، أي بعد انقلاب حزب البعث على السلطة بعام واحد.

ومع بداية سيطرة حافظ الأسد على السلطة في سوريا خلال سبعينيات القرن الماضي، أراد النظام للساحة وظيفة أخرى، فأنشأ فيها بعض المباني الحكومية، كمبنى المصرف التجاري على الحافة الشرقية للساحة، ومبنى بلدية السويداء على حافتها الغربية، وشُيدَ ما بين المبنيين دوار للسيارات، ليكون مكانا مثاليا لتشييد تمثال ضخم لحافظ الأسد في فترة الثمانينيات.

تقول الناشطة "س ن" -في حديث خاص للجزيرة نت- إن ساحة الكرامة بدأت تأخذ معنى آخر منذ أن تمت تصفية قائد فصيل رجال الكرامة الشيخ وحيد البلعوس، وهو قائد الفصيل الذي ظهر بدايات عام 2014، كحالة مسلحة منظمة مستقلة عن النظام ومعارضة له، وتحظى بتأييد شرائح واسعة في المحافظة.

وكان أول رد فعل من أهل السويداء ومقاتلي فصيل "رجال الكرامة" إسقاط تمثال حافظ الأسد في الساحة، لتكون تلك لحظة تحولها الأولى للاسم الجديد "ساحة الكرامة"، وتضيف "س ن" أن "الرمزية الحقيقية بدأت تنضج مع الحراك الاحتجاجي الأخير، ذلك أن التسمية الكرامة، لم تعد مرتبطة بفصيل، بل بعامة الناس التي خرجت لأجل كرامتها".

انتفاضة السويداء حظيت بأولى قفزاتها النوعية بانضمام المرجعية الدينية (الجزيرة) "ميدان التحرير" في الجبل

تُذكّر مشاهد ساحة الكرامة في السويداء بتلك التي كانت ترد من ميدان التحرير في مصر خلال ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وهو ما تؤكده "س ن"، إذ لم تعد ساحة للتظاهر فقط، موضحة أن "ما يجري في الساحة مختلف هذه المرة؛ إنها تجمع كل أطياف المجتمع في مكان واحد، المحتجون من كل الشرائح والطبقات، مع وجود واضح ومؤثر للنساء ودورهن".

ينظم المحتجون أنشطة مختلفة خلال أيام الأسبوع، دخلت مكبرات الصوت فخففت عبء الوقوف الطويل على قارعي الطبول وعازفي الموسيقى، فُتح النقاش العام في الساحة، وبات تداول شؤون البلاد قضية رأي عام، الرسامون والطلاب الذين لم يحققوا أحلامهم بدراسة الفنون الجميلة نظرا لضيق العيش بات لديهم مكان يحتوي أحلامهم وإبداعاتهم على السواء، ويتم الحديث عن تنظيم ورشات للنحت بإشراف نحاتين من السويداء الشهيرة بحجارتها البازلتية.

ويراعي المتظاهرون وجود النساء من خلال انضباط التعبير رغم صعوبة ضبط الجموع. وتدور فناجين القهوة المُرة على المتظاهرين، ويوزع أصحاب بساتين التفاح والعنب -التي تشتهر بها المحافظة- ثمار بساتينهم، ويكتبون عليها عبارات تشحذ الهمم وتدل على التكافل، كأن قيمًا غائرة بفعل الزمن والنظام قد بدأت تطفو مجددا على السطح في جبل العرب.

لقد أعادت الساحة الاعتبار إلى الشهداء، وقد حرمتها سطوة القوى الأمنية وانفلات السلاح من ذلك لسنين، فقد رفعت فيها صورة خلدون زين الدين، الملازم الذي انشق عن جيش النظام في مطلع الثورة وقضى في إحدى المعارك مع الفصائل الموالية لسلطة دمشق في الجبل.

نصب الجندي المجهول في ساحة الكرامة الذي كان يغطي عليه سابقا تمثال حافظ الأسد (الجزيرة) "جاء دورنا"

يطور الحراك نفسه في السويداء يوما بعد يوم؛ يحاول خلق إستراتيجيات جديدة تكفل الاستمرارية وتدل على النضج، ويرسل رسائل للمتخوفين، من الأفراد والدول، مفادها أن النموذج الذي تحاول السويداء تقديمه يصلح لأن يكون سوريا، ويستحق الالتفات إليه على هذا النحو.

لم ينشغل المتظاهرون في يوم انتفاضتهم العشرين بالرد على سيل الاتهامات التي يطلقها مناصرو النظام وقنواته الإعلامية ضدهم، وشهدت مظاهرة الجمعة استقبال وفد من أهالي محافظة درعا، عاصمة الثورة السورية عام 2011، ورغم أن الوفد ربما لا يكون تمثيليا، فإنه يدل على أن الأفكار تتوالد يوما إثر يوم، وأن المحتجين لم يكتفوا بإحراق مراكبهم، بل إن أكثر ما يشغلهم هو انتماؤهم لسوريا موحدة، وكيفية الوصول إلى هذا الحلم.

لكنهم -في ما يبدو- عقدوا العزم على الكفاح وإن كانوا وحدهم، وهو الأمر الذي لفت إليه في بداية الاحتجاجات الحالية الرئيس الروحي للطائفة الدرزية حكمت الهجري حين قال: "لقد حملنا أهلنا السوريون خلال السنوات الماضية، وجاء دورنا اليوم لنحملهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ساحة الکرامة فی المحافظة

إقرأ أيضاً:

أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر

دمشق – كان أيهم الراشد، المعتقل السوري السابق والموظف في القطاع العام، من ضحايا بلاغات منع السفر منذ الإفراج عنه في عام 2016، بعد مرور سنتين أمضاهما معتقلا في الأفرع الأمنية "بتهم باطلة".

وعندما أُفرج عن الراشد وجد نفسه مفصولا من وظيفته وممنوعا من السفر بموجب بلاغ صدر بحقه لصالح محكمة الإرهاب بتهمة "تمويل مجموعات مسلحة" في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق.

ويقول للجزيرة "جُردت من كافة حقوقي، وأصبحت عالقا في البلاد طوال تلك السنوات دون عمل، ولكن مع سقوط النظام البائد ذهبت لاستخراج جواز سفر، وفي دائرة الهجرة فوجئت بأن بلاغ منع السفر لا يزال موجودا".

قرار رسمي

وكان الراشد قد قدّم قبل شهر طلبا في محكمة الإرهاب لرفع قرار المنع عنه، إلا أنه لم يتم ذلك بعد. وينتظر الرجل الأربعيني تنفيذ قرار وزارة الداخلية وعودة دوائر الدولة إلى العمل ليتم إلغاء البلاغ ليتمكن عندئذ من استصدار جواز سفر.

وأصدرت وزارة الداخلية السورية في حكومة تصريف الأعمال، الأحد الماضي، قرارا يقضي بإلغاء أكثر من 5 ملايين بلاغ منع سفر أصدرتها جهات رسمية بحق مواطنين سوريين في عهد النظام المخلوع.

وتضمن القرار، بحسب بيان للوزارة، إلغاء جميع البلاغات المتضمنة "طلبات توقيف ومراجعة وإعلام وتخلف عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية الصادرة بحق المواطنين السوريين زمن النظام البائد".

#خاص القائد أحمد الشرع
لا تجنيد إجباري في سوريا بل سيكون الجيش تطوعي #سوريا pic.twitter.com/sr5RSViwGv

— محمد بلعاسMohamed Belaas (@blaas083) December 15, 2024

وأوضح البيان ذاته أن بلاغات منع السفر كانت قد صدرت عن عدة جهات منها قيادة الجيش والقوات المسلحة، والأفرع الأمنية والعسكرية، ومكتب الأمن القومي، والقيادة القطرية لحزب البعث.

إعلان

أما صادق حسين (27 عاما)، المطلوب للخدمة الإلزامية في جيش النظام السابق، فعبّر عن سعادته بصدور هذا القرار، معتبرا أنه بمثابة "طاقة فرج" له وللكثير من العسكريين السابقين الذين يريدون مغادرة البلاد بحثا عن العمل والاستقرار.

ويقول للجزيرة نت "تأخرت الحكومة في إصدار هذا القرار، لكنه سيفتح آفاقا أمامي وأمام كثير من الشبان الذين كانوا ممنوعين من السفر لأسباب تتعلق بالخدمة الإلزامية أو الاحتياطية".

حرية الحركة

وعانى ملايين السوريين، خلال حكم النظام السابق، من تقييد حريتهم في الحركة والسفر خارج البلاد بموجب بلاغات منع سفر صدرت بحقهم بشكل تعسفي على خلفية آرائهم السياسية أو مشاركتهم في الثورة أو تعرضهم للاعتقال، فضلا عن ملايين الشبان ممن تم استدعاؤهم للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في جيش النظام المخلوع.

يُذكر أن كثيرا من السوريين العائدين إلى بلدهم مؤخرا قد تفاجؤوا، مع وصولهم إلى المطارات أو المعابر الحدودية، بصدور بلاغات منع سفر بحقهم من جهات تابعة لحكومة النظام السابق، مما يحتم عليهم مراجعة دوائر الدولة لتسوية أوضاعهم ليتمكنوا من السفر مجددا.

في السياق، أفاد المكلف بتسيير أعمال إدارة الهجرة والجوازات بدمشق وليد عرابي بأن وزارة الداخلية رفعت "كافة البلاغات والتعاميم التي أصدرها النظام البائد بقصد تقييد حرية المواطنين في الحركة والسفر خارج البلاد، سواء تلك الصادرة عن جهات أمنية بحق أشخاص مطلوبين إلى الأفرع، أو الصادرة عن وزارة الدفاع والمرتبطة بالتجنيد الإلزامي".

وأضاف عرابي للجزيرة نت أنه تم الإبقاء على بلاغات منع السفر بحق بعض الأفراد لحفظ حقوق الدولة، و"هؤلاء ممن لديهم ملفات قضائية أو أمنية أو مالية لا تزال قيد الدراسة والبحث ضمن مؤسسات الدولة".

أما عن موعد دخول القرار حيز التنفيذ، فيشير عرابي إلى أن "العمل قد بدأ بالفعل لإلغاء التعاميم عبر الحاسب المركزي، وخلال فترة قصيرة سيتم الانتهاء من ذلك ليتمكن المواطنون من الحصول على الجوازات والسفر".

خليان أوضح أن قرار الوزارة لا يشمل المطلوبين للعدالة (الجزيرة) استثناءات

من جانبه، أشار المحامي عادل خليان إلى أن قرار الوزارة لا يشمل المطلوبين للعدالة بموجب أوامر قضائية سواء بضبط شرطة أو ادعاء شخصي أو ما شابه ذلك، "فهؤلاء لن يُسمح لهم بالسفر إلا بعد الحصول على موافقة المحكمة المختصة أو إجراء كشف بحث، لأنهم غالبا يرتبطون بجرائم جنائية مثل المخدرات والسلب والنهب والاحتيال والتزوير وغيرها".

إعلان

وأوضح خليان -في حديث للجزيرة نت- أنه بإمكان الموظفين الحكوميين الراغبين في السفر مراجعة الوزارة التي يعملون بها للحصول على الموافقة الأصلية على طلبهم.

وأكد أن القرار لم يتح لعناصر الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية في حكومة النظام السابق استخراج جواز سفر إلا بعد تقديم طلب إلى مكتب جهاز الأمن الداخلي في الإدارة العامة بدمشق، للحصول على الموافقة المطلوبة لاستخراج الجواز.

مقالات مشابهة

  • فيديو.. سلاح الجو السوري يلقي الورود في احتفالات ذكرى الثورة
  • قسم الغاز في معمل “سادكوب” بانياس يستأنف عمله بعد التوقف الذي نتج عن هجمات فلول النظام البائد.
  • إجراءات أمنية مشددة في سوريا تزامنا مع إحياء ذكرى الثورة
  • للمرة الأولى بعد الإطاحة بالأسد..دمشق تحيي الذكرى الـ14 للاحتجاجات الشعبية
  • FP: هل يتمكن حكام سوريا الجدد من مواجهة المشاكل التي زرعها الاستعمار الغربي
  • مصطفى طلاس.. قصة وزير دفاع الأسد الذي أرعب السوريين
  • أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر
  • حكايات المندسين والفلول في سوريا
  • اتفاق جديد لتعزيز السلم الأهلي.. وأوروبا تدعم الإدارة الجديدة.. السويداء تندمج في مؤسسات الدولة السورية
  • الحكومة السورية توقع اتفاقاً لتنظيم الأوضاع الإدارية والأمنية في السويداء