القدس المحتلة - خاص صفا

يمثّل الاندحار الإسرائيلي عن قطاع غزة عام 2005 الذي يوافق اليوم ذكراه الثامنة عشر، علامة فارقة في تاريخ الصراع مع الاحتلال، ولاسيما أن "إسرائيل" لم يسبق لها أن خرجت مُرغمة من أرض استولت عليها منذ احتلالها فلسطين عام 1948.

وجاء الاندحار بعد عمليات شبه يومية وضربات كانت توجهها المقاومة الفلسطينية للمستوطنات داخل القطاع تنوعت بين عمليات اقتحام وزرع عبوات ناسفة وإطلاق صواريخ وتطورت حتى وصلت إلى حفر الأنفاق أسفل مواقع الاحتلال، ما كلف "إسرائيل" خسائر فادحة في الأرواح وأدى لانعدام الأمن لدى المستوطنين.

وفي ظل تصاعد العمليات اضطر رئيس وزراء الاحتلال آنذاك آرئيل شارون لاتخاذ ذلك القرار الذي اكتمل تنفيذه في سبتمبر/ أيلول 2005.

ورغم مرور 18 عامًا على اندحارها عن غزة، باتت "إسرائيل" تواجه واقعًا أكثر تعقيدًا، وواصلت تلقي الضربات من المقاومة في القطاع التي عملت على تنمية قدراتها العسكرية وأصبحت تمتلك صواريخًا يمكنها استهداف أي نقطة في أرض فلسطين.

خلافات كبيرة

وسادت خلافات كبيرة بين قادة الاحتلال الإسرائيلي أثناء اتخاذ قرار إخلاء المستوطنات والانسحاب عن قطاع غزة، بين من أيّد الخطوة، وبين من عارضها لتداعياتها "الخطيرة" على أمن الكيان.

وجاء في مقابلات سابقة مع عدد من قادة الاحتلال، وترجمتها وكالة "صفا"، أنّ رئيس حكومة الاحتلال آنذاك "آريئيل شارون" استفرد بقرار الانسحاب، وكان مصرًا عليه على الرغم من كونه أحد عرّابي المشروع الاستيطاني إبان الاحتلال عام 1967م.

وادّعى قائد أركان جيش الاحتلال في حينها موشي يعلون أنّه عارض الانسحاب من غزة، لكنّه لم يكن قادرًا على التعبير عن رأيه "كونه لم يكن جزءًا من متخذي القرار، الذي استفردت به الجهة التنفيذية".

وبرر يعلون معارضة بخشيته من سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة والضفة الغربية، زاعمًا أنّه كان يتوقع سقوط الصواريخ على "تل أبيب" ومنطقة وسط الكيان وأنّ ذلك "كان واضحًا كالشمس".

من جانبه، قال رئيس جهاز "الشاباك" في حينه آفي ديختر إنّ تحفظه الوحيد على الانسحاب من قطاع غزة كان إخلاء محور "فيلادلفيا" (صلاح الدين) على الحدود الفاصلة بين غزة ومصر.

وقال: "هذه المنطقة بمثابة الروح لمسلحي القطاع، إلا أن ثمن البقاء هناك كبير؛ إذ كان لمشاهد الجنود، وهم يبحثون عن أشلاء رفاقهم على الحدود مع سيناء بعد تفجير ناقلة الجند ومقتل 6 من عناصرها، بالغ الأثر في قرار الانسحاب".

وفي السياق، اعترف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال حينها "زئيفي فركش" أنّ الانسحاب جاء في ظل صعوبة حماية ثمانية آلاف مستوطن في القطاع، وتحوّل المستوطنات إلى بؤر للموت في ظل العمليات الفلسطينية.

انتقال الرعب لـ"تل أبيب"

أمّا المحلل العسكري الشهير ألون بن دافيد فقال إنّه على الرغم من أن الانسحاب جاء للتخلص من المعضلة الأمنية والعسكرية التي شكلها القطاع على الجيش والمستوطنين إلا أن الواقع بدا أكثر تعقيدًا فقد باتت الصواريخ تهدد "تل أبيب" بدلاً من الغلاف وحتى أبعد من ذلك.

وأشار بن دافيد إلى أنّ سلسلة عمليات دموية سرّعت في عملية الانسحاب من قطاع غزة؛ إذ قُتل 13 جنديًا إسرائيليًا في تدمير ناقلتي جند في رفح وغزة قبل عام من الاندحار.

وعقّب قائد الأركان السابق لجيش الاحتلال دان حلوتس على عملية الانسحاب من غزة بالقول إنّ "الأمر كان صعبًا للغاية وتمثل بتدمير المشروع الاستيطاني في القطاع".

وأشار حالوتس إلى أنّ "السنوات التي أعقبت الانسحاب لم تكن وردية فقد نفّذ الجيش عدة عمليات كبيرة في القطاع، وباتت صواريخ حماس تهدد تل أبيب وما بعدها".

من جانبه، وصف الصحفي الإسرائيلي "أرئيل كهانا" خطوة إخلاء المستوطنات في قطاع غزة والانسحاب منها قبل 18 عامًا، بـ"الخطوة الغبية وعديمة الجدوى".

وقال "كهانا" في مقالة سابقة مع صحيفة "إسرائيل اليوم" إنّ الخطوة تبدو من أكثر العمليات الإسرائيلية غباءً على الإطلاق، مضيفًا أنها لم تحقق أياً من أهدافها، وأنه بدلاً من الحصول على "هونغ كونغ الشرق الأوسط"، حصلت "إسرائيل" على "دولة إرهاب" تهدد الحدود الجنوبية للكيان، وفق تعبيره.

ولفت الى أنّ رئيس وزراء الاحتلال الأسبق "آرئيل شارون" الذي قرر الذهاب نحو خطة الانفصال، كان بإمكانه الصمود أكثر أمام "إرهاب غزة"، لكنه بدلاً من ذلك قرر التراجع والهرب، مضيفًا "ثمن النوم في العسل يدفعه الجميع حاليًا".

وذكر أنّه بعد شهر فقط من خروج آخر جندي من القطاع تمّ استئناف إطلاق الصواريخ باتجاه مستوطنات "غلاف غزة"، لافتًا إلى أنّ "مستوطني الغلاف" يدفعون الثمن منذ ذلك الحين.

وتحدّث الكاتب عن أن تجاهل "إسرائيل" لغزة مكّن حماس من تحويلها إلى مختبر متفجرات كبير، وإقامة جيش شبه عسكري يشمل أذرعًا برية وبحرية وجوية، ومدينة أنفاق، إضافة الى نظام صاروخي يدار عن بعد دون أن تمسه يد بشر.

واختتم حديثه بالقول إنّ الجميع يعرفون أنّ "غزة ستنفجر فوق رؤوس الإسرائيليين يومًا، وأنّه ومن أجل التخلص من مشكلة صغيرة وقعت إسرائيل في فخ كبير"، مؤكّدًا أنّ أيًّا من أهداف خطة الانسحاب لم تتحقق.

واحتلت "إسرائيل" قطاع غزة عام 1967، وظلت مسؤولة عن إدارته حتى مجيء السلطة الفلسطينية عام 1994، فأسندته للأخيرة، فيما أبقت على قواتها في نقاط عسكرية ومجمّعات ومستوطنات مركزية داخل القطاع، كان يستوطنها أكثر من 8 آلاف إسرائيلي.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الانسحاب الإسرائيلي من غزة غزة إسرائيل الانسحاب من غزة المقاومة الفلسطينية الانسحاب من فی القطاع قطاع غزة تل أبیب

إقرأ أيضاً:

إستشهاد 25 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع

غزة رام الله (الاراضي الفلسطينية) "أ ف ب" "د ب أ": إستشهد 25 فلسطينيا على الأقل وأصيب العشرات جراء الغارات الإسرائيلية على مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر اليوم.

وقال الدفاع المدني في غزة في بيان غارة إسرائيلية استهدفت منفذ لتوزيع الطعام على النازحين في خانيونس جنوب قطاع غزة، أسفرت عن مقتل خمسة فلسطينيين وإصابة العشرات.

كما أدت غارة مماثلة على منزل في نفس المدينة إلى مقتل ستة فلسطينيين، بحسب البيان.

وبالقرب من مجمع ناصر الطبي في خانيونس، أسفرت غارة على خيمة للصحفيين إلى مقتل شخصين أحدهما الصحفي حلمي الفقعاوي الذي يعمل في وكالة فلسطين اليوم الإخبارية، بالإضافة إلى إصابة تسعة صحفيين آخرين.

وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في غزة، بلغ عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 في غزة 210 صحفي.

كما قتل فلسطيني في استهداف إسرائيلي لتجمع فلسطينيين في شارع الجلاء غرب مدينة غزة، كما قتل شخصا في استهداف طائرة مسيرة لسيارة مدنية غرب المدينة، فيما قتل فلسطينيان في استهداف الجيش الإسرائيلي لتجمع مواطنين غرب غزة.

وفي حي الزيتون جنوب مدينة غزة، قتل ثلاثة فلسطينيين في قصف إسرائيلي لتجمع مواطنين، بحسب الدفاع المدني.

وفي حي الشجاعية شرق مدينة غزة، قتلت المدفعية الإسرائيلية فلسطينيين اثنين.

وفي منطقة جباليا شمال قطاع غزة، هاجمت طائرة مسيرة تجمع للمواطنين مما أسفر عن مقتل فلسطيني وإصابة العشرات، فيما أسفرت غارة مماثلة عن مقتل شخصين في منطقة جباليا البلد.

المخزون آخذ في النفاد

كشفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا اليوم عن أن مخزون الإمدادات الإنسانية في قطاع غزة آخذ في النفاد، مؤكدة على أن الوضع يزداد سوءا. وأضافتا الوكالة في بيان لها اليوم أنه مر أكثر من شهر منذ أن منعت قوات الاحتلال دخول المساعدات والإمدادات التجارية إلى القطاع. وشددت على أن فرقها تواصل تقديم المساعدة بما تبقى لديها من إمدادات، إلا أن المخزون آخذ في النفاد، والوضع يزداد سوءا. وطالبت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بإنهاء الحصار الإسرائيلي والسماح بعودة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وكان الكيان الإسرائيلي استأنف في 18 مارس الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق غزة الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، لكن الاحتلال خرق بنود الاتفاق على مدار الشهرين، حيث استمر في قصفه أماكن متفرقة من قطاع غزة، ما أوقع شهداء وجرحى، ورفض تطبيق البروتوكول الإنساني، وشدد حصاره الخانق على القطاع الذي يعيش مأساة إنسانية غير مسبوقة.

إضراب شامل

عمّ إضراب شامل اليوم القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين إذ بدت الشوارع خالية وأغلقت المحلات التجارية تضامنا مع قطاع غزة ومطالبة بإنهاء الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023.

وقال فادي سعدي صاحب محل تجاري في بيت لحم لوكالة فرانس برس إن الالتزام "غير اعتيادي، تجولت في المدينة اليوم ولم يكن هناك أي شيء مفتوح، التزام حديد".

وبحسب سعدي "اعتقد أن هذا شيء طبيعي كان يجب أن يكون منذ بداية الحرب".

ودعت القوى الوطنية والإسلامية في الأراضي الفلسطينية وحركتا فتح وحماس إلى الإضراب "تضامنا مع غزة" و"من أجل إعلاء الصوت وتسليط الضوء على مذابح وجرائم الاحتلال البشعة بقتل المدنيين الأطفال والنساء والتدمير بهدف تهجير أبناء شعبنا".

وبحسب بيان القوى فإن الإضراب يشمل "كل مناحي الحياة في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مخيمات اللجوء والشتات وبمشاركة المتضامنين مع قضيتنا وأحرار العالم".

واستأنفت إسرائيل الحرب على قطاع غزة في 18 مارس منهية هدنة مع حماس استمرت نحو شهرين.

وقتل منذ استئناف الحرب 1391 شخصا لترتفع حصيلة القتلى منذ بدء الحرب في 2023 إلى 50752 شخصا.

وفي القدس القديمة التي احتلتها إسرائيل كما الضفة الغربية في العام 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، بدت الأزقة التي عادة ما تكون مكتظة، فارغة.

وقال عماد سلمان (68 عاما) وهو صاحب محل تجاري لبيع التذكارات يقع عند باب العمود "نغلق اليوم من أجل أهلنا في غزة، أطفالنا في غزة".

وأضاف "ما نفعله من أجلهم لا شيء، لكن هذا فقط ما يمكننا فعله، في القدس، في الضفة الغربية لا يمكننا فعل اكثر مما نفعله الآن".

وفي خارج أسوار البلدة القديمة وتحديدا في شارع صلاح الدين التجاري قال أحمد "هذا الاضراب من أجل غزة وما يحصل هناك والحرب التي يشنها على الشعب الفلسطيني سواء ترامب او نتانياهو أو الحكومة الاسرائيلية أو الأميركية".

وأضاف أحمد الذي فضل عدم الكشف عن اسم عائلته "يجب أن تنتهي هذه الحرب ويتوقف القتل والدمار ويعم السلام فقط السلام".

وفي رام الله التي شمل الإضراب فيها البنوك والوزارات والمؤسسات والقطاع التعليمي، خرجت مسيرة مسيرة انطلقت من وسط المدينة تضامنا مع قطاع غزة.

وقال منسق القوى الوطنية في محافظة رام الله والبيرة عصام بكر "هذه المرة الإضراب جدي والالتزام جدي من قبل الناس لأن العدوان الإسرائيلي بات اليوم يطال كل منزل فلسطيني سواء في الضفة أو غزة".

من جهته، قال مصدر أمني فلسطيني لفرانس برس "لاحظنا أن هناك التزاما كاملا بالإضراب في الضفة الغربية وبشكل يختلف عن الدعوات السابقة منذ السابع من أكتوبر".

إخفاء جرائم الإبادة

أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أن جريمة استهداف الصحفيين في غزة تعكس مدى الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، ويأتي ذلك ضمن سلسلة متصاعدة من الجرائم التي تطال الصحفيين بشكل مباشر، في محاولة ممنهجة لإسكات الصوت الفلسطيني وتغييب الحقيقة. وقالت الخارجية في بيان اليوم إن استهداف الصحفيين يأتي في سياق الحرب الشاملة التي تشنها قوات الاحتلال على الشعب الفلسطيني، والتي تهدف إلى تغييب الحقيقة ومنع توثيق الجرائم والانتهاكات المتواصلة بحق المدنيين، وتندرج هذه الجريمة ضمن سلسلة من الانتهاكات المتعمدة التي تشمل القصف والقتل خارج إطار القانون والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، بهدف ترويع الصحفيين وردعهم عن أداء مهامهم الإنسانية والمهنية. وشددت على مواصلة جهودها الحثيثة في فضح جرائم الاحتلال على المستويات الثنائية والمتعددة كافة، مطالبة المجتمع الدولي واتحاد الصحفيين الدوليين والمنظمات الأممية المعنية بالتحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية للمدنيين، وعلى وجه الخصوص للصحفيين والعاملين في المجال الإنساني والإغاثي.

كما دعت إلى ممارسة ضغط حقيقي على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها وجرائمها، وإلزامها احترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وقرارات الشرعية الدولية.

مقالات مشابهة

  • إستشهاد 25 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع
  • منظمات حقوقية: إسرائيل تسيطر على أكثر من نصف غزة مع تعمق الهجوم
  • حرب الإبادة في غزة ومآلات الحل كما تراها إسرائيل
  • 602 ألف طفل في القطاع يتهددهم خطر الإصابة بالشلل
  • بعد نتساريم وفيلادلفيا.. "موراغ" أحدث خطط إسرائيل في غزة
  • بعد نتساريم وفيلادلفيا.. "موراج" أحدث خطط إسرائيل في غزة
  • العسال: إسرائيل تشن حرب إبادة جماعية لقطاع غزة والمجتمع الدولي يغض بصره
  • بيان عربي حاد ضد إسرائيل بسبب حربها في غزة وسوريا ولبنان
  • «الأونروا»: إسرائيل تستخدم الغذاء والمساعدات سلاحاً في غزة
  • إسرائيل تتحسب لمذكرات اعتقال جديدة من الجنائية الدولية