#الكبتاجون بين #الحرب و #السياسة / د. #منذر_الحوارات
لا يكاد يمضي يوم دون سماع خبر عن ضبط كميات كبيرة من الحبوب المخدرة والأسلحة على الحدود الأردنية السورية، لم تعد الأمور تقتصر كما في السابق على بضع مئات أو حتى آلاف من كروزات السجائر أو قطعان الماشية أو قطع السلاح، والتي كانت تديرها شبكات محلية من المهربين، بل أصبحت شبكات التهريب الآن عبارة عن مليشيات مدربة ومتحالفة مع قوى دولية وإقليمية تستهدف ضرب عماد أي دولة وهم الشباب بتخريب عقولهم وتدمير مستقبلهم، والوسيلة هي الكبتاجون والغاية هي المال وتدمير الخصوم.
ازدهرت ورش تصنيع الكبتاجون في سورية مع انحدارها الىجحيم المليشيات، حيث اقتصر في البداية على تزويد المقاتلين بالمنشطات الصناعية، والحصول على العملة الصعبة، ودشن هذه العملية داعش والقوى المعارضة ومن ثم إيران ووكلاؤها، ولاحقاً اتهمت بعض المصادر الأجنبية قوات النظام باتباع نفس الاسلوب في الحصول على المال، وهو ما تؤكده كارولين روز من معهد نيولاين والتي نشرت تقريراً عن ضلوع الفرقة الرابعة في هذه العمليات، وهو ما تحدثت عنه تقارير عديدة منها محطة الـBBC وجميع تلك الوكالات تؤكد أن الكبتاجون أصبح جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد السوري، وهو مؤشر قوي على ضعف المؤسسات وسيطرة أمراء الحرب بشكل كبير على شؤون البلاد.
ما يؤكد أن الكبتاجون أصبح يمثل أداة فعلية للابتزاز السياسي ما كان في اجتماع اللجنة الوزارية العربية عندما تعهدت دمشق باتخاذ الخطوات اللازمة لوقف التهريب على الحدود مع الأردن والعراق، بمعنى أن دمشق لم تكن تفعل ذلك سابقاً ولا لاحقاً، إذ لم يدم التعاون أكثر من شهر، وعاد بعدها كل شيء لسابق عهده فلم تغادر المسيرات سماء الحدود ولم تتوقف عشرات الملايين من حبوب الكبتاجون التي تضبط يومياً، وربما أضعافها تعبر دون أن يستطيع أحد رصدها مثلما يؤكد الخبراء بأن حجم المضبوط لا يتجاوز 10 ٪، من حجم الكميات المهربة مما يعني أن 5.7 مليار المضبوطة ربما تكون 57 مليارا في الواقع وعدد 65 مليون حبة كبتاجون المضبوطة اردنياً قد تكون عشرة أضعاف ذلك الرقم، ومثل ذلك في المملكة العربية السعودية التي ضبطت 600 مليون حبة يعني 10 اضعافها، فعلاً هذا جنون وتدمير ممنهج لدول المنطقة من خلال تدمير أجيالها الصاعدة، وكأن دمشق تريد القول ذوقوا بعض ما فعلتم.
والوقائع تثبت ذلك فهناك زيادة مهولة في عدد متعاطي المخدرات من ذوي الأعمار الصغيرة في الأردن، إذ تؤكد بعض التقارير أن نسبة المتعاطين زادت ثلاثة أضعاف عما كانت في السابق، وفي السعودية تقول بعض الدراسات إن 40 ٪، من متعاطي المخدرات يستخدمون الكبتاجون، لذلك هي السوق المستهدف، هذا الأمر كان أقل بكثير عندما كانت القوات الروسية تسيطر على الحدود، لكن مع تسلم القوات الايرانية ومليشيا حزب الله وقوات الفرقة الرابعة تغيرت الأمور رأساً على عقب وبدأ هذا التحالف يشن حربا ضروسا على دول الجوار الأردن والسعودية بشكل خاص ولم ينفع اللقاء الوزاري في عمان ولا عودة سورية الى الجامعة العربية في إيقافه، فقد تصرف الأسد كمنتصر ليس عليه أن يقدم أي تنازل للمهزومين وهذا ما أكده لاحقاً.
وبرغم أن سنوات الحرب غيرت كل شيء في سورية وحولت البلاد إلى كانتونات يسيطر عليها أمراء حرب بعضهم ينتمي للنظام وبعضهم يحاربه، ورغم أن هؤلاء اختلفوا على كل شيء وتحاربوا بكل شيء إلا شيء واحد وحّدهم وجمعهم وأنهى انقسامهم، إنه الكبتاجون، لذلك فإن القوات المسلحة الأردنية لا تدافع عن الأردن وأجياله وأمنه فقط بل هي تواجه قوى الشرّ هذه دفاعاً عن المنطقة العربية وأجيالها، لذلك ولدعم هذه القوات الباسلة يتحتم على الدولة الأردنية المبادرة لتشكيل تحالف إقليمي لمواجهة هؤلاء وإلا فإننا وأجيالنا ذاهبون الى المجهول، فهذه الحرب ليست سياسية إنها عسكرية بامتياز، باختصار لأنها حرب إيران على من تُصورهم لنفسها أنهم أعداؤها ولا مكان للسياسة قبل تحقيق النصر على الأرض وإلا سيتحتم على دول المنطقة دفع الجزية وإلى الأبد.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الكبتاجون الحرب السياسة
إقرأ أيضاً:
مم يتخوف السوريون في الأردن؟
مم يتخوف #السوريون في #الأردن؟ _ #ماهر_ابوطير
أعلن وزير الداخلية قبل أيام عدد السوريين الذين عادوا إلى سورية منذ سقوط النظام السوري، والرقم كان صادما بالنسبة لكثيرين، حيث لم يدخل الحدود البرية سوى 7200 سوري.
أغلب هؤلاء ليسوا من المصنفين كلاجئين، وبعضهم من قدامى السوريين الذين يعيشون في الأردن منذ أحداث حماة مطلع الثمانينيات، ومن بين أكثر من مليون وثلاثمائة ألف سوري، كان ستمائة وستين ألف سوري تم تسجيلهم لدى الأونروا، ويتلقون دعما مباشرا منها هذه الأيام.
لم يحدث ارتداد قوي في الأردن لسقوط النظام على مستوى عودة السوريين، ويعود هذا إلى الأسباب التالية، أولها أن أغلب السوريين لديهم أبناء في المدارس والجامعات وسينتظرون حتى شهر حزيران المقبل، حتى ينتهي العام الدراسي، ولحظتها سيقررون العودة أو لا، وثانيها عدم وجود وضوح على مستوى الوضع الأمني في مجمل سورية، مع الدولة الجديدة التي تواجه إشكالات مختلفة من أنصار النظام القديم، وشبكات إيران وروسيا، ومن وجود تنظيمات عسكرية قد تنقلب على هيئة تحرير الشام لكونها لم تؤسس نموذجا دينيا كما كان متوافقا عليه، وثالثها الوضع الاقتصادي السيئ جدا في سورية، وهو أمر بحاجة لسنوات حتى يتحسن، حيث لا بد من رفع العقوبات عن سورية، وبدء عملية إعمار، ورابعها عدم وجود مصادر دخل مباشرة لأغلب السوريين في حال عودتهم، وخامسها عدم وجود مساكن لأن أغلبها تهدم كليا أو جزئيا، وسادسها أن أغلب السوريين في الأردن أوضاعهم أفضل من أوضاعهم المتوقعة في سورية اقتصاديا، حيث يعملون هنا، ويتلقون مساعدات جزئية، واشتبكوا بالحياة الأردنية اقتصاديا، وسابعها عدد حالات الزواج والمصاهرة بين الأردنيين والسوريات، أو السوريين والأردنيات ونحن بحاجة إلى رقم رسمي هنا، حيث نشأت طبقة جديدة من الانسباء من البلدين، وثامنها نشوء طبقة اجتماعية من السوريين اعتادت بمعنى الاعتياد على الأردن وطبيعته وانماط حياته، حيث ولد أكثر من 200 ألف طفل سوري منذ الربيع العربي في الأردن، وبعضهم أصبحت لهجته أردنية بسبب دراسته في المدارس الأردنية، وثامنها تفشي أعمال الثأر والانتقام وطلب الفدية في جنوب سورية، وهذه بحاجة إلى وقت حتى تتوقف إذا سيطر الحكم الجديد أمنيا، وتاسعها يتعلق بدخول إسرائيل إلى بعض مناطق جنوب سورية، درعا والجولان وقد تصل إسرائيل إلى السويداء بما يعنيه ذلك من اضطراب أمني واحتلال، وعاشرها الرغبة بالهجرة إلى بلد ثالث من خلال الأمم المتحدة، حيث لا يفضل كثيرون العودة إلى سورية، ولا البقاء في الأردن إذا استطاعوا.
مقالات ذات صلة الأردن وَسَطَ العاصفة الإقليمية 2024/12/23في الوقت ذاته هناك مخاوف بين السوريين من ثلاثة أمور حول عيشهم في الأردن، الأول قطع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المساعدات عنهم في توقيت لاحق، لدفعهم للعودة إلى سورية، وهذا أمر مستبعد حتى الآن، وثانيها اتخاذ الأردن لقرار بإجبارهم على العودة وهذا أمر مستبعد لاعتبارات دولية تحض على العودة الطوعية وليس الإجبارية، وثالثها المخاوف من اتخاذ الأردن لقرارات تدفعهم للعودة بشكل غير مباشر من خلال فرض كلف العلاج الأعلى، وكلف التعليم الحكومي، وكلف تراخيص العمل وغير ذلك، بما يجعل البيئة طاردة، وتجبر السوريين على المغادرة، ورابعها نشوب موجات اقتتال مصنوعة في جنوب سورية، تؤدي إلى هجرات غير منتظرة نحو الأردن، بما يعاكس سيناريو التوقعات حول عودة السوريين إلى سورية، حاليا أو مستقبلا.
في كل الأحوال يبدو المشهد معقدا، فالأردن ذاته ليس متأكدا مما سيحدث على الحدود وإذا ما كانت ستكون سورية هادئة، أم مفتوحة للتنظيمات العسكرية المتشددة، أو انها ستكون إسرائيلية بمعنى اعتداء إسرائيل على كل جنوب سورية، بحيث تصبح إسرائيل عازلا بيننا وبين سورية، وما يتعلق أيضا بالصراعات الكردية العربية في سورية، وأي صراع موجه ضد الدروز وتأثيرات ذلك على السويداء المجاورة للأردن، والاحتمالات المرعبة لقدوم موجات هجرة جديدة منها أو مناطق ثانية في جنوب سورية إلى الأردن، بما يعني أن الاستقرار الأمني مصلحة أردنية.
الخريطة المعقدة التي يواجهها النظام اليوم، ترتبط بعدم وجود جيش سوري فاعل وعامل، وكثرة عدد اللاعبين الذين لهم مصالح متعارضة في سورية، والوضع الاقتصادي المنهار.
الغد