موقع 24:
2025-02-23@01:56:40 GMT

جرائم اليورانيوم المنضّب

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

جرائم اليورانيوم المنضّب

أثار قرار الولايات المتحدة، تزويد أوكرانيا بقذائف اليورانيوم المنضب، بعد أن كانت بريطانيا قد اتخذت قراراً مماثلاً، الكثير من اللغط والتساؤلات حول الأسباب التي دعت هذين البلدين إلى اتخاذ مثل هذا القرار، على الرغم من معرفتهما بالآثار الخطيرة لاستخدام مثل هذه القذائف، ليس على الجنود في ساحة المعركة فقط، وإنما على البشر والبيئة.

الأمم المتحدة أعربت عن قلقها بشأن استخدام هذه القذائف

اليورانيوم المنضب الذي استعمل في العراق يساوي في ذريته ما يعادل 250 قنبلة ذرية

لقد قدمت الدول الغربية إلى كييف أحدث ما في ترساناتها من أسلحة متطورة، إلا أن تقديم قذائف اليورانيوم المنضب يعني أن الدول الغربية التي أصيبت بخيبة أمل جراء فشل الهجوم الأوكراني المضاد منذ يونيو/ حزيران الماضي، ترى أن هذه القذائف ومعها القنابل العنقودية ربما تشكل فارقاً في الميدان، يمكن أن يعطي القوات الأوكرانية دافعاً لاختراق التحصينات الروسية القوية، من دون اكتراث بتداعيات استخدام هذه الأسلحة من الناحية الإنسانية والأخلاقية.

يستخدم هذا النوع من اليورانيوم المنضب في زيادة قوة دروع المعدات العسكرية مثل الدبابات، ولصنع الذخيرة الخارقة للدروع، وهو منتج ثانوي أقل إشعاعياً من اليورانيوم الطبيعي بنسبة 60 في المئة.

وقد أعلنت الولايات المتحدة، أنها بصدد إرسال مقذوفات اليورانيوم المنضب إلى أوكرانيا، في إطار حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 175 مليون دولار، وتتضمن قذائف لدبابات «أبرامز» عيار 120 ملم.

الأمم المتحدة أعربت عن قلقها بشأن استخدام هذه القذائف، كما اعتبر الكرملين القرار بأنه "محزن" و"عمل لا إنساني"، ويقود إلى تصعيد خطير، وهدد بالرد بالمثل.

وإذا كانت هذه القذائف لا تنتمي إلى فئة أسلحة الدمار الشامل، إلا أنها تولد إشعاعاً وتلوثاً للتربة، وبالتالي فهي من أكثر الأسلحة ضرراً وخطورة على البشر.

يذكر أن الولايات المتحدة استخدمت هذه القذائف في حرب العراق عام 2003، وفي قصف صربيا عام 1999.

وإذا كان البعض لا يرى ضرراً كبيراً جراء استخدام مثل هذه القذائف، إلا أن منظمات وخبراء دوليين يحذرون من أضرار استخدامها، ومن بين هؤلاء الخبير غلين ديسن الذي وثق استخدام اليورانيوم المنضب في العراق، وقال إن آثارها "قد تصيب أجيالاً بأكملها من الأوكرانيين والروس بعيوب خلقية"، وأظهر تقرير نشر في "فورين بوليسي" قبل أربع سنوات، "وجود علاقة بين الثوريوم واليورانيوم المنضب، وظهور عيوب خلقية لدى الأطفال".

وكانت منظمة السلام الهولندية (باكس) خلصت قبل سنوات، إلى أن القوات الأمريكية أطلقت نحو 10 آلاف قذيفة من ذخائر اليورانيوم المنضب في مناطق عديدة في العراق عام 2003، ومعظمها على مناطق مأهولة بالسكان في السماوة والناصرية والبصرة.

ووفقاً لكتاب صدر عن منظمة المجتمع العلمي العراقي، فإن اليورانيوم المنضب الذي استعمل في العراق يساوي في ذريته ما يعادل 250 قنبلة ذرية، وفقاً للبروفيسور ياغازاكي من الهيئة العلمية في جامعة ريكيوس في أوكيناوا في اليابان، وتحدث الكتاب نقلاً عن العالم الكندي هاري شارما عقب زيارته للبصرة، أنه سيموت بالسرطان نحو 12-5 في المئة من الذين تعرضوا لأسلحة اليورانيوم المنضب.

إذا كانت الدول الغربية تريد الانتصار في الحرب الأوكرانية بأي ثمن، فإنها ترتكب بذلك جريمة جديدة بحق الإنسانية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الیورانیوم المنضب هذه القذائف فی العراق

إقرأ أيضاً:

العدالة الانتقالية (2/2)

دائماً ما يثور الجدل حول أولويات تطبيق العدالة الإنتقالية في بلد ما في أعقاب الحرب ، هل العمل على تحقيق الهدوء والاستقرار بعد الحرب أولاً أم محاكمة منتهكي الحقوق ومرتكبي جرائم الحرب؟

علي كل فإن الداعي الأساسي للعدالة الانتقالية هو قدرتها علي ملاحقة المتورطين والتصدي للانتهاكات بكل أنواعها، ومعالجة آثارها ، وهو ما تعجز عنه -أحيانا – العدالة التقليدية.

ورغم حداثة فكرة العدالة الانتقالية نسبياً ، إلا أن عدة دول شهدت أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين، أحداثاً مؤسفة، مما جعلها تستعين بالعدالة الانتقالية لتجاوز آثار تلك الأحداث ، ومن التجارب التي نتجت عن تطبيق العدالة الانتقالية في تلك الدول تكونت مرجعية دولية واضحة المعالم مثلما حدث في كل من الأرجنتين وتشيلي وجنوب أفريقيا وبيرو و السلفادور وغواتيمالا و الهندوراس والبرازيل وبوليفيا وبارغواي والاكوادور وبنما وكوستاريكا وكولومبيا ورواندا وسيراليون وأوغندا وبولندا والمجر و ليبيا وسوريا مؤخراً، وقد أعطت كل هذه التجارب ثراء في نهج التطبيق للعدالة الانتقالية على أرض الواقع.

والعدالة الانتقالية ليست نوعاً خاصاً من العدالة ، إنما هي مقاربة لتحقيق العدالة بعد فترات حرب أو قمع من أجل إحقاق الحق ، وهي حزمة ترتيبات بغرض تهدئة النفوس مما حدث من جرائم انتهاكات وتهيئتها لمرحلة جديدة ، و تتطلب أيضاً استقلال القضاء لتطبيق القانون وحماية الشهود وحماية إجراءات المحاكمة وإعلانها للجميع ولا توجد فيها حصانة لمجرم ولا تسقط العقوبات في الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب بالتقادم ، وذلك بغرض إعادة الثقة في الأجهزة العدلية والقانون ، وتتطلب أيضا تكوين لجان الحقيقة ولجان تقصي الحقائق ، ولجان المصالحة.

و بالإضافة لما سبق، هناك بعض الدول أخذت بالسرد الشفهي على أساس أن السرد وقول الحقيقة والاعتراف بالجرم من الجاني أداة لمداواة الجراح للضحايا و تحقيق المصالحة على أساس من العفو بين الأطراف ، وهذا في حد ذاته تحدٍ .

لكن التحدي الحقيقي للعدالة الانتقالية يكمن في التطبيق الصحيح والسليم لها وفق تلك التجارب بالأخذ بنتائجها الايجابية والبعد عن القصور أو السلبيات في التطبيق .
لذلك اهتم فقهاء القانون الدولي بتطوير مفهوم العدالة الانتقالية وأقبلوا على البحث بشغف شديد لما له من ألق فكري وجاذبية بحثية ، فظهرت عدة نظريات قديمة وآخرى حديثة ، منها نظرية (جون رولز) صاحب نظرية العدالة، والذي يرى أن العدالة الانتقالية هي القدرة على تأهيل الناس لأجل تجاوز محنة مر بها المجتمع ، وسعي المجتمع والسلطة معا إلى تجاوز هذه المحنة بتدابير سريعة ، بينما (امارتيا صن) وهو ( أمريكي من أصل هندي) أعطى للعدالة الانتقالية رؤية أوسع بقوله “إننا لا نحتاج لنظريات مثالية في تطبيق العدالة الانتقالية بل نحتاج إلى خطط وقوانين وتدابير (ممكنة) وبطريقة موضوعية لتجاوز المحنة”.

نتيجة لهذه النظريات الحديثة أقبلت الدول التي مرت بحروب طاحنة على الأخذ بالعدالة الانتقالية ومبادئها في متون قوانينها وذلك لرد الحقوق وجبر الضرر والتعويض للضحايا ،بل و (دسترة) بعض المبادئ كمبادئ دستورية لقطع الطريق على من يريد العودة للماضي المؤلم ، حدث ذلك في تجربة رواندا حيث تم إجراء اتفاق استدامة السلام والأمن، ولضمان ذلك اتفق على أن يكون المسار الحقيقي للبلاد نحو التعافي من الحرب؛ ونصّ تقرير مفوضية حقوق الإنسان على ضرورة عقاب مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وسن تشريعات بذلك ، وبناء نصب تذكاري لتخليد ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية التي حدثت ، كما حددت خطة العدالة الانتقالية التي اعتمدت في 2019م معايير مشتركة لعمليات العدالة الانتقالية وتقدم مبادئ توجيهية حول كيفية استخدام الحكومات لهذه العمليات بشكل فعال لمساعدة الدول الأفريقية على تخطي ماض مؤلم .

وقد أكدت التجربة الرواندية على خطة العمل المشتركة للاتحاد الأفريقي على الالتزام المشترك بإدانة ورفض الإفلات من العقاب .

في قارة آسيا كانت تجربة كمبوديا حاضرة باستيلاء الخمير الحمر بزعامة (بول بوت) عام 1975م على السلطة ، حيث قتل حوالي مليون وسبعمائة ألف كمبودي بسبب الجوع والقتل الجماعي الذي ارتكبته هذه الجماعة، وفي العام 2006م قامت محاكم مختلطة مدعومة من الأمم المتحدة بمحاكمة كبار قادة الخمير الحمر لمسؤليتهم عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي وقعت ووضع قوانين تمنع العودة لمربع العنف والحرب مرة اخرى .

من هذه النماذج يصبح السؤال الذي يطرح حين التطبيق، هل هي عدالة انتقالية أم سياسة انتقالية ؟؟
في كل الأحوال فالفهم الصحيح للعدالة الانتقالية يتبعه تطبيق صحيح حتى يمكن الوصول إلى نتائج مرضية، من حالة الاحتلال إلى الاستقلال ومن حالة الاستبداد إلى الحرية ومن وضع جبر الضرر إلى مرحلة المصالحة وتجانس المجتمع وتهيئة الجميع للعبور لمرحلة البناء والتنمية.

وهذا يقتضي أن تحدث خطوات أساسية
1/ القبض على المتورطين في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتوجيه التهم لهم .
2/إعلاء النزاهة ومحاربة الفساد في أجهزة الدولة .
3/الإشراف على إنشاء آليات وطنية للعدالة الانتقالية بغرض العفو والمصالحة وبناء دولة القانون .
4/الإصلاح القانوني والدستوري للدولة وتفعيل الأجهزة العدلية الوطنية.
5/نزع السلاح من المدنيين الذين مروا بتجربة الحرب المريرة .
6/الاهتمام بتقديم رسالة إعلامية وطنية تحمل مبادئ العدالة الانتقالية لتوطيد دعائم و ثوابت المجتمع والدعوة للمصالحة الوطنية والبعد عن العنف و تأجيج الصراعات وإنهاء حالة العداء وانعدام الثقة بين مكونات المجتمع مع الاعتراف بحق الضحايا وتعويضهم .

في كل التجارب الدولية للعدالة الانتقالية كان السعي دائما نحو الوضع المستقر والعمل على بناء المجتمع والدولة معاً وتحقيق التنمية والأمن والأمان ، وطي صفحة الماضي المؤلم .

لكن ،، ماذا عن بلادنا ؟ هل يحتاج السودان (لعدالة انتقالية) بعد فترة الحرب المريرة التي خاضها ويخوضها الجيش والشعب معا ؟
ما شكل ونوع العدالة الانتقالية المطلوبة ، والتي تصلح للسودان وشعبه ؟

في كل الأحوال، لا تبنى الأوطان إلا بأيدي أبنائها ، ولا تضمد جراحها إلا بالسلام والأمن والأمان

.د.إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: العراق حقق تقدما ملحوظا في مكافحة الفساد خلال فترة السوداني
  • ممثل الأمين العام للأمم المتحدة: المرأة العراقية تعد نموذجاً مشرفاً للنساء
  • زي النهارده..الإعلان عن قيام الجمهورية العربية المتحدة باتحاد بين سوريا ومصر
  • الأمم المتحدة: على العراق أن يعمل لصالحه لا “للغير”
  • العدالة الانتقالية (2/2)
  • مصادر: روسيا قد تتنازل عن 300 مليار دولار مجمدة لإعمار أوكرانيا
  • رويترز: الولايات المتحدة تهدد العراق بفرض عقوبات بسبب نفط كردستان
  • مديرية الأمن في حمص تلقي القبض على أحد المتورطين بارتكاب جرائم حرب
  • العراق في المركز 98 عالمياً بمؤشر “القوة الناعمة”
  • العراق والأمم المتحدة يبحثان آليات التعاون الدولية لاسترداد الأموال المهربة