عربي21:
2025-01-17@14:05:39 GMT

رمال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المتحركة

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

لا سكون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا جمود في التحالفات الإقليمية والدولية لحكوماتها، لا حدود لتقلبات المزاج العام للشعوب بين تفاؤل شامل بالمستقبل ويأس من قادم الأيام.

نحن سكان منطقة لا تعرف الهدوء. حين تخف وطأة العنف الأهلي في بلدان كسوريا وليبيا وتتراجع حدة المواجهات العسكرية والحرب بالوكالة في اليمن، تنفجر الأوضاع في السودان الذي تستعر به حرب أهلية تفرض مصائر التهجير على الملايين من مواطنيه وتلحق دمارا واسعا بالممتلكات العامة والخاصة وتقلل من فرص الانتقال الديمقراطي الذي كان مناط أمل الناس قبل سنوات قليلة.



نحن سكان منطقة تختلف خطوط شعوبها من ثروات الأرض والموارد البشرية، منطقة تواجه تحديات تنموية وبيئية بالغة، منطقة تهاجمها بين الحين والآخر كوارث طبيعية مدمرة لا قبل لشعوبها وحكوماتها بالتحامل الذاتي معها.

تتراكم الثروة في بلدان الخليج التي تعمل حكوماتها منذ عقود وباستراتيجيات مختلفة على توظيف عوائد الوفرة النفطية لتحقيق التنمية المستدامة ورفع معدلات التنوع الاقتصادي والرفاهة الاجتماعية، بينما تعاني البلدان غير المصدرة للنفط والغاز الطبيعي من تراكم الديون الخارجية والداخلية ومن ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، ومن ضغوط الأزمات الاقتصادية العالمية التي تحد من المردود الإيجابي لجهود تنموية حقيقية في قطاعات الطاقة المتجددة والإنتاج الصناعي والزراعي الأخضر.

وفي المنطقة الممتدة بين الخليج والمغرب، تشتد قسوة التحديات التنموية والبيئية التي تصدم الشعوب والحكومات تارة بزيادات سكانية لا تتناسب لا مع محدودية النمو الاقتصادي ولا مع المتاح من فرص عمل وخدمات أساسية في قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي، وتارة بتداعيات التغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع مطرد في درجات الحرارة وتراجع مطرد في الموارد المائية وتكاثر مطرد أيضا للحوادث المناخية الحادة كالسيول والأعاصير والتي تحمل قطاعات الإنتاج الزراعي والصناعي أثمانا باهظة وتهوي بقدراتها على الوفاء باحتياجات الناس وتعمق من ثم من هشاشة المجموعات السكانية الفقيرة وغير القادرة والمقيمة في المناطق الأشد تأثرا بالتغيرات المناخية (كالمناطق الساحلية وسفوح الجبال والأقاليم شبه الصحراوية المعتمدة معيشيا وزراعيا على مياه الأمطار).

نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة

وحين توضع التحديات التنموية والبيئية على منحنى واحد مع الانعكاسات السلبية للأزمات العالمية كجائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، تكتمل ملامح مشهد غياب الأمن الإنساني والبيئي والغذائي عن الأغلبية الساحقة من شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكأن كل هذا مصحوب بضعف أداء الحكومات في مواقع مختلفة ومحدودية التزامها بقيم الشفافية والرشادة لا تكفي، فتهاجمنا الكوارث الطبيعية المدمرة بين الحين والآخر كما في زلزال تركيا وسوريا بدايات العام الحالي وزلزال المغرب قبل أيام ولا تدع للشعوب من باب للنجاة غير الدعاء وللحكومات من باب للفعل غير طلب المساعدات الخارجية العاجلة.

ولكوننا نعيش في منطقة لا سكون فيها وتتسع بها بعيدا عن الخليج الفجوة بين الواقع المعاش بأزماته وتحدياته وبين الآمال المشروعة للمواطنات والمواطنين، فإن الحركية الدائمة أضحت أيضا الصفة المميزة لأداء العديد من الحكومات التي تبحث إقليميا ودوليا عن تحالفات تمكنها من تحقيق قدر من التنمية المستدامة وشيء من التكيّف مع التغيرات البيئية والسيطرة على أضرارها. 

هي، إذا، حركية في مجال السياسة الإقليمية والدولية وليس في مجال السياسات الداخلية التي لا يريد بشأنها العدد الأكبر من حكومات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبعد عقد الانتفاضات الشعبية غير خليط من الاستقرار والإصلاح التدريجي الذي لا يطرق أبواب تداول السلطة أو إعادة اقتسام الثروة.

فقط في سياق الحركية الإقليمية والدولية هذه يمكن أن تدرك الأبعاد الكاملة لترحيب بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتنامي دور الصين الاقتصادي والتجاري والسياسي وتدريجيا الأمني والدبلوماسي وبصعودها كمنافس للولايات المتحدة الأمريكية وللاتحاد الأوروبي وبتنسيقها في بعض قضايا وشؤون المنطقة مع روسيا.

فقط في سياقها أيضا يمكن أن تفهم الأهمية الكبرى لانضمام إيران والإمارات والسعودية ومصر إلى تجمع «بريكس» كأعضاء كاملين اعتبارا من 2024 وبما تؤشر عليه عضوية تجمع يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا فيما خص الرغبة الإيرانية في تهميش الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، والتوجه الإماراتي والسعودي إلى الانفتاح على تحالفات اقتصادية وتجارية ونقدية متنوعة تقلل من تبعية البلدين للولايات المتحدة والغرب والدولار كعملة عالمية، والسعي المصري إلى التفاوض الجماعي باسم القارة الإفريقية ودول الجنوب العالمي لتسوية ديون الجنوب المتراكمة ومن داخلها الديون المصرية والحصول على عوائد تنموية حقيقية والتوسع في برامج مبادلة الاقتصاد الأخضر ونقل التكنولوجيا.

أما عن تقلبات المزاج العام لشعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تدلل عليها استطلاعات الرأي العام التي يجريها «البارومتر العربي» بانتظام، فحدث ولا حرج. نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة (شرعية أو غير شرعية) بعيدا عن أوطانها.

تقلبات المزاج العام هذه، والتي تعبر عنها اليوم الإبداعات الموسيقية للشباب العربي (خاصة الراب) يتواكب معها طرح علني في الفضاء العام الذي تصيغه شبكات التواصل الاجتماعي لأسباب التفاؤل هنا والقنوط هناك على نحو يصنع، بعيدا عن السياسة ووسائل الإعلام التقليدية، حالة من حرية التفكير والتعبير وكسر المحرمات تستحق المتابعة في عموم المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشرق الأوسط الخليج التنمية تقلبات الخليج الشرق الأوسط التنمية تقلبات اقتصاد دولي سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط وشمال

إقرأ أيضاً:

راشد الظاهري يعود إلى حلبة ياس

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة محمد بن راشد يكرّم اليوم الفائزين بـ «نوابغ العرب 2024» "الخارجية" تتسلم البراءة القنصلية من القنصل العام للصومال

يعود «البطل الموهوب» راشد الظاهري إلى حلبة مرسى ياس في أبوظبي، لخوض السباق الأول عام 2025، بعد فوزه في نهاية الموسم الماضي، عندما حقق المركز الأول مرتين على التوالي وحمل علم الفوز في «الفورمولا-4» الشرق الأوسط.
ويتنافس الظاهري، خلال الجولة الأولى للموسم الحالي مع 30 من أفضل السائقين الشباب في العالم «الفورمولا ريجيونال»، ضمن الجولة الافتتاحية لبطولة الشرق الأوسط، والتي تضم 5 جولات، و15 سباقاً.
وتقام السباقات الثلاثة الأولى على حلبة سباق مرسى ياس 18 و19 يناير، ويقود الظاهري لفريق مومباي فالكونز رايسينج على متن سيارة أعدها فريق بريما الذي كان جزءاً من مسيرة الظاهري، خلال منافساته في بطولات سباقات السيارات ذات المقعد الواحد.
وقال راشد الظاهري: «إنه شعور مذهل أن أبدأ موسم 2025 مرة أخرى من على حلبة ياس، بعد النهاية الرائعة التي ختمت بها عام 2024، منطلقاً من المراكز الأولى، محققاً الفوز في سباقات كأس الشرق الأوسط لـ «الفورمولا-4» في أبوظبي، وأيضاً مشاركتي في سباقات «الفورمولا-4» الإيطالية، و«الفورمولا-4» الأوروبية. 
يذكر أن «الفورمولا ريجيونال - الشرق الأوسط» عام 2025 تتألف من 5 جولات، ثلاث منها على حلبة مرسى ياس في أبوظبي، وواحدة على حلبة دبي أوتودروم، وتقام الجولة النهائية على حلبة لوسيل في قطر، بمشاركة 9 فرق في بطولة السائقين وهي بمثابة افتتاح لبطولة «الفورمولا ريجيونال» الرئيسة التي تنطلق في أبريل المقبل.

مقالات مشابهة

  • موديز: الدول النفطية تقود النمو في الشرق الأوسط خلال 2025
  • الإمارات تقود النمو في الطاقة الشمسية بمشاريع استراتيجية
  • تقرير: الإمارات تقود النمو في قطاع الطاقة الشمسية
  • شركة HONOR تُطلق Magic7 Pro في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المستقبل هُنا مع ميزات الذكاء الاصطناعي وأحدث الابتكارات في عالم الهواتف الذكية
  • راشد الظاهري يعود إلى حلبة ياس
  • سباركلو تجمع 70 مليون زجاجة وعلبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • نشاطات بارولين في الشرق الأوسط... مكالمة عون ولقاء الممثّلين الحبريّين
  • صور سريالية تجسد تناقضات صارخة بين الطبيعة والتقدم بدول الخليج
  • شاهد | ترامب سأفتح أبواب الجحيم على الشرق الأوسط .. كاريكاتير
  • رئيسة جمعية قلب العطاء تزور الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط