طبيب نفسي يشرح ما يفعله الخوف بجسمك!
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
هناك عدد قليل من المناطق الرئيسية في الدماغ التي تشارك بشكل كبير في معالجة الخوف، وفقا للخبراء.
عندما ترى أمرا خطيرا أو تتعرض لموقف حرج يثير الرعب داخلك، تنتقل المدخلات الحسية أولا إلى اللوزة الدماغية، التي تكتشف الأهمية العاطفية للموقف وكيفية الرد عليه بالسرعة المطلوبة لذلك.
وتطورت اللوزة الدماغية لتجاوز مناطق الدماغ المشاركة في التفكير المنطقي، بحيث يمكنها المشاركة بشكل مباشر في الاستجابات الجسدية.
ويشارك الحصين، الموجود بقرب وعلى اتصال باللوزة الدماغية، في حفظ ما هو آمن وما هو خطير، خاصة فيما يتعلق بالبيئة، ويضع الخوف في السياق.
على سبيل المثال، تثير رؤية أسد غاضب في حديقة الحيوان وفي الصحراء الكبرى استجابة الخوف في اللوزة الدماغية. لكن الحصين يتدخل ويمنع هذه الاستجابة عندما تكون في حديقة الحيوان لأنك لست في خطر.
وتشارك قشرة الفص الجبهي، الموجودة فوق عينيك، في الجوانب المعرفية والاجتماعية لمعالجة الخوف. على سبيل المثال، قد يثير الثعبان خوفك، ولكن عند قراءة لافتة توضح حقيقة أن الثعبان غير سام أو يخبرك مالكه أنه حيوانه الأليف الودود، يتلاشى الخوف.
وفي حال قرر دماغك أن استجابة الخوف لها ما يبررها في موقف معين، فإنه ينشط سلسلة من المسارات العصبية والهرمونية لإعدادك لاتخاذ إجراء فوري. وتحدث بعض ردود فعل القتال أو الهروب في الدماغ. لكن الجسد هو المكان الذي تحدث فيه معظم الأحداث.
وتعمل عدة مسارات على إعداد أجهزة الجسم المختلفة للقيام بعمل بدني مكثف. وترسل القشرة الحركية للدماغ إشارات سريعة إلى عضلاتك لإعدادها لحركات قوية، وتشمل: عضلات الصدر والمعدة التي تساعد على حماية الأعضاء الحيوية في تلك المناطق.
إقرأ المزيد تطوير أداة ذكاء اصطناعي تساعد الرجال العقيمين على الإنجابوقد يساهم ذلك في الشعور بالضيق في صدرك ومعدتك في الظروف العصيبة.
ويعمل الجهاز العصبي الودي على تسريع الأنظمة المشاركة في القتال أو الهروب. كما تنتشر الخلايا العصبية الودية في جميع أنحاء الجسم وتكون كثيفة بشكل خاص في أماكن مثل القلب والرئتين والأمعاء.
وتحفز هذه الخلايا العصبية الغدة الكظرية على إطلاق هرمونات مثل الأدرينالين الذي ينتقل عبر الدم للوصول إلى تلك الأعضاء، وزيادة معدل جاهزيتها لاستجابة الخوف.
وتعمل الإشارات الصادرة من الجهاز العصبي الودي على زيادة معدل نبضات قلبك والقوة التي ينقبض بها.
وفي رئتيك، تعمل الإشارات الصادرة من الجهاز العصبي الودي على توسيع المسالك الهوائية وغالبا ما تزيد من معدل التنفس وعمقه. ويؤدي هذا في بعض الأحيان إلى الشعور بضيق في التنفس.
ويبطئ التنشيط الودي أمعائك ويقلل تدفق الدم إلى معدتك لتوفير الأكسجين والمواد المغذية للأعضاء الأكثر حيوية مثل القلب والدماغ.
ثم تُنقل جميع الأحاسيس الجسدية إلى الدماغ عبر مسارات الحبل الشوكي. ويقوم دماغك القلق واليقظ للغاية بمعالجة هذه الإشارات على المستويين الواعي واللاواعي.
وتشارك قشرة الفص الجبهي أيضا في الوعي الذاتي، خاصة عن طريق تسمية هذه الأحاسيس الجسدية، مثل الشعور بالضيق أو الألم في معدتك، ونسب القيمة المعرفية إليها، مثل "هذا جيد وسيختفي" أو "هذا أمر فظيع وأنا أموت".
التقرير من إعداد أراش جافانباخت، الأستاذ المشارك في الطب النفسي، من جامعة Wayne State.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا بحوث معلومات علمية
إقرأ أيضاً:
هَشَاشَةُ السُّلْطَةِ وَمَآزِقُ النُّخَبِ السُّودَانِيَّةِ: قِرَاءَةٌ فِي كِتَابِ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ لِفَتْحِي الضَّوْ
إِبْرَاهِيم بَرْسِي
في قلب الخراب الذي خلفته الأنظمة المستبدة، في شوارع مدنٍ ملأها الغبار، وشقوق المنازل التي تحكي تاريخًا من النسيان، وفي صمت العيون السودانية المتعبة، يقف كتاب بَيْتِ العَنْكَبُوتِ كمرآة صافية تعكس هشاشة السلطة وصراعات الإنسان مع واقعه.
الكاتب فَتْحِي الضَّوْ لا يقدم حكاية عن السُّودَانِ فحسب؛ إنه ينسج سردية فلسفية عميقة عن السلطة، الخوف، والإنسان، مستخدمًا بَيْتِ العَنْكَبُوتِ كاستعارة مدهشة لبنية متماسكة ظاهريًا، لكنها سرعان ما تتهاوى تحت أي ضغط حقيقي.
الضَّوْ يرى في السلطة نظامًا يقف على شفا السقوط، ولكنه أيضًا يكشف عن مجتمع يصارع ذاته بقدر ما يصارع القمع. في إحدى جمل الكتاب العميقة يقول: “النِّظَامُ الَّذِي يَخَافُ مِنْ وَعْيِ شَعْبِهِ، يَخَافُ مِنْ ظِلِّهِ.”
هذه الكلمات لا تحتاج إلى شرح طويل؛ فهي تدخل إلى جوهر العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
إن الخوف الذي يعيشه النظام ليس خوفًا من الآخر، بل من الحقيقة التي يمكن أن تزعزع أساساته الواهية. وهنا نتذكر كلمات سَارْتَرْ: “الحُرِّيَّةُ هِيَ مَا تَفْعَلُهُ بِمَا فُرِضَ عَلَيْكَ.”
الحرية ليست في التخلص من القيد فقط، بل في إعادة تعريف العلاقة مع القيود ذاتها.
ولكن النظام السُّودَانِيَّ، كما يصفه الضَّوْ، لا يكتفي بالخوف من وعي شعبه، بل يعيد بناء هذا الوعي ليخدمه، عبر أدواته الناعمة التي تتغلغل في التعليم والإعلام. النظام يحرص على أن تظل العقول مشدودة بخيوطه الدقيقة، تلك الخيوط التي تبدو رقيقة كخيوط العنكبوت، ولكنها قادرة على أن تكبل أجيالًا بأكملها.
في موضع آخر، يؤكد الضَّوْ أن: “الفَسَادَ لَيْسَ فِعْلًا عَرَضِيًّا، بَلْ هُوَ ثَقَافَةٌ.”
هذا الوصف يعري العلاقة المتشابكة بين الفساد وبنية الدولة السُّودَانِيَّةِ. الفساد هنا ليس مجرد انحراف، بل هو جزء من النسيج اليومي للسلطة والمجتمع.
ما يثير الانتباه أيضًا هو قول الضَّوْ: “الشُّعُوبُ تَصْنَعُ ثَوْرَاتِهَا، وَلَكِنَّهَا لَا تَتَحَكَّمُ فِي نَتَائِجِهَا.”
هذه العبارة تلخص مأزق الثَّوْرَاتِ السُّودَانِيَّةِ، التي رغم نبالتها، كانت دائمًا عرضة للاختطاف من قبل النخب التي، بدلًا من أن تكون حاملة للتغيير، تحولت إلى نسخة أخرى من بَيْتِ العَنْكَبُوتِ.
وسط هذا السواد، يبقى الأدب في رأي الضَّوْ أداة مقاومة.
الكتابة ليست مجرد فعل توصيفي؛ إنها إعادة تشكيل للعالم، محاولة لتحرير المعنى من أسر اللغة القامعة.
بَيْتِ العَنْكَبُوتِ ليس مجرد تحليل سياسي؛ إنه دعوة للتحرر من القوالب الفكرية التي تبقي الفرد أسيرًا داخل دائرة الخوف.
إن قراءة بَيْتِ العَنْكَبُوتِ ليست رحلة سهلة؛ إنها مواجهة مباشرة مع الأسئلة التي غالبًا ما نتجنبها:
ما الذي يجعلنا نقبل بالخوف؟
كيف يمكننا كسر دائرة الفساد إذا كانت جزءًا من حياتنا؟
وكيف يمكننا بناء دولة جديدة إذا كانت النخب التي يُفترض أنها تقود التغيير هي نفسها جزءًا من المشكلة؟
كتب الضَّوْ لا لنقد السلطة فقط، بل لدعوة القارئ لمواجهة ذاته.
فالتغيير لا يبدأ من الثورة على النظام، بل من الثورة على الأفكار المترسخة في العقول. وكما قال فْرِيدْرِيكْ إِنْجِلْزْ: “الحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ التَّحَرُّرِ مِنَ القُيُودِ، بَلْ القُدْرَةُ عَلَى بِنَاءِ العَالَمِ.”
النظام هش، والنخب معطوبة، والشعب مكبل بالخوف. ولكن، كما يقول فَتْحِي الضَّوْ: “حَتَّى أَكْثَرَ البُيُوتِ هَشَاشَةً يُمْكِنُ أَنْ يَسْقُطَ بِخَيْطٍ وَاحِدٍ.”
والسؤال الذي يتركه لنا الكتاب هو: هل نحن مستعدون لقطع هذا الخيط؟
zoolsaay@yahoo.com