تتداول وسائل إعلام عالمية، حتى يومنا هذا أخبار وتقارير ومعلومات كثيرة حول انهيار مركز التجارة العالمي، الذي أتى إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2023، والتي مثّلت أكبر عملية إرهابية واجهها العالم في طلع القرن الحادي والعشرين، والتي كانت مسار تغيير كبير في تعامل النظم السياسية وتداول المعلومات.

معلومات لم تزل غامضة

بعد مرور 22 عاما على الهجمات التي خطط لها ونفذها تنظيم القاعدة برعاية "أسامة بن لادن"، والتي هزَّت الولايات المِتحدة الأمريكية، تم التعرف على رفات رجل وامرأة لقيا حتفهما في انهيار مركز التجارة العالمي، والذي جاء في خِضم الأحداث، وذلك في ظل تكتُّم وحجب لتفاصيل أو بيانات تخص الاكتشاف، من جانب السلطات الأمريكية، التي أعلنت فقط أن هوية الضحيتين تم كشفُهما من خلال تحليل الحمض النووي، بناء على طلب من ذويهم.

ولم تزلْ هناك المعلومات الغامضة، التي تأتي في إطار التكتُّم وعدم الإفصاح، ومعلومات أخرى غير مُعلنة كونها في إطار البحث والتنقيب. فبحسب ما أورده عمدة مدينة "مانهاتن" ومكتب كبير الأطباء الشرعيين أن عدد الضحايا الذين تم التعرف على رفاتهم حتى الآن، وصل إلى 1649 من إجمالي 2753 شخصًا لقوا حتفهم في تلك الأحداث، أي أن هناك نحو ما يزيد عن "1000". شخص لم يتم التوصل إلى رُفاتهم حتى الآن.

حتى بعد تنفيذ العملية بخمس سنوات، وخلال خطاب أذاعته محطات التليفزيون، في سبتمبر 2006، قبيل إحياء ذكرى هجمات سبتمبر الإرهابية، أعلن الرئيس جورج بوش أن الاستخبارات المركزية تعتقل سرًا بعض المشتبه في أنهم إرهابيون في معتقلات خارج الأراضي الأميركية، وقال الرئيس إنه لا يستطيع الكشف "تفاصيل البرنامج، بما في ذلك مكان احتجاز هؤلاء المعتقلين والتفاصيل الخاصة بسجنهم"، مكتفيًا بالإشادة بمنجزات برنامج الاعتقال.

أحداث عنيفة.. وأكثر

وصف هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية بكلمة أحداث عنيفة، أقل ما يمكن وصفه تلك الأحداث، فقد كان التخطيط الرهيب لهذه الأحداث مسارًا لقلب موازين الأمن والأمان في العالم، فمنذ بداية التخطيط لها والترتيب لاختطاف أربع طائرات ركاب تعود لشركتان أمريكيتان رائدتان للنقل الجوي هما "الخطوط الجوية المتحدة والخطوط الجوية الأمريكية" على يد 19 من تنظيم القاعدة؛ لتغادر جميعها من مطارات في شمال شرق الولايات المتحدة متجهة إلى كاليفورنيا، حيث كانت عملية تتسم بالمكر والدهاء.

الحقيقة أنه لم يزل السؤال حتى الآن كيف انخدعت السلطات الأمريكية واستخباراتها بعد ما سلف ترتيبه؛ لتقع هذه الأحداث الدامية، فتسجل رقمًا قياسيًا كهجوم إرهابي نتج عنه أكبر عدد من الضحايا في أقل عدد من الساعات، استطاعت فيه أياد فاسدة أن تحدث كارثة مزلزلة لهذا الحدّ. فقد اصطدمت الطائرتان الخطوط الجوية الأمريكية الرحلة 11 والخطوط الجوية المتحدة الرحلة 175 بالبرجين الشمالي والجنوبي على التوالي لمجمع مركز التجارة العالمي في منطقة مانهاتن السفلى، لينهارا في غضون ساعة و42 دقيقة انهار وكذلك إحداث نهيار جزئي أو كامل لجميع المباني الأخرى في مجمع مركز التجارة العالمي، وأضرار كبيرة لحقت بعشر مبانٍ أخرى محيطة به.

كما حطمت طائرة ثالثة تابعة للخطوط الجوية الأمريكية الرحلة 77 في البنتاجون «مقر وزارة الدفاع الأمريكية» في مقاطعة أرلنغتون بولاية "فرجينيا"، ما أدى إلى انهيار جزئيٍّ في الجانب الغربي من المبنى.

كان لديه المزيد من الدمار

قال المحققون والساردون أنّ العملية كانت على وشْك أن تُحدث دمارًا أكبر وأضخم، ولكن تحطم الطائرة الرابعة التي انطلقت في الرحلة (93)، وكانت تتبع "الخطوط الجوية المتحدة" فقد كانت متجهة نحو واشنطن العاصمة، لكنها تحطمت في حقل في بلدية ستونيكريك الواقعة ضمن مقاطعة سومرست بالقرب من شانكسفيل بولاية بنسلفانيا، بعد أن تصدى رُكَّابُها للخاطفين.

لقد كانت الهجمات لديها المزيد من الأخطار، والكوارث، والقتل، لكنها اكتفت بهذا القدر لتكون شارة للإرهاب في التاريخ، وصحوة لجميع الضمائر التي ترفض قتل الأبرياء، وتعلمنا الدرس الأكبر أن أهل الشر يزيدونا ألمًا أكثر مما ينقُص من أعمارهم.. وأن الذكرى الدامية تواصل الأثر.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: البنتاجون عملية ارهابية تنظيم القاعدة اسامة بن لادن مركز التجارة العالمي هجمات سبتمبر

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: 30 يونيو.. والحفاظ على الهوية المصرية من التآكل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مصر قلب الأرض كما قال المقريزي؛ وثورتهم الحديثة هي قلب الثورات كما علق المواطن المصري البسيط، ولذلك كانت هذه الثورة ملهمة لكل الثورات في كل دول العالم وبخاصة العالم العربي.
ثورة 30 يونيو عبرت عن خصائص وسمات الشخصية المصرية؛ فعلى قدر ما نجحت الثورة في تجسيد هذه السمات، على قدر ما نجحت هذه السمات أيضًا في صناعة ثورة المصريين الملهمة.
شخصية مصر تبدو أكثر وضوحًا في أبناء الوطن، صحيح الوطن ليس مجرد أحجار مرتبة في مبني فخم، وليست شوارع تاريخية مهما ارتبط النّاس بها، ولكنّ هذه الروح تسير بداخلها روح وليدة يُمثلها عرق ودماء أبناء هذا الوطن.
هؤلاء هم الذين دافعوا عنه قبل سبعة آلاف عام، هي عمر التاريخ المصري في مراحله السابقة، وهم الذين دافعوا عن الوطن أيضًا ضد مغتصبيه قبل أحد عشر عامًا، هي عمر الثورة المصرية ضد جماعات العنف والتطرف.
ثورة المصريين جاءت بعد صبر وجلد وقوة وقدرة على التحمل، وكلها ملامح تميز الشخصية المصرية، التي حطمت القيود والأغلال عندما أرادت التحرر في لحظة حبس الجميع فيها أنفاسهم، فأخرج المصريون أفضل ما لديهم.

الثورة والهوية المصرية
صحيح تعرضت الشخصية المصرية لمحاولات التآكل والتلاشي ولكنها ظلت محتفظة بقوتها؛ فرغم حجم التعدي عليها من الهكسوس والمغول والتتار والصليبيين والعثمانيين والنزاع العربي الفارسي والمصري الإسرائيلي ونهاية بمحور أهل الشر في العصر الحديث، لكن ذهب هؤلاء إلى الجحيم وبقيت الشخصية المصرية بكل ثرائها دون أنّ تتغير أو تتبدل كما بقيت الذاكرة المصرية تحتفظ بكل هذا.
عظمة الثورة المصرية في أنه لا يمكن حصر دورها في التخلص من نظام سياسي كان تابعًا لجماعة الإخوان المسلمين بكل ما يحمله من أفكار تحض على الكراهية وتدعو إلى ممارسة العنف بكل صوره وأشكاله، ولا لسلوكها الداعم لهذا التوجه، على مدار عام كامل.
ولكن عظمة الثورة الحقيقية في أنها حافظت على الهوية المصرية والتي تمثل الرديف الحقيقي للشخصية المصرية من الانجراف والذوبان؛ واجه الشعب المصري عندما استشعر الخطر، فتحرك المصريون بدون دعوة  أو طلب، ولم يعودوا إلى منازلهم إلا بعد أنّ أطمأنوا على وطنهم، وإنّ شئنا أنّ نقول: بعد أنّ استردوا هذا الوطن.
لم ينخدع الشعب المصري يومًا في الإخوان ولا غيرها من جماعات العنف والتطرف، بل انخدعت هذه التنظيمات في هذا الشعب، واعتقدوا خطأءً بأنهم قادرون على احتلاله ومحو هويته الوطنية، فكان الرد سريعًا ومفاجئًا، وبدا صاعقًا للتنظيم.
وهنا أعادت الثورة الوطن إلى حضن مواطنيه، كما أنها عززت دور وأهمية الهوية في وجدان المصريين؛ فالهوية المصرية التي يُحاول أهل الشر الاعتداء عليها هي سر الثورة الحقيقي!

حقيقة الثورة على أعداء الوطن
وفي الحقيقة ثورة المصريين لم تكن ضد جماعة الإخوان في مصر، وإّنّ كانت كذلك، ولكن كانت ضد الحركة في كل مكان، فمصر كانت بلد المنشأ ومركز قيادة التنظيم على مدار أكثر من تسعين عامًا، ولذلك اختارت الثورة أنّ تتخلص من هذه الأفكار أو إنّ شئنا أنّ نقول تفكيكها.
ودلالة ذلك يظهر في تعاقب سقوط الإخوان في عدد من الدول العربية بعد إسقاط الثورة الجماعة في مصر، بدأت بالمغرب وانتهت بتونس وما بينهما، وما زالت انتكاسات التنظيم وهزائمه قائمة وحاضرة.
ثورة المصريين لم يكن هدفها إسقاط التنظيم وفقط، ولكنها أسقطت الأفكار المؤسسة وفككتها أيضًا، وهنا تبدو عظمة وقوة وحكمة هذه الثورة والذين قاموا بها، فكل الذين واجهوا التنظيم من قبل لم يلتفتوا ولم يروا أهمية في تفكيك أفكاره رغم أنها الأهم والأخطر.
صحيح تحرك الثوار ضد حكم الإخوان والذي استمر عامًا كاملًا، ولكن الهدف كان تفكيك الأفكار المؤسسة لهذا التنظيم، وهو ما بدا واضحًا فيما آل إليه الوضع التنظيمي، فنحن لم نعد نتحدث عن تنظيم واحد وإنما عن عدة تنظيمات، كل تنظيم له مرشد ومكتب إرشاد!
مر أحد عشر عامًا على الثورة وما زال ظلها يعيش في وجدان الشعب المصري، لأنها ثورة وطنية، لم يكن هدفها التخلص من الحكم الفاسد فقط، ولكن التخلص من الأفكار الفاسدة أيضًا، فالأفكار تبدو أخطر من الوجود التنظيمي، ولذلك كان هدف المصريين واضحًا وكانت إرادتهم في التخلص من الجماعة واجبة.
المصريون لا يتهاونون في هوية بلادهم، ولذلك يقفون دائمًا ضد المحتل سواء كان محتلًا خارجيًا أو داخليًا؛ فرغم محاولات الاحتلال وكسر إرادة الوطن والعنف أو التهديد به الذي مارسه كل المحتلين على مر العصور، إلا أنّ الكلمة بقيت في النهاية للشعب المصري وإرادته القوية.
هوية المصريين خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ولا يُفرطون فيه، ويُضحون من أجله بالغالي والثمين، ذهب الإخوان وبقي الشعب المصري بهويته الثقافية والوطنية وتاريخه الذي كتبه الأجداد وخطه الواقع عندما قرر الأبناء التخلص من كل الأفكار المتطرفة التي تحض على الكراهية.
كان هدفهم في أنّ يصلوا إلى الحكم، ولأن الفشل حليفهم فإنّ الواقع والمستقبل رسما سيناريو هذا السقوط سريعًا؛ وهذا ما يُترجم فكرة أنّ الثورة لم تكن على حكم الجماعة فقط ولكن كانت على أفكارها المؤسسة كما أشرنا من قبل.
وهو ما يُفسر مصرية الثورة وعربية التوجه الذي حملته عندما وضعت المسمار الأول في نعش أهل الشر، الثورة رغم أنها مصرية ولكنها أسقطت التنظيم بكل فروعه في كثير من دول العالم، وحتى التي ما زالت متشبثة ببعض الحكم، فإنها غير فاعلة، وهذا معنى سقوط الفكرة وتفكيكها.

أسرار نجاح الثورة
الهوية المصرية هي سر قوة المصريين وسر نجاح ثورتهم، كما أنها سر هذه الثورة التي كسرت إرادة أعتى التنظيمات المتطرفة، ولذلك الثورة كانت نتيجة الوعي الذي اكتسبه المصريون على مدار عقود وقرون مضت، وقد ورثوه عن الأجداد، وهنا يحتار النّاس أيهما كان الأسبق من الآخر، وعي المصريين أم هويتهم التي دفعتهم للثورة على المحتل الداخلي؟
الثورة كانت حركة تصحيحية بعدما استهدف الإخوان وباقي جماعات العنف والتطرف قلب هذا الوطن، ولذلك كتب المصريون النجاح لثورتهم بوعي وإدراك بخطورة من تصدروا المشهد، فالقرار كان نهائيًا والتغيير كان حتميًا والمواجهة كانت واجبة، ولذلك انتصرت الثورة وبقيت هوية الوطن بينما اندثرت أفكار التنظيم وتلاشت بالأقل على الأرض المصرية.
انكسر التنظيم وانهزمت إرادته ولكنه ما زال موجودًا، فالمواجهة لم تنته بعد ولن تنتهي وسوف تظل حتى لا يبقى من التنظيم شيء، وإذا بقي فسوف يكون عبارة عن سطر في كتب التاريخ يحكي تاريخ فرقة ضالة لا تختلف كثيرًا عن فرق ضالة عبر التاريخ مثل الخوارج أو غيرها من الفرق الضالة الأخرى.
ما زالت الثورة تبحث لها عن مكان في قلوب وعقول أبنائها، فهي تُدرك أهمية نفسها، فلا يمكن أنّ تُبنى الأوطان بدون ماضٍ يدفع للمستقبل، ولا يمكن أنّ يكون هناك حاضر دون أنّ نحكي عن ثورة لم تكن في الماضي البعيد ولكنها كانت قريبة إلى المصريين في بُعدها الزمني والبنيوي.

مقالات مشابهة

  • منير أديب يكتب: 30 يونيو.. والحفاظ على الهوية المصرية من التآكل
  • تفاصيل احتفالية «قصور الثقافة» بمناسبة الذكرى الـ11 لثورة 30 يونيو (صور)
  • إنزو باتشي: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي، ونعيش مرحلة تاريخية من الاضطراب العالمي
  • زيلينسكي: أنظمة باتريوت الأمريكية غير فعالة في الحرب ضد القنابل الروسية
  • أبو الغيط: مبارك رفض التصدي للاتصالات الأمريكية مع الإخوان لهذا السبب
  • الاستهداف الثقافي لليمن عبر شركة لابس والمنظمات التابعة والمرتبطة بالـ (CIA)
  • واشنطن تدعو وزراء من دول عربية والاحتلال الإسرائيلي لحضور قمة الناتو
  • فعاليات أهلية تزور القنيطرة المحررة بمناسبة الذكرى الـ 50 لرفع العلم السوري في سمائها
  • الأمم المتحدة تدعو إلى تكثيف الجهود الدولية لحماية نهر الدانوب
  • 79 مليون نسمة مهددون بالتلوث.. الأمم المتحدة تدعو إلى حماية نهر الدانوب