ناشطون عرب وأجانب يعبرون في مؤتمر للحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء عن مساندتهم لمظلومية اليمن
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
يمانيون -متابعات
تتوالى أصوات الأحرار في داخل اليمن وخارجه؛ للمطالبة بفك الحصار الأمريكي السعوديّ الغاشم على الشعب اليمني، وفي مقدمة ذلك فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية.
وفي إطار جهودها المتواصلة لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدولي، عقدت الحملة الدولية لفك الحصار عن مطار صنعاء مؤتمرها الدولي قبل يومين عبر منصة الزووم، مفسحة المجال للناشطين اليمنيين والعرب والأجانب، وكلّ المهتمين بهذا الخصوص للحديث عن هذه المعاناة، وإيصال صوت مظلومية الشعب اليمني إلى أصقاع العالم، وقد شارك في فعالية المؤتمر، كُلٌّ من (ملتقى كتاب العرب والأحرار، الاتّحاد العربي للإعلام الإلكتروني فرع اليمن، جمعية الشتات الفلسطيني -السويد، معهد قوة اللحظة للتدريب والتطوير mbi، الحملة الدولية لمناصرة الأسرى (أسرانا مسؤولية)، مركز الشهيد أبو مهدي المهندس -العراق) وغيرهم.
وفي بداية المؤتمر الذي أداره المنسق العام للمؤتمرات الدولية في ملتقى كتاب العرب والأحرار السيد حسن مرتضى، وتقديم الإعلامية اللبنانية رباب تقي، قدم مستشار رئاسة الوزراء العميد حميد عبد القادر عنتر، شرحاً مختصراً عن معاناة الشعب اليمني جراء العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ الغاشم والمُستمرّ للعام التاسع على التوالي، شاكراً جهود القائمين على الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء في معظم دول العالم، على جهودهم في إيصال مظلومية الشعب اليمني إلى المحيط الخارجي.
وأكّـد عنتر أن العدوان قد فشل في اليمن؛ بفعل الصمود الأُسطوري للشعب اليمني بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- داعياً دول العدوان للجنوح للسلام، ما لم فَــإنَّ الخيارات القادمة ستكون موجعة ومدمّـرة، وستنتقل المعركة إلى عمق أراضيهم، وسندخل في معركة إقليمية تكون فيها أمريكا وعبيدها هم الخاسر الأكبر.
من جانبه أوضح نائب رئيس الحملة عبد الرحمن إسماعيل الحوثي، أننا قادمون إلى الذكرى الرابعة لإشهار وإعلان انطلاق الحملة الدولية التي كانت أهدافها الرئيسية متمثلة في فضح جرائم العدوان، ونشرها لكافة الشعوب في كُـلّ العالم، إضافة إلى العمل على فك الحصار عن مطار صنعاء، موضحًا مدى النجاح الكبير الذي حقّقته الحملة الدولية في تحقيق الهدف الأول، لدرجة أنها هزمت الماكينة الإعلامية للعدوان، واستطاعت اختراق الشعوب الأجنبية في كُـلّ القارات، حتى أصبح الأحرار من الأجانب ينشرون مظلومية اليمنيين في قنوات فضائية ناطقة بالإسبانية، وقنوات إلكترونية ناطقة بالألمانية.
وأوضح أن عنوان المرحلة التصعيدية سيكون تحت عنوان (الإنسانية مطلب الشعب اليمني)، داعياً أعضاء وفرق الحملة الدولية في الخارج إلى ضرورة الخروج المشرف للمطالبة بفتح المطار، ومشدّدًا على ضرورة تحَرّك من سماهم بالعمود الفقري للحملة (أبناء الجاليات اليمنية) لاستعادة الزخم الكبير الذي بدأوه منذ سنوات، مع محاولة إشراك المجتمع الأجنبي في هذه التحَرّكات، منوِّهًا إلى أنه بالإمْكَان عمل فيديوهات لشخصيات مؤثرة وكبيرة لمدة 30 ثانية، يتم فيها ذكر الاسم والصفة والبلد، والدعوة لفتح مطار صنعاء، ونشرها بشكل منظم عبر القنوات الرسمية وفي مواقع وقنوات الحملة، مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك مطالبة المشاهير، وأصحاب الرأي بضرورة تسجيل مواقفهم (الإنسانية) نحو مظلومية المطار في مواقعهم وحساباتهم.
حصارُ المطار يقتُلُ الشعب:
وأكّـد الشايف أن “مطارَ صنعاء يخدم كُـلّ شرائح المجتمع اليمني”، منبِّهاً إلى أن “الحركة قبل العدوان تسير بشكل طبيعي، وأنه كان يسافر عبر المطار أكثر من 5 آلاف مواطن يوميًّا، وكان عدد الرحلات اليومية 50 رحلة، وإلى 20 وجهة دولية، وعبر 15 شركة طيران، كما تحدث عن آثار الحصار على الشعب اليمني، داعياً الجميع إلى ضرورة التصعيد الإعلامي لكسر التعتيم الإعلامي لدول العدوان، ولفت انتباه الضمير العالمي إلى ما يعانيه الشعب اليمني من عدوان وحصار منذ أكثر من 8 سنوات مضت”.
بدوره أشار الخبير العسكري اللواء الركن عبد الله الجفري، إلى أن “استراتيجية دول الاستكبار تعمل على فرض الحصار في جميع دول العالم، بغية قتل الشعوب بكل صمت”، موضحًا أن “هذا العدوان القذر، جاء ليقتُلَ البشر، غير أن إرادَة الشعب اليمني أكبر من العدوان، ولا يوجدُ أمامنا من خيار سوى الصمود، والانتصار، أَو الشهادة، كما قال السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله– الذي أكّـد على ضرورة مواجهة العدوان جيلاً بعد جيل، حتى استعادة كُـلّ مقدرات الشعب اليمني”.
وإذا كان الحصار قد أضر بالشعب اليمني برمته، فَــإنَّ القطاع الصحي، هو أكثر القطاعات تضرراً في هذا الجانب.
ويوضح المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور أنيس الأصبحي، في كلمةٍ له بالمؤتمر أن “الحصارَ المفروضَ على اليمن، وإغلاق مطار صنعاء الدولي، يعد جريمة حرب”، لافتاً إلى أن “عشرات الآلاف يحتاجون للعلاج في الخارج، وأنه بسَببِ مماطلة العدوان في عدد الرحلات، فقد زاد الأمر سوءاً، وحدثت الكثير من المتاعب لليمنيين”، مطالباً الشعب اليمني بالخروج في مسيرات متعددة تطالب بفتح المطار بالكامل، وعدم اقتصاره على جهة معينة.
ودعا العلامة عدنان الجنيد، في كلمته بالمؤتمر للتحَرّك لزيادة الضغط على دول العدوان لفتح مطار صنعاء الدولي، وهو ما دعت إليه كذلك الناشطة اليمنية زهراء اليمن، التي طالبت خلال المؤتمر المنظمات الدولية بفتح مطار صنعاء، وتمنت النجاح لهذا المؤتمر، وشحذ الهمم لإنهاء معاناة الشعب اليمني.
من جهتها شرحت أمل حسين فايع -نائب رئيس قطاع الإذاعات المحلية، بأُسلُـوب راقي، وبلغة قوية، همجية العدوان على اليمن، وما سببه من آثار في حياة الشعب اليمني، موضحة جرائم العدوان المتواصلة التي جوبهت بصمود أُسطوري منقطع النظير من قبل الشعب اليمني؛ وهو ما أشَارَت إليه كذلك الناشطة دينا الرميمة، التي تحدثت عن دور الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدولي بكل مراحلها، منتقدة إمعان العدوان في استهداف الشعب اليمني، وإصراره على استمرار الحصار، داعية للتصعيد والمواجهة بكل السبل الممكنة.
بدوره وضح عضو المجلس الاستشاري للحملة، عضو رابطة علماء اليمن، القاضي عبد الكريم الشرعي، الجهد الذي بذلته وتبذله الحملة الدولية في سبيل المظلومية، موضحًا أن فتح مطار صنعاء سيكون أقرب التحقيق، إذَا تم ضرب مطارات العدوان في السعوديّة والإمارات، منوِّهًا إلى أن “الهُدنة لم تخدم مصالح الشعب اليمني”، داعياً الإعلام الرسمي إلى ضرورة دعم تحَرّكات الحملة الدولية كونها ظهير شعبي للجانب الحكومي.
وأبدى الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحمن فايع، استياءَه من استمرار الحصار الظالم على مطار صنعاء الدولي، داعياً إلى التصعيد، ومؤازرة الحملة الدولية لكسر الحصار عن المطار التي كان لها البصمة الكبيرة في الخارج، ووضعت الأسس لتدويل المظلومية اليمنية.
وقال: “يجب أن نسعى لتكون الحملة ظهيراً للجانب الرسمي، متمنياً للحملة النجاح مستقبلاً بقدر نجاحها خلال الفترة الماضية”.
أما مستشار محافظة إب الشيخ أمين علاية، فقد أبدى تعاونه للانتصار لمظلومية الشعب اليمني، مناشداً المناهضين لجبروت تحالف الشر بفتح مطار صنعاء.
معاناةٌ كبيرةٌ لليمنيين في الخارج:
وإذا كان المواطنون اليمنيون في الداخل يعانون الأمرَّين، فَــإنَّ المغتربين في الخارج هم أَيْـضاً يواجهون الكثير من المتاعب والتحديات إزاء إغلاق مطار صنعاء الدولي.
وفي هذه الجزئية أفسح المؤتمرُ المجالَ أمام الناشطين وممثلي الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء الدولي للحديث عن هذه المعاناة.
ويتحدث ممثل الحملة في ألمانيا الأُستاذ يحيى الشرفي، عن معاناة أبناء الجاليات اليمنية في العالم بشكل عام، وفي ألمانيا بشكل خاص نتيجة حصار مطار صنعاء، متطرقاً إلى نقطة مهمه وحساسة عن الأثر الذي يصيب الأطفال مواليد الحرب، الذين لم يعرفوا وطنهم، ولم يعيشوا بيئتهم، مما سبب آثاراً كبيرة لا يشعر بها إلا المغتربون، مُشيراً كذلك إلى التكاليف الباهظة التي يتجرعها سفر أبناء الجالية اليمنية، أثناء رغبتهم في العودة إلى صنعاء، وحجم المعاناة في الطرقات التي يسلكونها أثناء المرور في المناطق الواقعة تحت سيطرة المرتزِقة.
وقال إن التعتيم الإعلامي لدول العدوان على مظلومية اليمن لا يزال قوياً، داعياً إلى ضرورة توسيع الجهود والتحَرّكات، للضغط على دول العدوان لرفع تعسفاتها، منوِّهًا إلى أن أبناء الجالية اليمنية في ألمانيا قد بذلوا ولا يزالون الكثير من الجهود، والتحَرّك وهم على استعداد لأي تصعيد تقره قيادة الحملة.
من جانبه يؤكّـد رئيس الفريق الخارجي للحملة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية الأُستاذ محمد الزبيدي، وهو كذلك كاتب وناشط سياسي أن الجالية اليمنية في الولايات الأمريكية سيكون لها نشاط قادم للمطالبة بفك الحصار عن مطار صنعاء بإذن الله.
أما الدكتور عصام العماد، أُستاذ الحوزة العلمية في قم المقدسة، عضو الفريق الاستشاري للحملة، فأشار إلى أن ما يحدث في بلادنا اليمن ما هو إلا تحقيقاً للأهداف الأمريكية والصهيونية، ينفذها ابن سلمان، وابن زايد.
وقال: “إن أفعالهما تتماهى مع المشروع الصهيوني، وأكبر دليل على ذلك هو مستوى الانحلال عن الأخلاق، الذي وصلت إليه المملكة السعوديّة، حَيثُ إن أولوياتِ هذين النظامَينِ العميلَينِ، هو تنفيذُ المشروع الأمريكي الذي أصبح من المسلَّمات لديهما”.
أصواتٌ عربيةٌ وأجنبية مع اليمن:
ولم يقتصرْ عقدُ المؤتمر على المتحدثين اليمنيين، بل أتاح الفرصةَ للناشطين العرب والأجانب من عدة دول عربية، حَيثُ أكّـدت الكلمات على أهميّة التحَرّك لمواجهة الغطرسة الأمريكية السعوديّة تجاه الشعب اليمني، وضرورة التحَرّك أَيْـضاً للضغط على دول العدوان لفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الدولية.
وأبدى رئيس جمعية شتات الفلسطيني، وتجمع عائدون، وممثل الحملة بالسويد العميد خالد السعدي، أسفه على ما يدور في اليمن، مشبهاً معاناة الشعب، بمعاناة الشعب الفلسطيني.
واستنكر السعدي مواقف الحكومات العربية تجاه اليمني وفلسطين، وقال: “لم تُفِد الشعارات، ولن يفيدَ سوى تحَرّك الأحرار من أبناء الشعوب”، داعياً بالنصر للشعب اليمني، ومؤكّـداً أن اليمن سينتصر ولن ينهزم، مقدماً كذلك الشكر للشعب اليمني على مواقفه تجاه القضية الفلسطينية التي لم يَنْسَها على الرغم من جراحه الغائرة.
من جهتها أثنت الكاتبة والإعلامية ماجدة الموسوي، رئيس موقع صدى الولاية على الحملة الدولية، مرسلة أجمل التحايا إلى صنعاء من بيروت، وقالت: “نناشد الأمم الحرة -وليس الأمم المتحدة- بضرورة رفع الحصار عن مطار صنعاء، وننتقد بكل العبارات صمت المجتمع الدولي عن هذه المظلومية، داعية الشعب اليمني للصبر والثبات؛ لأَنَّ النصر قادم لا محالة.
من جانبها أوضحت الدكتورة عريب أبو صالحة -ممثل الحملة الدولية في فلسطين وسوريا، رئيس موقع رؤى الدولي-، أن الحصار على الشعب اليمني، هو حصار أمريكي وبريطاني بأيادٍ سعوديّة، وإماراتية، مشيرة إلى مدى التشابه والارتباط بين النظام السعوديّ، والكيان الصهيوني الذي تم غرسه في أرض الحرمين، منوّهة أن القوة هي السبيل الأمثل لاسترجاع الحقوق، معلنة استمرار دعمها وجهادها مع الشعب اليمني إلى حين الانتصار.
وعبر تسجيل صوتي أرسل إلى المؤتمر أوضح الشيخ فيصل النهام، أن إغلاق مطار صنعاء جريمة حرب يجب محاسبة العدوان عليها، داعياً إلى ضرورة التصعيد اللا محدود ضد دول العدوان.
بدوره قال رئيس الحملة الدولية لتحرير المقدسات وتدويل إدارتها بالقاهرة، الدكتور عبد الحميد هجرس: “آلمتني صورة لأطفال اليمن بعد أن تم قصفهم من قبل طيران العدوان الهمجي؛ مما جعلني أكتب مقالاً سميته: ماذا سيقول أطفال اليمن لأبنائهم بعد خمسين عاماً؟”.
وأوضح أن “دول العدوان تنتهج أُسلُـوب التعتيم الإعلامي على الشعوب، كما يحدث لدى الشعب المصري”، داعياً إلى ضرورة توثيق جرائم الحرب والمجازر التي نفذها العدوان في حق الشعب اليمني.
وانتقد الدكتور هجرس الانحلال عن الأخلاق الذي وصلت إليه السعوديّة، ناصِحاً بضرورة توسيع المساحات الإعلامية لجرائم اليمن، وداعياً الشعبَ اليمني إلى استثمار وجود قائدٍ فَذٍّ وشريف وزاهد وصادق السيد عبدالملك الحوثي؛ لنشر روح المحبة والتوائم والتفاهم، وتوحيد الصَفِّ ضد العدوان.
المسيرة
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: مطار صنعاء الدولی ة الشعب الیمنی معاناة الشعب مطار صنعاء ا دول العدوان الیمنی إلى العدوان فی السعودی ة فی الخارج إلى ضرورة إلى أن
إقرأ أيضاً:
على خطى السعودية.. أمريكا في اليمن إجرام وتخبط وهزيمة [الحقيقة لا غير]
يمانيون../
تتزايد البراهين والأدلة يومًا بعد يوم على مدى الارتباك والعجز الذي يعيشه العدو الأمريكي في مواجهته للشعب اليمني العظيم، الذي يتميز بقوة إيمانه وثباته وإرادته القوية.
العدوان الأمريكي المستمر على العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية لا يعكس سوى حقيقة واحدة، هي الفشل الكبير الذي يدفع العدو الأمريكي إلى الوقوع في مأزق حقيقي أمام هذا الشعب، الذي يجسد من خلال موقفه الديني والأخلاقي والإنساني تجاه غزة موقفًا ومثالًا فريدًا في تاريخ الإنسانية.
وبسبب جهل العدو الأمريكي لطبيعة الشعب اليمني وقوة عزيمته وصمود أبنائه، يواصل شن غاراته العدوانية على الأحياء السكنية في صنعاء، مستهدفًا منازل المدنيين الأبرياء الذين لا علاقة لهم بالأهداف الأمريكية المعلنة في اليمن.
لذا، فإن العدوان الأمريكي، خاصة في ظل إدارة المجرم ترامب، يمر بنفس الظروف التي واجهها العدو السعودي في عام 2015، عندما شن عدوانًا غاشماً جائرًا على الشعب اليمني، متجاهلًا صمود اليمنيين ومطمئنًا إلى تفوقه العسكري وقدرته الاقتصادية وعلاقاته الدولية.
وفي الوقت الحالي، يرتكب العدو الأمريكي نفس الخطأ الذي ارتكبه العدو السعودي سابقًا، والذي سيؤدي إلى عواقب وخيمة، وهو الخطأ المتمثل في التقليل من شأن الشعب اليمني وتضحيات أبنائه، والاعتقاد الخاطئ بأن طرق القوة والتصلب والوحشية، إلى جانب الغارات العدوانية والتدمير، ستكسر إرادة الشعب اليمني وتجبر أبنائه على الخضوع ورفع راية الاستسلام أمام العدوان الأمريكي والإسرائيلي.
تشكل الجرائم التي يرتكبها العدوان الأمريكي في العاصمة صنعاء وكافة المحافظات اليمنية جانبًا آخر من مظاهر الإجرام الوحشي الأمريكي، وتعكس حالة الفوضى والتخبط التي تعاني منها الولايات المتحدة، والتي لا تؤدي إلا إلى المزيد من الفضائح والانكسارات. ولا شك أن دماء الشهداء لن تذهب سدى، حيث تواصل قواتنا المسلحة تقويض هيبة هذه الإمبراطورية الظالمة، وتعليمها دروسًا قاسية في البحر وفي جميع الاشتباكات مع قطعها البحرية والعسكرية، حتى بلغت مرحلة الانهيار والفشل، وهو ما يؤكده الواقع على أرض الميدان. وهذا ما يشهد به جميع الخبراء المهنيين في العالم، بما فيها تقييمات العدو الأمريكي نفسه، حول نتائج العدوان الأمريكي على اليمن.
هذا وزير خارجية المجرم ترامب، الذي يعاني من خيبة أمل وإحباط مماثل لرئيسه، أشار إلى أن العدوان على اليمن يُعتبر خدمةً للعالم. هذا التصريح يعكس محاولة ليّ ذرائع المجتمع الدولي واستعطافه للوقوف بجانب العدو الأمريكي، ويُذكرنا ذلك بخطاب العدو السعودي الذي كان يبرر عدوانه على اليمن بحجة الدفاع عن العالم.
لقد كشفت دولة العدوان أمريكا من خلال عدوانها على الشعب اليمني للعالم فشلاً ذريعًا يفوق توقعات الكثيرين. فكلما ارتكب العدو الأمريكي جريمةً ضد المدنيين أو استهدف منشأةً مدنيةً أو مؤسسةً حكوميةً في اليمن، انكشفت حقائقه أكثر وتهاوت مكانته، ليس فقط من الناحية الأخلاقية، بل أيضًا من الناحية العسكرية والأمنية. وبفضل الله تعالى، فإن تصرفات هؤلاء المجرمين والإرهابيين الأمريكيين تدل على أنهم لا قيمة لهم، وهي حقًا كما وصفها الشهيد القائد -رضوان الله عليه– “أن أمريكا قشة”.
لكن عندما يقف أصحاب الحق بثباتٍ وإيمانٍ وقرارٍ حازم، يصبح الباطل ضعيفًا أمامهم، كما هو حال أمريكا اليوم في مواجهة الشعب اليمني. فالباطل لا يستمر ولا يثبت، على عكس أصحاب الحق والقضايا العادلة الذين هم سند القوة والديمومة.
كان المجرم ترامب، الذي يُعتبر مجرمًا، يسخر من إدارة بايدن وينعتها بالفشل، أما اليوم فقد أصبح المجرم ترامب نفسه موضوع سخرية أكثر منه، وذلك بسبب كثرة تهديداته. إذ تحول المجرم ترامب إلى مجرم وقاتل وفاشل في نظر العالم، الذي يشاهد يوميًا جرائمه ضد النساء والأطفال في غزة واليمن.
وكان يُقال إن المجرم ترامب كان يطمح للفوز بجائزة نوبل للسلام، راغبًا في جعل ولايته الأخيرة، أو ولايته هذه، رمزًا للحضارة الغربية والإنسانية، متعهدًا بإنهاء النزاعات والحروب. لكنه سقط في بداية ولايته الرئاسية الثانية، التي لم تمضِ عليها إلا بضعة أشهر قليلة، حيث يعيش حالة من الارتباك واليأس، ما دفعه إلى استهداف المنازل والأسواق والموانئ، وحتى السفينة “جلاكسي” في عرض البحر.
تشير الجرائم التي ارتكبها العدوان الأمريكي في العاصمة صنعاء بحق المدنيين إلى فشل العدوان الأمريكي المستمر وتخبطه المتواصل، كما تُبرز حجم الحقد الذي يكنّه العدو الأمريكي الذي يسعى للانتقام من الشعب اليمني، الذي لا تزيده هذه الجرائم إلا صلابة وعزيمة وإصرارًا على المواجهة والثبات والصمود. ولن يثنيه ذلك عن مواقفه الإنسانية والدينية والتاريخية تجاه غزة.
إن تضحيات وصبر الشعب اليمني في هذه المرحلة الحاسمة سيكون لهما أثر يعود بالنصر على المظلومين، وبالهزيمة والخسران على الظالمين. وتداعيات وأثر العدوان الأمريكي على اليمنيين تظهر كيف أن هذه الجرائم تعود بالسوء والخسارة على من يقترفها، كما حدث مع العدوان السعودي في جولة العدوان الأمريكية السابقة التي لم تحقق أي هدف، رغم ما ارتكبه من قتل النساء والأطفال وتدمير المنازل والمنشآت المدنية والحكومية.
وعلى الرغم من ذلك العدوان، تحوّل اليمنيون إلى بركان من الغضب في صدورهم، وزاد من وعيهم وحماسهم ونشاطهم للبحث عن وسائل القوة والمواجهة مع أولئك الأعداء والمجرمين، الذين لا يردعهم إلا الشجاعة والقوة والثبات والحضور الدائم في ساحات وميادين الجهاد في سبيل الله.
هناك فرق جوهري بين أن تتلقى الأذى من عدوك، وبين أن تضحّي وتواجه الألم بينما يُدمّر بيتك أو مصدر رزقك وأنت في موقع الجهاد ومواجهة العدو، تهاجمه بكل قوتك وتُعلّمه دروساً في الشجاعة والكرامة، تسقط هيبته أمام الأنظار، وتُلحِق به خسائر كبيرة على الأصعدة العسكرية والمادية والمعنوية.
بينما الاستسلام والخنوع لا يضمنان لك الحماية من العدو، فالتضحية في سبيل الجهاد هي فترة تكون مليئة بالصبر والكفاح، يتبعها النصر المؤزر، حينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. أما إذا رضيت بالهروب من تحمل المسؤولية، فستخسر بلا نهاية، وضحاياك ستكون دون فائدة أو تحقيق أهداف.
كيف تؤثر مشاهد الطفولة والشهداء والجرحى على شعوب العالم كله، وهم يدركون أن اليمني يقدم هذه التضحيات نتيجة مواقفه الداعمة لغزة، ونتيجة إصرار شعب اليمن على تثبيت هذا الموقف مهما بلغت التضحيات وقسوة العدوان الأمريكي؟.
هذا الموقف له أثر عميق في نفس ووجدان الملايين من شعوب العالم، ولذلك تنطبق على جرائم العدوان الأمريكي بحق الشعب اليمني الآية الكريمة: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
المجرم ترامب ومن يقف خلفه من المنافقين من أبناء الأمة يعتقدون أن جرائم العدوان الأمريكي بحق المدنيين ستعوض إخفاقاتهم العسكرية، وأن هذه الجرائم ستساعدهم في تحقيق أهدافهم، من بينها إرهاب الشعب اليمني وإجباره على الاستسلام ورفع راية الهزيمة أمام العدوان الأمريكي والإسرائيلي وعملائهم وأدواتهم ومرتزقتهم، وهذا تصور خاطئ تمامًا.
ومن لا يعرف طبيعة الشعب اليمني، عليه أن يعود للدراسة الدقيقة لتجربة العدوان السعودي على اليمن التي دامت تسع سنوات، والتي لا تزال حية في الذاكرة وقريبة الوقت، كما بيّن ذلك الشهيد القائد ـــ رضوان الله عليه ـــ إذا كنت تسير في طريق الحق، حتى عدوك حين يتصرف ضدك بأي فعل، رغبةً في إيذائك، قد ينتهي به الأمر إلى إفادتك من حيث يعتقد أنه يضرك، وبطريقة غير مقصودة.
لذلك، لنتأمل حجم الدعم والوقوف الشعبي العربي، الإسلامي والدولي تجاه اليمن في المراحل السابقة، حيث لم يكن موقف اليمن إلى جانب غزة آنذاك قد بلغ هذه الدرجة من التضحية والعطاء. فقد كان الشعب اليمني حينها لا يزال في طور المشاركة بالمظاهرات والمواكب الجماهيرية الكبيرة، إضافة إلى العمليات العسكرية التي تشكل الركيزة الأساسية لهذا الموقف.
أما الآن، فإن العالم بأجمعه، شعوبًا وأممًا، يراقب اليمنيين الذين تطوروا في عطائهم وإخلاصهم وجديتهم بشكل واضح في موقفهم الراهن. بالرغم من تعرض منازلهم للقصف واستشهاد أطفالهم ونسائهم، يؤكدون تمسكهم بفداء غزة ولن يتراجعوا عن مواقفهم الثابتة.
قال تعالى: [وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ]، إنَّ التضحيات التي يقدمها الشعب اليمني، والتي عبر عنها الجرحى المتأثرون بالعدوان الأمريكي، ترتقي بمكانتهم عند الله فوق مكانة الذين يقتصر عطاءهم على مجرد مشاركة الطعام والشراب، وفق ما جاء في كتاب الله العزيز عن عظمة المُنفقين.
على مدار عام ونصف من الدعم والإسناد اليمني لغزة، حاول البعض التشكيك والتشويش، بل وتعمد بعضهم السخرية بالقول إن ما قدمه اليمن لغزة هو مجرد استغلال. هذا هو سلوك العملاء والمرتزقة الذين يسعون إلى تشويه الموقف اليمني الحقيقي.
لكن الجرائم الأمريكية، والمشاهد المروعة لقصف المنازل والأسواق والمقابر، وألم الضحايا والشهداء، قد صنعت صورة أوضح وأصدق عن الشعب اليمني في وعي الشعوب حول العالم، أكثر مما كان عليه قبل العدوان الأمريكي.
إن دولة العدوان أمريكا من خلال جرائمها تُثبت للعالم أن الشعب اليمني يتميز بالإخلاص والثبات والصدق والكرامة والنقاء، وأنه لا نظير له عبر التاريخ البشري. كما تؤكد أن اليمن لا يتاجر بمعاناة غزة كما يزعم العملاء والمنافقون.
لقد زاد احترام العالم وتقديره للموقف اليمني خلال عام ونصف، واليوم في خضم الجرائم الأمريكية، بات الناس أكثر إيماناً ومحبةً للشعب اليمني. ولهذا، فإن التضحيات التي يقدمها الشعب اليمني لها أثر كبير يتجاوز مجرد التعاطف، إذ أصبحت اليوم سبباً في إيقاظ واستنهاض أحرار الأمة وكافة شعوب العالم، وتوحيد صفوفهم حول اليمن وموقفه وقيادته، وأضحى الشعب اليمني، بصموده ودعمه لغزة، مصدر إلهام وحافز لمن لا يزال يملك نبض الحياة في جميع أنحاء العالم.
بعون الله تعالى وإرادته، يكون المذنب والمجرم قد أتم كامل ذنوبه وتراكمت عليه الذنوب، ونضجت جرائمه التي تؤدي إلى سقوطه، فلا يبقى سوى السبب الذي يهيئه الله لإسقاطه والقضاء عليه. لذا فإن الأبطال المؤمنين الثابتين الشجعان هم الذين يتحقق على أيديهم تنفيذ الوعد الإلهي بسقوط الطغاة والمجرمين، وهذا من السنن الإلهية الثابتة في هذا الكون.
لقد تصاعد ظلم أمريكا وارتكبت المزيد من الجرائم، وأصبحت مكروهة في نظر العالم، ولهذا فإن العدوان والجرائم الأمريكية بحاجة إلى موقف أبر هيمي مستوحى من موقف نبي الله إبراهيم عليه السلام، إذ قال لأبيه وقومه: “ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟” فقد كان قومه يعبدون الأصنام كما يعبد البعض أمريكا في يومنا هذا.
فأجاب قوم إبراهيم: (جَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ)، لم يكن هناك مجال لتغيير النظام العالمي في ذلك الزمان، فأجابهم إبراهيم: (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاوْكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ). وفي هذه الأيام، أيّ ضلال أعظم من طاعة أمريكا والولاء لها ولليهود، الذين يرتكبون أبشع الجرائم في غزة وغيرها.
كان موقف سيدنا إبراهيم حازماً وقوياً بلا تردد، حيث أعلن قاطعاً: (وَتَاللّٰهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) أي: سأقضي على أصنامكم. وهذا هو الموقف الإبراهيمي الذي يجسده شعب اليمن في وجه إمبراطورية الظلم والجرائم واستعباد البشر، أمريكا التي ورثت تاريخاً طويلاً من الإجرام والظلم.
لذا، فإن من يواجه دولة العدوان أمريكا في هذا العصر يحمل راية الحق التي تعتبر امتداداً لرسالات الأنبياء عبر التاريخ، وهذا ما يجسده الشعب اليمني كحامل لهذه الراية.
لا بد للشعوب العربية والإسلامية من اتخاذ موقف واضح تجاه جرائم ومجازر العدو في غزة، وإذا تأخرت في ذلك فإنها معرضة للخزي في الدنيا والعقاب في الآخرة. ولهذا، فإن هناك بعض التفسيرات الدينية المغلوطة التي ساهمت في ترسيخ موقف الضعف والهوان بين المسلمين، معتبرةً ذلك زهدًا في الدنيا وطاعةً لله، وهو فهم يرفضه القرآن الكريم.
والأمر نفسه كما قال الشهيد القائد -رضوان الله عليه- إن الذل والهوان في الدنيا الناتج عن التقصير يؤدي إلى عذاب في الآخرة، لأن المؤمن يجب أن يكون قويًا وكريمًا، فهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وعلى المؤمن أن يجسد في حياته قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
في ظل ما نشهده حالياً من تخاذل عربي تجاه قضية غزة وفلسطين، يتضح حجم الأزمة الخطيرة التي تواجهها أمتنا، والتي قد تكون قد وصلت إلى نقطة نهايتها، وقد يُستبدل الله بها بأمة أخرى. وبناءً عليه، دخلت الأمة في مرحلة من العقاب الإلهي، حيث تُسَلَّط عليها أعداؤها ليعذبوها أشد العذاب.
لذا فإن ما يحدث في واقع المسلمين اليوم أمر غير طبيعي، فالشعوب التي تفتقر إلى الدين تعيش في حياتها بحرية، تدافع عن نفسها، وتبني اقتصادها ومستقبلها، بينما واقع المسلمين والعرب مخزٍ ومزرٍ إلى أقصى الحدود.
عباس القاعدي| المسيرة