تأتي الذكرى 22 لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في ظروف ربما تختلف كثيرا عن السنوات السابقة، نظرا للأوضاع الإقليمية والدولية التي تغيرت بعض الشيء، علاوة على تغيير موازين القوى والتمرد على الأحادية القطبية.
ما تداعيات القرارات الأمريكية بعد أحداث سبتمبر على العالم وهل استطاعت واشنطن تحقيق أهدافها بالسيطرة الكاملة سياسيا واقتصاديا، والأهم من ذلك ما الذي حققته في ملف مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية؟
بداية يقول ماك شرقاوي، الخبير الأمريكي في العلاقات الدولية: "بعد مرور 22 عاما على أحداث 11 سبتمبر 2001، التي تم فيها استهداف برجي التجارة العالمية في مانهاتن بنيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بثلاث طائرات نقل تجارية وتم السيطرة على الطائرة الرابعة وإسقاطها في ولاية بنسيلفانيا، والتي كان من تداعياتها إدخال الولايات المتحدة في حروب لم تحقق أي مكاسب من ورائها طوال السنوات الماضية".


استثناء الكونغرس لشن الحرب


وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن "الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، جورج دبليو بوش (بوش الابن)، استخدم تلك الفرصة ونجح في استصدار تصريح بالحرب من الكونغرس، وكان استثناء من الكونغرس التفويض في إعلان الحرب الذي أدخل الولايات المتحدة الأمريكية والعالم في حرب لم تجن منها واشنطن أي نفع سياسي أو اقتصادي أو عسكري أو حتى تعظيم للنفوذ من ورائها".
وتابع شرقاوي: "من تداعيات قرار الحرب الذي أعقب 11 سبتمبر، عشرون عاما من الحرب في أفغانستان لم تسفر عن أي شيء، بل أسفرت عن خسائر مادية تقارب 8 تريليون دولار أنفقتها الولايات المتحدة الأمريكية على هذين الحربين (حرب العراق وأفغانستان)، حيث انسحبت الولايات المتحدة من العراق رسميا 2012 بعد تسع سنوات بعد تولي الرئيس أوباما قيادة الولايات المتحدة".


الخسائر الأمريكية


وفيما يتعلق بحرب أفغانستان، يقول خبير العلاقات الدولية: "لم يكن هناك أي طائل من وراء تلك الحرب سوى مقتل أكثر من 7 آلاف جندي أمريكي وأكثر من 50 ألف مصاب العديد منهم إصابته خطيرة، وتسببت الحرب في تفتيت العراق إلى ثلاث دويلات صغيرة وغيرت النظام السياسي إلى نظام كونفدرالي 2006، ولم تنجح في القضاء على الإرهاب في المنطقة أو الشرق الأوسط أو منطقة الخليج والجزيرة العربية".
وأشار شرقاوي، إلى أن الحرب الأمريكية كان من تداعياتها موجات جديدة من الإرهاب والتنظيمات المسلحة، فلم تعد القاعدة هي التنظيم الأوحد، بل ظهر "داعش" في العراق والشام (المحظور في روسيا وعدة دول أخرى)، وكان ظهور داعش هو الفرصة التي استخدمتها أمريكا مرة أخرى لتعود بتحالف دولي من 169 دول حول العالم لمحاربة "داعش" في العراق والشام، وإلى الآن لم يتم القضاء على الإرهاب.


الإرهاب أصبح "أكثر شراسة"


وأكد خبير العلاقات الدولية، أن "الإرهاب لا يمكن القضاء عليه بالعمليات العسكرية فقط، لكن لا بد من مواجهة الفكر بالفكر ولا بد من التنمية وإجراءات أخرى بخلاف السلاح والعمليات العسكرية، وليس خافيا على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تفعل هذا، وقد سبق أحداث سبتمبر حرب الخليج الأولى التي كانت في بداية التسعينات والثمانينيات من القرن الماضي لتحرير الكويت، وشارك فيها تحالف عسكري مكون من 96 دولة من بينها دول عربية".
واختتم شرقاوي بالقول: "أعتقد أن الحروب لم تعد بأي طائل على الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تقض على الإرهاب بل أصبح مستشري في بقاع أخرى من الأرض وازداد شراسة في المنطقة".


تكرار الأحداث


من جانبه، يقول اللواء شوقي صلاح، خبير مكافحة الإرهاب وعضو هيئة التدريس بكلية الشرطة المصرية: "بعد مرور 22 عاما على أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.. هناك تساؤل يطرح.. هل يمكن تكرار تلك الأحداث الجسام مرة أخرى؟".
ويضيف في حديثه لـ "سبوتنيك": "نرى أنه لا توجد ضمانات بنسبة 100 في المئة لعدم تكرار تلك الأعمال الإرهابية، في أي مكان في العالم، لكن غالبا ستكون بأساليب مختلفة عن ذي قبل، ومعطيات الموقف الراهن تتلخص في أن، التنظيمات الإرهابية الدينية - كالقاعدة وداعش، قد تم محاصرتها وإضعافها من قبل العديد من الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ومصر وغيرهم".
الإرهاب الموجه
وأكد صلاح، أن بعض فصائل تلك التنظيمات أصبحت أذرعا يتم توجيهها بمعرفة أجهزة مخابرات لدول عظمى،أي أننا نشاهد توظيفا للإرهاب لتحقيق مصالح بعض دول، وبعبارة أوضح، فإن مصالح بعض الدول العظمى تتطلب أحيانا دعما لتنظيمات إرهابية للقيام بعمليات داخل دول بعينها، ثم يتم مقايضة الدول التي تعاني من أخطار هذا الإرهاب الموجه، ليصبح دعمهم لمواجهة الإرهاب مقابل جانبا كبيرا من ثرواتهم، خاصة في ظل حكام لا يهمهم سوى مناصبهم، وهذا ما أظهرته أحداث جلية في جانب من دولنا الأفريقية، لذا رأينا انقلابات تحدث لمواجهة هذه الابتزازت".
وأشار خبير مكافحة الإرهاب، إلى أنه "في ظل تطور الجرائم الإرهابية منذ 2001، تجدر الإشارة إلى تنامي جرائم ما يعرف باليمين المتطرف في أمريكا وأوروبا، للدرجة التي صرح فيها الرئيس الأمريكي ونائبته منذ عام مضى، بأن أخطر ما تواجهه الولايات المتحدة هو الخطر الذي يأتي من قبل اليمين المتطرف، وتطلق الدول الغربية زورا على جرائمهم الإرهابية تعبير "جرائم الكراهية" فهم كثيرا ما يزيفون الحقائق عن عمد".
وعبّر صلاح، عن دهشته من خطاب الرئيس بايدن الذي وجهه للشعب الأمريكي عقب أحد حوادث القتل الجماعي، بعرض إحصائية صادمة، حيث صرح بوقوع 650 حادثا للقتل الجماعي سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية، ويسقط على أثر هذه الحوادث متوسط عشرون ألف قتيل، وأكد أنه يجب اتخاذ المزيد من الإجراءات لمواجهة هذه الحوادث.
واستطرد: "أهم ما نستنتجه من الإحصائيات السابقة، أن حق الإنسان في الحياة وسلامة جسده - باعتبارهما أهم حقوق الإنسان - مهددان بقوة في هذه الدولة العظمى، وبهذا فمصابهم من داخلهم أليم أشد الألم، وأكثر خطورة من خطر التنظيمات الإرهابية الممثلة في داعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية".
واختتم خبير مكافحة الإرهاب بقوله: "التاريخ يؤكد أن ظهور تلك التنظيمات الإرهابية الدينية المتطرفة على المسرح الدولي، إنما ترجع أسبابه الرئيسية للدول الغربية وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انقلب السحر على الساحر".
يذكر أنه في صباح يوم الثلاثاء، الحادي عشر من سبتمبر 2001، استولى انتحاريون على أربع طائرات كانت تحلق بأجواء شرق الولايات المتحدة في وقت واحد.

واستخدم الانتحاريون الطائرات كصواريخ عملاقة موجهة، إذ ضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، فيما دمرت الطائرة الثالثة الواجهة الغربية لمبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) خارج العاصمة واشنطن، بينما تحطمت الطائرة الرابعة في حقل في ولاية بنسلفانيا.
وقد بلغ إجمالي عدد ضحايا الهجمات 2977 شخصًا بخلاف الانتحاريين وعددهم 19 شخصا.
وعقب أقل من شهر على الهجمات، قاد الرئيس الأمريكي، وقتذاك، جورج دبليو بوش عملية غزو لأفغانستان بدعم من تحالف دولي للقضاء على تنظيم "القاعدة [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول] وإلقاء القبض على زعيمه أسامة بن لادن

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الولايات المتحدة مكافحة الإرهاب مانهاتن التجارة العالمية الحرب الطائرات الولایات المتحدة الأمریکیة التنظیمات الإرهابیة مکافحة الإرهاب

إقرأ أيضاً:

الحكم بسجن أبوختالة 28 عاما في أمريكا في قضية الهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي

قضت محكمة الاستئناف الفيدرالية في واشنطن العاصمة بسجن مرتكب الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012 “أحمد أبوختالة” بالسجن لمدة 28 عاما.

وقال موقع “سي إن إن” الأمريكي إن الادعاء الفيدرالي يسعى إلى الحكم عليه بالسجن لمدة 60 عاما على الأقل مدى الحياة، إزاء تورطه في 4 جرائم من بينها تقديم الدعم المادي والمعنوي لمنفذي الهجوم.

وبحسب الموقع فإن الحكم الجديد بتلك المدة جاء بعد عامين من حكم محكمة الاستئناف على أبوختالة بالسجن لـ22 عاما، وتبرئته من تهمة قتل 4 أشخاص أمريكيين، مشيرة إلى أن قاضي المحكمة كريستوفر كوبر أضاف 6 سنوات أخرى إلى عقوبة أبوختالة لتصل إلى 28 عاما.

وأدين أبوختالة في عام 2018 بـ4 تهم وهي التآمر لتقديم الدعم المادي والموارد لمنفذي الهجوم إلى جانب تدمير مبنى فيدرالي وحمل سلاح هجومي نصف آلي أثناء ارتكاب جريمة عنف، وفقا للموقع.

وقبل 6 سنوات حكم القاضي على أبوختالة لمدة 12 عامًا لكل من الجرائم الثلاث الأولى، والتي كان يقضيها في وقت واحد، كما حكم القاضي على أبوختالة بالسجن لمدة 10 سنوات عن الجريمة الرابعة وأمره بقضاء تلك المدة بعد إكمال عقوبة الـ12 عامًا.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد اعتقلت، أحمد أبوختالة عام 2012 بتهمة الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي، والذي راح ضحيته 4 أمريكيين بينهم السفير “كريس ستيفنز”.

المصدر: موقع سي إن إن

أمريكابوختالة Total 0 مشاركة Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة منع إيران من الرد على اغتيال حسن نصر الله
  • فنانون عالميون يغنون دعما لضحايا الحرب في السودان
  • من الإخوان الإرهابية.. إلى السودان.. لكِ الله يا مصر ( ٩ )
  • الأمم المتحدة: اليمن أحد أبرز بؤر التلوث بالألغام الأرضية في العالم
  • الجيش الأميركي يقتل عشرات العناصر الإرهابية في سوريا
  • حكومة السوداني تؤكد التزامها بحماية القوات الأمريكية في العراق
  • مصرع 33 شخصًا جراء الإعصار هيلين في الولايات المتحدة الأمريكية
  • الحكم بسجن أبوختالة 28 عاما في أمريكا في قضية الهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازي
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لا تزال تجمع المعلومات عن أحداث الساعات الماضية في الضاحية الجنوبية
  • كنعاني: أمريكا شريكة في جرائم الكيان الصهيوني ضد شعبي فلسطين ولبنان