«سبتمبر موحد التاريخ».. قاسم مشترك بين المسلمين والمسيحيين امتد حتى الفاطمي والمملوكي
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
على مدار قرون عديدة اجتمع المصريون على الاحتفال ببداية التقويم المصرى القديم ورأس السنة القبطية خلال شهر سبتمبر من كل عام، وشهدت تلك الحقب الزمنية تعديلات وتغييرات، حتى إن بداية السنة الزراعية لدى الفلاح المصرى تغيرت من 17 يوليو إلى 11 سبتمبر بناء على هذا التقويم النجمى.
يوليوس قيصر عدّل التقويم المصرى القديم.. والأقباط صفّروه فى عصر الإمبراطور «دقلديانوس»
وقال إكرامى ساكت، باحث فى علم المصريات، إن يوم 11 سبتمبر هو بداية السنة القبطية القائمة على التقويم المصرى القديم، والذى جرى تعديله فى أيام يوليوس قيصر، حيث كان المصريون يعتمدون على التقويم الشمسى الذى يتم تحديده بناء على مجىء الفيضان والشروق الاحتراقى لنجم الشعرى اليمانية، والاثنان يتوافقان مع شروق الشمس حتى يتم حساب التقويم بشكل دقيق، متابعاً بأن هذا التقويم أحدث خللاً فى حساب عدد أيام العام، حيث كانت السنة بناء على هذا التقويم 360 يوماً ومدة كل شهر 30 يوماً فقط، وتم تعديل هذا الخطأ فى العصر البطلمى بإضافة 5 أيام.
وأضاف «ساكت» لـ«الوطن»: «كان التعديل التالى فى هذا التقويم على يد يوليوس قيصر، حيث جعل السنة 365.25 يوم، بحيث يضاف يوم كل 4 سنوات لتصبح السنة الرابعة سنة كبيسة، وهذا اليوم يضاف إلى شهر فبراير، ولم يغير أسماء الشهور فيما عدا يوليو ليكون على اسمه، وجعل الشهور الفردية (1، 3، 5، 7، 9، 11)، 31 يوماً فيما تكون الزوجية 30 يوماً».
وتابع: «فى عصر الإمبراطور دقلديانوس، الذى يُعد أقسى عصور الاضطهاد ضد المسيحية، قام الأقباط بتصفير التقويم القديم، وجعلوا السنة الأولى لحكم دقلديانوس (284 ميلادية) سنة 1 قبطية، ولذلك ارتبط العيد بعد ذلك بشهداء المسيحيين، حيث كانوا يخرجون فى العيد ليزوروا رفات الشهداء المخبأة».
وأوضح «ساكت» أن الأقباط أخذوا بالتقويم المصرى القديم المعدل وأصبح معروفاً باسم التقويم القبطى، والذى تحتفل بناء عليه الكنائس الشرقية بالأعياد، فيما أضاف البابا جريجورى الثالث عشر فى سنة ١٥٨٢ ميلادياً 10 أيام إلى التقويم اليوليانى.
وأشار إلى أن المصريين القدماء لم يحتفلوا بعيد النيروز يوم 11 سبتمبر، بل كانوا يحتفلون به يوم 17 يوليو، وذلك لأن السنة المصرية تبدأ بفصل الفيضان الذى يحدث فى الفترة بين 19 يوليو و27 من نفس الشهر، أى إن بداية السنة المصرية تكون بين 19 و27 يوليو.
ونوه بأن عيد النيروز كان يوافق يوم 17 يوليو، الأول من شهر توت فى التقويم المصرى القديم الذى يُنسب إلى «الإله تحوت»، رب الحكمة وإله المعرفة عند المصرى القديم، فى إشارة منهم إلى أهمية العلم والثقافة فى حياتهم، ولكن نتيجة تغير موسم الدورة الزراعية بعد ذلك، تغيّر موعد الاحتفال ببداية السنة الجديدة ليكون يوم 11 سبتمبر من كل عام.
وعن سبب تغير تاريخ رأس السنة الزراعية المصرية من 17 يوليو إلى 11 سبتمبر، يقول الدكتور ميسرة حسين، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، إن بداية الفيضان الفعلية تتوافق مع ظهور مجموعة «سُبدت» بالمصرية القديمة، والمعروفة فى الثقافة العربية بنجم الشعرى اليمانية.
وأضاف أن المجموعة الشمسية تدور فى المجرة، وتأخذ الدورة 10 آلاف سنة، ومع مرور الوقت أدت حركة المجموعة الشمسية إلى تحرك موضع نجم الشعرى اليمانية، وتغير موعد ظهوره إلى 11 سبتمبر.
«حليم»: موسم الخروج إلى الحدائق والمتنزهاتويقول القس بولس حليم، كاهن كنيسة مارجرجس بالقللى، إن السبب وراء الاحتفال بعيد النيروز هذا العام يوم 12 سبتمبر بدلاً من 11 كبقية الأعوام السابقة، أن هذه السنة القبطية كبيسة وليست بسيطة، موضحاً أن شهر النسىء هو آخر شهور السنة القبطية، ويسمى الشهر الصغير، وهو 5 أيام فى 3 سنوات متتالية، لذلك يوافق 1 توت ١١ سبتمبر فى كل عام عندما يكون شهر النسىء ٥ أيام، وفى السنة الرابعة يكون النسىء 6 أيام كما هو الحال هذا العام، فيوافق 1 توت يوم 12 سبتمبر.
ولفت كاهن كنيسة مارجرجس بالقللى إلى أن المصريين القدماء احتفلوا بهذا اليوم وأطلقوا عليه «نى- يارؤ» بمعنى «يوم الأنهار»، الذى هو ميعاد اكتمال فيضان نهر النيل، السبب الأول فى الحياة لمصر، وتحرف الاسم فيما بعد إلى «نيروز»، وهو العيد الذى كان يُمثل أول يوم فى السنة الزراعية الجديدة، وقد اهتم المصريون بالاحتفال بعيد النيروز كتراث ثقافى مصرى قديم.
واستطرد: «كان الاحتفال بعيد النيروز يتم فى مصر فى العصر المملوكى بشكل رسمى، حيث كان يُعد واحداً من الاحتفالات الكبرى التى يحتفل بها المصريون، مسلمين ومسيحيين، وكانت الدولة الفاطمية توزع العطايا فى هذا اليوم، وكانت هناك احتفالات شعبية تقام فى عيد النيروز كل عام احتفالاً بالفيضان ورأس السنة المصرية القديمة بحسب تقى الدين المقريزى».
واستكمل «حليم»: «كان المصريون ينصبون شخصاً باعتباره أميراً للنيروز، يطوفون به فى الشوارع والحارات فى موكب مهيب، يقوم بتحصيل أمول كهدايا من الناس، ويرش المياه على من لا يعطيه، ومن أقدم التقاليد التى ظهرت مع الاحتفال بعيد رأس السنة صناعة الكعك والفطائر، وانتقلت بدورها من عيد رأس السنة لتلازم مختلف الأعياد التى جُعل لكل منها نوع خاص به، وكانت الفطائر مع بداية ظهورها فى الأعياد تُزيَّن بالنقوش والطلاسم والتعاويذ الدينية».
وأشار إلى أن طريقة احتفال المصريين بالعيد كانت تبدأ بخروجهم إلى الحدائق والمتنزهات والحقول فى الأيام الخمسة المنسية من العام، وتستمر احتفالاتهم بالعيد خلال تلك الأيام الخمسة -التى أسقطوها من التاريخ- وكانوا يقضون اليوم فى زيارة المقابر، حاملين معهم سلال الرحمة (طلعة القرافة) تعبيراً عن إحياء ذكرى موتاهم كلما انقضى عام، ورمزاً لعقيدة الخلود التى آمن بها المصريون القدماء.
وأضاف: «كانوا يقدمون القرابين للآلهة والمعبودات فى نفس اليوم لتحمل نفس المعنى، ثم يقضون بقية الأيام فى الاحتفال بالعيد بإقامة حفلات الرقص والموسيقى ومختلف الألعاب والمباريات والسباقات ووسائل الترفيه والتسلية العديدة التى تفننوا فى ابتكارها».
وتابع بأن من أكلات قدماء المصريين المفضلة فى عيد رأس السنة «بط الصيد» و«الإوز» الذى يشوونه فى المزارع، والأسماك المجففة التى كانوا يعدون أنواعاً خاصة منها للعيد، أما مشروباتهم المفضلة فكانت «عصير العنب» أو «النبيذ الطازج»، حيث كانت أعياد العصير تتفق مع أعياد رأس السنة. ومن العادات التى كانت متبعة -وخاصة فى الدولة الحديثة- الاحتفال بعقد القران مع الاحتفال بعيد رأس السنة، حتى تكون بداية العام بداية حياة زوجية سعيدة.
وبحسب «حليم» سَنّ المصريون القدماء خلال الأيام المنسية تقاليد إنسانية، من شأنها أن ينسى الناس خلافاتهم وضغائنهم ومنازعاتهم، فتقام مجالس المصالحات بين العائلات المتخاصمة، ويُحل كثير من المشكلات بالصلح الودى والصفح وتناسى الضغائن. ونوه بأن التقاليد الإنسانية كانت تدخل ضمن شرائع العقيدة، حيث يطلب الإله من الناس أن ينسوا ما بينهم من ضغائن فى عيده المقدس، حتى يبدأ عيد رأس السنة بالصفاء والإخاء والمودة بين الناس.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: البابا تواضروس النيــروز السنة القبطیة الاحتفال بعید عید رأس السنة بعید النیروز بدایة السنة هذا التقویم عید النیروز حیث کان کل عام الذى ی
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد الدولي: انكماش الاقتصاد العراقي في العام الحالي
آخر تحديث: 24 أبريل 2025 - 11:32 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- توقع صندوق النقد الدولي أن تنمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تتضمن الدول العربية بنسبة 2.7% في 2025 تراجعا من 3.6% كانت متوقعة في يناير/كانون الثاني الماضي، وسط ضغوط الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.وراجع الصندوق في تقريره لنمو الاقتصاد العالمي توقعه لنمو الاقتصاد العالمي بالخفض إلى 2.8% خلال العام الجاري من 3.3% كانت متوقعة في يناير/كانون الثاني الماضي، كما خفض الصندوق توقعات نمو العام المقبل إلى 3% من 3.3% كانت متوقعة.وأشار التقرير إلى أن توقعاته لنمو اقتصادات كل من قطر والمغرب ومصر زادت على توقعاته السابقة، وأن اقتصادي كل من العراق والسودان سينكمشان.توقعات نمو الاقتصادات العربية_توقع صندوق النقد نمو اقتصاد السعودية 3% في 2025 تراجعا من 3.3% كانت متوقعة في يناير/كانون الثاني الماضي، وإلى 3.7% في 2026 من 4.1%._رجح الصندوق نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 4% في 2025 تراجعا من 5.1% كانت متوقعة في سبتمر/أيلول الماضي._توقع الصندوق نمو اقتصاد الجزائر بنسبة 3.5% في 2025 من 3% كانت متوقعة في سبتمبر/أيلول الماضي._توقع الصندوق انكماش اقتصاد العراق 1.5% بدلا من توقع نموه 4.1% في سبتمبر/أيلول الماضي._رفع الصندوق توقعه لنمو اقتصاد قطر إلى 2.4% في السنة الحالية من 1.9% كانت متوقعة في سبتمبر/أيلول الماضي._خفض الصندوق توقعه لنمو اقتصاد الكويت إلى 1.9% من 3.3% كانت متوقعة في سبتمبر/أيلول الماضي._يتوقع الصندوق نمو اقتصاد سلطنة عمان بنسبة 2.3% في 2025 تراجعا من 3.1% كانت متوقعة في سبتمبر/أيلول الماضي._رفع الصندوق توقعه لاقتصاد مصر إلى 3.8% في 2025 من 3.6% كانت متوقعة في يناير/كانون الثاني وإلى 4.3% في 2026 من 4.1%._رفع الصندوق توقعه لنمو اقتصاد المغرب إلى 3.9% في 2025 من 3.6% كانت متوقعة في سبتمبر/أيلول الماضي._خفض الصندوق توقعه لنمو اقتصاد الأردن إلى 2.6% في 2025 من 2.9% كانت متوقعة في سبتمبر/أيلول._توقع الصندوق انكماش اقتصاد السودان بنسبة 0.4% مقارنة بتوقعات بنموه 8.3% في سبتمبر/أيلول الماضي، لكن الصندوق توقع نموه 8.8% في العام المقبل.وحذر الصندوق من مصاعب تلوح في الأفق بالنسبة للشرق الأوسط وآسيا الوسطى تشمل زيادة تدريجية أبطأ من المتوقع في إنتاج النفط.وتتعرض الحكومات المعتمدة على النفط لضغوط بسبب تراجع أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوياتها منذ جائحة كورونا، ويستعد المسؤولون لمواجهة انخفاض الإيرادات بسياسات، منها إصدار المزيد من الديون وخفض الإنفاق.ويقول خبراء اقتصاد إن دول الخليج المصدرة للنفط لا يزال يُنظر إليها على أنها معزولة نسبيا عن تقلبات سوق النفط بفضل ارتفاع الاحتياطيات وانخفاض الديون وجهود التنويع الجارية.