علاقة خاصة تلك التى ربطت عيد النيروز، أو رأس السنة القبطية، بالدورة الزراعية عند الفلاح المصرى، لأنه فى الأصل كان احتفالاً فرعونياً ولكنه اكتسب مسحة قبطية، وارتبطت شهور تلك السنة القبطية فى الفلكلور الشعبى بالقطاع الزراعى.

وكلمة النيروز تعنى فى اللغة القبطية الأنهار، حيث تتزامن بداية السنة القبطية مع موعد اكتمال فيضان النيل، وقسم المصريون القدماء السنة الزراعية إلى 3 فصول كبرى، وقسموا السنة القبطية إلى ثلاثة عشر شهراً، كما دخلت شهور التقويم القبطى إلى الفلكلور الشعبى، فهو تقويم فرعونى اكتسب مسحة دينية مسيحية، وتم التعبير عنه بأمثال شعبية باللغة العربية.

 «كامل»: عرفه القدماء باكتمال فيضان النيل واعتمدوه تقويماً لفصول السنة منذ 4241 عاماً قبل الميلاد

قال ماجد كامل، الباحث فى الشأن القبطى، إن الأصل اللغوى لكلمة نيروز يفسره رأيان؛ الأول يُرجعه إلى أصل فارسى ومعناه «اليوم الجديد» باللغة الفارسية، أما الآخر فيُرجعه إلى أصل قبطى؛ فكلمة «نياروو» معناها أنهار باللغة القبطية؛ ولما كان هذا هو موسم الاحتفال باكتمال فيضان نهر النيل، نظم المصرى القديم هذا الاحتفال كرمز لوفاء النيل؛ وعندما دخل اليونانيون مصر أضافوا إليها حرف السين علامة اسم الفاعل فى اللغة اليونانية، فأصبحت «نياروو - س» وحُرفت مع الزمن إلى النيروز.

وأشار «كامل» إلى أن المصرى القديم هو الذى وضع هذا التقويم، وكان ذلك فى عام 4241 قبل الميلاد، عندما لاحظوا ظاهرة الشروق الاحتراقى لنجم الشعرى اليمانية والمعروف فى اللغة اليونانية باسم «سيروس SIRIUS» قبل شروق الشمس مرة كل عام، وكان المصريون يسمونه «سبدت» وهو ألمع نجم فى السماء، ويبعد نحو 8 سنوات ونصف سنة ضوئية عن الأرض، وقد قسموا السنة إلى 3 فصول كبيرة هى: الفيضان (آخت)، البذر والزرع (برت)، الحصاد (شمو).

وأوضح أنه جرى تقسيم السنة إلى 12 شهراً؛ كل شهر ثلاثون يوماً، وأضاف المصريون المدة الباقية وهى 5 أيام وربع اليوم وجعلوها شهراً بذاته سموه بالشهر الصغير أو (النسىء)، وبذلك أصبحت السنة القبطية 365 يوماً فى السنوات البسيطة، و366 يوماً فى السنوات الكبيسة، وعندما جاءت المسيحية إلى مصر فى عام 61 ميلادياً تقريباً، ومع حلول عصر الشهداء، أراد الأقباط أن يخلدوا ذكرى دمائهم، فاتخذوا من تاريخ اعتلاء دقلديانوس عرش الإمبراطورية الرومانية، وهو 284 ميلادياً؛ بداية التقويم لعصر الشهداء، واستمرت مصر فى اتباع هذا التقويم كتقويم رسمى للدولة حتى ألغاه الخديو إسماعيل عام 1875 ميلادياً، وكان يقابله عام 1539 للشهداء، واستبدله بالتقويم الميلادى الذى ما زال متبعاً حتى الآن كتقويم رسمى للدولة.

«المقريزى» صنّفه من مواسم لهو المصريين وكانت تتعطل فيه الأسواق وتُفرّق فيه الكسوة والفاكهة على رجال الدولة وعائلاتهم

ولقد كتب العلامة المقريزى عن احتفالات هذا العيد بشىء من التفصيل فى موسوعته، فقال عنه: «هو أول السنة القبطية بمصر، وهو أول يوم من (توت)، ويتم فيه إشعال النيران، وكان من مواسم لهو المصريين قديماً وحديثاً، وكانت تتعطل فيه الأسواق وتُفرَّق فيه الكسوة لرجال الدولة وأولادهم ونسائهم وحوائج النيروز من فاكهة الموسم البطيخ والرمان والموز والبلح.. وكثيراً ما كان الخليفة يتدخل فيُصدر أمره بمنع إيقاد النيران ليلة النيروز وصب الماء فى نهاره عندما يزيد الأمر عن حده فيأخذ من يخالف ليُحبسوا وآخرون، فيطاف بهم على الجمال لجرسهم أى «فضحهم»).

ودخلت السنة القبطية وشهورها إلى الفلكلور الشعبى المصرى بالعديد من الأمثال الشعبية فى هذه الشهور القبطية. يقول أشرف أيوب، الباحث فى التراث الشعبى: «الأمثال الشعبية حافظت على قيم وعادات وتقاليد المصريين من الاندثار، كما جاءت الأمثال الشعبية القبطية معبّرة عن الحالة الوجدانية للمصريين ومرتبطة بخبراتهم الحياتية لتترك لنا ميراثاً نتغنى به فى حاضرنا، وتجلى هذا فى الأمثال الشعبية المرتبطة بالشهور القبطية، حيث نجد من أمثال شهر توت «سبتمبر - أكتوبر» (لا خير فى زاد بييجى مشحوط، ولا نيل بييجى فى توت)».

وأوضح: «مشحوط معناه مرتفع الثمن، ومن المعروف أن الفيضان يأتى فى شهر مسرى أى قبل توت وبعدها يبدأ فى النقصان، وتبدأ زراعة المحاصيل الشتوية، أما إذا تأخر الفيضان وأتى فى توت فيفوت على الفلاح زراعة المحاصيل ولا يكون الخير فيه وأيضاً (توت يقول للحر موت)، أى تنكسر موجة الحر».

وهناك أيضاً «توت إروى ولا تفوت» أى الفلاح الذى لا يستطيع أن يروى أرضه فى ذلك الشهر لا يستفيد من زراعتها، بابة ويقع فى الفترة من 11 أكتوبر إلى 10 نوفمبر، ويقال عنه فى التراث «بابة خش واقفل البوابة» اتقاء للبرد فى هذا الشهر، وقيل أيضاً «إن صح زرع بابة يغلب النهابة، وإن خاب زرع بابة ما يجبش ولا لبابة» أى إن كثرة المحصول فى بابة مربحة مهما نُهب منه.

هاتور ويقع فى الفترة من 11 نوفمبر إلى 9 ديسمبر «هاتور أبوالدهب المنثور» وقيل أيضاً «إن فاتك زرع هاتور اصبر لما السنة تدور»، فهو الشهر الأمثل لزراعة القمح، وبرمهات يمتد فى الفترة من 10 مارس إلى 8 أبريل، ويقال فيه «برمهات روح الغيط وهات»، إذ يقع موسم الحصاد، وفى هذه الفترة أيضاً يكون موسم تفريخ البيض، وغالباً ما يقع فيه أيضاً الصوم الكبير عند الأقباط، وهم لا يأكلون البيض فيه، لذلك قال المثل «عاش القبطى ومات، ولا كلش البيض فى برمهات».

برمودة من الشهور المرتبطة بموسم الزراعة، حيث يقال عنه فى الفلكلور الشعبى «برمودة دق العمودة»، أى دق سنابل القمح بعد نضجها، وكذلك شهر أبيب ويقع فى الفترة من 8 يوليو إلى 9 أغسطس، ويقال عنه: «أبيب فيه العنب يطيب» وأيضاً «أبيب مية النيل فيه تريب»، وأيضاً «اللى ياكل الملوخية فى أبيب يجيب لبطنه طبيب»، فالملوخية غير مستحبة فى الموسم الحار، لذلك فالذى يأكلها يمرض ونحضر له الطبيب، وشهر مسرى، ويقع فى الفترة من 7 أغسطس لـ5 سبتمبر، ويقال عنه «مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة»، حيث يزداد فيه الفيضان فيغمر كل أرض مصر.

ويقول القلقشندى فى كتابه «صبح الأعشى فى صناعة الإنشا» على لسان أحد الرحالة: «عرفت أكثر المعمور من الأرض، فلم أرَ مثل ما بمصر من ماء طوبة ولبن أمشير وخروب برمهات وورد برمودة ونبق بشنس وتين بؤونة وعسل أبيب وعنب مسرى ورطب توت ورمان بابة وموز هاتور وسمك كيهك».

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: البابا تواضروس النيــروز السنة القبطیة

إقرأ أيضاً:

الشعر الشعبي

قصائد تنثر عطرها للوطن والسلطان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الأولى ـــــــــــــــــــــــــــــــ

رسالة حب من البحرين

للسلطنة المستوطنة بقلب الوفا

من بنت يأسرها الوفا وتمشي معه

بهدي قصيدٍ مشعله ما قط طفا

يضوي الغلا حول الجهات الأربعة

يا سيّدي السلطان كم شِعري حفا

يبحث عن أسلوبٍ ثري لك يجمعه

يا سيّدي الهيثم، وربّ المُصطفى

لك هيبةٍ تهدي خصيمك مصرعه

ويا سيدي اعذر قصيدي لا هفا

في وصف ما سوّت يديك المُترعة

إيدٍ بَنتْ فوق البنا حتى ضفا

وطال السما صيتك بصوتٍ يسمعه

منهو يواصل بالغلا ومنهو جفا

ومنهو على عهد الوفا لك موقعه

وإيدٍ تطبطب عـَ الشَعَب، حُبّ ودفا

حتى تعمِّن كل طموح وتشبعه

ولك إيد ترعى المعتني لك في الخفا

ولك في العلن فكرٍ حصيفٍ ما أروعه

وبك حزم يخشاه الضعوف من الهفا

وبك عزم يكسر شوكتينه ويردعه

"هيثم" واسمك للوطن طبّ وشفا

وعوقٍ لمن خاصم عمان، وزعزعه

راية بلادك من سلام ومن صفا

قدّامها يخسى الخبيث ومطمعه

ولك شعب يبصم بالولاء وبالكفا

ويفزع معَ سلطانه فـْ جَهد ودِعة

هالشعب رددّ لك معاً، جهر وخفا:

"سلطاننا يآمر وحنّا نتبعه"

خمسين عامٍ واربعاتٍ مترفا

والخير قدامٍ لنا رهن إصبعه

تحكم وطن يفخر بمجدٍ قد ضفا

وفي صفحة التاريخ رسّخ موقعه

بأسطول سجّل مُنجزٍ كلما طفا

تقصر مسافات المحيط لأشْرعه

وأسس لها في "زنجبار" وجه وقفا

دولة على أركان النصر متموضعة

تزهو عمان وتزدهر دون اكتفا

ما دام في فكرك لها عزّ وسعة

يا سيدي في السلطنة خير وعفا

من زود ما جودك حضنها بأذرعه

د. هنادي بنت عيسى الجودر ـ مملكة البحرين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــالقصيدة الثانية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العز منّك وفيك

ما تشبه الناس.. لا وأنت المهمّ الأهم!

يا الفارق بكلّ شيّ..العزّ منّك وفيك

الناس مثلك.. ولكن أنت مو مثلَهم!

وأنت المليك المعظّم ما تشابه مليك

الراحل اللي ترك لك (قوس)..وأنت (السهم)!

ارمي عسى توصل العلياء رمية يديك!

يا الشهْم، وآبو الشَّهم، وآخو الشَّهم والشَّهم

ما تنشد المدح.. هذا المدح طوعاً يجيك

يا البدر ...في ليلةٍ فيها الظلام ادلَهم

الليل من نور وجهك: صار فجره وشيك

(رؤية) بعين الحقيقة.. ما بعين الوهم

خذيت من (راحتك) كل ما عطت (راحتيك)

ما تشبه الناس.. لا وأنت المهمّ الأهم

يا الفارق بكلّ شيّ..العزّ منّك وفيك

(الشكر) يفْرق..إذا هو فيك.. أو هو لَهم

الناس: شكراً (لهم)، بسّ انت: شكراً (عليك)!

حمود المخيني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الثالثةــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فخامة فكر

نَخَى شَعبَه على عِز المَجِد ورَزَّةِ التمجيد

وأرخىٰ هالزِّمام اللي سِجَد لَهْ كِل من حَبَّه

جِمَع طِيبٍ مع الهِمّة، وعزمٍ قَبْضِتَه بالإيد

وطاح الحِزْن بِمْرادَه، طَلع من جُملة الحِسبة

نَظَر جِرناس، سَطَع نِبراس، مروّض صافنات الجيد

بصيرة قلبه الصافي، قَبَس بَه يِهْتِدي دربه

فخامةْ فِكر، أرقى نسل، مُتعِب كثرةِ التعديد

يقولون النَّقِص إنسان.. مقامك ذا يِشَكِّك بَه

فَخَر دهرٍ بعد ما قد شكى من معضلات البيد

إلين بموج إكرامِك، طَمىٰ واخضرّت العِشبة

مُدُن، تِحكي طُهُر، أصلب ظهر، الجود بالتحديد

نهر فضلك جِمَع رِفدٍ سِكَب من إيدك العذبة

لِذا إن قِلت بحكي قصتك يا سيدي وآزيد

أخاف إني إذا أحكي، تجف لهاتِيَ الرطبة!!

يكادْ إني إذا يُذكر اسم "هيثم" بكل تأكيد

يرجّعني الزِّمن دايم إلى الأمجاد والصَحْبَة

مَشى كل الدهر خَلفَه، يِسَيِّر موجة التجديد

قِيادَة، من فِكِر قائد، به الأجيال تِتْشَبّه

نَسِل أرقى ملوك الأرض، أبرارٍ بلا تحديد

تعايا هالزِّمن ينجب شراهُم شَرقه وغَربه

سلاطينٍ تِفَرّد بينهم هالحِلم بالتفريد

مَهابَة رَبّ تِكسيهُم، لِذا تِسْتَوجب الرهبة

لَجِل أعظم ملوك الأرض بالتعظيم والتمجيد

وَجَبْ هذا الدهر يوقف بإجلال ٍ يِفاخر بَه

أحمد الغافري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالقصيدة الرابعةــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دولة وسلطان

عمان يا دار العطاء والفضايل

يا باهية بشعبها دولة وسلطان

أهديتي للعالم عظيم الرسايل

من "يشبهش" بالمجد والفخر يا عمان؟

عمان و"لش" نسعى بشتى الوسايل

نسقي "ترابش" من ولانا وعرفان

الشعب واحد كاسبين الجمايل

وأفعالنا رحمة على كل إنسان

وانتي علينا نور وافي الدلايل

يا شامخة بالعز على مر الأزمان

وسلطاننا "الهيثم" بالعز شايل

"اسمش" على أكتاف قايد وربان

يبحر بنا والبحر والموج هايل

قاصد يوصلّنا إلى بّر الامان

ونحنا على "عهدش" ما حد مايل

كلنا "نصونش" حب يا أرضنا عمان

يا سلطنة تاريخ في الكون طايل

في "مفرداتش" نور على كل الأكوان

حافظ "عليش" الله من وقت زايل

وقلوب هذا الشعب "لش" خير برهان

طارش قطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالقصيدة الخامسةـــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقفة مهابة

عند الهمام الشهم نوّخ ركابه

عرش الزعامة عندما وقتها حان

"الهيثم" اللي كان اول خطابه..

ميثاق عهدٍ للوفاء صار عنوان

وقف .. وطالت قامته للسحابة

وهو الطويل المجد العالي الشان

وقفة شموخ واعتزاز ومهابة

شعبه بها يختال ويطير نشوان

وقّف.. وما في الارض له من مشابه

يحب اسم "عمان"ـ وتستاهل "عمان"

لا هنت يا صدر الرضا والرحابة

ولا هانت عماننا وأنت سلطان

وأنت الحصيف الرأي اللي حسابه

يشوف أمرٍ للملأ ما بعد بان

يا نسل أركان الجلد والصلابة

والعزم والإقدام في كل ميدان

أجدادك اللي البحر شقوا عبابه

ما ردهم لو كانه البحر طوفان

وفي الصحاري سِبعها والذيابة

كم في الفيافي رمح مدفون وسنان

سادوا بشرع الله وعلى كتابه

دانت لهم أزمان، وشعوب، وأوطان

سعيد البرعمي

مقالات مشابهة

  • أبرز ما جاء في المؤتمر الصحفي لمهرجان الإسماعيلية للأفلام القصيرة
  • مهرجان الإسماعيلية الدولي يعلن أسماء المكرمين بالدورة الـ26
  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في المهجر تشهد أول احتفال بعيد الميلاد
  • التفاصيل الكاملة لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية الـ26
  • 26 تمثالا ومومياء.. تفاصيل العثور على كنز فرعوني داخل منزل ببني سويف
  • مسحة بسيطة تكشف أمراضاً خطيرة قبل ظهور أعراضها.. تعرف على التفاصيل
  • السنة الأمازيغية 2975.. احتفال بالتراث وتعزيز الهوية المغربية
  • الشعر الشعبي
  • الداخلية تضبط 26 تمثال فرعوني ببنى سويف
  • الحشد الشعبي ينتشر في الطارمية.. صور