على جبلٍ من ذكريات الطفولة، وبحسرةٍ كادت أن تكسر قفص صدره، يقفُ عباس كاظم أمام شجرة نخل يتذكر اللحظات الأولى لزراعتها على يد والده عندما كان في الثامنة من عمره، لكنه يشهد اليوم على “شيخوختها” مُبكرًا دون جدوى: “وصلنا إلى حال حتى صرنا نخاف على أنفسنا من الجفاف..”.

ليست هذه حال كاظم فحسب، بل يبدو الواقع متكررًا مع الكثيرين غيره، بعد أن احتل الجفاف مساحة واسعة من الأراضي الزراعية في العراق، وبات يُهدد وبشكل علني الانتاج الداخلي وأمام أنظار الجهات المعنية التي تظهرُ “في الغالب” مكتوفة الأيدي بدون أي حلول آنية أو مستقبلية.

ووفقًا لتقارير سابقة، فإن العراق نجح في استغلال ما يقدر بنحو 18 مليون دونم من أصل 32 مليون دونم من الأراضي الزراعية. في حين أن النسبة كانت أكبر قبل عام 2003.

هذه الأسباب، دفعت عباس كاظم والعشرات من أمثاله سواء في كربلاء أو المحافظات العراقية الأخرى إلى فقدانهم لبساتينهم وأراضيهم الزراعية بسبب ظاهرة تجريف البساتين وهجرة المناطق الزراعية. وهذا ما يعني -بحسب مراقبين- زيادة المخاطر البيئية بسبب قلة المساحات الخضراء.

تراجع الانتاج وزيادة الاستيراد

ويقول رئيس إتحاد الجمعيات الفلاحية في كربلاء، جواد كاظم الكَريطي  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن شح المياه بالأنهر تسبب بالجفاف في المناطق الزراعية بعموم المحافظة، ما تسبب بمشاكل كثيرة في القطاع الزراعي من حيث الإنتاج وأصبح الإعتماد بشكل كبير على المحاصيل المستوردة وهذه طامّة كبرى”. على حدّ قوله.

ونتج عن الجفاف “إرباك للمزارعين والفلاحين وخلف ظاهرة تجريف وتفتيت البساتين وبيعها من أجل المعيشة، فضلاً عن الهجرة من الأرياف إلى المدن، وهذا هدم للزراعة وإقتصاد البلد”. هذا ما يراه الكريطي.

ويضيف: إن “التصحر بدأ يظهر في المناطق الزراعية وسيخلف آثار سلبية كثيرة في جانب البيئة وستنسحب على المدن، لكن هناك فلاحين ما زالوا متمسكين بأراضيهم ما لم يسوء الحال بشكل أكبر”، مطالبًا الحكومة المركزية بـ”وضع خطط لمعالجة هذا الملف وحل أزمة المياه”.

تهديدات مادية واجتماعية

من جانبه يشير عضو مجلس النواب عن محافظة كربلاء جواد اليساري  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إلى إن شح المياه هو “مشكلة على مستوى العراق، وفي كربلاء وصل تأثيره إلى عدم توفر الماء الصالح للشرب في كثير من مناطق المحافظة، وأصبح تجهيزها بالماء وفق نظام المراشنة وإنعدم توفره للزراعة بشكل كبير”. على حدّ قوله.

ويكشف عن وجود توجيه من قبل وزارة الزراعة بعدم وضع أي خطة زراعية في كربلاء مستقبلاً. ويؤكد “عدم توفر المياه لزراعة البساتين خلف الكثير من المشاكل المادية والإجتماعية لأبناء المناطق الريفية الذين يعتاشون على الزراعة وهي مصدرهم الوحيد لتوفير متطلباتهم وقد أصبحت معدومة الآن”. بحسب رأيه.

ويقول إن البساتين “باتت لا تدر الأموال على مالكيها وبالتالي أصبحت تُجرّف نتيجة الطلب على شرائها لا سيما القريبة من مركز المدينة لتحويلها إلى أراضِ سكنية كون أسعارها مرتفعة وأكثر من ما تدره الزراعة”، مستدركا “لكن ما زال هناك جزء من البساتين قائمة وأصحابها متمسكون بها أملاً بإحيائها”.

وأعرب النائب عن محافظة كربلاء، عن أمله بزيادة الإطلاقات المائية للأنهر العراقية من تركيا لحل مشكلة توقف الزراعة وإنتعاشها من جديد.

المصدر: وكالة تقدم الاخبارية

كلمات دلالية: فی کربلاء

إقرأ أيضاً:

البنك الدولي يشيد بريادة المملكة في تطوير تقنيات “تحلية المياه” منخفضة الطاقة وجهودها في إدارة المياه

أشاد البنك الدولي في تقريره الصادر بعنوان “تحديث الاقتصاد الخليجي: مواجهة تحديات المياه في دول مجلس التعاون الخليجي – مسارات نحو حلول مستدامة” بالجهود التي تبذلها المملكة في تطوير قطاع المياه، ولا سيما في مجال تحلية المياه، مؤكدًا أن المملكة باتت نموذجًا متقدمًا في رفع الكفاءة وخفض استهلاك الطاقة.

 

وسلّط التقرير الضوء على محطة الشعيبة 5 -الأحدث بين محطات التحلية في المملكة- التي بلغت طاقتها الإنتاجية 664,490 مترًا مكعبًا يوميًا، محققةً معدلات استهلاك طاقة هي الأقل على الإطلاق، وبلغ استهلاكها 2.

34 كيلو واط/ساعة لكل متر مكعب، مقارنةً بـ 4 إلى 5 كيلو واط/ساعة في المحطات التقليدية.

ويُعزى هذا التحسّن النوعي في كفاءة التشغيل إلى حزمة من الحلول التقنية المتقدمة، أبرزها أغشية التناضح العكسي الحديثة التي تقلل الحاجة إلى الضغط العالي والطاقة، وأجهزة استعادة الطاقة التي تلتقط وتُعيد استخدام الضغط الناتج عن عمليات التحلية، وأنظمة معالجة مسبقة محسّنة تقلل من التلوث وتطيل عمر الأغشية، إضافةً إلى دمج مصادر الطاقة المتجددة، خاصةً الطاقة الشمسية، لتقليل الاعتماد على الكهرباء التقليدية.

اقرأ أيضاًالمملكةدرجات الحرارة والطقس المتوقع ليوم الاثنين 7 أبريل 2025

وأكد التقرير أن هذا التحول لا يُسهم فقط في خفض التكاليف التشغيلية، بل يُمثل أيضًا خطوة إستراتيجية نحو تحقيق أهداف الاستدامة البيئية.

وتعمل الهيئة السعودية للمياه على تنفيذ خطة طموحة تهدف إلى خفض كثافة استهلاك الطاقة في قطاع المياه بنسبة 30% بحلول عام 2030، مقارنةً بمستويات عام 2019، عبر توظيف التقنيات الحديثة وتطبيق سياسات مستدامة.

 

ويشكل ما تحقق في محطة الشعيبة 5 نموذجًا عالميًّا يمكن الاستفادة منه في مناطق أخرى تعاني شحًّا الموارد المائية، ويؤكد ريادة المملكة في تطوير حلول فاعلة لتحديات المياه على المستوى الدولي.

مقالات مشابهة

  • البنك الدولي يشيد بريادة المملكة في تطوير تقنيات “تحلية المياه”
  • البنك الدولي يشيد بريادة المملكة في تطوير تقنيات “تحلية المياه” منخفضة الطاقة وجهودها في إدارة المياه
  • استمرار الجهود الحكومية لتحسين واقع ضخ المياه إلى مدينة حلب
  • “بافيليون باي رامس” يبشر بتعزيز هطول الأمطار وتخفيف الجفاف في العراق
  • أمانة الشرقية تطرح 286 فرصة استثمارية متنوعة عبر منصة “فرص”
  • "بافيليون باي رامس" يبشر بتعزيز هطول الأمطار وتخفيف الجفاف في العراق 
  • دراسة: قدرة الأرض على تخزين المياه تتراجع بفعل تغير المناخ
  • “هيئة الطرق” و “وِرث”ً يُطلقان مبادرة لوحات “ورث السعودية” على الطرق السريعة
  • سفراء أوروبيون يحذرون من حملة “قمع” ضد المنظمات غير الحكومية في ليبيا
  • عبدالله السدحان يعود في “هروج”.. إليكم موعد العرض