البوابة نيوز:
2025-02-02@01:51:17 GMT

النقد الموضوعى وضحاياه

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

يعرف كل من له علاقة بالفنون والإبداع في كل المناحي أهمية النقد ودوره، فلا يقتصر أن يحلل العمل ورموزه ولكن عليه أن يغطي بوعي كل العناصر الفنية من قصة وإخراج وحركة كاميرا وأداء وإضاءة، فهو الوسيط بين المبدع والجمهور، وعليه أن يلتزم الموضوعية ولا يكون ناقدًا انطباعيًا باحثًا فقط عن السلبيات أو عن الايجابيات وينحصر حديثه في إحداهما.

دور الناقد حتمي ومهم جدًا مادام هناك عمل ينتج وعليه يجب أن يكون الناقد مُحبًا للسينما أو المنتج الدرامي ومدركًا بتطورات الأحداث وتاريخ الإبداع ولديه قدر كبير بالمعرفة السياسية والأدب والتشكيل والموسيقى حتي يلعب الدور المنوط به كهمزة الوصل بين الجمهور والعمل وكذلك وضع الضوء علي سلبيات العمل ليتجنبها كل المشاركين وتكون آراؤه بوصلة يستفيد منها كل من شارك في العمل الفني، وهنا يأتي السؤال: هل لدينا عدد كافٍ من تلك النوعية من النقاد التي تدفع بالإنتاج الفني إلى التجويد ونشر قيم التصالح مع الحق والخير والجمال وقيم الولاء والإنتماء مما يضيف إلى التاريخ الفني المصري العريق والثري بأعمال مازلنا نتابعها وبعضها شرفنا في كثير من المحافل والمهرجانات العالمية؟.

الإجابة أعتقد وبموضوعية لغير صالح النقد فما زال البعض من المنتجين يبحث عن فنون تعتمد علي كوميديا ساذجة وأكشن دخيل منقول ومقلد لبعض الأفلام الأمريكية من مطاردات وعنف يصل إلى حد الرعب والفزع وأحيانًا الدجل للأسف، فتوارى النقد المهني الواعي إلا القليل وكثيرًا ما نجد بعض مجاملات ومهرجانات بعضها للترضية والأخرى سبوبة وتضيع أعمال تبهرني وتبهر الجمهور ولكنها لا تجد المدافع أو الناقد الموضوعي الذي يكتسب ثقة المبدع والجمهور، وتلك مهزلة أرى من نتائجها التي عاصرتها ما حدث مع المخرج القدير يوسف شاهين فقد حضرت معه في باريس عرض فيلم «إسكندرية كمان وكمان» مع شقيقي محمد نوح فقد كان واضعًا لموسيقي الفيلم، هالني كيف قابل الجمهور الفرنسي المخرج العبقري، وقف الجمهور ما يقرب من خمس دقائق يصفقون للرجل بمجرد دخوله البنوار.

وهنا يأتي سؤال آخر: هل تم نقد موضوعي مهني لأفلام المبدع يوسف شاهين؟ أم كان بعض النقد إنطباعيًا طيبًا وغير مهني علي الاطلاق وتركناه لجمهور الترسو يطلقون عليه كلمات ساذجة مثل «أفلامه غير مفهومة وبيعمل تغريب» ويبحثون عن الكمال وما يدركوه من سذاجة نابعة من أفلام تشجع علي الهطل ويلعب المخرج دور البلاسير حين يستقبل رواد السينما ليرشدهم لمقاعدهم فيلعب المخرج نفس الدور للوصول بالمشاهد إلى النهاية السعيدة وزواج الحبيب بالحبيبة وزفة وإستعراض ممجوج لراقصة أو أن يموت المجرم وتأتى الشرطة في نهاية الفيلم ليخرج المشاهد سعيدًا راضيًا، رغم أن تلك نوعية من السينما تساعد علي عدم إعمال العقل، وكما قال القدير زكي نجيب محمود: «حلول الصدف تبعدنا عن المنطق وإعمال العقل»، وكما قال كافكا، الكاتب التشيكي: «الرواية التي لاتصدمك لاتستحق القراءة».

إنها دعوة للاهتمام بالإبداع والنقد ولا نختلف مع كل جديد وإنما نترك المجال مفتوحًا لفرز الأفكار الجديدة وأرجو أن ندرك أنه حين تجد نفسك مختلفًا مع كل جديد من ذوق وإبداع تذكر أنك كبرت عمرًا وتلك صفة حياتية فسيد درويش كان مرفوضًا من جمهور التخت والغناء المبني علي السلطنة والأداء التركي، وحين ظهر عبدالحليم كان يرفضه البعض وحين ظهر محمد نوح بعضهم كتب موسيقي القرود وحين ظهر عمرو دياب أطلق البعض عليه مطرب التنطيط.

النقد الموضوعي والمهني هو الحارس للإيضاح وتنوير الناس بمفردات الإبداع فالمشكلة الحقيقية أن البعض يعرف في التمثيل ولا يعرف في الإخراج ومن يدرك الإخراج لايدرك قيم التشكيل ومصدر الضوء والعدسات والكادرات وقيمة الكلوز وحتمية اللونج ومتي يتحدث الممثل بظهره ومتي يقف على العالي في الديكور واستخدام السلالم في حركة الممثل ولماذ تستحم البطلة ثم لماذا ذهبنا إلى البحر لارتداء المايوه وما السبب! ولا يمكن أن يكون شباك التذاكر لجذب المراهقين، ومتي يقف الممثل في كادر أو أرش.

يا سادة لدينا خلال مشوار السينما الطويل عباقرة في الإخراج قدموا وبوعي كل ما ذكرت ويدركه كل عاشق مدرك لفنون السينما والدراما والمسرح وكل من قرأ لأكسندر دين أو فن الإخراج السينمائي لسيدني لوميت. مصر بلد عظماء الإخراج، مصر بلد صلاح أبو سيف ويوسف شاهين وحسين كمال وحلمي رفله ونيازي مصطفي وبركات وعاطف سالم وحسام الدين مصطفي وحسين كمال وسعيد مرزوق.

هل لنا أن نتعرف على بعض أسماء النقاد كان لهم الفضل في وجود سينما نفتخر بها ونشاهدها كلما عرضت علي شاشات التليفزيون، وأتذكر منهم يوسف شريف رزق الله، كمال الملاخ، كمال رمزي، علي أبو شادي، سمير سرحان، د. عبدالمنعم تليمة، د. عبدالقادر القط، د. جابر عصفور، جليل البنداري، د. علي الراعي، د. صلاح فضل، د. غالي شكري، أحمد صالح، سمير فريد، د. وليد سيف، أحمد الحضري، تلك أمثلة أضعها لنتعرف عن أعمال سينمائية وأدبية كتب عنها هؤلاء العظماء وكيف كانت نتائج ما إنتجته فنون الإبداع في عصر النقاد الحقيقيين. النقد هو قاطرة التنوير للمبدع وللمتلقي، حفظ الله مصر ومبدعيها فهي تنطلق وتستحق.

حسين نوح: ناقد وفنان تشكيلى

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

التشهير وتشويه السمعة!

#التشهير و #تشويه_السمعة!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات


​أعلِن أوّلًا أن هذه المقالة لا ترتبط بقضية معيّنة، ولا بشخص معيّن، ولا بمؤسّسة معيّنة، ولا ببلد معيّن. فالدول العربية ما زالت تدّعي أنها ديموقراطية ناشئة؛ ولذلك، تخشى من خطرات النسيم أن تجرح خدّيها، ومن لمسات الحرير أن تُدمي بَنانَها.
​وبناءً على هذا الخوف، وضعت قوانين تحميها، وتحمي مؤسّساتها، وقادتها، ورموزها، وكل ما يمتّ لها بصِلة، وكن ذلك طبعًا على حساب المواطن الفرد . والمواطن الفرد هو: إعلامي، صحفي، ناشط، معارض، كاتب مؤثر، مفكر، صاحب رأي….إلخ.
​ونظرًا لتزايد الدعاوى، ومرونة القوانين “القمعيّة”، فإن بداية خلل، وكسر توازنات اجتماعية، وعائلية، ووظيفية، وأخلاقية بدت بالانتشار الواسع بين الأفراد، وبين الفرد والمؤسّسات، وبين الفرد والقيم بأنواعها: أخلاقية، ثقافية، دينية، فكرية، وحتى عبثية!!!
​صار بإمكان أيّ شخص أن “يجرجر” أيّ زميل له، أو بائعٍ اشترى منه، أو كاتبٍ نشر فكرة لم تعجبه؛ ليصبح زبونًا للمحامين، والمحاكم!
​نعم، حصّنت الحكومات أشخاصها، وتركت الأفراد نهبًا للمساءلات! وصار بمقدور أي مسؤول أن يسائل أيّ ناقد، أو معارض، بدلًا من العكس! فالشخصيات المسؤولة البارزة، تحاكم الشخصيات المغمورة، بدلًا من العكس!!

(01)
الشخصية العامة
​ ليس في الفقه القانوني، والقوانين العربية تعريفات للشخصية العامة، بخلاف فقه محاكم حقوق الإنسان التي وضعت عددًا من المواصفات التي تنطبق على مَن يمكن تسميته بالشخصية العامة، كتطبيق قاعدة: من يحكم يُسأل!!، بمعنى: الشخصية العامة هي من يعمل برسم السياسات العامة للدولة، وإنفاق المال، واتخاذ قرارات تتعلق بأوضاع الآخرين، ومصائرهم. وهذا سبب كافٍ لمحاسبة أيّ موظف عام “خادم” من قبل الشعب وهيئاته، ونقده علنًا.
​وهذا يعني أن الشخصية العامة يمكن أن تكون رسمية، أو فكرية، أو حزبية، أو عاملة في مجال العمل الرسمي، وغير الرسمي، والتطوعي، وغيره. فالشخص العام، هو كل من يتعامل بالشأن العام. وقد قيل: يتبرع الشخص العام بثلثي عِرضه، وكرامته مجانًا!! بمعنى أنه عُرضة للنقد، والتجريح المقبول، وغير المقبول!! وعليه أن يقبل ذلك!

(02)
نماذج وأحكام
​في أرشيف المحاكم الدولية، يمكننا رؤية قضايا ضاق المسؤولون ذرعًا بالنقد، فصدرت أحكام كلها لصالح المتّهَمين، ونصّت أحكام يمكن اختصارها بما يأتي:

مقالات ذات صلة المفرق: سيدة الإجماع والاجتماع،وأرض الفرص الواعدة 2025/01/31 لقد عرض المسؤولون أنفسهم طوعًا للرقابة العامة منذ لحظة قبولهم بالوظيفة العامة؛ لأن قراراتهم صارت تحت مرأى الرأي العام، ومَسمعه. ينبغي للشخصية العامة تحمّل النقاشات، والأفكار، والآراء التي تصدر حول أنشطتها، ونطاق مهامّها. أوردت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نصّا يقول: ينبغي للشخصيات العامة أن لا تتمتع بحقوق الأفراد العاديّين نفسها. فالأفراد يجب أن يبقوا أكثر حصانةً! وكل مسؤول حاليّ، أو سابق، عليه أن يقبل النقد. ويرى فقهاء مصريون أن المواطن العادي، والإعلامي يجب أن يتمتع بحرية واسعة في نقد المسؤولين. وهناك إشكالية التمييز بين نقد بنّاء، وما يمكن أن يسمّى (تجريحًا). ورد في حكم المحكمة الدستورية العليا بمصر طعن 42 لسنة 2016: الحق في النقد هو إسهام مباشر في صون الرقابة المتبادَلة بين السلطات. وللمحكمة سُلطة تقدير التمييز بين النقد، والشتم، والسب!!

(03)
فقه العروبة!
​لا يوجد تعريف للشخصية العامة، ولا يوجد نصّ صريح في مصر، والمغرب، والأردن يبيح انتقاد الشخصيات العامة. ويميز القانون العراقي بوضوح بين النقد، والتشهير. فمتى يتطور الفقه العربي بما يحمي المواطن؟!

(04)
ديموقراطيّتنا ناشئة
​كأي ديموقراطيّة يحكمها قانون الجرائم الإليكترونية تحت شعار: ديموقراطيّتنا ناشئة، وبذلك سوف نبقى تحت أحكام قوانين حادّة تسمح لــ “مين ما كان” من المواطنين، وغيرهم أن يسحب بعضُهم بعضًا للمحاكم!!!
​إذا كانت ديموقراطيّتنا ناشئة، فمتى تنضُج؟ أو هل يُسمح لها بالنُّضج؟!!
فهمت عليّ جنابك؟!

مقالات مشابهة

  • "تحولات السينما العُمانية".. رصد تاريخي لنصف قرن من الإبداعات على "الشاشة الكبيرة"
  • طليق أصالة يثير الجدل بحذف أغانيها من يوتيوب
  • شاهد| فعاليات الصالون الثقافي "السينما والذكاء الاصطناعي" بحضور نجوم الفن
  • ريتشارد جير سينال جائزة غويا لـمساهمته الاستثنائية في السينما
  • التشهير وتشويه السمعة!
  • ريتشارد غير يُكرَّم بجائزة غويا لمساهمته في السينما والعمل الإنساني!
  • بيئـة عمـل لا تنصـف البعـض !
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • استشاري: عدم تهوية المنازل في الشتاء يُزيد من الإصابة بالبرد
  • إيرادات السينما أمس.. الدشاش في المقدمة وسنو وايت يحصد 523 جنيها