إخوان تونس واللعب فى الوقت الضائع!
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
أيام فارقة تعيشها حاليًا حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في تونس، بعد القبض مؤخرًا على رؤوسها، في خضم محاولات النظام تطهير البلاد من عناصر الحركة وتغلغلهم في مفاصل الدولة لإعاقة تقدمها ووضع مؤامرات لتحريض الرأي العام ضد الرئيس قيس سعيد.
فهل كشف المستور عن جرائم إخوان تونس مؤشرات لاحتضار الحركة وهي التي تلعب في الوقت الضائع للعودة للساحة السياسية بوجوه الصف الثاني من خلال عقد مؤتمرها السنوي الحادي عشر أكتوبر المقبل؟.
جاء إلقاء الشرطة التونسية القبض على اثنين من أبرز قادة حركة النهضة ضربة في مقتل لجماعة الإخوان، حيث شملت الرئيس المؤقت منذر الونيسي الذي حل محل زعيمها راشد الغنوشي المحبوس منذ خمسة أشهر على ذمة عدة قضايا. ويتم التحقيق مع الونيسي بشأن نشر تسجيلات صوتية منسوبة له تتضمن توجيهه اتهامات خطيرة بجرائم فساد تورط فيها قيادات إخوانية.
كما تم القبض على عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى وهو أعلى هيئة بالحركة ويجري التحقيق معه حول ما يعرف بانتدابات جماعة العفو التشريعي العام التي تمت بعد ٢٠١١ بتعيين حوالي سبعة آلاف موظف من الإخوان وأنصارهم للسيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، كما صرفت تعويضات بالملايين لعناصر الإخوان وتعيينهم وأفراد عائلاتهم في وظائف ومناصب عليا بمن في ذلك أشخاص مُتهمون في قضايا إرهابية.
وتُعد التسريبات الصوتية بصوت الونيسي الرجل الثاني في الحركة تطورًا هو الأخطر في ملف إخوان تونس لأنها فضحت فساد عائلة الغنوشي ونجله معاذ، الذي يشترك مع رضا إدريس، عضو المكتب السياسي للحركة في إرسال الأموال إلى القيادي الإخواني محمد الغنودي، والغنوشي الابن الذي يعيش في سويسرا يُعد من أخطر عناصر التنظيم حيث يحاط بشبكة علاقات واسعة وبإمدادات مالية كبيرة بمساعدة صهره، علي غالب محمود همت، أحد كبار قيادات الإخوان في سوريا، المتحصن بجنسيته البريطانية.
وكشفت هذه التسريبات سرّ تدفق الأموال الإخوانية إلى تونس من الخارج بالرغم من تجميد أموال أغلب قيادات النهضة كما تجيب عن التساؤلات حول تضخم ثروة الغنوشي والملف المالي المشبوه للنهضة.
وكشف «الونيسي» أيضا تحالفات حركة النهضة مع رجال أعمال نافذين، من أجل العودة مُجددًا إلى الخارطة السياسية، والترتيب لخوض انتخابات الرئاسة ٢٠٢٤، ويكشف «الونيسي»، من حيث لا يدرى، حالات الفساد المستشري التي اكتشفها بعد توليه رئاسة النهضة، قائلًا بالحرف: «لو كنت تفطنت لربع أو خمس الأشياء الغريبة والعجيبة في الحركة لما قبلت بتولي القيادة»، مُطالبًا بضرورة تغيير حقيقي في الحركة، ولعلّ الطُعم يكمن في العبارة الأخيرة ضرورة التغيير!
وإذا كان التونسيون قد خبروا بوضوح خلال سنواتهم الماضية المتأزمة كيف استخدم قادة النهضة الدّين ليقبضوا على مقاليد السلطة، إلا أن الاعتراف بفساد قيادات الحركة عندما يأتي من المسؤول الأول عنها يكون ضربة قاضية، وشعور التونسيين الضحايا الذين يصارعون الأزمات المعيشية يوميًا شديد القسوة بينما قيادات الإخوان «شايخين»؛ وهذه العبارة المستفزة للناس التي استخدمها الونيسي تعني في اللهجة التونسية التمتع بالامتيازات ورغد العيش، وذكرها في معرض اتهامه أشخاص داخل النهضة اغتنوا في السابق وأشخاص آخرين يريدون الآن أن يستغلوا الوضع، وذكر بالاسم «زينب» –ويقصد القيادية زينب البراهمي التي وصفها بأفعى كبيرة تريد التمعش من الحركة.
والسؤال الآن: «هل تعني هذه التطورات حقًا أن حركة النهضة تتهاوى وتكتب سطورها الأخيرة أم أنها تمثيلية للإيحاء بوجود انشقاق في صفوفها بين حرس قديم وآخر من الصف الثاني، تمهيدًا لتولي الأخير القيادة وبدء صفحة جديدة مع قصر قرطاج ومؤسسات الدولة؟!».
التونسيون يتمنون بلا شك أن تكون هذه الفضيحة الفصل الأخير في مسلسل العشرية الحزينة بعد أن فاض بهم الكيل، لكنّهم لا يستبعدون كونها حيلة لا تنطلي عليهم بهدف إطلاق نسخة جديدة من الحرباء المتلونة النهضة، خاصة وأن الونيسي حاول جاهدًا الإيحاء بأنه على وفاق مع قصر قرطاج.
لذلك يؤيد كثيرون مطالب برلمانيين وسياسيين وأنصار الرئيس بحل حركة النهضة وقطع رأس الحرباء! غير أنّ البعض في المقابل لا يتعجل حل الحركة مدركين ألاعيب الإخوان في العمل السري وحبك المؤامرات لتأجيج الأوضاع قصد الإطاحة بالرئيس سعيّد والمنظومة الحاكمة، ولا يُتوقع أن يتحمّس الرئيس بدوره لإصدار قرار بسحب الترخيص، فمن المعروف عنه حرصه على المسار القانوني وانتظار ما يصدره القضاء من أحكام نهائية.
لذلك، السيناريو المرجح الآن انتظار ما سوف تسفر عنه التحقيقات وأحكام القضاء بشأن الاتهامات الموجهة ضد الغنوشي وعلي العريّض والآخرين المتورطين في الاغتيالات السياسية وتسفير التونسيين للقتال مع الجماعات الإرهابية والتمويل الأجنبي وتبييض الأموال.
أما السيناريو الآخر المتمثل في استمرار حركة النهضة لكن بقيادات الصف الثاني يتزعمهم الونيسي، فهذا يبقى أحد الأهداف المحتملة للتسريب الصوتي لفتح الباب للتفاوض مع الرئيس ومؤسسات الدولة من أجل العودة للساحة السياسية بوجوه جديدة.
وقد يكون مؤتمر الحركة في أكتوبر المقبل فرصة لإبعاد الغنوشي والصف الأول من القيادات "المحروقة". لكن من المستبعد قبول الرئيس سعيّد التفاوض مع الإخوان وسيستكمل المسار القضائي لحين صدور أحكام ضدهم، وهذا ما يرجح السيناريو الثالث الأسوأ للإخوان وهو تصاعد الانشقاقات داخلهم مما قد يعيق عقد مؤتمرهم وسقوط المزيد من أقنعتهم أمام الشعب التونسي للأبد!
ألفة السلامي: صحفية متخصصة في الشؤون الدولية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حركة النهضة الشرطة التونسية عبد الكريم الهاروني الونيسي حرکة النهضة
إقرأ أيضاً:
حمدان: الحركة تواصل جهودها لوقف العدوان ضد قطاع غزة
غزة - صفا
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أسامة حمدان، إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل حرب الإبادة الجماعية ضدَّ أهلنا في قطاع غزَّة لليوم الـ395 على التوالي، كما يواصل حصاره على شمالي القطاع، الذي يشهد إبادة وتطهيراً عرقياً منذ 31 يوماً متواصلة، بهدف تهجير سكّانه.
وأضاف حمدان في تصريح صحفي وصل وكالة "صفا"، يوم الإثنين، أن منازل وخيام النازحين ومراكز الإيواء ما زالت تتعرض للقصف والحرق الوحشي والمتعمّد، حيث بات أكثر من 100 ألف فلسطيني في شمال قطاع غزة، بلا مقوّمات للحياة الإنسانية، وقد ارتقى أكثر من 1800شهيدٍ بمحافظة شمال غزَّة، أغلبهم من النساء والأطفال.
ولفت إلى أن الاحتلال يواصل حربه الوحشية المتواصلة منذ أكثر من عام ضد المنظومة الصحية في قطاع غزَّة، عبر قصفها وحصارها، واعتقال وقتل الكوادر الطبية، والإحراق المتعمّد لمخازن الأدوية والمستلزمات الطبية، ومنع إمدادها بكل مقوّمات وإمكانيات استمرار عملها الإنساني، حتى دمّر وأخرج كلّ مستشفيات شمال قطاع غزَّة عن الخدمة.
وأوضح حمدان أن هذه المجازرُ والإبادةُ الجماعية ضدَّ شعبنا وأرضِه، تتم بدعم وشراكة كاملة من الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية، بكلّ أشكال الدَّعم السياسي والدبلوماسي والعسكري والأمني، وَوَسْط تقاعس وتخاذل دولي وعربي وإسلامي رسمي في وضع حدّ لهذه الإبادة الجماعية، التي تتم أمام سمعِ وبصرِ العالم.
وحمّل حمدان، المجتمع الدولي المسؤولية عن استمرار جرائم "إسرائيل" في قطاع غزة، مؤكدًا أنَّها لن تسقط بالتقادم، ولن يكون مرتكبوها والمشاركون في دعمها واستمرارها بمعزلٍ عن المحاسبة والمحاكمة العادلة مهما طال الزَّمن.
وشدد حمدان على أن الحجج الواهية التي بنى عليها الاحتلالُ ارتكابَ جرائمِه الوحشيةِ ضدَّ المستشفياتِ في قطاع غزَّة، قصفاً واقتحاماً وحَرْقاً، بداعي وجودِ مقاتلينَ من الحركة داخلَها، ثبت كذبُها وافتضح زيفُها، دَحَضَتْها عدّةُ تقاريرَ دولية وتحقيقاتٍ إعلاميَّة.
وتابع: "إبلاغ الاحتلال الأمم المتحدة رسمياً بقطع العلاقات مع وكالة "الأونروا" بعد تشريعها الباطل حظر عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو محاولة صهيونية لطمس الشاهد الدولي والأممي على قضية اللاجئين الفلسطينيين".
ونوه إلى أن "هذا القرار يؤكّد مجدّداً إصرارَ هذا الكيان الفاشي على التمرّد والاستهتار بكل القرارات الأممية والمواثيق الدولية، ممّا يجعله كياناً مارقاً"، مطالبًا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التحرّك الجاد والفعلي لتجريم هذا الكيان، وعزله، وطرده من كل مؤسسات الأمم المتحدة، حفاظاً على استقرار المنطقة والسلم والأمن الدوليين.
وقال: "إنَّ هجمات المستوطنين الممتدة من قرى وبلدات الضفة إلى مدنها، والتي كان آخرها الهجوم الإرهابي على مدينة البيرة، تصعيد خطير وإجرام جديد يستوجب تصعيد المواجهة والتصدي لهذه الجرائم".
ودعا حمدان جماهير شعبنا إلى مواجهة جرائم المستوطنين بكل السبل، وردع استباحتهم لجميع مناطق الضفة الغربية بوسائل المقاومة كافة، وتدفيعهم ثمن جرائمهم حتى رحيلهم عن أرضنا.
وبيّن أن مرورَ 107 أعوام على وعد بلفور المشؤوم، في ظل معركة طوفان الأقصى المستمرة، يؤكّد أنَّ كلّ محاولات تصفية قضيتنا وتهجير وإبادة شعبنا لم تفلح، وأنَّ الإرهاب والعدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وغربياً مهما بلغ في إجرامه وقوّته لن يتمكّن من كسر إرادة شعبنا العظيم ومقاومتنا الباسلة في تحقيق تطلعاتنا في الحريّة والاستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
وأردف: "رغم استمرار الجريمة بحق شعبنا، فقد تلقّى العدو الإسرائيلي ضرباتٍ مُوجعةً من مقاومتنا في قطاع غزَّة على مدار شهر أكتوبر الماضي فقط، حيث مُني خلالها بخسائرَ مؤلمة في جنودِه وضبَّاطِه وآلياتِه العسكرية".
وأكمل قائلاً: "كما يعيش جيش الاحتلال صراعاتٍ داخليةَ وتفكّكاً في جبهته الداخلية وتخبّطاً وخوفاً من أرقام وفاتورة وحجم الخسائر في صفوف جيشهم المذعور، في ظل تَبَاعُدِ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن تحقيقِ أيّ من أهدافه على في غزَّة، سوى ارتكابه المزيد من الإبادة الجماعية بحقّ المدنيين العزل من أبناء شعبنا".
ودعا حمدان، محكمة العدل الدولية، والمدعي العام لدى محكمة الجنايات الدواية، إلى ملاحقة نتنياهو وفريقه الحكومي كمجرمي حرب.
وأشار إلى أنه تمَّ عقد لقاء مع حركة فتح بدعوة مصرية، حيث جرى بحث مختلف القضايا الوطنية خاصة الحرب على غزة، وسبل العمل وطنياً لمواجهة مخططات الاحتلال ومن يدعمه.
ونوه إلى أنه تم التأكيد أن إدارة شؤون شعبنا سواء في قطاع غزة أو الضفة أو الشتات، هي شأن فلسطيني خالص يتم بالتوافق الوطني.
وأضاف: "جرى نقاش العديد من الأفكار من ضمنها تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها في مختلف القضايا، إلى حين تهيئة الظروف لتشكيل حكومة توافق وطني، وقد كانت أجواء اللقاء إيجابية وصريحة".
وأكد حمدان، أن قيادة الحركة سوف تواصل اللقاءات والاتصالات مع فتح والفصائل الفلسطينية كافة، للوصول إلى أنسب الحلول والصيغ التي تخدم شعبنا عموماً وغزة وأبناءها على وجه الخصوص.
وشدد على أن الحركة تواصل جهودَها الحثيثة وتواصلها مع عمقها الوطني والعربي والإسلامي والدولي، عبر لقاءات وطنية بنّاءة وجادّة، ومساع متواصلة لحشد الجهود من أجل وقف العدوان ضد شعبنا في قطاع غزَّة.
وأوضح أن مفتاح التوصل لاتفاق ينهي هذه الحرب ويوقف العدوان على شعبنا، ويحقق صفقة تبادل للأسرى، هو العودة لاتفاق 2 يوليو الماضي، وتطبيقَ قرارِ مجلسِ الأمنِ 2735.
وطالب حمدان بضرورة تصعيد الضغوط على نتنياهو، ومنعه من مواصلة تعطيل الاتفاقات، فهو من يتحمل مسؤولية إفشال جهود الوسطاء طيلة الأشهر الماضية.