لجريدة عمان:
2024-10-05@14:20:21 GMT

تطبيقات الاقتصاد السلوكي

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

الاقتصاد السلوكي هو أحد فروع الاقتصاد ومزيج من علمي الاقتصاد والنفس ويهدف إلى فهم سلوك الأشخاص على أرض الواقع وليس نظريا، وعبر إجراء التجارب الحقيقية، لا عن طريق الاستبيانات والاستطلاعات وأدوات القياس الأخرى، ووفقا لعدة مصادر فإن علم الاقتصاد السلوكي ليس حديث النشأة ولكنه تطوّر بسبب استمرار التجارب حوله وذلك بفضل العالمين كانمان وتفيريسكي اللذين درسا انحيازات الحدس (biases of intuition) ودوره في التأثير على اتخاذ القرارات.

ولم يكن علم الاقتصاد السلوكي يحظى بقبول كبير خلال السنوات السابقة خاصة من قبل الاقتصاديين التقليديين، لكن مفهوم الاقتصاد السلوكي بدأ يتردد كثيرا في أذهان الأشخاص والدارسين لتطورات علوم الاقتصاد والنفس والاجتماع أيضا، ويهتم العالم بعلم الاقتصاد السلوكي الذي تعدى مرحلة فهم توجهات الاقتصاد ومتغيراته إلى مرحلة فهم مشاعر المستهلك وعواطفه ليتعرف على التوجهات النفسية وذلك لاتخاذ القرارات المالية، غالبا لا نعطي رأينا الفعلي أو سلوكنا الحقيقي حول موضوع أو قضية معينة وليس القصد من ذلك المراوغة أو الخداع وذلك لأن الأشخاص يميلون إلى العقلانية والمثالية في تفاعلهم مع الأحداث المحيطة بهم وذلك لاختلاف سلوكهم النظري عن العملي.

وحقيقة الأمر أن كثيرا من قراراتنا اليومية تتأثر بالعوامل النفسية والعاطفية خاصة في القرارات المالية، وهنا نستحضر إحدى نظريات الاقتصاد وهي نظرية الخيار العقلاني أو النظرية العقلانية التي توضّح أن الأشخاص يحققون درجة عالية من الرضا عند إتاحة خيارات عدة أمامهم كون أن الشخص مؤهل عقليا لاتخاذ القرارات الملائمة والمناسبة له وأنه قادر على السيطرة على عواطفه وعدم السماح لها بالتحكم في قراراته، إلا أن الاقتصاد السلوكي يرى أن العاطفة تستطيع التأثير على اتخاذ القرارات وأنهم غير مؤهلين لاتخاذ قرارات صائبة بسبب الظروف والمتغيرات التي يمرون بها؛ فالتباين في الآراء حول الاقتصاد السلوكي وتطبيقاته الذي بدأ يحظى باهتمام لدى كثير من الأشخاص والمتخصصين حتى وصل الاهتمام إلى مستوى الحكومات لوضع السياسات الاقتصادية والمالية، إلا أن القرارات المتخذة وفقا لتطبيقات الاقتصاد السلوكي والدراسات حوله هي عاطفية بدرجة كبيرة كونها لا تنظر إلى التوقعات المستقبلية وربما تكون قرارات اتخذت في حالات مختلفة تمر على الأشخاص مثل حالات الغضب والفرح؛ فمثلا أن يشتري المستهلك منتجا ليس من ضمن احتياجاته الأساسية أو أن يشتري مركبة أو يقتني منزلا أكبر من قدرته المالية مما يسبب له أزمة اقتصادية مستقبلية ولكن بسبب فكرة عابرة خطرت على باله أو وضع نفسه أمام مقارنة مع الآخرين اضطر لاتخاذ مثل هذه القرارات، ومثال على ذلك، اختيار ألوان معينة عند شراء بعض السلع بالرغم من تفاوت الأسعار ونفس جودة المنتج، كذلك عند شراء سلعة معينة من محل ثم تتفاجأ بأن سعرها أقل في محل آخر فإنك ستتأثر عاطفيا ونفسيا بأنك خسرت جزءًا من المال كان بالإمكان الاحتفاظ به في حال اشتريت السلعة من المحل ذات السعر الأرخص.

من تطبيقات الاقتصاد السلوكي هي الإعلانات التي تطلقها المحال وشركات التسويق أو حتى ما يطلق عليهم مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي؛ فمثلا إذا كان ميول المستهلكين تناول الوجبات السريعة فإن المطاعم تستطيع اتخاذ قرارات تستهدف ميولهم وتحقيق أكبر قدر من الأرباح، أما المثال الآخر فهو اتخاذ المستثمرين قرارات غير مدروسة ظنا منهم أنهم قاموا بتحقيق صفقة استثمارية ناجحة وذلك بإيهامهم بوجود تخفيضات بنسب كبيرة على الوحدات السكنية أو التجارية أو الصناعية، ولكن لو تم تحديد سعر الوحدات بنفس سعرها بعد التخفيضات لن تحقق الأرباح المتوقعة، لنفترض أن سعر الوحدة السكنية 100 ألف ريال عُماني ثم جرى تخفيضها بنسبة 15% ليصبح سعرها 85 ألف ريال، فإن إقبال المستثمرين على مبلغ 85 ألف ريال أكبر من سعر 100 ألف ريال، لكن لو تم تحديد سعر 85 ألف للوحدات السكنية، فإن الإقبال على شراء الوحدات لن يكون كبيرا وذلك لأسباب يظن خلالها المستثمر أنه حقّق صفقة استثمارية ناجحة.

أما التطبيق الثاني للاقتصاد السلوكي فيتمثّل في أن كثرة الخيارات تقلل نسبة الشراء بسبب تردّد المستهلك في الاختيار وتشتت ميوله العاطفية والنفسية تجاهه ولذلك نجد كثيرا من الإعلانات تحاول معالجة هذا التحدي عند المستهلكين عبر وضع عبارة، مثلا اشتر علبة واحدة لتوفّر شراء 3 علب، أما المثال الآخر وهو من أهم تطبيقات الاقتصاد السلوكي فهو إذا كان البائع يعاني من ضعف مبيعات المنتجات ذات الحجم الكبير فبالإمكان وضع خيار آخر للمستهلك وهو الحجم المتوسط وسعره يقترب من سعر المنتج ذي الحجم الكبير فإن المستهلك سيلجأ للمنتج بالحجم الكبير وذلك ظنا منه أنه كسب من صفقة الشراء وكان خيارا أفضل.

يعد علم الاقتصاد السلوكي أحد علوم الاقتصاد الشائقة كونه مزيجا من علوم الاقتصاد والعلوم الإنسانية مثل علمي النفس والاجتماع، وأصبح مهما في تحديد خيارات الأشخاص وفي اتخاذ قراراتهم المختلفة عبر دراسة سلوكهم وتحديد ميولهم؛ ولذلك أصبح إطلاق الإعلانات التسويقية لا بد أن يكون مبنيا على دراسة السلوك والعاطفة للأشخاص، وأرى من المهم تكثيف التعريف بالاقتصاد السلوكي حتى تترسّخ تطبيقاته لدى أفراد المجتمع والتوعية بدوره في اتخاذ القرارات غير المدروسة أحيانا كونها قرارات غير عقلانية وغير واقعية وإنما اتخذت نتيجة عامل عاطفي أو نفسي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اتخاذ القرارات ألف ریال

إقرأ أيضاً:

حكومة جعفر حسان تسير على خطى حكومة بشر الخصاونة سيئة الذكر والصيت 

#سواليف

#حكومة_جعفر_حسان تسير على خطى #حكومة_بشر_الخصاونة سيئة الذكر والصيت 

كتب .. #احمد_الحراسيس

شهر كامل مضى على صدور قرارين اقتصاديين قاتلين للاستثمار اتخذتهما حكومة بشر الخصاونة قبل رحيلها؛ الأول إقرار نظام تنظيم ربط منشآت مصادر الطاقة المتجددة على النظام الكهربائي بما يتضمنه من رسوم من شأنها دفع المواطنين والقطاعات التجارية للعزوف عن تركيب أنظمة طاقة شمسية، والثاني رفع الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية، فيما بدا مستغربا الموقف السلبي لحكومة جعفر حسان من هذين القرارين..

مقالات ذات صلة خبير عسكري يحذر: سوريا على قائمة المخطط الإسرائيلي والأردن مفتاح “الجائزة الكبرى” / فيديو 2024/10/05

حكومة حسان لم تُحرّك ساكنا بخصوص تلك القرارات، ولم تلتفت لكلّ الاحتجاجات والنداءات التي أطلقها المستثمرون في هذه القطاعات الهامة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول حقيقة شعار “التشاركية” الذي رفعه جعفر حسان منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة.

حسان تجاهل حجم الضرر البالغ الذي لحق بقطاع تجار المركبات وقطاع الطاقة المتجددة، وهو ضرر سينسحب بلا شكّ على الخزينة والمواطن والاقتصاد الوطني، فهذه القطاعات تُشغّل عشرات آلاف الأردنيين، وفي حال استمرّ تردّي أوضاع القطاعين فإن السواد الأعظم من العاملين في هذين القطاعين سيخسر وظيفته ومصدر رزقه وعيشه وعيش أبنائه، وهذا بخلاف التوجيه الملكي لحكومة جعفر حسان في كتاب التكليف السامي الذي أكد على ضرورة إيلاء الاستثمار أهمية باعتباره سبيل “زيادة فرص تشغيل أبناء الوطن وبناته”.

إصرار الحكومة على عدم مراجعة القرارين بالرغم من أثرهما السلبي يعزز فكرة جرى تداولها بأن هذه القرارات لم تكن وليدة إرادة حكومية مستقلة، وأن هذين القرارين عابران للحكومات، وأنهما مرتبطان بإملاء خارجي يستهدف القضاء على قطاعي الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية!

الحقيقة أن مراجعة القرارات الحكومية لا تُعيب رئيسا أو حكومة، خاصة إن كانت القرارات اتخذت في عهد حكومة فشلت فشلا ذريعا في ادارة الملفّ الاقتصادي، كما أن التشاركية الحقيقية من شأنها تجويد الأداء الحكومي، فالتشاركية لا تعني تنفيذ جولات ميدانية في المحافظات -على أهمية ذلك- بل الاستماع لشكاوى الناس وفتح حوارات مع القطاعات قبل اتخاذ أي قرار يمسّ تلك القطاعات.

حكومة حسان تصم اذانها رغم علو صوت الاحتجاجات ووضوح الضرر الناجم عن هذه القرارات الاعتباطية على المستثمرين والاقتصاد الوطني ، ويبقى ان نسأل : لماذا هذا التعنت  والمكابرة  ؟ لماذا تتجاهل الحكومة ردود الفعل رغم وجاهة مقاربة المتضررين وعدالة مطالبهم وموضوعيتها ؟!!

القطاعين تعطلا تماما ، وتحولت المنطقة الحرة الى مدينة اشباح ، والديوان تلاحق المستثمرين في القطاعين ، ورغم ذلك تدير الحكومة ظهرها لمعاناة الناس وتتعامى عن الضرر الكبير الذي خلفته هذه القرارات ! فما هي الرسالة التي علينا ان نفهمها في هذه الحالة ؟ اين مرعاة المصلحة الوطنية وهل نحن امام حكومة ستستمر في نهج الجباية بصرف النظر عن أثارها الاقتصادية ونجاعة هذه المقاربة الفاشلة ؟!! 

مقالات مشابهة

  • حكومة جعفر حسان تسير على خطى حكومة بشر الخصاونة سيئة الذكر والصيت 
  • الشباب والإدارة بالأسئلة… نهج للريادة والقيادة
  • برلماني يحذر من مخاطر انتشار تطبيقات المراهنات: تسمح بقرصنة بيانات المستخدمين
  • برلماني يتقدم بطلب إحاطة لحظر تطبيقات ومواقع القمار الإلكتروني
  • مصدر مقرب من حزب الله ينفي لـCNN أنباء دفن نصرالله سرًّا ويؤكد عدم اتخاذ قرار بعد
  • جامعة الباحة تستضيف هاكثون “تحدي ‏تطبيقات الفضاء الدولية”
  • انطلاق “هاكاثون تحدي تطبيقات الفضاء 2024” بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٍسلامية
  • شوبير يكشف عن مفاجآت في قرارات لجنة الانضباط بشأن مباراة الأهلي وبيراميدز
  • الأهلي يؤجل ملف تجديد العقود حتى يناير
  • رئيس حزب "القوات اللبنانية" يشدد على ضرورة وجود رئيس في أقرب وقت