لجريدة عمان:
2025-01-10@06:07:53 GMT

السودان .. ضحية التحول النيوليبرالي

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

29 يوليو 2023م.. تعشينا في مطعم بشارع الحمراء ببيروت؛ وبينما نخرج منه وجدنا الدكتور محمد حسب الرسول، وهو صديق سوداني عرفته منذ حوالي عشر سنوات في المؤتمر القومي العربي. ولأن الأوضاع بالسودان ملتهبة وملحة على الذهن؛ بادرته بعد السلام والاطمئنان على حاله وأسرته بالسؤال: كيف الأوضاع معكم؟ تنهد بعمق، وأبدى قلقه من الآتي؛ أكثر من قلقه من الاقتتال ذاته، ففهمت منه أن ما يراد للسودان خطير.

فقلت: كأن الوضع ينحدر لحرب أهلية. فرد: بل أكبر، السودان تعاد هيكلته خارجياً لتقسيمه. وأردف: لقد فصّلت ذلك في ورقتي التي سأقدمها للمؤتمر غداً، هل قرأتَها؟ أجبته: سأقرأها الليلة. فقال: رجاءً اقرأها. ودّعناه ليتناول عشاءه، وعدنا إلى الفندق.كنت قد حضرت الدورة 32 للمؤتمر القومي العربي ببيروت يومي 30-31/ 7/ 2023م، وما إن وصلت الفندق حتى فتحت الورقة على هاتفي، عنوانها «السودان.. وحرب الاستعمار والاستيطان»، في 20 صفحة، عرضتْ بتفصيل دقيق تطور الأوضاع في السودان. ويكفي أن أذكر عناوينها لتتضح أهميتها:

-الطور الأول لمشروع الهيمنة الخارجية على السودان بالوسائل السياسية والدستورية -بعثة الأمم المتحدة إلى السودان (بعثة الوصايا والانتداب) -التطبيع خيانة الموقف والتاريخ والحقيقة -الطور الثاني لمشروع الهيمنة الخارجية على السودان بالوسائل السياسية والدستورية -الحرب كخطة بديلة للهيمنة الغربية على السودان -أهداف الحرب -الاستيطان والتطهير العرقي في السودان.. أرض الميعاد الجديدة -مَن يقف وراء الحرب -السودان من المنظور الديني الصهيوني -السودان في المنظور الاستراتيجي الصهيوني -مصالح «دولة» الكيان الصهيوني في السودان -مستقبل الحرب.

المقال.. لا يتبنى آراء الورقة؛ فهي تعبّر عن كاتبها، وإنما يستفيد منها في بناء فهم ما يحصل في السودان ومستقبله، وبالواقع؛ ليس السودان وحده؛ بل منطقتنا العربية التي تمر بأحوال متشابهة.

يذهب حسب الرسول إلى أن السودان يتعرض لمؤامرة خارجية لكي يتبنى النيوليبرالية، وقد دُفِع إليها بـ«الوسائل السياسية والدستورية» عبر الضغط الخارجي؛ خاصةً البريطاني والأمريكي والأمم المتحدة، (وقد بلغ التدخل الخارجي مرحلة فرض فيها على السودان وشعبه وثيقتان سياسية ودستورية، جعلتا فترة الانتقال حكرًا على جماعة تواليه؛ من مدنيين وعسكر، وتتبنى خطابه ومشروعه النيوليبرالي بأبعاده القيمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، علمًا أن الوثيقة الدستورية هي دستور الفترة الانتقالية، وقد حذفت منه اللغة العربية كلغة رسمية للدولة، وحذف منه تعريف السودان بكونه دولة عربية إفريقية)، (وشمل الحذف والتعديل الدروس المتعلقة بتاريخ الاستقلال الوطني كدروس مناهضة الاحتلال البريطاني، وبالضرورة عدلوا مناهج التربية الإسلامية والمسيحية لتخدم مشروع التطبيع والمشروع النيوليبرالي، الأمر الذي حمل علماء الدين الإسلامي والمسيحي على تنظيم حملة رفض واحتجاج على المقررات الجديدة)، و(بعدما أفشل المجتمع ومؤسسة الجيش خطط الغرب للسيطرة على السودان بالوسائل السياسية والدستورية، لجأ الغرب إلى الحرب كخطة بديلة).

لا أنكر قضية المؤامرة الدولية، فتركيبة السياسة ذاتها قائمة عليها، بغض النظر عن نوعها وكيفية تنفيذها. كما أن الغرب لأكثر من قرنين يحيك خيوط المؤامرات؛ سراً وعلانية، ولم يكف عنها حتى الآن، ولم يفلح في تبريرها. رغم ذلك؛ فإن ما يهمني هنا هو الخط العام الذي تتصاعد فيه الأحداث. ومهما كان الأمر؛ فإن الدول وشعوبها لا تُعذَر عن مواجهة المؤامرات، فكما يقول عمر أبو ريشة:

لا يُلام الذئبُ في عدوانه

إن يكُ الراعي عدوَّ الغنم

وعدم فهم التحولات التي تجري في العالم هو ما أوقع دول المنطقة في المأزق الذي دخلت فيه، وهي جميعها مقصودة به، وإنما الاختلاف في كيفية تعاملها معه، فبعض الدول استطاعت أن تحافظ على وجودها ونموها، بعد أن واءمت من أنظمتها مع المشروع النيوليبرالي، ولا تزال هذه الدول هشة أمام متطلباته، ولا نعلم ما يحمله المستقبل لها. بيد أن بعض الدول لم تدرك آليات التحول بسبب عقائدية أنظمتها، أو أدركته ولم تحكم التعامل معه، فأطيح بها بالثورات والانقلابات والحروب.

السودان.. مثالٌ على المراحل السياسية التي مر بها العالم خلال السبعين سنة الأخيرة. والآن؛ يراد للمنطقة الرضوخ للمشروع النيوليبرالي. والنيوليبرالية.. هي تحول الليبرالية -خاصةً الجانب الاقتصادي- من الحالة الفردية إلى مؤسسة الدولة، أي أن المجتمعات تُحمل حَملاً على النهج الليبرالي من خلال الضغط على نظام الدولة، وعلى هذا فلا بد للدولة أن تتبع «العقيدة النيوليبرالية»، وشرح هذا يطول، وما يهمنا هنا هو أن فرض الغرب للنيوليبرالية له أهداف كبرى؛ منها:

- التأكيد على الهيمنة الغربية وسيادة ثقافتها على العالم، لضمان الانتصار الحضاري والبقاء على القمة الكونية بحسب مقولة هنتجتون ، ولصنع «نهاية التاريخ» بحسب مقولة فوكوياما.

- مواصلة استغلال المنطقة؛ سواءً من الناحية الجيوسياسية لما تمثله من موقع استراتيجي عالمي، أو من الناحية الاقتصادية فهي أرض غنية بالبترول والغاز والمعادن الثمينة.

- مواجهة صعود الصين وروسيا، اللتين ترفضان الانخراط في المشروع النيوليبرالي الكوني، بل إنهما يطوران نظامهما العالمي.

- تحويل المنطقة إلى سوق استهلاكي للمنتجات الغربية؛ بدءًا من مناهج التفكير، وليس انتهاءً بالمنظومة الأخلاقية، مروراً بالسلع اليومية، وتقنية العصر الرقمي والأسلحة المتطورة.

- فرض التطبيع مع إسرائيل، بكونها من أهم أدوات تنفيذ المشروع النيوليبرالي في المنطقة، كما أنها أهم محطة استعمارية غربية.

السودان.. كاشف عن الحالة العربية وتأريخها ومآلاتها، مرَّ بالمراحل التي مرت بها المنطقة العربية. فقد كان واقعاً هو ومصر تحت نفوذ الأتراك؛ ممثلاً بمحمد علي وأبنائه. ثم حاول السودان أن يستقل بقيام الحركة المهدية (1881-1899م)، فلم تستمر طويلاً حتى وقع لارتباطه بمصر- تحت الاستعمار البريطاني. ولما جاءت مرحلة التحرر من الاستعمار استقل عام 1954م عن بريطانيا، لكن حالة التحرر التي عمت المنطقة؛ جعلته يستقل أيضاً عن مصر عام 1956م، ولم تفلح «الروح القومية» التي كان يذكيها جمال عبدالناصر في الإبقاء على وحدة تراب وادي النيل، لأسباب ترجع إلى عدم نضج التجربة الناصرية حينها، والتي لم تتمكن كذلك من الاستمرار في الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1961م). ثم اعترت المنطقة «حالة عسكرة» تحت تأثير «عاطفة القومية العربية»، قادها بعض الضباط بانقلابات في بلدانهم، ولم تستطع أن تخرج من هذه الحالة حتى اليوم.

السودان.. لم يعرف الحكم المدني إلا فترات وجيزة: بعد الاستقلال.. وقد أطاح به انقلاب الفريق إبراهيم عبود عام 1958م. وما بين (1964-1969م)، فأسقطه الرائد جعفر نميري بانقلابه على الصادق المهدي. وخلال المدة (1986-1989م) وانتهى بانقلاب الفريق عمر البشير على المهدي أيضاً. وكان للأحزاب الشيوعية وجودها في الساحة السياسية السودانية؛ إلا أنها انتهت عملياً بسقوط الاتحاد السوفييتي عام 1989م.

عام 1989م.. وصل لحكم السودان الإخوان المسلمون بانقلاب قاده عمر البشير، استمر في السلطة حتى قيام ثورة شعبية عليه وخلعه من الحكم عام 2019م؛ نتيجة إخفاقه ودخول السودان في أزمات سياسية واقتصادية حادة وحروب متوالية. كانت تلك المرحلة نتيجة مباشرة لصعود التيار الإسلامي، الذي دعمه الغرب منذ الستينات الميلادية لمواجهة الشيوعية وإضعاف القومية العربية. إلا أن حكم الإخوان بات يشكل خطراً وعبئاً على النظام الدولي الجديد، فقد آوى القيادات المناوئة للغرب كأسامة ابن لادن وكارلوس الملقب بالثعلب، فلزم التخلص منه بعد أن أدى دوره في مواجهة الشيوعية والقومية، وتقسيم السودان.وأخيراً؛ دخل السودان مرحلة إعادة تشكيله ليتواكب مع النظام العالمي الجديد، القائم على النيوليبرالية سياسياً، والرأسمالية اقتصادياً. وما نراه اليوم في المنطقة يعبّر عن التحول العسر في حقبة «ما بعد الإسلامية»، وضحية النيوليبرالية التي تُفرَض على المنطقة بالأنظمة الدولية والآلة العسكرية الغربية، وبأيدي ساسة الدول، والشعب ضحيتها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على السودان فی السودان

إقرأ أيضاً:

كيف تشكل الطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مستقبل الحرب؟

يشهد مشهد الحرب الحديثة تحولا زلزاليا، مدفوعا بالتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار. إن دمج هذه التقنيات لا يؤدي إلى تعزيز القدرات العسكرية التقليدية فحسب؛ بل إنه يحول بشكل جذري طبيعة الصراع نفسه. مع تسابق الدول لتطوير ونشر أنظمة طائرات بدون طيار أكثر تطورا، فإن الآثار المترتبة على الاستراتيجية العسكرية والأخلاق والأمن العالمي عميقة.

تطور حرب الطائرات بدون طيار

تم استخدام الطائرات بدون طيار في العمليات العسكرية لعقود من الزمن، في المقام الأول للمراقبة والاستطلاع. ومع ذلك، فقد أظهرت الصراعات الأخيرة، وخاصة في أوكرانيا والشرق الأوسط، قدراتها الهجومية. ولقد سلطت الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا الضوء على فعالية طائرات بيرقدار TB2 التركية الصنع، والتي لعبت دورا حاسما في مواجهة الهجمات المدرعة. وعلى نحو مماثل، استخدمت حماس طائرات بدون طيار لاستهداف الدفاعات الإسرائيلية، مما أظهر تنوعها كأسلحة هجومية.

الذكاء الاصطناعي في طليعة هذا التحول، ومن خلال تعزيز قدرات معالجة البيانات، يسمح الذكاء الاصطناعي للطائرات بدون طيار بتحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة واتخاذ قرارات سريعة في ساحة المعركة. هذه القدرة حاسمة بشكل خاص في البيئات عالية المخاطر، حيث قد تتعرض هياكل القيادة والتحكم التقليدية للخطر
مع تطور تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، تطورت أيضا تطبيقاتها في الحرب. تم تجهيز الطائرات بدون طيار اليوم بأجهزة استشعار متقدمة وخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تسمح بمعالجة البيانات في الوقت الفعلي واتخاذ القرارات المستقلة. وتمكن هذه القدرة الطائرات بدون طيار من تنفيذ مهام معقدة بأقل قدر من التدخل البشري، مما يمثل خروجا كبيرا عن دورها الأصلي كمجرد أدوات استطلاع.

دور الذكاء الاصطناعي في حرب الطائرات بدون طيار

الذكاء الاصطناعي في طليعة هذا التحول، ومن خلال تعزيز قدرات معالجة البيانات، يسمح الذكاء الاصطناعي للطائرات بدون طيار بتحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة واتخاذ قرارات سريعة في ساحة المعركة. هذه القدرة حاسمة بشكل خاص في البيئات عالية المخاطر، حيث قد تتعرض هياكل القيادة والتحكم التقليدية للخطر.

وأدى دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الطائرات بدون طيار إلى ابتكارين رئيسيين: ذكاء السرب والاستهداف المستقل. وتمكن استخبارات السرب طائرات بدون طيار متعددة من العمل بشكل تعاوني، مما يؤدي إلى التغلب على دفاعات العدو من خلال الهجمات المنسقة. وقد لوحظ هذا التكتيك في صراعات مختلفة، حيث نجحت أسراب من الطائرات بدون طيار في اختراق أنظمة الدفاع الجوي المتطورة.

علاوة على ذلك، يتم تطوير أنظمة الاستهداف المستقلة التي تسمح للطائرات بدون طيار بتحديد الأهداف والاشتباك معها دون إشراف بشري. ويثير هذا مخاوف أخلاقية بشأن المساءلة واحتمال حدوث عواقب غير مقصودة في سيناريوهات القتال. ومع استمرار الدول في تحسين هذه التقنيات، فإن احتمالات الأسلحة ذاتية التشغيل بالكامل -والتي يشار إليها غالبا باسم "الروبوتات القاتلة"- تصبح واقعية بشكل متزايد.

التطبيقات والتطورات الحالية

توضح التطورات الأخيرة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الوتيرة السريعة للابتكار. على سبيل المثال، أدخلت شركات مثل هيلسينج طائرات بدون طيار هجومية تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي قادرة على العمل بفعالية في بيئات بها تشويش إلكتروني، وهو تحد شائع في الحرب الحديثة. وتتمتع هذه الطائرات بدون طيار بالقدرة على الحفاظ على اشتباكها مع الهدف حتى بدون اتصال مستمر بالبيانات، مما يوفر ميزة تكتيكية كبيرة.

في أوكرانيا، قام الجيش بتكييف هيكله لدمج وحدات حرب الطائرات بدون طيار في جميع الفروع. وبفضل استخدام طائرات بدون طيار قادرة على الرؤية من منظور الشخص الأول (FPV)، تمكنت القوات الأوكرانية من تنفيذ ضربات دقيقة ضد الدبابات والتشكيلات العسكرية الروسية. ويوضح هذا التغيير كيف يمكن للطائرات بدون طيار أن تساعد في المعارك التي يمتلك فيها أحد الجانبين أسلحة أقل قوة من الجانب الآخر.

ويعزز استخدام الخوارزميات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أيضا قدرات الطائرات بدون طيار على جمع المعلومات الاستخباراتية والاستطلاع. ويمكن للطائرات بدون طيار الآن التنقل بشكل مستقل في البيئات المعقدة، وتحديد أنماط الحياة بين قوات العدو، والتنبؤ بالتهديدات المحتملة بناء على تحليل البيانات التاريخية. ويعد هذا المستوى من الوعي الظرفي ذا قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة للجيوش الحديثة التي تسعى إلى الحفاظ على التفوق على الخصوم.

التأثيرات الاستراتيجية

مع تزايد تطور الطائرات بدون طيار، أصبح تأثيرها على الاستراتيجية العسكرية عميقا. وإن القدرة على نشر أسراب من الطائرات بدون طيار ضد أهداف العدو تعمل على تغيير المفاهيم التقليدية للقوة الجوية والحرب البرية. ويجب على المخططين العسكريين الآن التفكير في كيفية الدفاع ليس فقط ضد ضربات الطائرات بدون طيار الفردية، ولكن الهجمات المنسقة التي تشمل مئات أو آلاف الطائرات بدون طيار.

علاوة على ذلك، فإن فعالية تكلفة الحرب باستخدام الطائرات بدون طيار تقدم حجة مقنعة لزيادة استخدامها. وتعتبر الطائرات بدون طيار أرخص في الإنتاج بشكل عام من الطائرات المأهولة، ويمكن نشرها بأعداد أكبر دون المخاطرة بحياة البشر. وقد تشجع هذه الميزة الاقتصادية الدول على الاستثمار بكثافة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار باعتبارها مكونا أساسيا في ترساناتها العسكرية.

ويثير انتشار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار أيضا أسئلة أخلاقية مهمة فيما يتعلق بالسلوك الحربي.

إن إمكانية تشغيل أنظمة الأسلحة المستقلة دون إشراف بشري تشكل تحديا للقوانين الدولية الحالية التي تحكم النزاعات المسلحة. وطالبت جماعات حقوقية بفرض حظر استباقي على الأسلحة ذاتية التشغيل بالكامل بسبب المخاوف بشأن المساءلة والخسائر المدنية.

التدابير المضادة والتطورات المستقبلية
مع استمرار تطور هذه التقنيات، فإنها ستعيد تعريف كيفية خوض الحروب والانتصار فيها. وفي حين أنها تقدم مزايا غير مسبوقة في ساحة المعركة، فإنها تطرح أيضا معضلات أخلاقية تتطلب دراسة متأنية من قبل صانعي السياسات والقادة العسكريين على حد سواء
مع تقدم تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، تتقدم أيضا الإجراءات المضادة المصممة لتحييد تهديدات الطائرات بدون طيار. وتستثمر الدول في قدرات الحرب الإلكترونية القادرة على تشويش أو تعطيل اتصالات الطائرات بدون طيار، مما يجعلها غير فعالة أثناء العمليات. بالإضافة إلى ذلك، يتم استكشاف التطورات في أسلحة الليزر كحلول محتملة لاعتراض الطائرات بدون طيار المحتشدة قبل أن تصل إلى أهدافها.

بالنظر إلى المستقبل، فمن المرجح أن يشهد مستقبل حرب الطائرات بدون طيار مزيدا من التكامل مع تقنيات أخرى مثل الروبوتات والتعلم الآلي، وإن تطوير أنظمة هجينة تجمع بين الروبوتات الأرضية والطائرات بدون طيار من الممكن أن يخلق قدرات تشغيلية متعددة المجالات تعمل على تعزيز فعالية ساحة المعركة.

وعلاوة على ذلك، ومع قيام دول مثل الصين وروسيا بتكثيف استثماراتها في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، فإن سباق التسلح العالمي المحيط بالطائرات بدون طيار سوف يشتد. ولن تشكل هذه المنافسة الاستراتيجيات العسكرية فحسب، بل ستؤثر أيضا على الديناميكيات الجيوسياسية حيث تسعى الدول إلى تأكيد هيمنتها من خلال التفوق التكنولوجي.

يمثل التقاطع بين الذكاء الاصطناعي وحرب الطائرات بدون طيار أحد أهم التحولات في التاريخ العسكري. ومع استمرار تطور هذه التقنيات، فإنها ستعيد تعريف كيفية خوض الحروب والانتصار فيها. وفي حين أنها تقدم مزايا غير مسبوقة في ساحة المعركة، فإنها تطرح أيضا معضلات أخلاقية تتطلب دراسة متأنية من قبل صانعي السياسات والقادة العسكريين على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • هذه الأثمان الباهظة التي يدفعها الاحتلال بسبب استمرار الحرب في غزة
  • روان أبو العينين تكشف التحديات التي تواجه إدارة «ترامب»
  • تشخيص الذهنية السياسية السودانية والحلول الممكنة
  • التحيُّز وازدواجية المعايير في المواقف السياسية
  • كيف تشكل الطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مستقبل الحرب؟
  • المفتي قبلان للقوى السياسية والروحية والكتل: حفظ لبنان يمر بالتوافق والتفاهم
  • المطلوب من أمريكا، التعامل مع مصدر الأسلحة التي تقتل الشعب السوداني
  • المصطلح في الثقافة السياسية السودانية
  • بيان لسفيرة الولايات المتحدة: الطرفان المتحاربان يتحملان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان
  • المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٦- ١٠)