ميثاق تمويل جديد للبلدان المعرضة للتغيرات المناخية
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
أكسيل فان تروتسنبرج -
كين أوفوري أتا -
في ظل حالة الطوارئ المناخية المتفاقمة وأزمة الديون العالمية، ترتفع الأصوات المطالبة بإنشاء بنية مالية عالمية جديدة «تلائم الظروف المناخية» في مختلف أنحاء العالم النامي.
وقد أكدت مبادرة بريدجتاون التي أطلقتها رئيسة وزراء بربادوس، ميا موتلي، ومجموعة V20 (مجموعة المعرضين العشرين) للبلدان المعرضة للخطر المناخي، وقمة باريس الأخيرة من أجل ميثاق تمويل عالمي جديد على الحاجة الماسة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة.
وقدمت قمة المناخ الإفريقية التي عُقدت في نيروبي، فرصة فريدة لتعزيز التدابير التي تشتد الحاجة إليها لدعم البلدان ذات الدخل المنخفض في سعيها نحو تحقيق النمو المستدام.
إن الوضع ملحٌ بصورة خاصة في إفريقيا، إذ تشير التقديرات الأخيرة لبنك التنمية الإفريقي إلى أن القارة تحتاج إلى 2.8 تريليون دولار من تمويل المناخ بين عامي 2020 و2030، ولكن إفريقيا تتلقى حاليا 3 في المائة فقط من تمويل المناخ العالمي، ولا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص في هذا التمويل 14 في المائة.
ومن الجدير بالذكر أن القارة مسؤولة عن 3.8 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، في حين أن الشمال العالمي مسؤول عن 90 في المائة، ولكن مع أن البلدان الأشد ضعفا في العالم تتحمل وطأة أزمة لم توجدها، فقد انخفض تمويل المناخ المرتبط بالتنمية فعلًا، شأنه في ذلك شأن إجمالي مساعدات التنمية المخصصة لإفريقيا.
وتظهر الأرقام الأولية لعام 2022 أن تدفقات المساعدة الإنمائية الرسمية الثنائية من أعضاء لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى إفريقيا بلغت 34 مليار دولار في العام الماضي، بانخفاض قدره 7.4 في المائة بالقيمة الحقيقية مقارنة بعام 2021.
وفي الوقت نفسه، ارتفع إجمالي أصول السوق الخاصة الخاضعة للإدارة إلى 11.7 تريليون دولار في عام 2022، بزيادة بمعدل سنوي يقارب 20 في المائة منذ عام 2017.
ونظرًا لخطورة أزمة المناخ وإلحاحها، يتعين على المجتمع الدولي أن يحشد جهوده من أجل ابتكار حلول ملموسة والاتفاق عليها قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 28» (COP28) في دبي في نوفمبر.
ومن أجل بناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية الحتمية، يجب علينا أن نمول تمويلا كاملا صندوق «الخسائر والأضرار» الذي اتفق زعماء العالم على إنشائه في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب 27» (COP27) العام الماضي في مصر، والموافقة على مضاعفة التمويل لجهود التكيف، وتطبيق مبدأ «الملوٍث يدفع» على الأنشطة البحرية.
إن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتخفيف من أسوأ آثار تغير المناخ سوف يتطلب تعبئة الموارد المالية على نطاق غير مسبوق، ولكن المقترحات التي يتداولها حاليا صانعو السياسات على مستوى العالم تفتقر إلى عنصر التركيز، وأثناء مواجهتنا لأعظم تحدٍ لبقاء البشرية، قد نقع في فخ دائرة من الإجراءات الإضافية العقيمة كما حدث مع «سيزيف».
وفي الفترة التي تسبق عقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب 28»، يتعين علينا أن نركز على بعض الخطوات الأساسية التي يمكن أن تحفز العمل المناخي العالمي وتساعد في الحد من الانحباس الحراري العالمي، بحيث لا يتجاوز الهدف المتفق عليه دوليًا والمتمثل في 1.5 درجة مئوية.
أولا: يتعين علينا أن نعالج مشكلة ديون إفريقيا، ويتعين على المجتمع الدولي أن يدعم البلدان النامية الضعيفة التي تتصارع مع أزمات الديون وتمكينها من الاستثمار في التكيف مع المناخ والقدرة على الصمود والتنمية المستدامة. ولتحقيق القدرة على تحمل الديون، يتعين على البلدان النامية أن تعمل على تنويع اقتصاداتها، والتفاوض على صفقات إعادة هيكلة الديون، وضمان حكم يتسم بالوضوح ويخضع للمساءلة.
ومن الممكن أن تدعم البلدان المتقدمة والمؤسسات المالية العالمية، وخاصة الدول الأعضاء الخمس والخمسين في تحالف جلاسكو المالي من أجل صافي الصفر، هذه الجهود عن طريق توفير التمويل الميسر لسياسات التكيف مع المناخ.
ثانيًا: يمكن للجهود الجارية لإصلاح نظام بنوك التنمية المتعددة الأطراف، بما في ذلك مبادرة «خريطة طريق التطور» التي أطلقها البنك الدولي، أن تمكن بنوك التنمية المتعددة الأطراف من مساعدة البلدان النامية بالسرعة والنطاق اللازمين لتحقيق أهداف التنمية العالمية والتصدي للتحديات مثل تغير المناخ، والوصول إلى الطاقة، والتأهب لمواجهة الأوبئة، وينبغي لهذه الإصلاحات أيضًا أن تسعى إلى توجيه الموارد نحو المقرضين الإقليميين مثل بنك التنمية الإفريقي وبنك التنمية للبلدان الأمريكية.
ثالثًا: لا بد من إعادة توجيه استثمارات كبيرة نحو التحول الأخضر، مع التركيز بصورة خاصة على تعزيز قدرة البلدان المعرضة للمناخ على الوصول إلى الطاقة المتجددة، ولتحقيق هذه الغاية، تستطيع الحكومات الإفريقية إطلاق برامج إقليمية لتسخير مواردها الطبيعية لإنتاج الطاقة النظيفة.
وأخيرا، تعد المؤسسة الدولية للتنمية، وهي مرفق القروض الميسرة التابع للبنك الدولي، أداة حاسمة قادرة على تقديم مستوى الدعم الذي تحتاجه إفريقيا.
وتعد المؤسسة الدولية للتنمية بالفعل مصدر إفريقيا الرئيسي للتمويل الميسر، وتمثل البلدان الإفريقية 75 في المائة من ارتباطات المؤسسة الدولية للتنمية بقيمة إجمالية تبلغ 34.2 مليار دولار -أو 25.8 مليار دولار- في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2023.
وبصرف النظر عن كون المؤسسة الدولية للتنمية مألوفة لدى الحكومات في جميع أنحاء القارة وتحظى بثقتها، فهي تضاعف بفعالية مساهمات الجهات المانحة، وهي ميزة قيمة بصورة خاصة في وقت تعاني فيه البلدان المانحة من قيود مالية، ونأمل أن تترجم دعوة مجموعة العشرين وقمة باريس إلى تجديد طموح للمؤسسة الدولية للتنمية، إلى دعم كبير يهدف إلى التصدي للتحديات التي تواجه البلدان المستفيدة.
ومع أن تحديات هائلة تنتظرنا، فإن إنشاء بنية مالية عالمية جديدة جاهزة للتعامل مع المناخ ما زال أمرا ممكنا، وبالعمل الجماعي وضمان دفع كافة البلدان لنصيبها العادل، يستطيع المجتمع الدولي سد الانقسامات السياسية وتحقيق تقدم ملموس نحو ضمان عالم يمكن العيش فيه، ولكن للقيام بذلك، يتعين علينا أن نحافظ على الزخم الحالي حتى نصل إلى هدفنا: تمكين البلدان المعرضة لتغير المناخ من تحقيق النمو المستدام والمرن.
كين أوفوري أتا وزير المالية في جمهورية غانا، ورئيس مجموعة V20.
أكسيل فان تروتسنبرج المدير العام الأول لسياسات التنمية والشراكات في البنك الدولي.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی المائة علینا أن من أجل
إقرأ أيضاً:
وزير لبناني: البنك الدولي يعمل على تأسيس صندوق بقيمة مليار دولار للبنان ومهمتنا إنجاز الإصلاحات
لبنان – استقبل وزير المالية اللبناني ياسين جابر في مكتبه امس، نائب رئيس البنك الدولي عثمان ديون، والمدير الإقليمي جان كريستوف كاريه.
وبحث الجانبان المسائل ذات الصلة بدعم البنك الدولي للمشاريع الحكومية والبرامج المشتركة مع وزارة المالية.
وبعد اللقاء، صرح عثمان ديون يالقول: “سعدت بلقاء وزير المالية، حيث أجرينا مناقشة مثمرة للغاية.. أهنئ معاليه على تولي المسؤولية والقيادة في رسم مسار واضح للبنان، في الوقت الذي يبدأ فيه البلد بمواجهة التحديات المرتبطة بإعادة الإعمار والتعافي وإنعاش الاقتصاد.
وأضاف ديون: “ناقشنا العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك. وكما تعلمون، كان البنك الدولي حاضرا إلى جانب لبنان خلال أحلك أوقاته، وسنواصل دعمنا للبلاد في جهودها للتعافي وإعادة الإعمار”، مردفا: “كما استعرضنا مجموعة من المشاريع التي تمت الموافقة عليها بالفعل من قبل مجلس الوزراء والبرلمان، لضمان توفرها الآن للتنفيذ، وتشمل هذه المشاريع قطاعات رئيسية مثل ‘دارة المالية العامة، والمياه، والطاقة، والزراعة”.
وتابع نائب رئيس البنك الدولي: “ناقشنا برنامج المساعدة الطارئة للبنان (LEAP)، وهو مبادرة متقدمة لإعادة الإعمار بقيمة مليار دولار، يساهم البنك الدولي فيها بـ250 مليون دولار، فيما يتم توفير الباقي من قبل الشركاء المانحين وأصدقاء لبنان. نحن نؤمن بأن هذه الجهود ستتوافق مع أجندة الحكومة الجديدة وستشكل أساساً للتقدم”.
وأكمل ديون: “ناقشنا مع الوزير أجندة الإصلاح الشاملة، حيث يلتزم البنك الدولي بدعم الحكومة الجديدة من خلال مجموعة من السياسات الإصلاحية لكل قطاع، وسنعمل عن كثب مع المسؤولين لتحديد الأولويات وترجمتها إلى خطوات عملية.. كانت الشفافية والمساءلة من المحاور الأساسية في مناقشاتنا، خاصةً من حيث دور الرقمنة في تعزيز هذه القيم.. سنعمل مع قيادة وزارة المالية على دمج الأدوات الرقمية في العمليات المختلفة، مما يسهل بيئة الأعمال ويعزز الشفافية والمساءلة”.
واستطرد : “بحثنا في سبل توحيد جهود جميع الشركاء التنمويين لدعم لبنان في تنفيذ هذه الأجندة الحيوية. نحن ندرك أن الوقت عامل حاسم، ومن الضروري التحرك بسرعة، وتحقيق النتائج، وتلبية تطلعات الشعب اللبناني.. البنك الدولي ملتزم تماما بالعمل إلى جانب جميع الشركاء التنمويين لدعم جهود الحكومة. كما نود أن نجدد تهانينا، ونتطلع للترحيب بمعاليه في واشنطن خلال اجتماعات الربيع”.
وأشار ديون إلى أن “250 مليون متاحة لأنه تم تخصيصها في الميزانية من قبل البنك الدولي”، متابعا: “يجب علينا الآن البحث عن مجموعة من الشركاء للحصول على 250 مليون إضافية.. سنذهب إلى مجلس إدارة البنك الدولي بمشروع بقيمة 2 مليار.. نحن حاليا نجري مناقشات مع عدد من شركاء البنك الدولي الذين أبدوا اهتمامهم بالمشاركة في تمويل هذا المشروع، ونحن متفائلون بشأن ذلك.. الأمر يعتمد على الشركاء، وفي سياق لبنان، من المؤكد أن جزءا من التمويل يمكن أن يكون على شكل قروض، بينما سيأتي جزء آخر على شكل منح. كل ذلك يعتمد على الشركاء”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان من شروط لتأمين الدعم للبنان، أجاب نائب رئيس البنك الدولي: “أنتم تتحدثون عن شروط للإصلاحات او توصيات محددة، بينما أنا أتحدث عن المتطلبات الأساسية للإصلاحات. أرى أن العلاقة بين البنك الدولي ولبنان هي علاقة شراكة. وفي إطار الشراكة، لا يتم فرض شروط، ولكن يمكن مناقشة الإجراءات المطلوبة لضمان المصداقية والشفافية. إن الإصلاحات المطلوبة هي مسؤولية الحكومة اللبنانية، وأود أن أكون واضحا جدا بشأن ذلك.. هذه ليست إصلاحات يفرضها شركاء التنمية ولا البنك الدولي”.
وأكمل: “ومع ذلك، نؤكد أنه في السياق الحالي، من الضروري للغاية أن يتم اتخاذ إجراءات ملموسة في إطار الحوار والشراكة التي نقيمها، بحيث تساهم هذه الإصلاحات في طمأنة المستثمرين وتحسين بيئة الأعمال، مما يسهل استقطاب عدد من الشركاء لدعمنا. لكن الشرط الأساسي ليس مجرد الالتزام بالشراكة، بل نحن نتحدث هنا عن إجراءات مرافقة تعزز المصداقية، وتساهم في طمأنة المستثمرين، وتشجيعهم على العودة.”.
من جانبه، أعرب الوزير ياسين جابر عن شكره لنائب رئيس البنك الدولي على “اهتمامه وقدومه السريع إلى لبنان”، وعلى “كل الدعم الذي يقدمه البنك للمشاريع التي يحتاجها لبنان بشدة اليوم”.
وأضاف وزير المالية اللبناني: “اليوم سمعتُ كلاما داعما جدا لهذه الحكومة، وداعما أيضا لمشروع إعادة الإعمار.. كما تعلمون، خلال الاجتماع مع البنك الدولي الأسبوع الماضي، تم طرح خطة مبدئية لإعادة الإعمار، وقد خصص البنك الدولي أو يعمل على تأسيس صندوق بقيمة مليار دولار، وإن شاء الله، سنسارع في إنجاز الإصلاحات الضرورية لمساعدتنا في إقراره في مجلس الوزراء والمجلس النيابي. كذلك، هناك العديد من المشاريع اليوم، بعضها مُقرّ وبعضها في طور الإقرار، ومهمتنا تسريع العمل عليها للبدء في تنفيذها”.
المصدر: RT