زلزال الحوز.. حكايات ناجين من بقايا قرية كانت تسمى تفكاغت
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
تفكاغت- الحوز
بأصبع ملفوف بقطعة قماش عليها آثار دماء، وبمشاعر مختلطة من الدهشة والحيرة، يشير خالد إلى أنقاض منزله المتهدم في قرية تفكاغت بإقليم الحوز، ويقول: "لا يزال تحت هذه الحجارة عددٌ من أفراد أسرتي لم نستطع انتشالهم بعد، والجرافات غير قادرة على الوصول إليهم".
يحكي خالد للجزيرة نت: "مات ولدي أمامي، ولم أجد غير يدي هاتين لانتشاله، مستعيناً بضوء هاتفي بعد انقطاع الكهرباء، وهكذا فعل الكثير مع أقربائهم الذين حاصرتهم الأنقاض".
قصة خالد واحدة من عشرات القصص التي رواها سكان هذه القرية بألم كبير للجزيرة نت، بينما لم يستطع الكثيرون استرجاع شريط ما حدث، ودخلوا في نوبة بكاء.
لم يتمكن خالد من إنقاذ كافة أفراد أسرته وانتشل بعضهم بيديه بعد أن لقوا حتفهم (الجزيرة) القرية المنكوبةلا حديث يدور في القرى المجاورة إلا عما حدث في تفكاغت، فالقرية بمنازلها الـ300 سويت جميعها بالأرض، وتوفي ما يقرب من ثلثي سكان هذه القرية التي تقع على مشارف مدينة أمزميز، على بعد 55 كيلومترا جنوب مدينة مراكش، ولا يصل إليها الزائرون إلا عبر طريق غير معبدة ومسالك وعرة.
اعتاد سكان القرية استعمال الحجارة الكبيرة في البناء إلى جانب الطين، وهو ما يعتقد أنه أسهم في ارتفاع أعداد القتلى، وصعّب عمليات الإنقاذ التي باشرها الأفراد في البداية معتمدين على وسائل بدائية، وهو ما حصل أيضا في قرى مجاورة مثل أنكال وأزكور الجبليتين بحسب مصادر موثوقة للجزيرة نت.
يمارس بعض سكان القرية التجارة، لكن غالبيتهم يعتمدون على الفلاحة وتربية الماشية كمصدر رزق لهم، وبعد أن ضرب الزلزال قريتهم أصبحت رؤوس كثيرة من الماشية تحت الأنقاض.
يبذل سكان القرية الناجون جهدا كبيرا في إيجاد مصدر مياه للشرب (الجزيرة)لا سبيل لسكان القرية حاليا إلا الاعتماد على مساعدات بعض المحسنين، وينتظرون وصول مساعدات أخرى من الحكومة والجمعيات المدنية، في حين يقتسمون ما يصل إليهم من غذاء ممن تضامنوا معهم من سكان القرى المجاورة.
ويقضى سكان القرية المنكوبة نهارهم في دفن موتاهم، ويحاولون في الليل الالتحاف بما تبقى لهم من أغطية وملابس، في حين لم تستطع غالبيتهم إيجاد ما ينتعلون به أو يغطيهم.
كأنها العاصفةمن عايش الزلزال من السكان وبقي على قيد الحياة يصفه بـ "العاصفة"، وهو تعبير يتفق عليه سكان المنطقة، ويعبر عن قوة الصوت الذي سمعوه، وانبعاث سحب الغبار الذي حجب الرؤية.
يقول السيد عبد الرحيم: "انتشلت والدتي (74 سنة) من تحت الأنقاض بمساعدة زوجتي، كانت تسكن وحدها في بيتها، طلبت منها في تلك الليلة المبيت عندي، لكنها أصرت على العودة إلى غرفتها كعادتها، بعد قضاء النهار وسط أولادها وأحفادها".
ويضيف للجزيرة نت: "سمعت صراخاً مستمراً من بيت أخي المجاور، وما إن وصلت حتى علمت بوفاة اثنتين من بناته واثنتين من حفدته، بالإضافة إلى أم زوجته، بدأت بالحفر يدوياً، لكننا لم نستطع فعل أي شيء، وتركنا الأمر حتى تم انتشالهم من قبل الجرافة في الصباح".
أمضت والدة عبد الرحيم يومها الأخير بين أولادها وأحفادها لكنها قررت العودة إلى منزلها قبل حدوث الزلزال (الجزيرة)واستمر عبد الرحيم في وصف مأساته قائلا: "رغم ذلك لم أهدأ، بت أتجول في القرية مع آخرين، بحثاً عمن يمكن إنقاذه، وقد نجح في بعض الحالات وفشلوا في أغلبها، وكادت الحجارة تسقط على رؤوسنا بعد حدوث هزات ارتدادية مفاجئة".
يتم وتشردويحكي الشاب هشام للجزيرة نت وهو ينظر بحسرة إلى جثث زوجة أخيه و3 من بناتها وعدد من أولاد عمه، أن الوفيات لم تقتصر على سكان القرية، بل شملت أيضاً بعض ضيوفها، الذين تم نقلهم إلى أماكن أخرى من أجل الدفن، وبقي بعضهم في مستشفى مدينة مراكش في انتظار تصريحات الدفن.
يقول هشام إن السكان ينتظرون المساعدات التي تصل إليهم من مناطق أخرى مثل مدينة أمزميز الأقل تضرراً، لكنه لا يتوقع أن تستمر الحياة في القرية، فمن المحتمل أن يهاجر السكان إلى مناطق أخرى وأن يصبحوا مشردين إذا لم يجدوا مأوى في أسرع وقت.
يقول هشام إن مأساة القرية لم تقتصر على سكانها فقط، بل امتدت لمن كانوا فيها من زوار وضيوف (الجزيرة) "فقدت كل شيء"تصف السيدة خديجة هول ما وقع، وتحاول مواجهة الخوف الذي تملكها وهي ترى زوجها المصاب بمرض "البوهزاز" (باركنسون)، وقد كاد يفقد عقله بعد هدوء الزلزال، قبل أن يُنقل إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الضرورية.
وتقول بنبرة حزينة: "فقدت عددا من أقربائي، وأصبحت بين ليلة وضحاها دون مأوى، كما كان لدي متجر صغير، استثمرت فيه بعضاً من مدخراتي، إذ كنت أبيع فيه بعض الحاجيات الصغيرة للسكان، لكني فقدت كل شيء، ولم يعد لي ما أسد به رمقي، ولا أقدر بعد على شراء الدواء لزوجي غير القادر على العمل، والذي يكلفني أكثر من 300 درهم شهريا".
يبيت معظم السكان ليلتهم في العراء مستعينين بالمساعدات التي وصلت إليهم من القرى المجاورة (الجزيرة)في حين تحكي السيدة نعيمة: "توفيت بنتاي وأم زوجي، وأصيب زوجي، وبنتي باتت مقعدة بسبب إصابة خطيرة في رجلها".
وتضيف وهي تغالب دموعها: "بعد حدوث الزلزال سقطت حجارة البيت، وتملكني خوف كبير، لكني لم أهدأ، لقد تمكنت من إنقاذ زوجي واثنتين من بناتي".
وختمت حديثها قائلة: "في كل مرة تظهر سيارة لأحد المحسنين من بعيد، تقف على مشارف القرية، ويكمل من فيها السير على أرجلهم، يضعون بعض ما جادوا به من مؤن، ثم يسمعون قصصا مؤلمة، سيرويها جيل بعد جيل، ثم يرحلون".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: سکان القریة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
بعد مرور عامين على الزلزال المدمر.. معاناة الناجين تتواصل بلا انقطاع
ورغم مرور عامين، لا تزال أصداء الزلزال المدمر تطارد عمر أيدين، كهربائي يبلغ من العمر 51 عاما، نجا مع والدته المسنة وأطفاله من الكارثة التي دمرت منزله في مدينة إسكندرون الساحلية، ضمن مقاطعة هاتاي الأكثر تضررا.
اعلانبعد عامين على الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا، لا تزال تداعياته تثقل كاهل عمر أيدين والعديد من الناجين. ففي شتائه الثالث، يجد الأب الوحيد لثلاثة أطفال نفسه عالقا بين جدران وحدة سكنية مؤقتة أشبه بحاوية شحن، يصارع ليس فقط آثار الكارثة، بل أيضا وطأة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تضغط على البلاد بأسرها.
في السادس من فبراير 2023، ضرب زلزال مدمر بقوة 7.8 درجة جنوب وجنوب شرق تركيا، أعقبه زلزال قوي آخر بعد ساعات، ما أسفر عن دمار هائل طال مئات الآلاف من المباني وأودى بحياة أكثر من 53,000 شخص. كما لقي 6,000 آخرون مصرعهم في المناطق الشمالية من سوريا المجاورة.
ورغم مرور عامين، لا تزال أصداء الزلزال المدمر تطارد عمر أيدين، كهربائي يبلغ من العمر 51 عاما، نجا مع والدته المسنة وأطفاله من الكارثة التي دمرت منزله في مدينة إسكندرون الساحلية، ضمن مقاطعة هاتاي الأكثر تضررا.
ويقول أيدين، الذي يعيش الآن في وحدة سكنية مؤقتة ضمن "مدينة الحاويات"، إن أصوات المنازل المنهارة وصرخات الاستغاثة لا تزال تتردد في ذهنه. وأضاف في حديثه لوكالة "أسوشيتد برس"، "ما زلت أرتجف عندما تخطر ببالي تلك اللحظات".
بعد انهيار منزله إلى قسمين، اضطر أيدين وأسرته إلى الاحتماء في خيمة بدائية صنعها من صفائح بلاستيكية وقطع خشب، وقضوا فيها أربعة أيام قاسية تحت وطأة البرد. واليوم، يواصل الأب الوحيد كفاحه لتأمين احتياجات أسرته، معتمدا على معاش الدولة الضئيل، الذي بالكاد يغطي نفقاتهم.
ورغم خبرته ككهربائي، إلا أن فرص العمل في إسكندرون نادرة، مما يزيد من معاناته، خاصة مع احتياجات ابنه الأكبر، البالغ من العمر 26 عاما، الذي يخضع لعلاج السرطان، ويضطر إلى السفر بانتظام إلى مستشفى في أضنة، على بعد 135 كيلومترا.
في يوم الثلاثاء 14 فبراير 2023، كانت حفارة تعمل على إزالة أنقاض المباني المدمرة في مدينة إسكندرون، جنوب تركيا، في محاولة لإعادة بناء ما دمره الزلزال المدمر.AP Photo/Francisco Seco, Fileأما ابنته الصغرى، فهي لا تزال في المدرسة، في حين ينتظر ابنه الأوسط بدء خدمته العسكرية وهو حاليا عاطل عن العمل.
"الحياة في مدينة الحاويات صعبة، والظروف الصحية قد تكون سيئة"، يقول أيدين، الذي تأهل للحصول على أحد المنازل الحكومية الجديدة قيد الإنشاء، لكنه يساوره القلق بشأن تأثيثه وتحمل تكاليف المعيشة فيه. وأضاف بأسى: "لا أملك حتى دبوس، فكيف سأتمكن من تدبر أموري عندما يحين وقت الانتقال؟"
أفادت وكالة الأناضول الحكومية يوم الخميس أن صلوات خاصة أقيمت في المساجد لتكريم الموتى، فيما زار الناجون المقابر للصلاة لأحبائهم، وتركوا القرنفل على قبورهم، وقدموا تعازيهم لزملائهم الزوار.
Relatedشاهد: عام على زلزال تركيا المدمر.. المنكوبون يكافحون من أجل إعادة بناء سبل بيوتهم وحياتهم"لو عظمة منهم على الأقل".. بعد عام على زلزال تركيا المروع.. عائلات لا تزال تبحث عن رفات ذويهاوقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا، إنه تم الانتهاء من 45% من المساكن المتضررة من الزلزال بحلول نهاية عام 2024. وتهدف الحكومة إلى تسليم ما مجموعه 452,983 وحدة سكنية وتجارية ومساحات عمل أخرى بحلول نهاية عام 2025.
وقال جيسي تومسون، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في تركيا، إن ما يقرب من نصف مليون شخص ما زالوا في مدن الحاويات المؤقتة بعد عامين من وقوع الزلزال.
وأضاف تومسون: "لا يزال مئات الآلاف يواجهون تحديات هائلة في تأمين الدخول المستدامة، مع ارتفاع الاكتئاب واليأس"، وتابع "إن الطريق إلى التعافي طويل وشاق، ويتطلب الدعم المستمر والتضامن".
وأوضح أيدين لـوكالة "أسوشيتد برس"، أنه عندما يضع رأسه على الوسادة، يصلي ألا يستيقظ ليواجه يوما آخر.
وتابع الرجل المثقل بالهموم قائلا: "أقسم، كل يوم عندما أذهب إلى الفراش وأضع رأسي على الوسادة، أدعو الله ألا يوقظني في الصباح."
أما سونغول إرول، الأم لطفلتين تبلغان من العمر 7 و3 سنوات، فهي تعيد بناء حياتها ببطء في سامنداغ، إحدى البلدات الأخرى في محافظة هاتاي، بعد أن قضت أشهرا في الخيام والمساكن المؤقتة.
اعلانفي يوم الثلاثاء 6 فبراير 2024، ألقى الناس القرنفل في نهر العاصي في مدينة أنطاكيا، جنوب تركيا، تكريماً لذكرى ضحايا الزلزال المدمرAP Photo/Metin Yoksu, Fileبمساعدة الأموال التي قدمها الهلال الأحمر التركي لدعم الشركات الصغيرة، تمكنت من استئجار متجر وإعادة فتح عملها في بيع معدات الصيد مثل الطعم والشباك والسكاكين. كما حولت غرفة في الجزء الخلفي من المتجر إلى مساحة معيشية لها ولابنتيها، اللتين تأثرت صحتهما بشدة جراء الظروف الصعبة في الخيام ومنزل الحاويات.
وفي مكالمة فيديو مع وكالة "أسوشيتد برس"، قالت سونغول، التي لا تزال تطاردها صور المباني المنهارة في سامنداغ: "كل ما أحلم به هو الانتقال إلى منزل من طابق واحد، بعيدا عن الأبنية السكنية."
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية زلزال بقوة 6.4 درجة يهز جنوب تايوان ويخلف 27 إصابة زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب باتانغاس في الفلبين الشرع يدعو أردوغان لزيارة سوريا في أقرب وقت ويقول "الدم السوري اختلط بالدم التركي في معارك التحرير" رجب طيب إردوغانضحايازلزال تركيا وسوريا زلزالاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext كيف تفاعلت الدول الأوروبية مع مقترح ترامب بشأن تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"؟ يعرض الآنNext بنما تُحرج الولايات المتحدة الأمريكية وتنفي ما أوردته خارجيتها: "لا لم نعفيكم من دفع الجمارك" يعرض الآنNext كاتس يوعز الجيش بإعداد خطة لترحيل أهل غزة ومقتل جنديين إثنين في انهيار رافعة بالقطاع يعرض الآنNext ممثلة تركية تواجه تهمة الترويج للإرهاب بعد ظهورها في مسلسل تلفزيوني فرنسي يعرض الآنNext مخاوف وشكوك تلف خطة الاتحاد الأوروبي بناء مراكز احتجاز المهاجرين خارج حدود التكتّل اعلانالاكثر قراءة جوائز غرامي 2025: إطلالة بيانكا سينسوري تثير الاستهجان وانتقادات لقبعة جادن سميث الرياضة والطبيعة والعافية: أهم الأماكن السياحية في قطر بالمشاركة مع Media City مسابقة "بوم بوم" لاختيار أجمل مؤخرة امرأة بالبرازيل حصيلة دامية في غوما: دفن 900 قتيل في مقابر جماعية بعد أسابيع من القتال حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامببنيامين نتنياهوإسرائيلغزةالمفوضية الأوروبيةقطاع غزةسوريافلاديمير بوتينضحايابشار الأسدسياسة الهجرةالشرق الأوسطالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025