أتطرق فى مقالى هذا لموضوع شائك فكريًا وعقائديًا وفلسفيًا ويرتبط بسياسات الدول ومعتقدات الشعوب المختلفة حول العالم ألا وهو (العلمانية والإسلاموفوبيا)، «فالعلمانية» تشير إلى عزل الدين عن الدولة وعن حياة المجتمع، وإبقائه حبيسا فى ضمير الإنسان بحيث لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين خالقه؛ فإذا تم السماح للإنسان بالتعبير عن ذاته فيكون ذلك فى إطار الشعائر التعبدية ومراسم الزواج والوفاة وما شابه ذلك، أما كره الإسلام أو كراهية الإسلام فتسمى «الإسلاموفوبيا» وتعنى التخوف من المسلمين والتحيز ضدهم والتحامل عليهم، وينتج عن ذلك الاستفزاز والعداء والتعصب وجهًا لوجه أو من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة، ومن السطور التمهيدية السابقة أنتقل إلى إعلان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مؤخرًا عدم السماح لأى طالب فرنسى بدخول المدارس فى حال ارتدائهم ملابس طويلة «العباءة» معتبرًا ذلك انتهاكًا للعلمانية التى تعتبر مبدءًا أساسيًا فى فرنسا، وأكد ماكرون أن السلطات ستتعامل بحزم شديد مع جزئية تطبيق القانون الجديد عند استئناف الدراسة، مشيرا إلى أن القانون الجديد لا ينطبق على طلاب الجامعات.
إنّ نموذج «العلمنة الفرنسية» قام على خلفيات إخفاق محاولات إخضاع الكنيسة والدين لمنظومة الدولة بعد فرض التنظيم المدنى عليها عام 1791إبان الثورة الفرنسية، وإن كانت العلمانية تكفل حريّة المعتقدات لكافة المواطنين فى فرنسا، إلا أنّه يعتبر الإسلام كجسم «غريب»، والمسلمين كـ»ضيوف مؤقتين»، حتى وإن كانوا أبناء الجيل الثالث والرابع من المهاجرين، حيث إنّ المهاجرين المسلمين يعانون فى بلادهم الأصلية من مشكلات الاستبداد والفقر، فى حين تمنحهم بلاد مثل فرنسا فرصًا وأمانًا اجتماعيًا، ومن هنا ترى الحكومة الفرنسية ضرورة وحتمية احترام قوانين المجتمع المضيف، وبشكل عام يرى بعض الناشطين أنّ الأنظمة الأوروبية العلمانية لم توفر الحماية اللازمة لشعوبها من جرائم الكراهية والعنصرية، ويرى آخرون أن فكرة الدولة العلمانية العادلة باتت أكثر أهمية اليوم أكثر من الماضى.
وفى ذات السياق نتذكر هنا قرار تركيا (تحويل آيا صوفيا إلى مسجد)، فنتذكّر أنّ الكثير من الأتراك والمسلمين حول العالم قد رحبوا بهذه الخطوة استناذًا إلى تأكيد وتعزيز الهويّة التركية الأصلية المرتبطة جذريًا بالإسلام، والتى فشلت العلمنة فى طمسها على مدار فترات متعاقبة، وفى ختام مقالى هذا أتساءل هل تطبيق أى مشروع لقانون مدنى يحقق المساواة بين كافة المواطنين، سيفشل مع صعود الهويات الدينية والمشاعر القومية فى عالم اليوم؟، وللحديث بقية إن شاء الله.
دكتور جامعى وكاتب مصرى
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د أحمد محمد خليل
إقرأ أيضاً:
العيسى يلقي خطبة عيد الفطر في أكبر جوامع ألبانيا ومنطقة البلقان
استضافت جمهورية ألبانيا الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ د. محمد بن عبدالكريم العيسى، لإلقاء خطبة عيد الفطر المبارك في جامع تيرانا الكبير، أكبر جوامع الجمهورية ومنطقة البلقان، بحضور علماء ألبانيا.
واستهل د. العيسى الخطبة بتهنئة الأمة الإسلامية بحلول عيد الفطر المبارك، مشيرًا إلى أنه يوم للفرح بفضل الله، وتعاهُد آداب الإسلام وأُخوة الإيمان، وترسيخ الروابط الوثيقة لهذه الأخوة، وهو أيضا يوم للتسامُح وتعزيز أواصر الأخوة والمودة.
وشدد على أن هذه القيمة الإسلامية الرفيعة تشمل الجميع من مسلمين وغير مسلمين.
وتناولت خطبةُ فضيلته ملامح ميزت "هداية القرآن الكريم للتي هي أقوم"، وهي الطريقة الأهدى والأرشد في شؤون العبد كافة، سواء كان ذلك في معتقده أو عبادته أو معاملته أو سلوكه.
وأكد العيسى أن الله تعالى بعث نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بفطرة سليمة، وبقيم عالية، ومن خلال معاني الفطرة ومضامين القيم وصلت رسالتُه للعالمين، وجعلت الناس يتلقونه برحابة صدر، فدخلوا في دين الله أفواجا حتى ناهز المسلمون -اليوم- ملياري نسمة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } العيسى خلال إلقائه خطبة عيد الفطر في أكبر جوامع ألبانيا ومنطقة البلقان - إكس رابطة العالم الإسلامي
ومنذُ أن أشرق الإيمان بضيائه حتى اليوم، لم يستطع أحد الوقوف أمام حقيقته، أو النيل من عقيدة أهله، بل لم تزِدهُم محاولات الجهل والشر إلا إيمانا مع إيمانهم.
وتطرقت خطبته في هذا السياق إلى الحرص على سُمعة الإسلام، وقال: "لا شك أن كل مسلم يعتزُ بدينه، غير أن الاعتزاز الحقيقي يُصدِقُهُ العمل، وكلُ مسلمٍ حريص على سُمعة دينه، غير أن الحرص الصادق والنافع يتمثل في أن يكون كل منا -نحن المسلمين- سفير خير لدينه أمام العالمين، على هدي مبادئ الإسلام الثابتة وقِيمِهِ العالية، التي لا تُغيِرها الظروف ولا الأهواء ولا الإثارة ولا الاستفزاز".
ونوه فضيلتُه إلى أهمية الأسرة، التي هي أملُ كلِ أُمة، بوصفها نواة مجتمعها وصِمام أمانها، لافتًا النظر إلى دور المرأة الفاعل في بناء الأسرة.