بوابة الوفد:
2024-12-19@09:22:17 GMT

العلمانية والإسلاموفوبيا

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

أتطرق فى مقالى هذا لموضوع شائك فكريًا وعقائديًا وفلسفيًا ويرتبط بسياسات الدول ومعتقدات الشعوب المختلفة حول العالم ألا وهو (العلمانية والإسلاموفوبيا)، «فالعلمانية» تشير إلى عزل الدين عن الدولة وعن حياة المجتمع، وإبقائه حبيسا فى ضمير الإنسان بحيث لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين خالقه؛ فإذا تم السماح للإنسان بالتعبير عن ذاته فيكون ذلك فى إطار الشعائر التعبدية ومراسم الزواج والوفاة وما شابه ذلك، أما كره الإسلام أو كراهية الإسلام فتسمى «الإسلاموفوبيا» وتعنى التخوف من المسلمين والتحيز ضدهم والتحامل عليهم، وينتج عن ذلك الاستفزاز والعداء والتعصب وجهًا لوجه أو من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة، ومن السطور التمهيدية السابقة أنتقل إلى إعلان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مؤخرًا عدم السماح لأى طالب فرنسى بدخول المدارس فى حال ارتدائهم ملابس طويلة «العباءة» معتبرًا ذلك انتهاكًا للعلمانية التى تعتبر مبدءًا أساسيًا فى فرنسا، وأكد ماكرون أن السلطات ستتعامل بحزم شديد مع جزئية تطبيق القانون الجديد عند استئناف الدراسة، مشيرا إلى أن القانون الجديد لا ينطبق على طلاب الجامعات.

    إنّ نموذج «العلمنة الفرنسية» قام على خلفيات إخفاق محاولات إخضاع الكنيسة والدين لمنظومة الدولة بعد فرض التنظيم المدنى عليها عام 1791إبان الثورة الفرنسية، وإن كانت العلمانية تكفل حريّة المعتقدات لكافة المواطنين فى فرنسا، إلا أنّه يعتبر الإسلام كجسم «غريب»، والمسلمين كـ»ضيوف مؤقتين»، حتى وإن كانوا أبناء الجيل الثالث والرابع من المهاجرين، حيث إنّ المهاجرين المسلمين يعانون فى بلادهم الأصلية من مشكلات الاستبداد والفقر، فى حين تمنحهم بلاد مثل فرنسا فرصًا وأمانًا اجتماعيًا، ومن هنا ترى الحكومة الفرنسية ضرورة وحتمية احترام قوانين المجتمع المضيف، وبشكل عام يرى بعض الناشطين أنّ الأنظمة الأوروبية العلمانية لم توفر الحماية اللازمة لشعوبها من جرائم الكراهية والعنصرية، ويرى آخرون أن فكرة الدولة العلمانية العادلة باتت أكثر أهمية اليوم أكثر من الماضى.

  وفى ذات السياق نتذكر هنا قرار تركيا (تحويل آيا صوفيا إلى مسجد)، فنتذكّر أنّ الكثير من الأتراك والمسلمين حول العالم قد رحبوا بهذه الخطوة استناذًا إلى تأكيد وتعزيز الهويّة التركية الأصلية المرتبطة جذريًا بالإسلام، والتى فشلت العلمنة فى طمسها على مدار فترات متعاقبة، وفى ختام مقالى هذا أتساءل هل تطبيق أى مشروع لقانون مدنى يحقق المساواة بين كافة المواطنين، سيفشل مع صعود الهويات الدينية والمشاعر القومية فى عالم اليوم؟، وللحديث بقية إن شاء الله.

دكتور جامعى وكاتب مصرى

 [email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د أحمد محمد خليل

إقرأ أيضاً:

على حافة الهاوية!!

عوامل كثيرة جعلت من الشرق الأوسط منطقة صراع دائم وحروب كثيرة على مدار قرون وعقود طويلة، بعضها كانت لأسباب دينية وعرقية، وأخرى كانت بهدف الاستعمار وفرض النفوذ وخلق كيان جديد فى المنطقة تحت مسمى - إسرائيل - وفى النصف الثانى من القرن الماضى كانت مصادر الطاقة والأهمية الجيوسياسية للمنطقة مدعاة لتدخلات القوى الكبرى للسيطرة على الإقليم وتأجيج الصراعات فيه، وذريعة لتواجد هذه القوى بشكل مستمر تحت مسميات مختلفة.. ومع أن هذه المنطقة قد شهدت حالة من الاستقرار النسبى عقب حرب 1973 وتوقيع اتفاقية إسلام بين مصر وإسرائيل فى ظل التوازنات العالمية بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، إلا أن هذا الاستقرار سرعان ما تلاش بعد استئثار الولايات المتحدة بقيادة العالم، لتبدأ فى خلق الصراعات وتفجير المنطقة بداية من حرب العراق، ثم تشكيل ودعم تيارات الإسلام السياسى وأذرعتها الإرهابية المسلحة، بهدف إحداث فوضى خلاقة فى المجتمعات العربية، تسهم فى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة.

الآن بات الشرق الأوسط على حافة الهاوية، فى ظل الموجة الجديدة لنشاط ودعم تيارات الإسلام السياسى الذى ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال مشروعها الاستراتيجى الذى وضعه - برنالد لويس - عام 1980، واعتمده الكونجرس الأمريكى عام 1982، كهدف استراتيجى للولايات المتحدة الأمريكية تحت مسمى - الشرق الأوسط الجديد - الذى ظهرت ملامحه بجلاء فيما سمى بالربيع العربى لإسقاط الأنظمة العربية وإحداث الفوضى الخلاقة على يد تيارات الإسلام السياسى، ودعمها للوصول إلى الحكم وإقامة أنظمة سياسية على أساس دينى، تنتج عنه صراعات طائفية وعرقية تنتهى بتقسيم هذه الدول، وهو الأمر الذى أدركته مصر مبكرًا بمؤسساتها وشعبها العظيم الذى حطم المشروع على أرض الكنانة فى الثلاثين من يونيو عام 2013، باعتراف وزير الخارجية الأمريكى هيلارى كلينتون، عندما أكدت فى مذكراتها أن الإدارة الأمريكية عجزت عن مواجهة الأمر فى مصر.. ومن المؤكد أن الأحداث فى سوريا والمنطقة سوف تكشف عن مفاجآت كبيرة وبخاصة الصفقة التركية فى دعم تيار الإسلام السياسى لحساب أمريكا، وأيضًا التفاهمات الروسية الإيرانية الأمريكية وغيرها من المفاجآت التى ترتبط بقدرة الفصائل التى تحكم سوريا على بناء نظام سياسى يحافظ على وحدة سوريا وتنوعها السياسى والعرقى أو الانزلاق إلى الفوضى والتقسيم.

الأحداث المتسارعة فى الشرق الأوسط، تكشف عن تحديات ومخاطر هائلة تواجه الدولة المصرية بسبب نشر الفوضى الخلاقة فى الإقليم وعلى الحدود المصرية من شتى الاتجاهات، سواء فى السودان أو ليبيا وأيضًا العربدة الإسرائيلية فى غزة وعلى أكثر من اتجاه، تشكل جميعها مخاطر على الأمن القومى المصرى وتأثيرات اقتصادية كبيرة سواء فى دخل قناة السويس أو حركة التجارة والسياحة وجذب الاستثمارات وغيرها من التأثيرات السلبية نتيجة إصرار الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على إشعال المنطقة بشكل مستمر لتمرير وتحقيق أهدافهما الاستراتيجية.. لكن يبقى الأخطر والأهم هو قدرة مصر على الصمود فى مواجهة الموجات المتتالية من المخططات الأمريكية الإسرائيلية، خاصة بعد إعلان نتنياهو الصريح، بأن إسرائيل هى من ترسم خريطة الشرق الأوسط.. وهو أمر يدعو الشعب المصرى الذى صنع المعجزات، عندما سطر أعظم ثورة شعبية فى الثلاثين من يونيو، ثم استطاع دحر الإرهاب الممول والمدعوم، وفى ذات الوقت قاد أكبر عملية تحديث وتنمية شاملة غيرت وجه مصر وأعاد بناء وتحديث مؤسساته، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية الوطنية بأحدث تكنولوجيا السلاح حتى أصبحت الأولى فى الشرق الأوسط وافريقيا.. على هذا الشعب أن يفخر بما حققه فى عقد واحد فقط، وأنه الضامن الحقيقى لحماية وطنه، بل وأمته العربية.

حفظ الله مصر

مقالات مشابهة

  • دول المنطقة على صفيح ساخن
  • على حافة الهاوية!!
  • باب الواد والحراش وغيرها.. هكذا خططت المخابرات الفرنسية إلى تشكيل جماعات متطرفة بأحياء العاصمة
  • تفاصيل صادمة ومثيرة.. هكذا خططت المخابرات الفرنسية إلى تشكيل جماعات متطرفة بأحياء العاصمة
  • بالتفاصيل.. هكذا خططت المخابرات الفرنسية إلى تشكيل جماعات متطرفة بأحياء العاصمة
  • طريقة عمل البولونيز الإيطالية الأصلية بصلصة اللحم والطماطم
  • كاتب ياسين.. الروائي الجزائري الذي أخذ الفرنسية غنيمة حرب
  • ‏خارجية فرنسا: البعثة الفرنسية في دمشق قالت إن باريس مهتمة بقضايا الأمن التي تصب في صالح الجميع
  • هل يقع التغيير بالثورة في اليوم العاقب لها: الثورة الفرنسية مثالاً (1-2)
  • عاجل. وكالة الأنباء الفرنسية: علم فرنسا يرفع على مبنى سفارتها بدمشق لأول مرة منذ عام 2012