توقّع الرئيس التنفيذي لمؤتمر "ويب سميت" (Web Summit)، بادي كوسغرايف، أن تهيمن الصين على سوق التكنولوجيا العالمية في السنوات القليلة المقبلة، مرجعا التفوّق التقني الأميركي خلال العقود الماضية إلى "تدخّل الدولة" عبر إنشاء وادي السيليكون ودعمه ماليا بهدف تطوير الأسلحة، معتبرا إياه "فرعًا من وزارة الدفاع الأميركية".

كوسغرايف قال في لقاء مع قناة الجزيرة الإنجليزية، إن مؤسسة "راند" أصدرت تقريرا حديثا يغطي 26 من مجالات التكنولوجيا التي توليها واشنطن أهمية إستراتيجية، "وتوصل إلى أن أميركا تخسر لصالح الصين في 25 من تلك المجالات".

"الغرب يعاني عجزا في الابتكار"

ويعتقد كوسغرايف أن الدول الغربية تشعر بـ"عدم الأمان" حيال صعود الصين وبعض الدول الأخرى في مجال التكنولوجيا، وقال "أعتقد أن ردة فعلهم نابعة من خوفهم على أمنهم القومي وشعورهم بعجزهم عن الابتكار في قطاع بعد آخر".

واعتبر المستثمر -الذي اختارته مجلة "وايرد يو كيه" (Wired UK) العلمية ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم – التعامل الأميركي مع تطبيق "تيك توك" مثالا على الحالة التي تعيشها واشنطن، وقال "لا أعتقد أن لتيك توك علاقة بالأمن القومي.. القلق نابع من أنه تفوق على شبكات التواصل الاجتماعي الأميركية، وهم لا يرغبون بالتسامح مع ذلك".

وأضاف "في أواخر الثمانينيات، أنتجت شركة (إن إي سي) اليابانية حواسيب أفضل وأقل سعرا من نظيراتها الأميركية، عندها ادّعت شركة (كراي) التابعة لـ(آي بي إم) أن الأمن القومي الأميركي يتعرض للخطر، وأنهم مضطرون لحظر الحواسيب اليابانية لأنهم يخشون التجسس. وبعد 20 أو 30 سنة، يتكرر الأمر نفسه لذات المبررات. هناك حقيقة؛ وهي أن الولايات المتحدة وأوروبا تجدان صعوبة عندما تتفوق شركات من مناطق أخرى في العالم على شركاتها".

كوسغرايف أرجع الموقف الغربي من تطبيق "تيك توك" إلى تفوّقه على الشبكات الاجتماعية الغربية (رويترز)

 

"وزارة الدفاع وراء التفوق الأميركي"

أما التفوّق التكنولوجي الأميركي في العقود الأخيرة، فأرجعه رجل الأعمال الأيرلندي إلى تدخل الدولة، "فوادي السيليكون موجود فقط، لأنه فرع من وزارة الدفاع الأميركية. فقد كان (بمثابة) المختبر الذي أعطته حكومة الولايات المتحدة مبالغ ضخمة لمحاولة تطوير أحدث الأسلحة.. كان له غرض ثانوي، وهو إمكانية بيع منتجاته تجاريا".

كما شدد سفير مجلس الابتكار الأوروبي على أهمية الدعم الحكومي للمبتكرين، "لأن الدافع للابتكار تاريخيا لم يكن القطاع الخاص ولم يكن المستثمرين.. إنهم رائعون في تسويق التقنيات الناشئة، لكن هذه التقنيات يتم دائما وفي الغالب تطويرها في معامل تموّل من المال العام. وأحيانا ربما تكون هذه المعامل داخل الشركات الخاصة، لكن في كثير من الأحيان تكون هذه المعامل مرتبطة بالجامعات أو المعامل البحثية الأخرى".

وأضاف "في حالة الصين، تم التركيز بكثافة على الشراكة المهمة بين الدولة أو القطاع العام والقطاع الخاص. وأعتقد أن النتائج كانت مدهشة. وقبل الصين، كانت اليابان تفعل الشيء نفسه، وقد لحقت بسرعة بالولايات المتحدة عبر اتباع علاقة إستراتيجية بين القطاع الخاص والحكومة".

وبحسب كوسغرايف، فإن تراجع قطاع التكنولوجيا الأميركي يعود إلى رفع واشنطن "يدها عما هو مهم، وهو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتركت في الغالب نسبة متزايدة من الابتكارات للقطاع الخاص، وأعتقد أن هذا الأمر قد فشل إلى حدّ كبير".

الخوف من الذكاء الاصطناعي

على صعيد آخر، اعتبر كوسغرايف المخاوف من التبعات السلبية لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي أمرا طبيعيا، مشددا على ضرورة العمل على تنظيم هذه التقنية "فإذا وصلت هذه التكنولوجيا للأيدي الخطأ ستكون لدينا مشكلة؛ للتكنولوجيا بحد ذاتها نتائج مختلفة جذريا؛ إما إيجابية بشكل لا يصدق، أو سلبية بشكل لا يصدق".

كما قلّل من المخاوف أن يتسبب الذكاء الاصطناعي بفقدان الملايين لوظائفهم "ففي لحظة معينة، حلت العجلة مكان الكثير من الناس الذين عملوا في نقل الأشياء (قبل اختراع العجلة).. ومع مرور الوقت، ساعدت التكنولوجيا في زيادة الإنتاجية، فحلت محل المزيد من البشر وأزاحتهم عن الأدوار التي كانوا يقومون بها في السابق، لكن ذلك -في معظم الحالات- حرر الناس للقيام بأدوار أخرى أعلى مرتبة. لا أعتقد أن ذلك سيكون مختلفا في حالة الذكاء الاصطناعي".

"المنطقة العربية تتطوّر بمعدل غير مسبوق"

وحول مستقبل التكنولوجيا، توقّع كوسغرايف مزيدا من التقدّم في مناطق مختلفة من العالم، ولا سيما المنطقة العربية "فخلال السنوات المقبلة، سنشهد انتشار منتجات لم تأت من الأسواق التقليدية كأوروبا أو أميركا الشمالية، بل من الشرق الأوسط.. معدل التغيير والنمو في المنطقة غير مسبوق على الإطلاق، التغيير الذي يحدث إيجابي للغاية".

كوسغرايف قلل من حجم المشاكل التي يتوقع أن يتسبب بها الذكاء الاصطناعي (رويترز) من بادي كوسغرايف؟

بادي كوسغرايف رجل أعمال أيرلندي، ومؤسس مشارك لـ"ويب سميت" يشغل حاليا منصب الرئيس التنفيذي للمؤتمر.

ولد في العاصمة الأيرلندية في عام 1983، حيث درس إدارة الأعمال، قبل أن يعمل في عدد من الشركات الناشئة كـ"زيب كار" (ZipCar) و"غروب أون" (GroupOn)، ويصبح من أشهر روّاد الأعمال الناجحين عالميا، والمختصين في شؤون التكنولوجيا.

في عام 2009، شارك كوسغرايف في تأسيس "ويب سميت" الذي شهد حضور 400 شخص في بداياته بدبلن، قبل أن يتطور ويجتذب أكثر من 6 آلاف شخص و1200 متحدث في نسخة عام 2016.

وفي عام 2017، تقرر عقد المؤتمر في العاصمة البرتغالية لشبونة، وشاركت فيه مجموعة كبيرة من العلماء والسياسيين والمشاهير، مثل عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ، والمياردير إيلون ماسك، والمرشح الرئاسي الأميركي آل غور، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

يعد "ويب سميت" أحد أكبر المؤتمرات التقنية في العالم، إذ يبحث مواضيع تتعلق بمستقبل الإنترنت والتكنولوجيا الناشئة ورأس المال المخاطر، وتتضمن فعالياته محاضرات وورش عمل، كما يوفر فرصا لشركات التكنولوجيا الناشئة للتواصل مع المستثمرين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الجيش الأميركي يعلن وصول طائرات مقاتلة إلى المنطقة

أعلنت القيادة الوسطى الأميركية، فجر اليوم الجمعة، وصول طائرات مقاتلة من طراز "إف-15 إي" إلى المنطقة.

وقالت القيادة الوسطى للجيش الأميركي في منشور على حسابها في "إكس": "وصلت اليوم طائرات (إف-15 إي سترايك إيغلز) التابعة للقوات الجوية الأميركية من سرب المقاتلات رقم 492 التابع لسلاح الجو الملكي البريطاني في لاكنهيث بإنجلترا، إلى منطقة مسؤولية القيادة".

وكانت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، قد أعلنت في الثاني من نوفمبر الجاري، أنها أمرت بنشر مدمرات إضافية للدفاع الصاروخي الباليستي وأسراب مقاتلات وطائرات ناقلة وعدة قاذفات بعيدة المدى في الشرق الأوسط.

وقال بيان صادر عن "البنتاغون" وقتها: "تماشيا مع التزاماتنا بحماية المواطنين والقوات الأميركية في الشرق الأوسط، والدفاع عن إسرائيل، وخفض التصعيد من خلال الردع والدبلوماسية، أمر وزير الدفاع بنشر مدمرات إضافية للدفاع الصاروخي الباليستي وسرب مقاتلات والعديد من قاذفات القنابل بعيدة المدى التابعة للقوات الجوية الأميركية من طراز بي-52 في المنطقة".

وأضاف البيان: "ستبدأ هذه القوات بالوصول في الأشهر المقبلة مع استعداد مجموعة حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس أبراهام لينكولن للمغادرة".

وتابع: "تعتمد عمليات النشر هذه على القرار الأخير بنشر نظام الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (THAAD) في إسرائيل بالإضافة إلى الموقف المستمر لوحدة الحملة البحرية البرمائية الجاهزة التابعة لوزارة الدفاع في شرق البحر الأبيض المتوسط".

وشدد البيان على أن هذه التحركات: "تُظهر الطبيعة المرنة للوضع الدفاعي العالمي للولايات المتحدة وقدرتها على الانتشار في جميع أنحاء العالم في غضون مهلة قصيرة لمواجهة تهديدات الأمن القومي المتطورة".

واختتم البيان بالقول: "يواصل الوزير لويد أوستن توضيح أنه إذا استغلت إيران أو شركاؤها أو وكلاؤها هذه اللحظة لاستهداف أفراد أو مصالح أميركية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا".

ويوم الأحد الماضي، أعلنت القيادة الوسطى، وصول قاذفات استراتيجية من طراز "بي-52" إلى المنطقة.

وذكرت قالت القيادة الوسطى في منشور على حسابها الرسمي في "إكس": "وصلت قاذفات القنابل الاستراتيجية B-52 Stratofortress من جناح القنابل الخامس بقاعدة مينوت الجوية إلى منطقة مسؤولية القيادة الوسطى".

وتخوض إسرائيل التي تُعتبر الولايات المتحدة حليفتها الرئيسة نزاعا مع إيران وحلفائها الإقليميين منذ بدء الحرب في غزة في السابع أكتوبر 2023.

وإضافة إلى حركة حماس، تواجه إسرائيل أيضا حزب الله اللبناني على حدودها الشمالية.

وهاجم الجيش الإسرائيلي في 26 أكتوبر الماضي أهدافا عسكرية في إيران ردا على هجوم صاروخي إيراني استهدف إسرائيل في الأول من الشهر نفسه.

مقالات مشابهة

  • أخبار التكنولوجيا| آبل تزود أجهزة آيفون وآيباد بمجموعة جديدة من ميزات الذكاء الاصطناعي.. برنامج خبيث على أندرويد يسرق أموالك بمكالمة هاتفية
  • الجيش الأميركي يعلن وصول طائرات مقاتلة إلى المنطقة
  • سياج الصين العظيم أمام السلاسل الأميركية فهل ستتحول بكين من الدفاع للهجوم؟
  • كيف يمكن أن يؤثر فوز ترامب على أزمة تايوان والصين؟
  • كيف علّقت الصين على فوز ترامب في الانتخابات الأميركية؟
  • مدبولي: الذكاء الاصطناعي هو الحاضر
  • عصف ذهني للرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي في حكومة الإمارات يستشرف مستقبل التكنولوجيا
  • الرؤساء التنفيذيون للذكاء الاصطناعي في حكومة الإمارات يستشرفون مستقبل التكنولوجيا
  • «الاتصالات» تطلق المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي قريبا
  • من سيفوز بالانتخابات الأميركية؟.. هذا جواب الذكاء الاصطناعي