لماذا تأخر قانون المسئولية الطبية؟.. "صحة النواب" توضح
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
"قانون المسؤلية الطبية"، واحدًا من أهم القوانين التي تنتظر أولويات الأجندة البرلمانية لمجلس النواب خلال دور الانعقاد الرابع، حيث يُحقق القانون توفير الحماية لكل من الطبيب والمريض بما يضمن وقوع أي ضرر لكل منهما.
وبالرغم من أهمية مشروع قانون "المسؤولية الطبية"، والذي يستهدف حماية المريض من أي أضرار يتعرض لها خلال تلقيه الخدمة الطبية أو الصحية، وكذلك حماية الطبيب الذى يؤدي دوره المهني، إلا أنه لم يتم إقرار هذا القانون حتى الآن وتأخر إصداره لأكثر من 8 سنوات دون معرفة الأسباب.
النائب مكرم رضوان
قانون المسئولية الطبية
وفي هذا السياق، قال الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن قانون "المسؤلية الطبية" تم الانتهاء من مناقشته داخل اللجنة خلال دور الانعقاد الثالث المُنقضي، لكنه كان متوققًا على موافقة وزارة العدل بأن يكون هناك لجان متخصصة على مستوى عالي تقوم ببحث الأمر فيما يتعلق بالخطأ الطبي، وتحديد ما إذا كان الخطأ نتيجة مضاعفات مقبولة أو متوقعة، أم أنه خطأ بسيط، أم خطأ فج يستحق تحويل الطبيب للنيابة للبت في الأمر.
أسباب تأخر إصدار القانون
وكشف "رضوان" في تصريح خاص لـ "الفجر"، عن أسباب اعتراض وزارة العدل على تشكيل هذه اللجان، قائلًا: الوزارة عللت ذلك الاعتراض بأنها لديها لجان الطب الشرعي المسئولة عن هذا الأمر، ولا تقبل أن يكون هناك ازدواجية في القرار.
وأوضح: لجنة الصحة اقترحت بأن يكون متواجد عضو من الطب الشرعي التابع لوزارة العدل داخل اللجنة المُشكلة بالقانون، ومن الممكن أن يكون رئيسًا للجنة وليس مجرد عضو فقط، ولكن بشرط أن يستمع قبل أن يتخذ القرار للجان المتخصصة من الأطباء كي يستطيعوا مساعدته وتحديد ما إذا كانت المضاعفات متوقعة من الممكن أن تحدث، أم أنها حدثت لخطأ طبي ومخالفة، وبناءا عليه يتم حماية الطبيب من وقوع الظلم عليه وحماية المريض من إهدار حقه.
مازال لم يُحسم بعد
وأكد عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أنه مازال الأمر عند وزير العدل ولم يُحسم بعد، ونتوقع أن يتم الرد خلال بدء دور الانعقاد الرابع للبرلمان والمقرر له أكتوبر المقبل، أو عمل زيارة للجنة للصحة بمجلس النواب بمقر وزارة العدل.
النائبة إيناس عبدالحليم
حماية حقوق الطبيب والمريض
وفي السياق نفسه، أكدت الدكتورة إيناس عبدالحليم، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أنه تم الانتهاء من مناقشة كافة التعديلات الخاصة بقانون المسئولية الطبية خلال دور الانعقاد الثالث للبرلمان، مشيرة إلى أن كافة المناقشات داخل اللجنة تمت بحضور نقابة الأطباء، وهناك توافق من الجميع حول القانون والذي يستهدف حماية حقوق المريض قبل الطبيب في حال ثبوت التقصير بشأنه، مؤكدة أن مواد القانون استهدفت حماية حقوق المريض والطبيب معًا وليس هناك تحيز لأحد الطرفين.
وعن كيفية حماية حقوق الأطباء، أوضحت "عبدالحليم" في تصريح خاص لـ "الفجر"، قائلة: القانون يستهدف حماية الأطباء من الاعتداءات المتكررة عليهم من قِبل بعض أهالي المرضى، والتي تصل في بعض الأحيان إلى إصابتهم بجروح بالغة قد تؤدي إلى الوفاة، مؤكدة ضرورة إصدار القانون لحماية الأطباء وتهئية الظروف لهم كي يستطيعوا أداء واجبهم على أكمل وجه، مؤكدة أن الطبيب المصري من أكفء الأطباء، ومن غير الطبيعي ألا يكون هناك تشريع يحكم طبيعة عملهم.
وتابعت: يستهدف القانون أيضًا حماية المريض والحرص على سلامته من خلال آليات يستخدمها المريض في حال تقصير الطبيب، وتتمثل في "اللجنة الفنية الصحية المتخصصة" التي يتم اللجوء إليها في حال حدوث أيا من المضاعفات الجانبية للعمليات التي يتم إجراؤها، وكذلك الأدوية التي يتم صرفها، لافتة إلى أن هذه اللجنة هي المعنية بالتحقيق في الأمر ومعرفة ماإذا كانت المضاعفات محتملة أم أنها أمر بالغ الضرر، وفي حال وجود التقصير يتم تقديم شكوى للجنة الفنية التابعة للمحافظة التي ينتمي إليها الشاكي، ويتم إخطار الطبيب بالشكوى المعروضة ومتى سيتم مناقشتها بحضور نقابة المحاميين ووزارة العدل والطب الشرعي وكافة الجهات المعنية، مشيرة إلى أن اللجنة تُشكل من مسئول من نقابة الأطباء، ومندوب عن وزارة الصحة، لتوضيح ماإذا كان الضرر الواقع على المريض نتيجة الإهمال أو مضاعفات واردة الحدوث.
عقوبات مواجهة الأخطاء الطبية
ولفتت عضو صحة النواب، إلى أن قانون المسؤولية الطبية، به عددا من العقوبات لمواجهة الأخطاء الطبية، والتي من بينها عقوبة الحبس والغرامة لكل من أخل بمخالفة الالتزامات أو ارتكاب المحظورات المنصوص عليها في القانون، وكذلك عقوبات رادعة لكل من تعدى على مقدمي الخدمة الطبية أثناء تأدية عملهم وإتلاف الأجهزة والمنشآت الطبية.
ولفتت النائبة إيناس عبدالحليم، إلى أن أنه يتم محاكمة الطبيب في الوقت الحالي طبقًا لقانون العقوبات والنصوص الواردة حول القتل الخطأ، أو القتل مع سبق الإصرار والترصد، وهذا غير مُنصف وبه ظلم للطبيب، مؤكدة ضرورة إصدار القانون الذي يُعد هو الفيصل بين الطبيب والمريض والذي تأخر صدوره لأكثر من ٨ سنوات.
أهداف قانون المسئولية الطبية
1- وجود تشريع جديد يُنظم تحديد المسئولية الطبية، وحماية المريض من أي أضرار يتعرض لها، خلال تلقيه الخدمة الطبية أو الصحية.
2- حماية الطبيب الذي يؤدي دوره المهني على أكمل وجه، ولا سيما في ظلّ عدم وجود تشريعات تواكب ذلك التطور التكنولوجي في مجال الطب، حيث مازال قانون مزاولة المهن الطبية الصادر عام ١٩٥٥ هو المنظم للعمل في ذلك المجال الطبي.
3- نظرا لما شهده المجتمع المصري خلال الفترة الماضية، من وقائع وأضرار نتيجة أخطاء طبية، كان من الضروري الإسراع بإعداد تشريع جديد ينظم ذلك التداخل في المسئولية الطبية ويحقق الحماية لكل من المريض والطبيب، بحيث يحدد المسؤولية الطبية في تلك الوقائع.
4- حرص مشروع القانون على تنظيم تحريك الدعوى الجنائية ضد الأطباء، حيث منع تحريكها إلا بموجب قرار من النائب العام.
5- منع مشروع القانون حبس الأطباء احتياطيا إلا في حالات الجناية.
6- تنظيم مسألة التأمين والتعويض، خاصةً أن مصلحة المُتضرر تقتضى أن يكون هناك شخص مليء الذمة يستطيع الرجوع عليه بقيمة التعويض في حالة تعثر أو إفلاس مؤدى الخدمة الطبية.
7- تحقيق عنصر الأمان لمؤدى الخدمة الطبية فيجعله أكثر جراءة في التعامل واتخاذ القرار الطبي المناسب دون الخوف من الوقوع في أخطاء يترتب عليها تعويض.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مشروع قانون المسؤولية الطبية قانون المسؤولية الطبية المسئولية الطبية صحة النواب الخدمة الطبیة بمجلس النواب دور الانعقاد وزارة العدل لجنة الصحة حمایة حقوق یکون هناک أن یکون فی حال إلى أن لکل من
إقرأ أيضاً:
العراق: قانون الانتخابات بوصفة أداة سياسية!
جرت انتخابات مجلس النواب العراقي وفقا للدستور العراقي الحالي، منذ أول انتخابات عام 2005 وانتهاء بآخر انتخابات جرت عام 2021، ببدعة القانون الجديد، أو التعديل الجوهري على قانون سابق، وهذه البدعة تهدف، حقيقة، إلى خدمة مصالح الفاعلين المهيمنين على القرار السياسي في مجلس النواب لحظة تشريع ذلك القانون، ولا تهدف قطعا إلى ضمان انتخابات عادلة ونزيهة وشفافة، أو ضمان تمثيل حقيقي للجمهور!
بنهاية عام 2005 جرت أول انتخابات لمجلس النواب العراقي بموجب قانون رقم 16 لعام 2005 بموجب نظام القائمة المغلقة، وعُد العراق كله دائرة واحدة. ثم أدخلت تعديلات جوهرية على هذا القانون عام 2010، كان أبرزها إلغاء فكرة القائمة المغلقة، واعتماد الدوائر المتعددة من خلال عد كل محافظة دائرة انتخابية، وإلغاء تخصيص مقاعد لانتخابات الخارج وأن يصوت هؤلاء لمحافظاتهم الأصلية.
وكان وراء هذه التعديلات مصالح سياسية مباشرة، فقد ألغي تخصيص مقاعد انتخابات الخارج بسبب الاعتقاد أن هذه المقاعد ستذهب معظمها للسنة الذين غادر الكثير منهم العراق بعد 2003، وهو ما دفع الفاعل السياسي الشيعي لالغائها!
وجرت انتخابات عام 2014 بموجب القانون رقم 45 لسنة 2013، حيث زاد عدد مقاعد مجلس النواب بشكل اعتباطي من 325 إلى 328 استجابة لعلاقات القوة وشروطها، وتوزعت المقاعد وفق معادلة سانت ليغو بعد تعديلها بزيادة الرقم الأول الذي سيتم تقسيم الأصوات عليه من 1.4 إلى 1.6 من أجل منع الكيانات الصغيرة من الحصول على مقاعد في مجلس النواب!
وجرت انتخابات عام 2018 وفق القانون نفسه، بعد إجراء تعديلات جوهرية عليه، أبرزها زيادة الرقم الأول الذي تُقسَم عليه الأصوات وفقا لمعادلة سانت ليغو لتصبح 1.7 من أجل مزيد من احتكار المقاعد النيابية من الكتل الكبرى، وتقليل فرص الكتل الصغيرة من الحصول على أي مقعد. ورفع عدد مقاعد مجلس النواب بصورة اعتباطية مرة أخرى ليكون 329 مقعدا، من أجل زيادة الحصة الشيعية في مجلس النواب (منح مقعد كوتا للكرد الفيلية الشيعة في محافظة واسط، ولم يحسب المقعد من مقاعد المحافظة كما هو الحال مع مقاعد الكوتا الأخرى!).
وجرت انتخابات عام 2021 المبكرة وفق القانون رقم 9 لعام 2020، وفيها اعتُمد، لأول مرة، على الدوائر المتعددة داخل المحافظة الواحدة، وفردية الترشيح في الدائرة الانتخابية. وكان من أبرز مظاهر هذا القانون توزيع الدوائر بطريقة اعتباطية، دون أي معيار منطقي، وفقا لمصالح الفاعلين السياسيين المهيمنين على القرار داخل مجلس النواب.
وهذا النوع من التقسيم السياسي للدوائر الانتخابية يعرف بمصطلح Greeymanderin نسبة إلى واضعه البرج غيري الذي كان حاكما لولاية ماساتشوستس الأمريكية بداية القرن التاسع عشر، والذي قام بتقسيم الدوائر الانتخابية في منطقة بوسطن بطريقة تمنع الأقلية السوداء من الفوز بأي مقعد أولا، كما تضمن فوز الحزب الذي ينتمي اليه بغالبية المقاعد!
وفي عام 2023 عُدل قانون الانتخابات مرة أخرى ودُمجت هذه المرة، اعتباطيا، انتخابات مجالس المحافظات بانتخابات مجلس النواب، وألغيت، بموجبه، فكرة توزيع المحافظات إلى دوائر متعددة، وألغي نظام الترشيح الفردي أيضا، وأعيد نظام المحافظة كدائرة واحدة، واعتماد نظام التمثيل النسبي وفقا للقوائم مرة أخرى.
وكان السبب الأساسي خلف هذا التعديل كان منع التيار الصدري من الحصول على المقاعد التي حصل عليها عام 2021 (حصل على 72 مقعدا) وإعادته إلى عدد المقاعد التي كان يحصل عليها فيما سبق (بين 32 و 45 مقعدا)!
لكن نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي جرت عام 2023 التي جرت بموجب القانون نفسه، والتي أفرزت ظاهرة المحافظين المتمردين على الإطار التنسيقي الذين استطاعوا أن يحصدوا أصواتا منحت قوائمهم مقاعد كثيرة مكنتهم من التمرد على الإطار التنسيقي (الذي يضم القوى الشيعية الرئيسية ما عدا التيار الصدري) ثم الصراع الحاد بين العرابين الرئيسيين داخل الإطار التنسيقي مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني من جهة أخرى، والخشية من أن يدخل السوداني نفسه بقائمة انتخابية خاصة به يستطيع أن يحصل من خلالها على مقاعد أكثر من الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها بمفرده، أو الخشية من أن يتحالف مع المحافظين المتمردين وضم مقاعدهم من جهة ثانية.
كل هذه الوقائع، دفعت بعرابي الإطار التنسيقي الكبار الذين يحتكرون عمليا القرار داخل مجلس النواب، إلى التفكير بقطع الطرق على هؤلاء من خلال قانون جديد يعتمد على تقسيم المحافظات مرة أخرى إلى دوائر متعددة، ويخصص 20٪ من المقاعد للأفراد الذين يحصلون على أعلى الأصوات، مع تخصيص الـ 80٪ المتبقية من المقاعد للقوائم الانتخابية بعد حذف الأصوات التي حصل عليها الفائزون الأوائل، الأمر الذي سيمنع رئيس مجلس الوزراء والمحافظين من ضمان حصول قوائمهم على مقاعد كثيرة!
تتنافس الطبقة السياسية في العراق على انتاج نظام انتخابي يديم هيمنتهم
قلنا في مقال سابق إن القانون في العراق ليس قاعدة عامة مجردة هدفها الصالح العام، كما يَفترضُ تعريفه، بل هو في ذهنية الطبقة السياسية، اتفاق سياسي تُنتجه علاقات القوة في مجلس النواب في لحظة إقراره، وهو أداة تضمن مصالح الفاعلين السياسيين الأقوى.
فبدلا من السعي إلى إنتاج نظام انتخابي عادل يحقق هدف الانتخابات الجوهري وهو تمثيل حقيقي للقوى السياسية/ الاجتماعية، وضمان العدالة والنزاهة والشفافية للجميع، تتنافس الطبقة السياسية في العراق على انتاج نظام انتخابي يديم هيمنتهم، ويمكنهم من السيطرة على مخرجات الانتخابات من خلال التزوير المنهجي والتلاعب بالنتائج.
كانت هناك عبارة أطلقها الرئيس الأسبق صدام حسين حول مفهومه للقانون، وهو أنه «سطر نكتبه وسطر نمسحه». ومن الواضح أن هذا المفهوم ما زال حاكما في العراق، فالقانون مجرد سطر يكتبه القابضون على السلطة وسطر يمسحونه متى شاؤوا، تبعا لمصالحهم ورغباتهم ونزواتهم وحتى استثماراتهم في المال العام!
القدس العربي