الأسبوع:
2024-10-02@02:47:32 GMT

مئوية رحيل «فنان الشعب» سيد درويش

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

مئوية رحيل «فنان الشعب» سيد درويش

«يخطئ مَن يتصور أن سيد درويش أغنية ولحن.. إن سيد درويش فكر، تطوُّر، ثورة.. فسيد درويش هو الذي جعلني أستمتع بالغناء بحسِّي وعقلي، بعد أن كنت أستمتع بحسِّي فقط.. إنه فكرة العصر التي لولاها لما لحّن الملحنون بالأسلوب الذي يلحنون به الآن، ولا ننسى أنه أول مَن أدخل اللهجة المسرحية السليمة الحقيقية للأعمال المسرحية».

. هكذا وصف موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.. سيد درويش «فنان الشعب» والمجدد الأول للموسيقى المصرية والعربية في القرن العشرين، والذي نحتفل هذه الأيام بالذكرى المئوية لرحيله في 10 سبتمبر 1923م.

رحل درويش (1892-1923م)، وهو في ريعان الشباب، إذ لم يكن قد تجاوز الـ(31) عامًا، إلا أن أثره في الموسيقى كان مذهلًا، إذ يقول أيضًا عنه عبد الوهاب في كتابه «رحلتي»: «من أفضال الشيخ سيد درويش على الألحان العربية أنه أدخل الأسلوب التعبيري في ألحانه حتى في الأدوار التقليدية الكلاسيكية التي لحّنها، بالإضافة إلى أن له أفضالًا كثيرة على كل ألوان الغناء».

لقد كانت عبقرية درويش الكبرى أنه نقل الموسيقى من القصور وحفلات الأمراء والباشوات القائمة على «التخت العثماني» التقليدي إلى الشارع المصري حيث بات الناس يغنون معه، لا سيما مع فترة المد الثوري الشعبي إبان ثورة 1919م بزعامة سعد زغلول، الذي ربط درويش به الناس فنيًّا بتعبير «بلح زغلول» نكايةً في المحتل الإنجليزي الذي نفى سعد ورفاقه خارج مصر بعد أن طالبوا بالاستقلال، وقد أسفر الضغط الشعبي عن إجبار الإنجليز على إعادة سعد ورفاقه من المنفى وبدء مسار «التفاوض السياسي».

وكان درويش هو رأس الحربة في المواجهة مع الإنجليز(بجانب طبقات الشعب الثائر بالطبع)، وكلنا يذكر أغانيه الخالدة: «قوم يا مصري.. مصر دايمًا بتناديك»، «يا عزيز عيني.. أنا بِدِّي أروَّح بلدي»، «أهو دا اللي صار»، وغيرها.

وقد نقل درويش الألحان المسرحية نقلة نوعية كبرى بتقديمه للعديد من الأوبريتات الشهيرة (مثل: العَشَرة الطيبة) من تأليف صديقه ورفيق دربه بديع خيري، والتي قدمها للفرق المسرحية الشهيرة -آنذاك- مثل فرقتَي: الريحاني، وعلي الكسار، وغيرهما.

وأخيرًا.. صدق العبقري نجيب الريحاني حين قال عن صديقه العبقري سيد درويش: «سيد درويش روح هائمة على وجه الأرض.. روح غير مستقرة.. روح تعجّلت رحيلها في الحياة، كان ضيفًا على الدنيا غريبًا، الموت كان لا يغيب عن باله ويتذكره في المرح والسرور.. وعندما أهداني صورته كتب عليها: من ميت يُهدي إلى أموات».

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: سید درویش

إقرأ أيضاً:

عن سيرة فنان جميل (1-2)

ليس أعظم من سيرة فنان، يعيش من أجل الجمال، ينكسر مع المواجع، ويشتعل لنثر ذرات الحسن يميناً ويساراً.

كذب الزعماء، الساسة، وقادة الحروب، والمصفقون للطغاة، وهم يسودون لنا الصفحات تاركين مذكرات تبرير وتجميل وكذب.

من هنا فسعادتى لا توصف متى قرأت مذكرات مبدع.. سحرتنى من قبل مذكرات نجيب الريحانى، وفاطمة اليوسف، ويوسف وهبى. وسعدت أيما سعادة قبل سنوات قليلة بصدور مذكرات عزة فهمى عن الدار المصرية اللبنانية، واليوم تبهرنى دار الشروق بمذكرات فنان ساحر، ومبهر، وجميل وهو محمد عبلة، بعنوان جذاب هو «مصر يا عبلة».

تبدو سيرة الفنان فى بلادنا سيرة مقاومة دائمة. وهى مقاومة لعراقيل جمة. فهى أولاً مقاومة لمجتمع لا يأبه كثيراً فى ظل الهموم المادية الحياتية بقيمة الفن، ويعتبره رفاهية وأمراً ثانوياً.

وثانياً لمؤسسات رسمية تدعى احتضان الإبداع وتشجيعه وتحفيزه، وفى حقيقة الأمر هى تتاجر به، وتستغله، وتحاول توظيفه لمآرب لا علاقة لها بالفن والذوق والجمال.

وثالثاً وذلك الأهم لتيار دينى، مُساق، ومصمت، ومُنغلق، ومخاصم لمعالم الحضارة ومعاد لقيم العصرنة، تحت باب «شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار».

بهذا المنطق قاوم محمد عبلة عقبات الفن فى طريقه مدفوعاً بفورة المحبة للجمال، وحماسة الإيمان بأهمية الفن وقدرته على تغيير البشر، والبلدان، والعوالم. ما الفن سوى راية تحدٍّ لكتائب القبح المستعرة والمنتشرة والمنتشية بمجازر التحضر شرقاً وغرباً..

كان أول تحدٍّ جابهه عبلة عندما اختار الفن، واختاره الفن، هو مقاومة وصاية والده وإصراره على إلحاقه بالكلية الحربية. كان منطق والده واضحاً فى بدايات السبعينيات حيث استقر النظام الذى أسسه ضباط يوليو، وصار كل شىء، إذ سأل ابنه عندما عرف أنه يريد دخول كلية الفنون الجميلة لأنه يحب الرسم: «هل سمعت من قبل عن رئيس مدينة أو محافظ خريج فنون جميلة؟». وأضاف والده «رئيس البلد كلها واحد من الجيش. هل هناك فنان أصبح رئيساً للجمهورية؟ راجع نفسك يا محمد». لكن محمد عبلة لم يراجع نفسه، وتقبل الدفاع عن اختياره وتحمل تبعاته حتى النهاية، فترك البيت واستأجر مكاناً متواضعاً وعمل فى النقاشة والخط وكثير من المهن الحرفية لينفق على نفسه طالباً فى الفنون الجميلة بالإسكندرية.

ثم واجه الفنان تحدى البيروقراطية عندما رفض وكيل الكلية انتقاله من فنون تطبيقية فى شهر ديسمبر، إذ مرت شهور من الدراسة، وكان محمد عبلة معجباً بأعمال فنان سكندرى عظيم هو سيف وانلى، وقرر الاستعانة به فى هذه المشكلة. وذهب الطالب لباعة اللوحات يسألهم عن عنوان الفنان، حتى وصل إليه دون سابق معرفة، وطرق الباب ليجد رجلاً متواضعاً ومهذباً يدعوه للدخول. وحكى له عن رفض وكيل الكلية التحاقه بها، رغم حبه الشديد للفن، وتدخل «وانلى» وهاتف عميد الكلية، وسانده فى قبول أوراقه.

توالت التحديات فى مسيرة الرجل، وكان أصعبها ذلك التمدد العنيف للمتأسلمين فى الجامعات والمدارس، وتحريمهم للفنون وتحريضهم ضدها. وكان من الغريب أن بعض الطلبة الذين صادقهم محمد عبلة، وانبهر بأعمالهم فى البدايات انقلبوا بعد ذلك إلى متشددين، ومكفرين، وناقمين على الفن والمجتمع والحياة برمتها. لقد أعجب ببعضهم وكانوا نواة لتيار السبعينيات الصاعد من رحم الصراع العربى الإسرائيلى، وتغيرات المجتمع الكبرى، لكن موجة التطرف العاتية ابتلعت كل شىء. وربما أغرب ما يستدعى الالتفات هنا، أن هيمنة التيار الدينى وصلت إلى حد تعيين بعضهم فى سلك التدريس بالفنون الجميلة، حتى إن أحدهم قال لـ«عبلة» وهو يعد مشروع التخرج «الرسم حرام، لكن الضرورات تبيح المحظورات».

وللسيرة بقية تستحق الحكى..

والله أعلم

 

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • مهرجان الموسيقى العربية الـ32 يحتفى بسيد درويش
  • 4 ورش في مجال الكتابة المسرحية بمهرجان آفاق
  • فرقة تواصل تختتم العروض المسرحية بـمسارات الحب والحرب
  • غدا.. تتويج العروض المسرحية الفائزة بـ"مهرجان المسرح العماني"
  • حفيد فنان الشعب "سيد درويش..وقائع سرقة معلنة" في ندوة نقابة الصحفيين.. اليوم
  • هزيمة حزب الشعب الذي يقوده المستشار النمساوي
  • عن سيرة فنان جميل (1-2)
  • فنان على طائرة الرئيس
  • إشادات واسعة بعرض "أضغاث أوهام" لفرقة نخل المسرحية
  • بـ 44 ْمئوية.. “مكة المكرّمة وينبع” تسجّلان أعلى درجة حرارة بالمملكة والسودة الأدنى