الأسبوع:
2025-04-07@13:13:38 GMT

القوى الناعمة

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

القوى الناعمة

«العشق الممنوع»، المسلسل التركي الأشهر في العالم العربي، عُرض منذ سنوات وتابعه ملايين المشاهدين في تركيا وخارجها، حيث وفّر صُنّاع العمل نسخًا مترجمة وأخرى مدبلچة باللغة العربية، ودارت أحداثه حول قصة حب (بهيتار- سمر) و(بهلول- مهند)، وخيانتهما لزوجها وعمِّه في الوقت ذاته (عدنان بك)، بلا أي مبرر درامي لتعاطف المُشاهِد معهما، فالزوج الغنى يحب زوجته، ويرعاها، ويُغدق عليها مشاعره وأمواله، ويساند أسرتها، وهو ذاته الذى ضمَّ (مهند) لأسرته، وتولى رعايته وتربيته بعد وفاة والديه، ومنحه الحب والحنان بلا حدود، ولم يفرِّق بينه وبين أولاده، وبالرغم من ذلك استجاب المُشاهِد لعلاقة العشق المحرَّم بين سمر ومهند!! وحينما استيقظ ضمير مهند، وقرر مقاومة مشاعره، والابتعاد عن حبيبته زوجة عمه، تعاطف المُشاهِد معه، وفرح بتوبته، وتجاوب مع محاولاته للهروب من محاصرتها له، وكره سمر الخائنة لرفضها هذه التوبة، متناسيًا أنهما شريكان منذ البداية في جريمة الخيانة (التي استمتع المتفرج بها ولم يستنكرها طوال الحلقات)، لكن مع مشهد انتحارها، عاد المُشاهِد إلى جانبها، وحزن من أجلها!!

هذا هو ما يسمى تأثير الدراما، فالمُشاهِد يقبل بعضَ الأمور الدرامية التي لا يمكنه القبول بها في الواقع، ويغفرها لصُنّاع العمل، ويصدقها من أجل تحقيق متعة المُشاهَدة، حسب القاعدة المتفق عليها ضمنيًّا المسماة (الحائط الرابع) الذى يقف حائلًا بين المتفرج والممثل ليتناسى المتفرج أنها مَشاهِد تمثيلية لم تحدث في الواقع، فيتوهم أنه يرى أحداثًا حقيقية ليندمج ويتفاعل معها، وهي القاعدة نفسها التي أسماها أحمد خالد توفيق (دعني أخدعك، دعني أنخدع) المتفَق عليها بين الكاتب وقرائه لكي تدور عجلة الخيال ويتحقق الاندماج والاستمتاع بالرواية، فيمكن للفن أن يجعل المُشاهِد مستمتعًا بما يشاهده من مواقف وأفعال قد تكون غير مبرَّرة دراميًّا، أو متناقضة مع قناعاته.

وهنا أتذكر تعليق سيدة فاضلة من أقاربي -في ذروة استحواذ المسلسل المذكور على اهتمام ومتابعة المشاهدين في شتى بقاع العالم العربي- أنها لا تحب مشاهدته بسبب (الخاينة اللي مش متربية)!! لقد حطّمت بتعليقها الحائط الرابع الوهمي، ضاربة عرض الحائط بكل قواعد الدراما، من أجل تقديم رسالة تربوية لبناتها مفادها أن هذا عيب وحرام ومرفوض.

سأظل أكرر مرارًا أن تأثير القوى الناعمة في الجماهير ومنظومة القيم السائدة لا حدود له، وعلى المعنيين بثقافة هذا الشعب إدراك هذا التأثير، والتخطيط لاستغلاله من أجل مجتمع أفضل.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

الفراغ جُحْـــرُ الشيطان ومَنْفَـذُ الحرب الناعمة

يمانيون|عبد القوي السباعي

إنَّ بناءَ الجيل لا يأتي بالتمنِّي، ولا يكون صدفةً، ولا يُستورَدُ كما تُستورَدُ السلع، بل يُنحَتُ كما يُنحَتُ الحجر، في محاريب الجِد، وعلى سِنان العزم.

ونحن قد ودَّعنا عامًا دراسيًّا خاضهُ أبناؤنا؛ فطوى الزمان صحائفه، واستراحت الأقلام من سعيها، فكان للنفوس فسحة، وللعقول فراغٌ قد يُغري أَو يُبري، وهنا تكمن الفتنة والخطورة، فَــإنَّ الفراغ جُحرُ الشيطان، ومَنْفَـذُ الحرب الناعمة لقوى العدوان، التي لا تُرى رماحها ولا تُسمع طبولها، لكنها تُزحزح الجبال وتُفتِّتُ الإيمانَ في القلوب، إن تُركت بلا حصنٍ أَو درع.

فيا سائلي عن جيلٍ نَبَتَ في حِمى الإيمان، وشبّ على رحيق اليقين، ألا فاسمع، ويا أبناء اليمن، ويا فلذات الأكباد، يا من تنبتون كما الزهر في روابي الحكمة، ألا فاعلموا أن في الدورات الصيفية حياةً بعد حياة، وبناءً بعد بناء، وصقلًا للنفوس والعقول.

ألا ترون كيف تسعى الأمم من حولنا لصياغة عقول أجيالها، وتُسرِجُ لهم مناهجها؟ فكيف بنا ونحن أُمَّـة القرآن، وحَمَلَةُ الرسالة، أن نترك أبناءنا في مهاوي الفراغ، وأهوال التسلية المفرغة من كُـلّ معنى؟

إن المراكز الصيفية ودوراتها العلمية ليست لهوًا، ولن تكون عبثًا؛ بل هي ميادينُ تهيئة وإعداد، وساحاتُ عِلم وجهاد، ومراسمُ فخرٍ لأمةٍ تتشبث بهُويتها؛ كي لا تُسلَخ عنها، كما يتشبثُ السابحُ الغِـــرِّ بطوق النجاة.

فيها يُرتل القرآن كما نزل، وتُفهم معانيه كما أراد الله لها أن تُفهم، فتُثمر التقوى في الصدور، وتزهر العقول بضياء البصائر، وفيها تُصقَلُ المواهب، وتُنمَّى الإبداعاتُ والقدرات، وتُكتشَفُ الجواهرُ المكنونة في صدور الفتية والفتيات.

وما الدورات الصيفية إلا مواسمُ بناء، وأعياد معرفة، تُنبتُ في الجيل يقينًا راسخًا، وتغرسُ فيه حب الوطن، كما يُغرس الغراس في أرضٍ خصبة، كخصوبةِ الأرض اليمنية بأمجادها التاريخية.

فإن أردتم أُمَّـة راسخة، فلا تُهملوا الجذور، وإن أردتم أجيالًا حرةً كريمةً، فاجعلوا من العطلة ميدانًا للتزود، ومن المراكز الصيفية منابر إشعاع، ومن مخرجاتها قواعد إبداع.

هلمّوا إليها، وادفعوا بأبنائكم إلى سوح قلاعها كما يُدفع الغيث للأرض العطشى، فَــإنَّها –والله– حصنٌ منيع، ومصنع رجال، ومأوى العقول الحرة والإرادات الصُّلبة، لجيلٍ نصنعهُ اليوم ليقود الأمم في الغد، وإنَّ غدًا لناظرهِ قريب.

مقالات مشابهة

  • "إكسبو أوساكا".. القوى الناعمة العُمانية لمد الجسور الحضارية
  • الفراغ جُحْـــرُ الشيطان ومَنْفَـذُ الحرب الناعمة
  • مهند أوغلو: زيارة “صدام حفتر” لتركيا ستتبعها زيارات عدة متبادلة
  • خبير: إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات الدولية
  • خبير سياسات دولية: إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات الدولية
  • وزير الرياضة: نفتخر بالأهلي والزمالك وهما ضمن القوى الناعمة لمصر
  • برلماني: إسرائيل أصبحت تضرب بعرض الحائط كل الدعوات لوقف التصعيد
  • ذي قار تعلن الحداد ثلاثة أيام تكريماً لوفاة المقدم مهند الزيدي
  • الأهلي المصري يستعد للمشاركة في البطولة الإفريقية بليبيا
  • إسماعيلي 2005 يفوز على سيراميكا كليوباترا بدوري الجمهورية للناشئين