في عام 2004، كان على سوزانا لويد جونز أن تختار التخصص الأكاديمي الذي ترغب في دراسته عند التحاقها بالجامعة، وقد واجهت -مثل عدد لا يحصى من طلاب الجامعات الآخرين- صعوبة في اختيار تخصصها. وأخيرا، في سنتها الأولى في جامعة لويولا في شيكاغو، اختارت دراسة علم الاجتماع. تقول سوزانا عن هذا القرار: "هذا الأمر فتح ذهني وعرّفني على الثقافات الأخرى".

لكن بعد مرور أكثر من عامين على التخرج، تساءلت لويد جونز، بعد أن بلغت من العمر 24 عاما، عمّا إذا كانت قد اتخذت القرار الصحيح. تُعبر عن حيرتها وتساؤلاتها قائلة: "رُبما كان من الممكن أن تكون الحياة أسهل لو كنت تخصصت في مجال الأعمال، لأن هذا هو المكان الذي يوجد فيه المال".

ليس من السهل اختيار التخصص. في مرحلة التعليم الجامعي، قد تجد العديد من الطلاب يشعرون أنهم يدرسون التخصص الخطأ الذي لا يُناسبهم، وفي سوق العمل ستجد الكثير من الناس يشتكون أنهم يعملون في مجال لا علاقة له بتخصصهم، بل ستجد الكثيرين ممن يقولون إنه إذا عاد بهم الزمن مرة أخرى، فمن المحتمل أنهم سيتخذون طريقا آخر أو على الأقل يطورون من طريقهم الذي اختاروه بشكل مختلف. (1)

القلب أم العقل؟ وجد استطلاع أنه عندما يتعلق الأمر باختيار التخصص الجامعي، فإن معظم الناس يتبعون قلوبهم بدلا من عقولهم. (شترستوك)

في عام 2021، بدأت جامعة جراند كانيون بالتعاون مع مؤسسة جراند كانيون التعليمية في محاولة استكشاف كيفية اختيار الطلاب للتخصص الجامعي الذي يلتحقون به، من خلال إجراء استطلاع رأي شمل مشاركين من جميع أنحاء الولايات المتحدة. سُئل المشاركون عن العوامل التي أثرت بشكل كبير على قرارهم ومصادر التوتر التي تأتي مع اختيار التخصص.

وجد الاستطلاع أنه عندما يتعلق الأمر باختيار التخصص الجامعي، فإن معظم الناس يتبعون قلوبهم بدلا من عقولهم. قرر 81% منهم التخصص في الكلية بناء على حبهم للمجال، في حين اختار 19% فقط التخصص للحصول على المال أو الدخل المرتفع المضمون. لكن الجانب المؤسف الذي أوضحه الاستطلاع هو أن ما يزيد قليلا على ستة من كل 10 من المشاركين في التجارب اختاروا درجة علمية بناء على مشاعرهم يشعرون بالندم على هذا القرار، وقام 65% منهم بتغيير مهنهم إلى مجال لا علاقة له بتخصصهم الجامعي، وكان السبب الرئيسي لهذا التغيير هو الاستقرار المالي. (2)

في المرحلة التالية للاستطلاع السابق، قرر الباحثون أن ينظروا إلى أكبر مصادر التوتر عندما يتعلق الأمر باختيار التخصص الجامعي، وقالت النتائج إن 48% منهم قد شعروا بمستويات عالية من الضغط لاتخاذ القرار الصحيح عندما يتعلق الأمر بتخصصهم الجامعي. كان للأسرة التأثير الأكبر في اختيار التخصص الجامعي، حيث يقول 46% من المشاركين في الاستطلاع إن الأسرة كانت أكبر مصدر للضغط لاتخاذ القرار الصحيح بشأن التخصص الجامعي. ومن المثير للاهتمام أن ثاني أكبر مصدر للضغط هو الشعور الداخلي، حيث شعر 32% من المشاركين بقدر كبير من الضغط النابع بالكامل من أنفسهم والناتج عن الرغبة المُلِحّة في اتخاذ القرار الصحيح. (2)

الدخل المستقبلي عامل حاسم يوضح بعض الطلاب أنهم يُستنزفون، رُبما ماديا ونفسيا، للحصول على التعليم، وهذا بدوره يجعلهم يسعون للحصول على أفضل عائد على هذا الاستثمار، الذي غالبا ما يُموَّل، من خلال قرض الطالب. (شترستوك)

قد يكون البعض مُستندا إلى ثروة تركتها له عائلته، لذا فهو لا يفكر في الدخل، ويحتاج إلى أن يفعل ويدرس فقط ما يحب، لكن ليس هذا هو حال الأغلبية، فما يجعل قرار اختيار التخصص الدراسي الجامعي أكثر صعوبة هو أن التخصص يُحدد مقدار الدخل المستقبلي الذي سيحصل عليه الطالب.

وفقا لتقرير نشرته نيويورك تايمز عام 2004، يقول العديد من الطلاب والمستشارين المهنيين إن الضغط لاختيار التخصص "المناسب" أصبح أكثر شدة من أي وقت مضى بسبب عوامل مثل ارتفاع تكاليف التعليم والاقتصاد غير المستقر. غالبا ما ينظر الآباء والطلاب اليوم إلى الكلية على أنها استثمار أكثر من كونها وقتا للاستكشاف الأكاديمي والشخصي. ويوضح بعض الطلاب أنهم يُستنزفون، رُبما ماديا ونفسيا، للحصول على التعليم، وهذا بدوره يجعلهم يسعون للحصول على أفضل عائد على هذا الاستثمار، الذي غالبا ما يُموَّل، في بعض الدول، من خلال قرض الطالب. (1)

منذ نحو أربعة وعشرين عاما، حاول ثلاثة اقتصاديين من جامعة نورث إيسترن في بوسطن في كتابهم الذي يحمل عنوان: "College Majors Handbook With Real Career Paths and Payoffs" أو "دليل علاقة التخصصات الجامعية بالمسارات الوظيفية والمكافآت" تحديد مقدار ما يمكن للطلاب من مختلف التخصصات أن يتوقعوا كسبه في حياتهم المهنية، وخلص المؤلفون إلى أن اختيار التخصص بناء على احتياج سوق العمل كان أكثر أهمية لتحقيق النجاح المالي في المستقبل.

يقوم الكتاب بعرض الوظائف والأرباح الفعلية لخريجي الجامعات في 60 تخصصا، معتمدا على دراسة أجراها مكتب الإحصاء الأميركي على 150.000 خريج جامعي. (3) يقول بول إي. هارينجتون، الخبير الاقتصادي والمدير المساعد في مركز دراسات سوق العمل بجامعة نورث إيسترن وأحد مؤلفي الكتاب السابق: "إن أداء التخصصات الإنسانية والتعليمية، في المتوسط، كان أسوأ بكثير من الناحية المالية من طلاب إدارة الأعمال أو الهندسة. في عام 2002، كان العمال الحاصلون على درجات علمية في الهندسة الكيميائية والمحاسبة في أعلى المستويات من حيث الدخل المادي، حيث بلغ متوسط ​​دخلهم 75,579 دولارا و63,486 دولارا سنويا على التوالي. في الحد الأدنى، حققت تخصصات الفلسفة ما متوسطه 42,865 دولارا أميركيا".

لا تُهمل شغفك ولا تكتفِ به! قد يقضي البعض عمره نادما ليس فقط لأنه اختار التخصص الذي يحبه ولا يتناسب مع احتياجات سوق العمل، بل لأنه لم يختر التخصص الذي يحبه، فيشعر أن شيئا مهما وممتعا قد فاته. (شترستوك)

لكن كل قرار له مزاياه وعيوبه، إذا اخترت تخصصك الدراسي بناء على تفضيلك الشخصي، فقد يُعرضك هذا لأزمات مالية لاحقة إذا كان تخصصك هذا غير مطلوب في سوق العمل، وإذا اتخذت قرارك بناء على احتياجات سوق العمل وتحقيق الربح والكسب المالي، فقد يُسبب لك هذا الأمر شعورا دائما بالندم والأسف لأنك لم تفعل ما تحب.

قد يقضي البعض عمره نادما ليس فقط لأنه اختار التخصص الذي يحبه ولا يتناسب مع احتياجات سوق العمل، بل لأنه لم يختر التخصص الذي يحبه، فيشعر أن شيئا مهما وممتعا قد فاته، ويلوم نفسه لأنه رضخ لضغط المجتمع، وسعى فقط لتلبية احتياجات سوق العمل، دون أن يملأ رأسه ويُشبع روحه بتعلم العلوم التي يحبها.

هذا مثلا ما واجهه جيون تشاي، خريج جامعة ستانفورد عام 2000، الذي يأسف بشدة لعدم تخصصه في اللغات الآسيوية. وقد عبَّر عن غضبه هذا من خلال تدوينة نشرها على الإنترنت قال خلالها: "أنا غاضب جدا من نفسي لأنني استسلمت لضغط الأقران، وضغط الوالدين، والضغط المجتمعي. كان الجميع يوجِّه لي سؤالا واحدا: "لماذا تأخذ دروس اللغة فقط؟ فكِّر في حياتك المهنية في مجال الاستشارات أو الهندسة أو الطب أو القانون". انصاع تشاي لهذا الضغط، وهو ما ترك في قلبه أسفا عميقا لأنه لم يفعل ما يحبه.

لأنك سوف تقضي أربع سنوات أو أكثر في تعلم الشيء الذي ستختاره. إذا تعلمت الأشياء التي تحبها، فلا شك أن تلك السنوات الأربع لن تضيع. (شترستوك)

التخصصات التي تلبي احتياجات سوق العمل قد تستطيع تحقيق الدخل المادي الجيد، لكن دوافعك ورضاك الوظيفي قد يتأثران إذا كُنت لا تُفضل مثل هذه التخصصات، مثلا بعض طلاب علوم الحاسوب والبرمجة قد تُكسبهم دراستهم القدرة على الحصول على راتب كبير، ولكن إذا لم يكن لديهم أي اهتمام على الإطلاق بهذه المجالات أو المهن، فقد يكون من الصعب متابعتها والحرص على تطوير أنفسهم بها، لتحقيق الكسب المادي المأمول.

ما يجب فعله عند اختيار تخصصك الجامعي هو أن تفحص التخصص محل شغفك وقدراتك واهتماماتك الشخصية بعناية، وتحديد ما إذا كان التخصص الذي اخترته سيسمح لك بكسب لقمة العيش بنجاح مع الحفاظ على الرضا الوظيفي. هذه هي المعادلة والموازنة التي يجب النظر من خلالها عند اختيار التخصص الجامعي، دون ترج

يح لجانب على آخر. (4)

عند التفكير في التخصص، سيقول الكثيرون: "فقط، اختر التخصص الذي يناسب شغفك". لكن هل هذا صحيح؟ هل يتعين عليك فعلا اختيار التخصص الذي يناسب اهتماماتك أو مواهبك أو شغفك فقط دون النظر إلى أي اعتبار آخر؟ الجواب هنا هو "نعم" و"لا" في الوقت نفسه.

"نعم"، لأنك سوف تقضي أربع سنوات في تعلم الشيء الذي ستختاره. إذا تعلمت الأشياء التي تحبها، فلا شك أن تلك السنوات الأربع لن تضيع. ستكون أكثر اهتماما وحماسا عند التعلم إذا تعلمت الأشياء التي تحبها. و"لا"، لأنه في عالم اليوم، علينا جميعا أن نفكر بواقعية. ليس بالضرورة أن يمنحك شغفك أفضل مهنة تُحقق لك مستقبلا جيدا.

معرفة ما تريد يمكن أن يكون هو الخطوة الأولى في اختيار التخصص. تذكَّر أن تختار التخصص وفقا لرغباتك، وليس وفقا لما يريده والداك أو أصدقاؤك. (شترستوك)

لذا، لا توجد إجابة محددة حول ما إذا كانت عبارة "اتبع شغفك" هي النصيحة الصحيحة للطلاب. علاوة على ذلك، تميل عواطف الطلاب إلى التغيير، وليس بالضرورة أن يكون لدى جميع الطلاب أشياء تُثير شغفهم. لذلك، ما يمكن القيام به هنا هو إيجاد حل وسط من خلال معرفة وتحديد اهتماماتك ومواهبك ومهاراتك ثم وضعها على مسطرة الواقع وما يحتاج إليه سوق العمل. دعنا نضرب مثالا، لنقل مثلا إنك تحب علم الفلك أو الأدب العربي، وقد لا تكون في بلادك مجالات للعمل في هذه النطاقات والحصول على راتب جيد، لكن رغم ذلك يمكن للحصول على منحة دكتوراه في بلد عربي آخر أو أوروبي أن يساعدك على الحصول على وظيفة في جامعة مرموقة تحصل منها على راتب مقبول، هنا يجب عليك أن تضع كل تلك المراحل منذ دخول الجامعة إلى إنهاء المنحة في خطتك طويلة الأمد.

هذه هي الطريقة الأساسية لاختيار التخصص. ما طموحاتك؟ ماذا تريد؟ هل تحب الكتابة أو الرسم أو ربما أجهزة الحاسوب؟ معرفة ما تريد يمكن أن يكون هو الخطوة الأولى في اختيار التخصص. تذكَّر أن تختار التخصص وفقا لرغباتك، وليس وفقا لما يريده والداك أو أصدقاؤك. (5)

خلال الخطوة التالية سيكون عليك تحديد مدى ملائمة هذه الاهتمامات مع سوق العمل. هذه المعادلة تعني ألا تسعى فقط للاستمتاع بما تدرسه، ولكن عليك أيضا أن تحرص على أن تكون إستراتيجيا. هل لديك موهبة طبيعية أو ميل لدراسة مجال معين؟ ما أنواع الوظائف أو التعليم الإضافي الذي يمكنك متابعته بعد التخرج ويُمكِّنك من أن تصبح مناسبا لسوق العمل؟ هذه المعادلة تعني أيضا ألا تُهمل شغفك، لكن سيكون عليك أن تضعه في إطار واقعي وعقلاني وتنظر للخيارات المتاحة في ضوئه. (6)

الخطة "ب" مهمة دائما قبل التخرج، يُمكنك تغيير مسارك إذا وجدت أنك لا تستطيع أن تتقبل الطريق الذي تسير فيه. (شترستوك)

وسواء قررت أن تتبع تفضيلك الشخصي أو قررت أن تسعى وراء التخصصات التي ستُمكِّنك من تحقيق الكسب المادي، سيكون من المفيد دائما أن تكون الخطة "ب" أو السيناريو البديل حاضرا وجاهزا للتنفيذ، في حال تعثر السيناريو الأول أو إثبات فشله.

ماذا ستفعل إذا تخرجت في الجامعة بعد دراسة المجال الذي تُحبه ولم تجد عملا يُحقق لك أي دخل؟ لن يكون من المفيد أبدا في هذه الحالة أن تقف لتلعن اختيارك، الذي وصل بك إلى هذه النقطة، ما ينبغي فعله هنا أن يكون السيناريو البديل جاهزا في ذهنك لتبدأ في تنفيذه.

حتى قبل التخرج، يُمكنك تغيير مسارك إذا وجدت أنك لا تستطيع أن تتقبل الطريق الذي تسير فيه، وجد أحد الاستطلاعات أن نحو 30% من طلاب درجة البكالوريوس يغيرون تخصصاتهم مرة واحدة قبل التخرج، مع قيام 9% من هؤلاء الطلاب بتغيير تخصصهم مرتين أو أكثر. (5)

عندما تتخذ قرارا بتغيير التخصص، ستحتاج إلى إجراء استكشاف شامل للخيارات المتاحة أمامك. ربما تكون لديك بالفعل فكرة عن الاتجاه الجديد الذي ترغب في اتباعه، إذا لم تكن متأكدا مما يجب عليك فعله لتغيير تخصصك بنجاح، فإن التحدث مع شخص آخر قد يكون مفيدا، يمكن لهذا الشخص، خاصة إذا كان يعرفك جيدا، مثل أحد أفراد أسرتك أو أحد مدرسيك السابقين الذين تعاملوا معك عن قرب، مساعدتك في اتخاذ قرار بشأن تخصص جديد بناء على اهتماماتك. (6)

_______________________________________________

المصادر:

1- Choosing a College Major: For Love or for the Money? 2- For Love or Money: Surveying Americans on How College Majors Are Chosen 3- College Majors Handbook with Real Career Paths and Payoffs 4- Majoring in Something You Love vs. Something Practical 5- How to Choose a Major According to Your Interests and Talents 6- Choosing a College Major & Minor

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: احتیاجات سوق العمل للحصول على فی اختیار بناء على أن یکون إذا کان من خلال أنهم ی الذی ت

إقرأ أيضاً:

جرينلاند تختار التغيير.. فوز مفاجئ للمعارضة في مواجهة ضغط ترامب

نوك"أ.ف.ب": حققت المعارضة فوزا مفاجئا في الانتخابات التشريعية في جرينلاند، الإقليم الدنماركي الذي يثير مطامع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع تقدم لحزب ناليراك القومي المطالب باستقلال الجزيرة في أسرع وقت.

وأظهرت النتائج الرسمية أن الحزب الديموقراطي (يمين وسط) الذي يصف نفسه بأنه "ليبرالي اجتماعي" ويدعو كذلك إلى الاستقلال ولكن على مدى أطول، حصل على 29.9% من الأصوات وزاد حصته بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بانتخابات عام 2021.

وتضاعفت نسبة تأييد حزب ناليراك القومي لتصل إلى 24.5%.

لم يسبق أن حظيت انتخابات في جرينلاند بمثل هذا الاهتمام الدولي، وهو يأتي عقب إعلان ترامب مطامعه بالاستحواذ على هذه المنطقة الشاسعة الغنية بالموارد في المنطقة القطبية الشمالية.

وأعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته ميوت إيغده، زعيم حزب السكان الأصليين إنويت أتاكاتيجيت اليساري الناشط في حماية البيئة، "نحترم نتيجة الانتخابات"، بينما أقرّ زعيم حزب سيوموت، الشريك في الائتلاف الحاكم، بالهزيمة، بعد أن حلّ الحزبان في المركزين الثالث والرابع تواليا.

ونظرا لعدم فوز أيٍّ حزب بأغلبية مقاعد البرلمان وعددها 31، ستُجرى مفاوضات لتشكيل ائتلاف في الأيام المقبلة.

ومن المتوقع أن تحدد الحكومة المقبلة جدولا زمنيا للاستقلال الذي تدعمه أغلبية كبيرة من سكان غرينلاند البالغ عددهم 57 ألف نسمة.

وقال زعيم الحزب الديموقراطي ينس فريدريك نيلسن (33 عاما)، وهو بطل غرينلاند السابق في رياضة البادمنتون، إن "الديموقراطيين منفتحون على الحوار مع جميع الأحزاب ويسعون إلى الوحدة، لا سيما في ظل ما يحدث في العالم".

وأعرب عن دهشته لفوز حزبه بقوله "لم نتوقع أن تُسفر الانتخابات عن هذه النتيجة، ونحن سعداء جدا بها".

حاول ترامب الذي أكد تصميمه على ضم الجزيرة "بطريقة أو بأخرى" حتى اللحظة الأخيرة التأثير على التصويت. وفي ما يمكن أن يدلل على ذلك، كانت نسبة المشاركة في انتخابات الثلاثاء أعلى من المعتاد، وفق مسؤولين عن تنظيمها.

ويقول سكان الجزيرة الذين ينتمي 90% منهم إلى شعب الإنويت الأصلي إنهم سئموا من معاملة الدنمارك لهم كمواطنين من الدرجة الثانية. ويتهمون القوة الاستعمارية السابقة بأنها عملت تاريخيا على خنق ثقافتهم وإجراء عمليات تعقيم قسرية لهم وفصل أطفالهم عن عائلاتهم.

وتدعم جميع الأحزاب السياسية الرئيسية في غرينلاند الاستقلال، لكنها تختلف حول الإطار الزمني.

يتوق حزب ناليراك لنيل الاستقلال بسرعة. وقال رئيسه بيلي بروبرغ لفرانس برس "يمكننا القيام بذلك بنفس الطريقة التي خرجنا بها من الاتحاد الأوروبي (عام 1985). استغرق ذلك ثلاث سنوات. واستغرق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ثلاث سنوات. لماذا سيستغرق (الاستقلال) وقتا أطول؟".

لكن آخرين يفضلون الانتظار حتى تستقل الجزيرة ماليا. فغرينلاند التي يغطي الجليد 80% منها، تعتمد اعتمادا كبيرا على مصايد الأسماك وهو قطاع يُمثل جميع صادراتها تقريبا، وعلى الدعم الدنماركي السنوي الذي يزيد عن 565 مليون دولار، أي ما يعادل خُمس ناتجها المحلي الإجمالي.

يعتقد حزب ناليراك أن غرينلاند ستتمكن قريبا من الاعتماد على نفسها بفضل احتياطياتها المعدنية غير المستغلة، بما في ذلك المعادن النادرة الضرورية للتحول الأخضر.

لكن قطاع التعدين ما زال في بداياته، ويواجه صعوبات بسبب ارتفاع التكاليف جراء قسوة مناخ جرينلاند والنقص في البنية التحتية.

طرح ترامب فكرة شراء جرينلاند خلال ولايته الأولى، وهو عرض رفضته السلطات الدنماركية والمحلية. وكرر ذلك مع عودته إلى البيت الأبيض بإصرار أكبر، رافضا استبعاد استخدام القوة، ومتذرعا بحماية الأمن القومي الأمريكي، وسط تزايد الاهتمام الصيني والروسي بالمنطقة القطبية الشمالية.

والأحد، قبل ساعات قليلة من الانتخابات، دعا ترامب سكان جرينلاند إلى "أن يكونوا جزءا من أعظم أمة في العالم، الولايات المتحدة الأميركية"، واعدا إياهم بأنهم سيصبحون أثرياء.

ولكن أحدث استطلاع للرأي حول هذه القضية نُشر في يناير، أظهر أن 85% من سكان جرينلاند يعارضون فكرة ترامب.

وقال الناخب أندرس مارتينسن (27 عاما)، وهو موظف في مصلحة الضرائب، لفرانس برس "الكثير من سكان غرينلاند ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكل مختلف مع ترامب رئيسا، وهم أقل ميلا للتعاون حتى لو كان هذا ما يرغبون فيه حقا".

أحدثت تصريحات ترامب صدمة خلال الحملة الانتخابية. وقال حزب ناليراك إنها منحتهم ورقة ضغط قبل مفاوضات الاستقلال مع الدنمارك.

لكنها أثارت أيضا قلق بعض مؤيدي الاستقلال، مما جعل استمرار العلاقات مع كوبنهاغن أفضل في نظرهم، على الأقل في الوقت الحالي.

وقال ناخب عرّف عن نفسه باسم إيتوكوسوك إن "البقاء جزءا من الدنمارك أهم من أي وقت مضى الآن، لأنني أعتقد أن الدنمارك كانت في المحصلة جيدة معنا. إذا حصلنا على الاستقلال، فقد يزداد ترامب شراسة، وهذا ما يُخيفني".

مقالات مشابهة

  • الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي
  • وظائف جديدة بجامعة حلوان.. قدم الأن
  • مانشستر يونايتد يقبض على «فرصة الإنقاذ»!
  • اتفاق سري.. واشنطن تختار 3 دول جديدة لتوطين أهالي غزة فيها
  • "الإعلامي الحكومي" يشيد بنجاح حملة إعادة إعمار مستشفى النصر للأطفال
  • كندة علوش تحتفل بنجاح “إخواتي”: شكراً لكل صُنّاع العمل!
  • مفتي عام المملكة: تصوير وبثّ الصلوات على الهواء مباشرة مسألة خطيرة قد تنافي الإخلاص الذي يعد شرطًا أساسيًّا لقبول العمل
  • ضوابط تنظيم الإضراب وفقا لمشروع قانون العمل
  • "إيمان كريم" : اختيار محافظات "أيدينا نحو المشاركة والمساواة في العمل" وفق التوزيع الجغرافي
  • جرينلاند تختار التغيير.. فوز مفاجئ للمعارضة في مواجهة ضغط ترامب