« التغير المناخي »..مخاطر مرتقبة تتطلب الاستعداد والتكيّف
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
د. سعيد الصارمي: أهمية تطوير أنظمة الإنذار المبكر وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة -
إبراهيم العجمي: تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية وحماية النظم البيئية والإيكولوجية -
تعدّ التغيّرات المناخية وما يصـاحبهـا من تداعيــات ومخاطر على النُظـم البيئيـة والإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية مشكلة عالمية، وأصبحـت تأثيراتها السلبية واضحـة، وتتعرّض دول العـالم إلى تقلبات في نظام المناخ العالمي من خلال ما نلحظه من زيـادة الجفـاف ونقص الأمطـار، وشـح في المـوارد المائيـة، بالإضافة إلى زيادة حدة وفترات تكرار الأعاصير المدارية والفيضـانات، وارتفاع غير مسبوق في متوسط درجـات الحـرارة العالمية.
وحول الاستراتيجية الوطنية للتكيّف والتخفيف من آثار تغيّر المناخ 2020-2040 قال الدكتور سعيد بن حمد الصارمي، خبير أرصاد جوية: «أُعِدت نماذج لمراقبة وتفتيش ورصد وتقييم الأنشطة، وتطوير قواعد البيانات الوطنية للتحقق من دقة بيانات انبعاثات غازات الدفيئة المقدمة من قبل المنشآت المختلفة، وبناء القدرات في مجال الشؤون المناخية، ونشر الوعي الثقافي والمعرفي حول قضايا تغيّر المناخ المختلفة»، موضحا أن الاستراتيجية تسعى إلى تحديد تأثيرات التغيرات المناخية على القطاعات الأساسية، والحد من الكوارث وإدارة المخاطر، ووضع خطط التكيّف المناسبة لكل قطاع بما يضمن حمايته من الآثار السلبية لتغير المناخ، ويقلل من الموارد المالية والاقتصادية التي قد تُستنزف نتيجة لإعادة ترميم تلك المناطق والقطاعات بعد تعرضها للتأثيرات المتوقعة، بالإضافة إلى جرد انبعاثات غازات الدفيئة في جميع القطاعات اعتمادا على بيانات البلاغ الوطني الأول لسلطنة عمان، وتحديد خيارات التخفيف في القطاعات الرئيسية التي تسهم بشكل كبير في انبعاثات غازات الدفيئة.
إجراءات مقترحة
وعرّج الدكتور سعيد في حديثه على أبرز الإجراءات الاستراتيجية المقترحة للتكيف مع التغيرات المناخية والمتمثلة في تطوير نظام الإنذار المبكر، وتحديث خرائط تحديد مخاطر الفيضانات وتطوير استراتيجيات إدارتها، وضرورة أن تُضمَّن دراسة التغيرات المناخية عند إنشاء مشروعات البنية الأساسية مثل الشوارع وغيرها، وتنفيذ دراسة عن أهم الكائنات البحرية المعرضة للخطر من التغيرات المناخية وأهم الأسماك المقاومة للتغيرات المناخية من أجل إكثارها، وتعزيز البحوث لتطوير أصناف محاصيل جديدة مقاومة للملوحة والحرارة ونقص المياه، وأهم الإجراءات الاستراتيجية المقترحة للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري هو تشجيع الطاقات المتجددة وإعداد برامج لحفظ وكفاءة الطاقة وتطوير مجال الدراسات والبحوث في مجال التخفيف من التغيرات المناخية وبناء وتعزيز القدرات الوطنية في مجال التخفيف من التغيرات المناخية.
وأكد الصارمي أنه يتعين على جميع مناطق العالم التعامل مع الظواهر المتطرفة «مثل موجات الحر والجفاف وهطول الأمطار الغزيرة» التي أصبحت بشكل عام أكثر حدة وتواترا، وأدى تغير المناخ الناتج عن الإنسان إلى زيادة فرص رؤية العديد من الظواهر الجوية المتطرفة، على سبيل المثال سيؤدي الجفاف مع الحرارة الشديدة إلى زيادة مخاطر حرائق الغابات أو موت الماشية أو تلف المحاصيل، وستؤدي العاصفة الشديدة إلى زيادة مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر الشديد المتزامن مع الأمطار الغزيرة، وبالتالي الفيضانات الساحلية.
مناخنا المستقبلي
وأضاف الصارمي: من أجل الاستعداد للمستقبل نحتاج إلى فهم كيف سيستمر المناخ في التغير، وحسب التقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2021م فإن المستقبل سيعتمد على العديد من الخيارات التي نتخذها الآن وفي السنوات القادمة سيستمر الاحتباس الحراري حتى عام 2050 على الأقل قبل أن تستقر درجات الحرارة وتظهر النماذج المناخية أنه ولو قللنا انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كبير الآن فلن يتوقف الاحترار حتى عام 2050 على الأقل، ويستغرق تنفيذ التدابير اللازمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة وقتا طويلا، وإن التخفيضات القوية في غازات الدفيئة الآن من شأنها أن تبطئ وتقلل من نسبة هذا الاحترار، وتظهر النماذج المناخية مستويات مختلفة جدا من الاحترار بعد عام 2050 اعتمادا على التدابير التي نتخذها في المستقبل القريب، كما أن تقليل انبعاثات غازات الدفيئة من شأنه أن يحسن جودة الهواء، حيث إن التغير المناخي وجودة الهواء ظاهرتان متصلتان اتصالا وثيقا وذلك لكون الأنشطة البشرية التي تسبب انبعاثات غازات الدفيئة تتسبب أيضا في إطلاق ملوثات الهواء.
جهود مكثفة
من جهته قال إبراهيم بن أحمد العجمي، المشرف على أعمال الشؤون المناخية بهيئة البيئة: كثّفت هيئة البيئة جهودها في مواجهة تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ والتنسيق مع القطاعات المعنية في هذا الشأن، حيث أُصدِرت لائحة إدارة الشؤون المناخية التي تتضمن مجموعة من الأهداف والغايات والإجراءات والاشتراطات البيئية لأبرز القطاعات التنموية منها إصدار تراخيص إدارة الشؤون المناخية لتلك القطاعات التي تقدم تقارير سنوية إلى الشؤون المناخية في هيئة البيئة وحساب كمية انبعاث الغازات الكربونية المنبعثة من تلك المشروعات والقطاعات وتحديد دورها في البصمة الكربونية، والإجراءات المتبعة في تخفيض هذه الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى تحديد إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية المناسبة مع مخاطر وتأثيرات التغيرات المناخية.
وأوضح العجمي أن هناك مجموعة من الدراسات والبحوث والتقارير التي توضح مخاطر وتأثيرات التغيرات المناخية على مختلف القطاعات التنموية في سلطنة عمان، على سبيل المثال التقارير الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التي تشير إلى أن الدول العربية ومن ضمنها سلطنة عمان ستكون عرضة لمخاطر وتأثيرات تغير المناخ مع قابلية تضرر القطاعات والأنظمة البيئية الاجتماعية والاقتصادية، وبعض الدراسات والبحوث وتقارير البلاغات الوطنية في سلطنة عمان بشأن التغيرات المناخية والانبعاثات الكربونية في القطاعات التنموية، والاستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من التغيرات المناخية في سلطنة عمان التي أوضحت جميعها تأثر السلطنة بالتغيرات المناخية كالتغير في نمط توزيع الأمطار وازدياد حدتها واختلاف متوسط درجات الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر، بالإضافة إلى رصد تغيرات في البيئة البحرية والساحلية والأنظمة البيئية والإيكولوجية وآثارها على البيئة والاقتصاد والمجتمع.
مبادرات ومشروعات
وقال المشرف على أعمال الشؤون المناخية بهيئة البيئة: نعمل على عدد من الإجراءات والمبادرات والمشروعات من أجل التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتقليل مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية في القطاعات التنموية في سلطنة عمان، منها على سبيل المثال تعزيز استخدام الطاقات المتجددة، وتطوير مشروعات للطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، وإعداد برامج ومشروعات لترشيد وتحسين استخدام الطاقة وتعزيز كفاءتها، وتطوير وتنفيذ مجموعة من الدراسات والبحوث في مجال التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية، وبناء وتعزيز القدرات الوطنية في مجال التخفيف والتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، وإدماج وتكامل مخاطر ودراسات ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية عند إنشاء مشروعات البنية الأساسية.
الاحتباس الحراري
وعرّج العجمي في حديثه على ظاهرة الاحتباس الحراري وقال: إن ظاهرة الاحتباس الحراري لها عدة آثار ونتائج مرصودة على التغيرات المناخية العالمية، منها على سبيل المثال ارتفاع في متوسط درجات الحرارة في العالم حيث يقدر متوسط ارتفاع درجات الحرارة السطحية في العالم بمقدار 0.84 درجة مئوية خلال الفترة من 1880 إلى 2012م، وارتفاع مستوى سطح البحر حيث ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بمقدار 0.19 متر، وتراجع معدّل الثلج والجليد في المرتفعات في نصفي الكرة الأرضية منذ سنوات حيث تناقصت الكتل الجليدية في المناطق القطبية بمتوسط 3.8% لكل عقد منذ عام 1970م، مؤكدا أنه يمكن التخفيف من حدة مخاطر وتأثيرات التغيرات المناخية عن طريق تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة من الأنشطة البشرية، والتغيير في أنماط استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، والمحافظة على مختلف الأنظمة البيئية والموارد الطبيعية، واتباع إجراءات التكيف المناسبة مع التغيرات المناخية في القطاعات المختلفة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ظاهرة الاحتباس الحراری الدراسات والبحوث على سبیل المثال درجات الحرارة فی سلطنة عمان بالإضافة إلى المناخیة فی فی القطاعات إلى زیادة سطح البحر فی مجال
إقرأ أيضاً:
الأمطار في العراق: أمل عابر أم تحذير من التغيرات المناخية؟
نوفمبر 5, 2024آخر تحديث: نوفمبر 5, 2024
المستقلة/- تشير خرائط الطقس إلى استمرار فرص هطول الأمطار في العراق اليوم الثلاثاء، رغم أنها ليست شاملة، حيث تتوزع الأمطار الخفيفة على 11 محافظة. ولكن مع اقتراب موعد جفاف شبه كامل في الأيام المقبلة، يبقى السؤال الأهم: هل تعكس هذه الأمطار علامات إيجابية تجاه التغيرات المناخية، أم هي مجرد نقطة عابرة في مسار قاسي يهدد مستقبل البلاد؟
التقارير الجوية تشير إلى حالة من عدم الاستقرار الجوي ستستمر في مناطق الشمال وأقصى الجنوب خلال الـ 24 ساعة القادمة، مدفوعة برطوبة مدارية محدودة. ومن المتوقع أن تشمل الأمطار الرعدية دهوك وأربيل والسليمانية ومناطق أخرى، مثل كركوك، مما يعطي أملاً في تخفيف حدة الجفاف الذي يعاني منه العديد من المناطق.
لكن، كما هو الحال مع كل شيء في العراق، يبقى الواقع أكثر تعقيدًا. الأمطار التي تأتي بشكل عشوائي وغير منتظم قد لا تكون كافية لتلبية احتياجات الزراعة والمياه في البلاد. وفي حين تشير توقعات الطقس إلى احتمالية تجدد الأمطار يوم الأربعاء، تتزايد المخاوف من أن هذه الأمطار قد لا تكون كافية لمواجهة أزمة المياه التي تضرب البلاد بشكل متزايد بسبب التغيرات المناخية.
اعتاد العراقيون على الانخفاض الطفيف في درجات الحرارة، ولكن التغيرات المناخية الناجمة عن النشاط البشري وضغوط التنمية تثير جدلاً واسعًا. فهل نحن أمام أزمة مناخية حقيقية تتطلب تحركًا فوريًا؟ يجب أن يكون لنا موقف من هذه التغيرات، ويجب على الحكومة أن تتخذ خطوات جادة نحو إدارة الموارد المائية بشكل مستدام.
تدعو هذه الظروف إلى تأمل عميق حول كيفية تعامل العراق مع مسألة التغير المناخي. فبينما يحتفل البعض بنزول الأمطار، يعيش آخرون في خوف من جفاف محتمل أو فشل محاصيل. من الضروري أن نتذكر أن الأمطار ليست حلاً سحريًا، بل هي دعوة إلى العمل.
في النهاية، فإن الأمطار التي قد تُعتبر بمثابة بشارة للخريف، تظل غير كافية أمام التحديات المناخية العميقة. على المجتمع العراقي بكافة فئاته، من الحكومة إلى المواطن العادي، أن يتحملوا مسؤوليتهم في مواجهة التغيرات المناخية وإيجاد حلول فعالة لضمان مستقبل أفضل لأرضهم ومياههم.