جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-05@05:12:38 GMT

أهمية توطين الدبلوماسية وأعرافها

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

أهمية توطين الدبلوماسية وأعرافها

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

من القواعد العامة في علم القانون قاعدة تنص على أنَّ "العقوبة بقدر استنكار المجتمع للجُرم"، وهذه القاعدة تحمل تبيانًا صريحًا وجليًا بأهمية تناغم القوانين مع عادات وتقاليد المجتمعات، واحترام موروثها القيمي، وأهمية أن يكون التشريع من نسيج تلك القيم وليس استثناءً.

وتحمل تلك القاعدة القانونية العامة كذلك تأكيد أهمية توطين العلوم؛ بما يتناغم وينسجم مع ثقافات وموروث المجتمعات الروحية والقيمية والتاريخية والحضارية، فلكل علمٍ- كما هو معروف- قواعد عامة لا يُمكن الحياد عنها، ولكنها في المقابل تختلف في تفاصيل التطبيق من بلد لآخر بقدر الحاجة وبما يتواءم مع الموروث الأخلاقي والقيمي لكل مُجتمع، وبدون ذلك يُصبح العِلم مستوردًا وناسخًا لقيم وثقافات أخرى قد تتنافى تمامًا مع حاجات وقيم المجتمع المتلقي، وتُسبب له الكثير من الاستلاب والمسخ والانبهار بوعي وبلا وعي كذلك.

علم الدبلوماسية وقواعدها وأعرافها من العلوم التي استنسخناها وطبقناها بحذافيرها الغربية في الوطن العربي دون تمحيص أو غربلة أو توطين، فكانت النتيجة ضربًا من ضروب السادية في التعامل بين الأشقاء العرب والذين تربطهم ببعضهم وشائج وعلاقات ومصالح تفوق القواعد والأعراف الدبلوماسية في العمق والقدم والأهداف.

شخصيًا- وبوعي اليوم- يُصيبني الدوار والغثاء والشلل الذهني عندما أسمع بقُطر عربي يقطع علاقته الدبلوماسية بقُطرٍ عربي آخر، أو يطرد سفيرًا أو دبلوماسيًا، أو يُقلِّل التمثيل الدبلوماسي إلى درجات أدنى؛ فهذا كله نهج مستورد من نصوص "اتفاقية فيينا 1961". ونحن العرب، ورغم مرور عقود على استقلال أقطارنا العربية وتمتعنا بجزء مهم من السيادة والاستقلالية، ما زلنا عاجزين عن إنتاج ميثاق شرف عربي سياسي ودبلوماسي وإعلامي، لرسم حدود الاختلاف وهامش القطيعة وتقنينهما؛ بما ينسجم مع ثوابت الأمة والقواسم المشتركة بين الأقطار والشعوب العربية ويقدم المصالح على القطيعة والضرر.

الأقطار العربية من الأساس لا تحتاج إلى وجود تمثيل دبلوماسي بينها، على اعتبار أن الدبلوماسية هي فن تأسيس العلاقات وتطويرها بين البلدان والشعوب، وما يربط الأقطار العربية وشعوبها من وشائج ومصالح تاريخية وجغرافية وحضارية واجتماعية واقتصادية ومصير، أكبر وأقوى بكثير من طبقة أي تمثيل أو جهود طواقم دبلوماسية بينها؛ فالتمثيل الدبلوماسي بين الأقطار العربية، يجب أن يكون ويُفهم على أن وجوده رمزي وشكلي، وأن دوره الحقيقي هو إدارة تلك الثوابت والمسلمات بين الأقطار العربية.

الغريب أنَّنا لم نتوقف عند سلبية الدبلوماسية المستنسخة وأعراضها السلبية علينا؛ بل تفننا وتسلحنا بكل سلبياتها فأنتجنا دبلوماسية القمة، وهي دبلوماسية عقيمة ومليئة بالمجاملات والتورية والأنماط البروتوكولية والاحتفالية؛ حيث التواصل بين المسؤولين، وعشرات اللجان المشتركة، والزيارات الرسمية المكُّوكيَّة، وتبادل الرسائل والبرقيات في كل مناسبة، وتجاهلنا الدبلوماسية الحقيقية وهي الدبلوماسية الشعبية على الأرض، هذه الدبلوماسية العميقة والمُثمرة والتي تربط بين الشعوب بمختلف شرائحها وفئاتها، وتفتح العقول والقلوب بين الأشقاء، وتحقق المصالح المباشرة بين الشعوب، وبالنتيجة تشابك المصالح بين الشعوب والأقطار وتعميق السياسات وترسيخ المواقف.

قبل اللقاء.. المشكلة الكبرى أن الغرب والشرق ينظرون إلينا ويتعاملون معنا في سياساتهم ومخططاتهم ككيان سياسي عربي واحد لا يتجزأ، بينما نحن نواجه الشرق والغرب ككيانات سياسية منفردة ومنسلخة في الهويات والمصالح، وحين تحل بنا المحن والمصائب الكبرى، فقط نبحث عن العروبة والأشقاء العرب، ونتسلح بالتاريخ، ونُذكِّر بعضنا بالمصير المشترك وأهمية الوحدة العربية والتضامن العربي!!

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تحركات دبلوماسية وحقوقية لمنع ترحيل “القرضاوي” إلى مصر أو الإمارات

#سواليف

شهدت قضية توقيف الشاعر #عبد_الرحمن_يوسف_القرضاوي, في لبنان, موجة واسعة من التضامن المحلي والدولي، حيث أعربت شخصيات بارزة ومنظمات حقوقية عن استنكارها للاعتقال، مع دعوات حثيثة للإفراج عنه ومنع ترحيله إلى مصر أو الإمارات.

وكانت السلطات اللبنانية قد أوقفت القرضاوي، وهو ابن العلامة الراحل يوسف القرضاوي، في 28 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بناءً على مذكرة تعاون أمني مع #مصر، كما وردت تقارير عن طلب إماراتي بتسليمه بتهمة “زعزعة الأمن”.

وعرف القرضاوي، بشعره ونشاطه السياسي ضد الأنظمة القمعية، فيما صدر ضدّه حكم غيابي بالسجن في مصر خلال عام 2017، وذلك في إطار اتهامات سياسية طالت العديد من معارضي النظام. وهو ما أثار، آنذاك، موجة استنكار دولية، خاصة وأن تسليمه لأي من البلدين قد يضعه في مواجهة خطر التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.
وتقدم النائب السابق في البرلمان المصري، حاتم عزام، بشكوى عاجلة، إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، ڤولكر تورك، مطالبًا بالتدخل للإفراج عن القرضاوي استنادًا إلى التزامات لبنان الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

مقالات ذات صلة د. الطراونة .. ارتفاع إصابات فيروس HMPV يذكر بإصابات كوفيد-19 2025/01/04

وأكد عزام، في شكواه، أن القضية تحمل أبعادًا سياسية واضحة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الطلب الإماراتي، مثل سابقه المصري، يفتقر إلى أي أسس قانونية ويهدف إلى استهداف الشاعر بسبب مواقفه المعارضة.

في السياق ذاته، أدانت منظمة “سيدار للدراسات القانونية” احتجاز القرضاوي، واصفة الإجراء بأنه “قمع عابر للحدود” يهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة. كما أصدرت المنصة العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان، بيانًا، شديد اللّهجة استنكرت فيه الاعتقال، وطالبت السلطات اللبنانية بإطلاق سراح القرضاوي فورًا وضمان عودته الآمنة إلى تركيا.

على المستوى الإعلامي، أشار أسامة جاويش إلى وجود ضغوط تركية على لبنان لمنع تسليم القرضاوي، وهو ما يعكس تعقيدات القضية في ظل الصراعات الإقليمية والسياسية؛ فيما دعت عائلة القرضاوي الناشطين والصحفيين والمنظمات الحقوقية إلى التحرك لدعم جهود الإفراج عنه، مؤكدة أنه يواجه خطرًا حقيقيًا إذا تم تسليمه.

إلى ذلك، تُبرز هذه القضية جانبًا يوصف بـ”الخطير” من استغلال التعاون الأمني الدولي لاستهداف #المعارضين السياسيين، وهي ممارسة تتنافى مع القوانين الدولية. ولبنان، بوصفه طرفًا في اتفاقية مناهضة التعذيب، مُلزم بعدم تسليم أي شخص إلى دولة قد يتعرض فيها لخطر التعذيب أو سوء المعاملة.

ومع وجود سجل موثق لانتهاكات حقوق الإنسان في #السجون المصرية والإماراتية، فإن تسليم القرضاوي سيشكل انتهاكًا صارخًا لهذه الالتزامات. بحسب المنظمات الحقوقية.

جراء ذلك، بات التضامن الدولي مع القرضاوي يعكس رفضًا واضحًا لهذه الممارسات، ويضع السلطات اللبنانية أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية. ومع تزايد الضغوط من شخصيات ومنظمات حقوقية، يبقى الأمل معقودًا على تدخل عاجل يضمن الإفراج عن القرضاوي وحمايته من أي مخاطر تهدد سلامته.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. «زراعة الشيوخ» تناقش التوسع في توطين صناعة الأعلاف في مصر
  • تحركات دبلوماسية وحقوقية لمنع ترحيل “القرضاوي” إلى مصر أو الإمارات
  • وفاة شخص عربي بفندق شهير بالجيزة ..والأجهزة الأمنية تحقق
  • وزير الصحة : توطين العلاج بالولايات من أهم سياسات الوزارة
  • قائمة أقوى 100 مصرف عربي تضم 12 بنكا مصريا .. انفوجراف
  • تحركات دبلوماسية وحقوقية لمنع ترحيل القرضاوي إلى مصر أو الإمارات
  • المنظمة العربية لحقوق الإنسان تدين الاعتداء الإرهابي بنيو أورلينز
  • حقيبة دبلوماسية ايرانية عالقة في مطار بيروت.. إليكم السبب
  • شركة زلاف للنفط: توطين إدارات الشركة في الجنوب لتحقيق التنمية المستدامة
  • الكمان السوداني: صنو النغم الحنين، وحلم توطين الصناعة