جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-06@07:49:59 GMT

أهمية توطين الدبلوماسية وأعرافها

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

أهمية توطين الدبلوماسية وأعرافها

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

من القواعد العامة في علم القانون قاعدة تنص على أنَّ "العقوبة بقدر استنكار المجتمع للجُرم"، وهذه القاعدة تحمل تبيانًا صريحًا وجليًا بأهمية تناغم القوانين مع عادات وتقاليد المجتمعات، واحترام موروثها القيمي، وأهمية أن يكون التشريع من نسيج تلك القيم وليس استثناءً.

وتحمل تلك القاعدة القانونية العامة كذلك تأكيد أهمية توطين العلوم؛ بما يتناغم وينسجم مع ثقافات وموروث المجتمعات الروحية والقيمية والتاريخية والحضارية، فلكل علمٍ- كما هو معروف- قواعد عامة لا يُمكن الحياد عنها، ولكنها في المقابل تختلف في تفاصيل التطبيق من بلد لآخر بقدر الحاجة وبما يتواءم مع الموروث الأخلاقي والقيمي لكل مُجتمع، وبدون ذلك يُصبح العِلم مستوردًا وناسخًا لقيم وثقافات أخرى قد تتنافى تمامًا مع حاجات وقيم المجتمع المتلقي، وتُسبب له الكثير من الاستلاب والمسخ والانبهار بوعي وبلا وعي كذلك.

علم الدبلوماسية وقواعدها وأعرافها من العلوم التي استنسخناها وطبقناها بحذافيرها الغربية في الوطن العربي دون تمحيص أو غربلة أو توطين، فكانت النتيجة ضربًا من ضروب السادية في التعامل بين الأشقاء العرب والذين تربطهم ببعضهم وشائج وعلاقات ومصالح تفوق القواعد والأعراف الدبلوماسية في العمق والقدم والأهداف.

شخصيًا- وبوعي اليوم- يُصيبني الدوار والغثاء والشلل الذهني عندما أسمع بقُطر عربي يقطع علاقته الدبلوماسية بقُطرٍ عربي آخر، أو يطرد سفيرًا أو دبلوماسيًا، أو يُقلِّل التمثيل الدبلوماسي إلى درجات أدنى؛ فهذا كله نهج مستورد من نصوص "اتفاقية فيينا 1961". ونحن العرب، ورغم مرور عقود على استقلال أقطارنا العربية وتمتعنا بجزء مهم من السيادة والاستقلالية، ما زلنا عاجزين عن إنتاج ميثاق شرف عربي سياسي ودبلوماسي وإعلامي، لرسم حدود الاختلاف وهامش القطيعة وتقنينهما؛ بما ينسجم مع ثوابت الأمة والقواسم المشتركة بين الأقطار والشعوب العربية ويقدم المصالح على القطيعة والضرر.

الأقطار العربية من الأساس لا تحتاج إلى وجود تمثيل دبلوماسي بينها، على اعتبار أن الدبلوماسية هي فن تأسيس العلاقات وتطويرها بين البلدان والشعوب، وما يربط الأقطار العربية وشعوبها من وشائج ومصالح تاريخية وجغرافية وحضارية واجتماعية واقتصادية ومصير، أكبر وأقوى بكثير من طبقة أي تمثيل أو جهود طواقم دبلوماسية بينها؛ فالتمثيل الدبلوماسي بين الأقطار العربية، يجب أن يكون ويُفهم على أن وجوده رمزي وشكلي، وأن دوره الحقيقي هو إدارة تلك الثوابت والمسلمات بين الأقطار العربية.

الغريب أنَّنا لم نتوقف عند سلبية الدبلوماسية المستنسخة وأعراضها السلبية علينا؛ بل تفننا وتسلحنا بكل سلبياتها فأنتجنا دبلوماسية القمة، وهي دبلوماسية عقيمة ومليئة بالمجاملات والتورية والأنماط البروتوكولية والاحتفالية؛ حيث التواصل بين المسؤولين، وعشرات اللجان المشتركة، والزيارات الرسمية المكُّوكيَّة، وتبادل الرسائل والبرقيات في كل مناسبة، وتجاهلنا الدبلوماسية الحقيقية وهي الدبلوماسية الشعبية على الأرض، هذه الدبلوماسية العميقة والمُثمرة والتي تربط بين الشعوب بمختلف شرائحها وفئاتها، وتفتح العقول والقلوب بين الأشقاء، وتحقق المصالح المباشرة بين الشعوب، وبالنتيجة تشابك المصالح بين الشعوب والأقطار وتعميق السياسات وترسيخ المواقف.

قبل اللقاء.. المشكلة الكبرى أن الغرب والشرق ينظرون إلينا ويتعاملون معنا في سياساتهم ومخططاتهم ككيان سياسي عربي واحد لا يتجزأ، بينما نحن نواجه الشرق والغرب ككيانات سياسية منفردة ومنسلخة في الهويات والمصالح، وحين تحل بنا المحن والمصائب الكبرى، فقط نبحث عن العروبة والأشقاء العرب، ونتسلح بالتاريخ، ونُذكِّر بعضنا بالمصير المشترك وأهمية الوحدة العربية والتضامن العربي!!

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جهود دبلوماسية لاحتواء التصعيد في لبنان

عواصم (وكالات)

أخبار ذات صلة الأمم المتحدة: نزوح نصف مليون شخص في لبنان «بريكس»..  تحول نوعي في التوازنات العالمية

عقد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، أمس، اجتماعاً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، الذي يزور المملكة حاليا، بحثا خلاله التطورات على الساحة اللبنانية. وذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن الوزيرين بحثا خلال اللقاء الذي عقد في وزارة الخارجية السعودية بالرياض العلاقات الثنائية بين البلدين، وتبادل الرؤى حيال المستجدات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة لاحتواء التصعيد.
 وتأتي زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الى المملكة ضمن جولة له في المنطقة. كما بحث الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، وأنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي، آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومستجدات جهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على القطاع، وسبل خفض التصعيد في لبنان.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الوزيران استعرضا خلال اتصال هاتفي العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها.

مقالات مشابهة

  • جهود دبلوماسية لاحتواء التصعيد في لبنان
  • تضامن عربي واسع مع لبنان والجامعة العربية تحذر من مخاطر حرب إقليمية
  • “الأنظمة الإرستقراطية وسقوطها في العالم المعاصر “
  • أهمية المؤثرين العرب في شراء الإعجابات
  • أسامه البيطار يهنئ الشعوب العربية بمناسبة ذكرى إنتصار أكتوبر ويؤكد على محو أمية الملكية الفكرية
  • كلّف العرب كثيرًا.. أنور قرقاش يثير تفاعلًا بتدوينة عن زمن الميليشيات في الدول العربية والمنطقة
  • رؤيا …
  • خلافات دبلوماسية.. إيران تستدعي السفير الألماني
  • سياحة داخل نفس سودانية
  • «الكتاب العرب» يدعو الاتحادات العربية لاجتماع بشان الأحداث فى المنطقة