جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-23@02:04:06 GMT

الإعانة الطلابية.. هل من إعادة نظر؟!

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

الإعانة الطلابية.. هل من إعادة نظر؟!

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

بدأ العام الدراسي وبدأ معه النشاط الطلابي؛ سواءً لطلبة المدارس أو الجامعات والكليات، وكما يعلم الجميع أن مساحة السلطنة مترامية الأطراف تتوزع فيها الكليات والجامعات في جميع المحافظات من الشمال إلى الجنوب، باختلاف المسميات والتخصصات، وما دعاني لكتابة هذا المقال هو الحالة المادية للطلاب المقبولين في البعثات الداخلية بعيدًا عن مناطق سكناهم؛ إذ إنهم ليسوا سواءً من ناحية القدرة المالية على تحمل تكاليف إضافية من مأكل ومشرب ومسكن ومصروف شخصي، وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا على ذويهم.

الكثير من الأسر باتت تُعاني من تكاليف سكن الطلاب ونقلهم ومصاريفهم، فهناك طلاب من أبناء الضمان الاجتماعي والمتقاعدين وذوي الدخل المحدود، أسرهم غير قادرة على توفير نفقات رسوم سكنهم وتنقلهم، والبعض ربما يجد صعوبة في توفير التغذية، حتى لاحتياجات المنزل، فما بالك بنفقات تغذية أحد أبنائه وهو بعيدًا عنه؟!

الأمثلة على ذلك كثيرة والشواهد عديدة؛ فمنهم من ابتُعث أحد أبنائه لمحافظة ظفار، والآخر ابتُعثت ابنته لمحافظة الظاهرة، وثالث من سكان صلالة ابتُعث ولده لمحافظة الشرقية؛ المقتدر وميسور الحال يوازن نفقاته ويمكن أن يتدبر الأمر على مضض، فما بالكم بالفئات الأخرى المعوزة والمحتاجة، فمن أين لهم المال لتوفير نفقات لأبنائهم الدارسين؟!

والخوف كل الخوف أن تضطر الظروف الصعبة التي تمر بها بعض فئات المجتمع، أبناءَهم لترك مقاعدهم الدراسية في مؤسسات التعليم العالي، تلكم المقاعد التي تعبوا وكافحوا من أجلها، ولكن ما باليد حيلة، فماذا عساها أن تعمل تلك المرأة التي تستلم راتب ضمان اجتماعي بالكاد يُغطّي مصاريفها الحياتية في مواجهة النفقات المصاحبة لدراسة ابنتها البعيدة عن ناظريها، أو كيف سوف يغطي ذلك المتقاعد مصاريف ابنه الدراسية في إحدى الجامعات بمحافظة بعيدة عن منزله وراتبه لا حول له ولا قوة، فقد تراجع داخله لأكثر من النصف بعد التقاعد، ولديه من الالتزامات ما يُثقل كاهله. وماذا عن المُسرَّح من العمل- وما أكثرهم- والذي لم يعد يملك من راتبه شيئًا، فماذا تراه سيعمل في مواجهة تكاليف النقل والسكن لأحد أبنائه؟ وذاك الموظف المسكين الذي تأخرت ترقيته لأكثر من عشر سنوات وهو ينتظرها على أحر من الجمر، وارتفعت عليه نسبة الاستقطاعات؛ مما ولّد الضغط على راتبه، فكيف له أن يتحمل نفقات إضافية متمثلة في توفير المصاريف المترتبة على السكن والتغذية لأبنائه المقبولين للدراسة الجامعية في محافظات بعيدة والراتب محدد سلفًا ومقسّم حتى قبل أن يستلمه؟

لا أعلم حقيقية هنا المعيار المستند عليه في إعطاء المعونة الطلابية بين طالب وآخر، فنجد مثلًا فيما يتعلق بجامعة السلطان قابوس أن طلاب ولاية العامرات وهي من ولايات محافظة مسقط لا يحق لهم المعونة الطلابية، على الرغم من أن المسافة بين الولاية والجامعة تتخطى الخمسين كيلومترًا، وذلك بحجة أنها تتبع لنفس محافظة الجامعة! في المقابل نجد أن طلاب ولاية بدبد يستلمون المعونة الطلابية على الرغم أنها تبعد عن الجامعة قرابة عشرين كيلومترًا، وتزيد بقليل بحجة أنهم من محافظة أخرى؟!

أين العدالة هنا؟ المنطق يقول إن المتكلِّف أكثر هو من يستلم أكثر، في المقابل تجد المعادلة تختلف في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية والتي لها فروع في المحافظات؛ فالكل يستلم المعونة الطلابية حتى وإن كان من نفس المحافظة الواقعة بها الجامعة، لكن البعض يتسلم أكثر من زميله بحجة أن مقر سكنه قريب من الجامعة، وهذا هو المنطق الذي من المفترض الاستناد عليه في جامعة السلطان قابوس.

ومن هنا أعتقد أن الأمر بحاجة لإعادة نظر ومراجعة من قبل جهات الاختصاص واستحداث لائحة موحدة ومنظمة لقطاع المعونات الطلابية تُطبَّق على جميع مؤسسات التعليم العالي، بدلًا من أن تعمل كل جامعة بنظامها الخاص، وعسى أن نرى تحركًا من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وجامعة السلطان قابوس من أجل صرف معونات طلابية تخفف عن ذوي الطالب المعاناة، وتحمُّل تكاليف إضافية، ومساواة هؤلاء بمن تُصرف لهم إعانات في كليات أخرى.

إنَّ التزامات الحياة أصبحت صعبة للغاية، والأسعار في ارتفاع مستمر؛ بل حتى التحكم فيها ومراقبتها من جانب الجهات ذات العلاقة أصبح شبه مستحيل؛ نظرًا لما يشهده العالم من متغيرات مُتسارعة، لذا نرجو بشدة النظر في أحوال أبنائنا الطلاب، رأفة بهم وبحال أسرهم الذين يكابدون مُرَّ الحياة وقسوتها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ظواهر من الحياة

سؤال يدور في ذهني ويعصف بفكري: هل الزمن تغير أم البشر تغيروا؟ سأكتب في مقالي عن بعض الظواهر المعينة والمهمة، وسأتحدث أولًا عن «صلة الأرحام»: صلة الأرحام واجبة، لقوله تعالى في كتابه العزيز: ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ...﴾ «سورة البقرة: الآية 83».

صلة الرحم هي أقرب إليك في إهداء الكلمة الطيبة، وفي الإنفاق، وفي التصدق، وفي زيارة المريض، وفي نواحٍ كثيرة تستطيع أن تقوم بها، ولكن -للأسف- في هذا الوقت أصبحت قلوب البعض مشحونة بالحقد والحسد والغضب لأقرب الناس، وانقطعت الزيارات بحجة «الظروف»، أيُّ ظرفٍ هذا الذي تستسلم إليه؟ أيُّ ظرفٍ هذا يجعلك قاسي القلب على أخيك أو أختك أو حتى والديك؟

خصص لهم وقتًا واترك الزعل بعيدًا، فإذا كنت قد زعلت منهم لموقفٍ ما، أو سمعت خبرًا لست متأكدًا من صحته، فلا تجعل ذلك حاجزًا بينك وبينهم، امشِ بين الناس محبوبًا، وقدم الخير دائمًا، وواجبك تجاه أهلك أن تصلهم، وتجالسهم، وتشاركهم في أفراحهم وأحزانهم.

في السابق، كان الناس يهتمون بصلة الرحم، ويكثرون من الزيارات في كل وقت، ولم يكن هناك موعدٌ محددٌ لزيارة والديك، أو عمك، أو خالتك، أما الآن، فأصبحت الزيارات تتم بمواعيد مسبقة، وقلت اللقاءات بحجة «الظروف».

الظاهرة الثانية هي: العادات والتقاليد من ناحية «اللباس»، للأسف أشاهد تغيرًا كبيرًا بين عاداتنا وتقاليدنا سابقًا وبين وقتنا الحاضر، لباس الرجال هو الدشداشة العُمانية ذات اللون الأبيض الناصع، وغطاء الرأس هو الكمة أو المِصر، وهنا أتحدث عن أن البعض أصبح يواكب الموضة، ويا لها من موضة غريبة دخيلة سيطرت على عقول شبابنا، أنا شخصيًا أسميه «التقليد الأعمى»، حيث يرتدي كلا الجنسين، الولد والبنت، الملابس الضيقة، والألوان المخلوطة، والرسومات الغريبة، ناهيكم عن تسريحات الشعر.

ومن ناحية أخرى، نجد أن البعض يذهب لتأدية الصلاة بملابس النوم «البجامة»، كيف ذلك؟! لو أتينا وقارنا ذهابك إلى مناسبة مهمة، هل سترتدي هذا اللباس؟ لا، بالطبع ستلبس وتختار أجمل الثياب، وتضع أحلى العطور، للأسف الشديد، هذا هو حال البعض، كان اللباس أو الزي التقليدي مصدر فخر لنا، لا سيما في أيام المناسبات.

الظاهرة الثالثة: «جلوس الأبناء خلف الشاشات الإلكترونية لساعات طويلة»، لا رقيب ولا حسيب! وهذا واقع للأسف يجب الحد منه، والتنويه بخطورته، والانتباه والحذر الحذر، أكيد سمعت، عزيزي القارئ، عن أضرار هذه الظاهرة، وما يعاني منه أبناؤنا من مضار صحية واجتماعية -وخاصة الأطفال- تخيل طفلًا في عمر الأربع سنوات يمسك جوال أحد والديه بحجة أن يصمت ويلهو مع هذا الجهاز السام، بدلًا من صراخه وإزعاجه! أيهما أفضل: إزعاجه وصراخه أم انعزاله بعيدًا عنك، أيها المربي، حتى يصاب بعدة أمراض تفقده للأبد؟!

أطفالكم أمانة، كونوا معهم، وراقبوهم، كانت الأسرة في السابق تجتمع في مكان واحد في البيت، بحب وود وترابط أسري، يستمعون لبعضهم البعض، ويتشاركون أحزانهم وأفراحهم في قالب ممزوج بالتعاطف الأسري، كانوا يتشاركون الأكل في صحن واحد، أما وقت اللعب فكانوا يمارسون الألعاب الشعبية التي تتطلب الحركة والنشاط البدني، يا لها من أيام لن تعود، أما الآن، فقد حلَّت محلها الألعاب الإلكترونية، والجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات، مما تسبب في أمراض العصر المزمنة، وقلة الحركة، واضطراب النوم، حتى ضعفت أجسادهم ومرضت.

وكثيرة هي الظواهر والسلوكيات التي يمارسها البشر في مختلف مجالات الحياة، ولكن يبقى الفكر والتطور هما ما يحددان للإنسان الصواب، ويجعلانه يبتعد عما يسمى بـ«التقليد الأعمى»، ويمارس متطلبات الحياة وفقًا للصواب، سعيًا نحو الأفضل والأحسن.

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: مصر لن تقبل بالتهجير نظير المعونة الأمريكية.. وترامب تراجع عن مخططه (فيديو)
  • اختراق الإخوان للحركة الطلابية.. تاريخ من استغلال قضية فلسطين واللعب على المشاعر الدينية
  • تاريخ من النضال.. الحركة الطلابية ظهير شعبي لإنهاء الاستعمار في مصر
  • وزير التعليم العالي يعلن إعادة تشكيل المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي
  • التعليم العالي: إعادة تشكيل المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي
  • انطلاق فعاليات إنت النجم لاكتشاف المواهب الطلابية بجامعة حلون
  • ظواهر من الحياة
  • بحث تطوير الأنشطة الطلابية بالجامعات الخليجية
  • وزير التعليم العالي يؤكد علي الدور الحيوي الذي تلعبه جامعة المنوفية في مجال التعليم والبحث العلمي
  • انطلاق فعاليات الموسم الثالث من "إنت النجم" لاكتشاف المواهب الطلابية بجامعة حلون