قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إنَّ مشاركته في الملتقى الدولي للسلام الذي تعقده جمعية سانت إيجيديو بالعاصمة الألمانية برلين، تعكس حرص الأزهر على استمرار الحوار بين أتباع الديانات وفتح قنوات جديدة، مشيرًا إلى أن ثقافة الانفتاح على الآخر وتبني حوار حقيقي بين أتباع الديانات هو السبيل لإسماع الناس صوت الدين، وهو الصوت الوحيد القادر على انتشال الإنسان من أزماته وآلامه المعاصرة، مشددًا على أن إقصاءَ الدين من حياة النَّاس لن يجنيَ العالم من ورائه سوى مزيد من التعصب والكراهية.

وأضاف “الطيب” خلال استقباله الأسقف بيرترام ماير، أسقف ألمانيا، اليوم الإثنين بمقر إقامته في العاصمة الألمانية برلين، إنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية التي وقَّعها مع البابا فرنسيس ظهرت في وقت عصيب، ارتفعت فيه أصوات المتطرفين من كلٍّ الجانبين، وكان توقيعها إيذانًا بإطلاق مشروعات ومبادرات تخدم نشر السلام والأخوة والتعايش، مشيرًا إلى أن الوثيقة لاقت ترحيبًا كبيرًا داخل الأروقة الأكاديميَّة حول العالم، وقد اطلعت على رسائل ماجستير ودكتوراة مقدَّمة في كليات جامعة الأزهر تناولت أبعادًا مهمةً في الوثيقة، وبحثَتْ في كيفية تعميم بنودها والاستفادة منها في عملية صناعة السلام العالمي.

وتحدَّث شيخ الأزهر عن دور الفن الهادف في صناعة السلام وتعزيز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة، والقضاء على الصور النمطية والعنصرية التي تعمَّدت تشويه صورة الدين بين الناس، مشيرًا إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية تربة خصبة للأعمال الفنية الهادفة، وقد عقد الأزهر ملتقى فنيًّا يتناول الوثيقة من خلال رسوم الكاريكاتير والبورتريه، وقد لاقى الأمر ترحيبًا وبخاصة بين فئات الشباب والنشء.

من جانبه، أعرب الأسقف بيرترام ماير، عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر، ومتابعته لجهوده في نشر السلام العالمي، مؤكدًا أن العالم اليوم في أمس الحاجة إلى حكمة الإمام الطيب، وأن صوت الأزهر هو صوت مسموع ومؤثر عالميًّا، وبخاصة داخل القارة الأوروبية، مشيرًا إلى أن التعاون والتنسيق المستمر بين المؤسسات الدينية يعزِّز من صوت الدين في مواجهة الأصوات المتطرفة التي تحاول اختطافَه.  

وأكَّد الأسقف بيرترام ماير أنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية مهَّدت الطريق لأتباع الأديان لتعزيز التواصل والتقارب فيما بينهم بعد فترات كبيرة من الانعزال والجمود التي سادت العلاقات، مشيرًا إلى أن هذه الجهود لم تكد ترى النور لولا إخلاص الإمام الطيب والبابا فرنسيس، اللذيْنِ أخلصَا لإنسانيتهما وضربَا المثل في العمل من أجل الإنسان.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين

إقرأ أيضاً:

الهواري: أين الإنسانية من تخريب غزة وقتل الأطفال وتدمير المساجد والمستشفيات

قال الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، إن المتأمل لمعنى الإنسانية، ولأحكام الشريعة وتفاصيل الوحي، يصل إلى يقين بأن الإسلام هو دين الإنسانية بامتياز، كما أنه دين الربانية في ذات الوقت، مبينا أنه دين الربانية من ناحية مصدره وغايته من المولى عز وجل، ودين الإنسانية من ناحية عناية هذه الأحكام على تعددها وتفاصيلها بالإنسان وتكريمه والمحافظة على وجوده، وأسباب وجوده.

 

أمين عام البحوث الإسلامية: الأخوَّة الإنسانيَّة ضرورة وجوديَّة رسَّخها الإسلام عبر العصور الجهود الدعوية لمجمع البحوث الإسلامية في شهر سبتمبر


وبيّن الهواري، خلال حديثه اليوم بلقاء تنظمه اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية في رحاب الجامع الأزهر تحت عنوان «الأخوة الإنسانية ضرورة وجودية»، = بين أن الإنسان لا يستطيع أن يكون ربانيا حقا، دون أن يكون إنسانيا، كما لا يستطيع أن يكون إنسانيا حقا، دون أن يكون ربانيا، مؤكدا أن الإنسانية متجذرة في مصادر الإسلام من قرآن وسنة، وهي تلك الإنسانية التي ترجمها رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيل الأمين من بعده سلوكا حياتيا وواقعا عمليا.


وأوضح الأمين العام المساعد للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أن الأزهر الشريف حوّل هذه الإنسانية إلى صيغ عملية عبر تاريخه، حيث نادى الشَّيخُ محمَّد مصطفى المراغي عام ١٩٣٦، وكان حينئذ شيخ الأزهر، نادى في مؤتمر عالمي للأديان بـ«الزَّمالةِ الإنسانيَّةِ» بين الأممِ كافَّةً لاحتواءِ صراعاتِ الأممِ والشُّعوبِ، كما كتب الشَّيخُ محمَّد عرفة في مجلَّة الأزهرِ سنة 1946م مقالًا نادى فيه بضرورةِ التَّعاونِ بين الإسلامِ والغربِ، وقد دفعه لكتابةِ هذا النِّداءِ ما انتهتْ إليه الحربُ العالميَّةُ الثَّانيةُ آنذاك من اختراعِ القنبلةِ الذَّريَّةِ والأسلحةِ الفتَّاكةِ، وقد حذَّرَ من فناءِ العالمِ كلِّه، إذا استعملَ المحاربون هذه المخترعاتِ.


وكشف د/الهواري أن الأزهر حينَ أدركَ بحسِّه الدِّينيِّ، وواجبِه الإنسانيِّ، ودورِه العالميِّ، حاجةَ البشريَّةِ إلى النُّورِ الَّذي يبدِّدُ ظلماتِ العنفِ والتَّطرُّفِ، ويكشفُ التَّيَّاراتِ المنحرفةَ اسْتَنْبَتَ من أنوارِ النُّبوَّةِ نبتًا جديدًا معاصرًا أَثْمَرَ وثيقتينِ: «إعلانِ الأزهرِ للمواطنةِ والعيشِ المشتركِ»، و«وثيقةِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ»، حيث أكَّدَ الأزهرُ في الأولى أنَّ «المواطنةَ» مصطلحٌ أصيلٌ في الإسلامِ، ترجمَه الصَّحابةُ إلى واقعٍ عمليٍّ، ظهرَتْ ثمراتُه في حياتِهم مع غيرِهم، وأنَّ «المواطنةَ الحقيقيَّةَ» لا إقصاءَ معها، ولا تفرقةَ فيها، وإنَّما تقبلُ التَّعدُّديَّةَ الدِّينيَّةَ والعرقيَّةَ والاجتماعيَّةَ.


وأكد الهواري أن «وثيقةُ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ» ولدت لتكون موجَّهةً إلى العالمِ كلِّه، بدءًا بقادةِ العالمِ وصنَّاعِ السِّياساتِ الدَّوليَّةِ والاقتصاديَّةِ العالميَّةِ، من أجلِ وقفِ الحروبِ وسيلِ الدِّماءِ غيرِ المبرَّرِ، ونشرِ ثقافةِ التَّسامحِ والتَّعايشِ والسَّلامِ، وتقفُ بما فيها من مبادئَ في وجهِ هذا الانحدارِ الثَّقافيِّ والأخلاقيِّ الَّذي يعارضُ القيمَ والثَّوابتَ، موضحا أن الإنسانية في الإسلام تؤدي حتما إلى ثمرات طيبة، هي الإخاء والمساواة والحرية، فالإسلام يحترم الإنسان ويكرمه من حيث هو إنسان؛ لا من أي حيثية أخرى، الإنسان من أي سلالة كان، ومن أي لون كان، من غير تفرقة بين عنصر وعنصر، وبين قوم وقوم، وبين لون ولون، مسقطا كل أنواع التفرقة القبلية والعنصرية والقومية، مبينا أن هذا الاختلاف أو التفاوت لا يجعل لبشر قيمة إنسانية أكبر من قيمة الآخر، حيث إن القيمة الإنسانية واحدة للجميع.


وأدان الهواري ما يحدث حولنا في فلسطين المحتلة من حروب ظالمة وقتل وتدمير، قائلاً: "أين إنسانية الواقع؟، هل ترون الإنسانية في تخريب غزة؟ أو في قتل الأطفال والعزل؟ أو في تدمير المساجد والمستشفيات؟ أم في استهداف الآمنين؟" مضيفا" أليس من حقهم أن يعيشوا؟ أليس من حقهم أن ينعموا بوطن آمن؟ أي معنى للكلام عن الإنسانية المعطلة؟ وأي فائدة في خطاب من لا يسمع إلا صوت السلاح؟
وأي سماحة أو تواصل أو تعايش يرجى ممن لا يعرف إلا القتل والدم والتخريب والتدمير؟".

تأتي لقاءات «أسبوع الدعوة الإسلامي»، التي استمرت على مدار هذا الأسبوع في رحاب الجامع الأزهر، في إطار مبادرة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية،" بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتهدف إلى إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمُثُل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.

 

مقالات مشابهة

  • الدين والفطرة الإنسانية
  • الإمام الطيب يستقبل سفير سلطنة عمان بمشيخة الأزهر
  • هاني رمزي: سعيد بعودة أحمد عزمي للأعمال الفنية
  • رئيس جامعة الأزهر السابق: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» دليل على أهميتها
  • المحرصاوي: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» لها دليل على أهميتها لبناء الإنسان
  • أمين الدعوة بـ«البحوث الإسلامية»: وثيقة الأخوة الإنسانية تهدف إلى وقف الحروب
  • الهواري: أين الإنسانية من تخريب غزة وقتل الأطفال وتدمير المساجد والمستشفيات
  • أمين مجمع البحوث بالأزهر: الأخوَّة الإنسانيَّة ضرورة وجوديَّة رسَّخها الإسلام عبر العصور
  • أمين «البحوث الإسلامية»: الأزهر امتداد لمنهج الرسول في ترسيخ الأخوة الإنسانية
  • أمين عام البحوث الإسلامية: الأخوَّة الإنسانيَّة ضرورة وجوديَّة رسَّخها الإسلام عبر العصور