هل يجوز للموسوس ترك النية في الصلاة؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء خلال بيانها المقصود بالنية وأقوال الفقهاء في حكم التلفظ بها.

هل يجوز للموسوس ترك النية في الصلاة؟

وقالت الإفتاء إن النية هي قصد الشيء مقترنًا بفعله، والقصدُ عمل قلبي، فلا يشترط لها النطق باللسان، فلو اكتفى الناوي بعَقْد قلبه على العبادة التي ينويها من صلاة وغيرها كفى، لكن يُسَنُّ التلفظ باللسان لمساعدة القلب على ذلك كما قال جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة؛ كأن يقول: نويت أن أصلي فرض الظهر، ولكن اللفظ يكون سابقًا على تكبيرة الإحرام، أما النية القلبية فتكون مقارنة لها؛ لأنها أول الصلاة، والأصل في النية مقارنتها للفعل كما سبق، وأول الصلاة تكبيرة الإحرام، وقد ورد الشرع باستحباب التلفظ بالنية في بعض المواطن كالحج وغيره.

وتابعت: بينما يرى بعض العلماء -كابن تيمية وغيره- أن ذلك مكروه أو بدعة؛ لأنه لم يُنقَل فعلُه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أصحابه، وأن التلفظ بها في الحج خصوصية له.

وفي ذلك نظر؛ فإن الترك بمجرَّده ليس بحجة عند الأصوليين، ولا يحسُن الاستدلال بعدم الحصول على عدم الجواز، ولا سيما إذا كان هذا الفعل مما تشهد له أصول الشرع ولا يخالف شيئًا من قواعده، ودعوى الخصوصية في الحج على خلاف الأصل، ولا دليل عليها.

حكم التلفظ بالنية عند الحاجة إلى ذلك

أما إذا لم يتمكن المكلف من استجماع النية إلا بالتلفظ بها فلا ينبغي أن يُختلَفَ أنها حينئذٍ واجبة؛ إذ من المقرر في أصول الفقه أن "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، و"الوسائل لها أحكام المقاصد"؛ فوسيلة الواجب واجبة، ووسيلة المندوب مندوبة، وهكذا.

التصرف الشرعي لشخص دائم الشك في الوضوء بعد الانتهاء منه وأثناء الصلاة هل الصلاة في أوقات الكراهة باطلة وغير مقبولة .. داعية يجيب أقوال الفقهاء في حكم التلفظ بالنية عند الحاجة

قال الإمام أبو بكر السرخسي الحنفي في "المبسوط": [والتكلم بالنية لا مُعتَبَرَ به، فإنْ فَعَلَه ليجتمع عزيمةُ قلبه فهو حَسَنٌ] اهـ.
وقال في "البحر الرائق شرح كنْز الدقائق": [وقد اختَلَفَ كَلامُ المَشايِخِ في التَّلَفُّظِ باللِّسانِ؛ فذَكَرَهُ في "مُنيةِ المُصَلِّي" أَنَّه مُستَحَبٌّ، وهو المُختارُ، وصَحَّحَه في "المجتَبى"، وفي "الهِدايةِ" و"الكافي" و"التَّبيِينِ" أَنه يَحسُنُ؛ لاجتِماعِ عَزِيمَتِه، وفي "الاختِيارِ" مَعزِيًّا إلى مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ أَنَّه سُنَّةٌ، وهكذا في "المُحِيطِ" و"البَدائِعِ"، وفي "القنية" أَنه بِدعةٌ، إلا أَن لا يُمكِنَه إقامَتُها في القَلبِ إلا بإجرائِها على اللِّسانِ فحِينَئِذٍ يُباحُ، ونُقِلَ عن بَعضِهم أَنَّ السُّنَّةَ الاقتِصارُ على نِيَّةِ القَلبِ، فإن عَبَّرَ عنه بلِسانِهِ جازَ، ونُقِلَ في "شَرحِ المُنْيةِ" عن بعضِهم الكَراهةُ. 

وظاهِرُ ما في "فَتحِ القَدِيرِ" اختِيارُ أَنَّه بِدعةٌ؛ فإنَّه قال: قال بعضُ الحُفَّاظِ: لم يَثبُت عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِن طَرِيقٍ صَحِيحٍ ولا ضَعِيفٍ أَنَّه كان يقولُ عندَ الافتِتاحِ: أُصَلِّي كذا، ولا عن أَحَدٍ مِن الصَّحابةِ والتَّابِعِينَ، بل المَنقُولُ أَنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قامَ إلى الصَّلاةِ كَبَّرَ، وهذه بِدعةٌ. اهـ. وقد يُفهَمُ مِن قَولِ المُصَنِّفِ لاجتِماعِ عَزِيمَتِه أَنَّه لا يَحسُنُ لِغيرِ هذا القَصدِ؛ وهذا لأَنَّ الإنسانَ قد يَغلبُ عليه تَفَرُّقُ خاطِرِه، فإذا ذَكَرَ بلِسانِه كان عَونًا على جَمعِه، ثُم رَأَيته في "التَّجنِيسِ" قال: والنِّيَّةُ بالقَلبِ؛ لأَنَّه عَمَلُه، والتَّكَلُّمُ لا مُعتَبَرَ به، ومَن اختارَه اختارَه لتَجتَمِعَ عَزِيمَتُه. اهـ. وزادَ في "شَرحِ المُنيةِ" أَنَّه لم يُنقَل عن الأَئِمَّةِ الأَربَعةِ أيضًا، فتَحَرَّرَ مِن هذا أَنَّه بِدعةٌ حَسَنةٌ عندَ قصدِ جَمعِ العَزِيمةِ، وقد استَفاضَ ظُهُورُ العَمَلِ بذلك في كَثِيرٍ مِن الأَعصارِ في عامَّةِ الأَمصارِ فلَعَلَّ القائِلَ بالسُّنِّيَّةِ أَرادَ بها الطَّرِيقةَ الحَسَنةَ، لا طَرِيقةَ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وقال الإمام أبو الحسن الماوردي الشافعي في "الحاوي": [مَحَلُّ النِّيَّةِ في الصلاة هو القَلبُ، ولذلك سُمِّيَت به؛ لأَنَّها تُفعَلُ بأَنأى عُضوٍ في الجَسَدِ وهو القَلبُ، وإذا كان ذلك كذلك فلَه ثَلاثةُ أَحوالٍ: أَحَدُها: أَن يَنوِيَ بقَلبِه ويلفظَ بلِسانِه، فهذا يُجزِئُه، وهو أَكمَلُ أَحوالِه، والحالُ الثَّانِيةُ: أَن يلفظَ بلِسانِه ولا يَنوِيَ بقَلبِه، فهذا لا يُجزِئُه؛ لأَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ الاعتِقادُ بالقَلبِ، والحالُ الثَّالِثةُ: أَن يَنوِيَ بقَلبِه ولا يَتَلَفَّظَ بلِسانِه، فمَذهَبُ الشَّافِعِيِّ: يُجزِئُه] اهـ بتصرف.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني": [ومعنى النية القصد، ومحلها القلب، وإن لفظ بما نواه كان تأكيدًا] اهـ، وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "شرح العمدة": [وإن لفظ بما نواه: فقال القاضي وخلائق من أصحابنا: هو أوكد وأفضل؛ ليجمع بين القلب واللسان. وقال ابن عقيل: إن كان ممن يعتريه الوسواس ولا تحصل له نية بقلبه إلا أن يستنهضها بلسانه فعل ذلك؛ لأن عليه تحصيل العقد بأي شيء يحصل له؛ كما يجب عليه تحصيلُ الماء بالشراء، والسعي إليه إذا بَعُدَ، واستقاؤه إذا كان في قعر بئر، وغير ذلك من التسبب إلى العبادات] اهـ.

وشددت الإفتاء بناءً على ذلك: فإن النية محلُّها القلب، وهذا لا ينافي أن التلفظ بها مشروع، بل هو مستحب، خاصةً إذا كان ذلك يساعد المصلي على استحضار النية وجمع الهمة على الصلاة.

أما الجهر بالنية فلا ينبغي إلا بمقدار ما يُسمع الإنسان نفسه، ولا يجوز له أن يرفع صوته بها بطريقة تشوِّش على إخوانه وتثير البلبلة في جماعة الصلاة كما يحصل في كثير من الأحيان.

حكم من ترك النية

بينما أوضح الشيخ إبراهيم رضا، الداعية الإسلامى، أنه لا يشترط في الصلاة الجهر بالنية ولكن يكفى تكبيرة الإحرام والدخول فى الصلاة خلف الإمام.

وأضاف الداعية الإسلامي، فى لقائه على فضائية "الحياة"، أن النية اللفظية ليست ركنا فى الصلاة، فالنية محلها القلب ومعروف لدى المسلم أنه توضأ لصلاة فرض بعينه أو فوائت له.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النية تكبيرة الإحرام الصلاة صلى الله علیه وآله وسلم فی الصلاة النیة فی إذا کان

إقرأ أيضاً:

أسقفية الشباب تنظم مؤتمرا لأطفال الابتدائية بمشاركة 500 طفل

نظمت لجنة الطفولة بأسقفية الشباب مؤتمرها السنوي، لأطفال المرحلة الابتدائية في بيت مارمرقس بالعجمي في الإسكندرية، وذلك في الفترة من 27 حتى 30 يونيو الماضي. 

حضر المؤتمر  الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس قطاع وسط القاهرة، وشارك فيه 500 طفل وطفلة من 30 إيبارشية وقطاعًا رعويًا، واستهدف تعريف الطفل بصلوات الأجبية، وتدريبه على حياة الصلاة، وتضمن إلى جانب المحاضرات، درس الكتاب المقدس، وورش عملية، وبعض الألعاب لتطبيق هدف المؤتمر بطرق مبتكرة.

كما قدّم فريق أبناء القبطان التابع لإيبارشية أسيوط عروضًا مسرحية، عن شخصيات كتابية عاشت حياة الصلاة الدائمة وهما: إبراهيم أبو الآباء ونحميا، إلى جانب تقديم مجموعة من الترانيم المؤلفة من قبل خدام اللجنة، التي تهدف لتبسيط الإيمان والعقيدة.

وتمت إذاعة المؤتمر على صفحة لجنة الطفولة بموقع «فيسبوك»، وكذلك مختلف صفحات التواصل الاجتماعي التابعة للجنة ذاتها، كما جرى رفع محتوى المؤتمر بالكامل على قناة «يوتيوب» الخاصة بلجنة الطفولة «Tofola YB».

مقالات مشابهة

  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024         
  • أسقفية الشباب تنظم مؤتمرا لأطفال الابتدائية بمشاركة 500 طفل
  • حب الوطن عبادة وغريزة في النفوس السوية
  • الدستورية تحكم فى بطلان شروط إعارة العامل أو منحه إجازة بدون راتب غدا
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
  • الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم..آداب يوم الجمعة
  • دعاء يوم الجمعة من السنة النبوية
  • ما حكم قراءة بعض سور القرآن والدعاء بعد صلاة العشاء؟.. «الإفتاء» تجيب
  • دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة
  • مسافرون يؤدون الصلاة في الصحراء قرب الرياض قديما