بدء العد التنازلي في طهران لذكرى وفاة مهسا أميني
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
كتبت كيميا ساعدات (اسم مستعار لصحفية إيرانية تعيش في طهران) أن لوحات الغرفيتي المرشوشة بالطلاء الأحمر على المباني من طهران إلى رشت واصفهان تخفي العد التنازلي لذكرى وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في الاعتقال.
وتقول في مقال بصحيفة "التايمز" البريطانية إن "النظام الإيراني يمسح الأرقام بالطلاء ونعود ونرسمها من جديد".
هذا الأسبوع تمر سنة على وفاة الشابة الكردية بعد تعرضها للضرب والاعتداء وهي رهن الاحتجاز لدى "شرطة الأخلاق" في طهران.
وفي جميع أنحاء إيران، يستعد المتظاهرون من أمثال "كيميا" لإحياء الذكرى بعدما تجمّعوا في الأشهر التي تلت وفاتها مطالبين بإسقاط الجمهورية الإسلامية.
عقوبة مضاعفة
وتوعد صادق رحيمي، ثاني أقوى رجل في السلطة القضائية، المتظاهرين بعقوبة "مضاعفة".
ويقول المسؤولون الإيرانيون إنهم لن يعفوا عن أحد هذه المرة، خلافاً لما فعلوا العام الماضي، عندما اكتظت السجون، فأطلقوا سراح تسعين ألفًا. وقد عاد الكثيرون منهم مباشرة إلى الاحتجاجات.
Across Iran, protesters who gathered in the months after Masha Amini's death, calling for the downfall of the Islamic Republic, are preparing to go back on to the streets https://t.co/jr2Kvn4D03
— The Times and The Sunday Times (@thetimes) September 10, 2023
وفي الشوارع، راح النساء والرجال يهتفون من أجل الحرية. وفي شارع الانقلاب، الذي يمثل قلب الاحتجاجات، خلعت النساء العام الماضي حجابهن. وتقول كيميا: "شعرت للحظة كما لو كنا نعيش حياة طبيعية، كما لو كنا نحرز انتصاراً".
ثم انطلقت حملة القمع، وتبدد وهم إحراز تقدم. شرع النظام في إعدام متظاهرين كانوا في الاعتقال، وكان أولهم محسن شكاري البالغ من العمر 22 سنة في 8 ديسمبر(كانون الأول). وبعد ذلك بأربعة أيام أعدموا مجيد رضا رهنورد، البالغ من العمر 23 سنة. وفي الربيع، أعلنت المحكمة العليا أنه سيتم إعدام ثلاثة شبان آخرين من أصفهان، كانوا قد اعتُقلوا خلال الاحتجاجات قبل ذلك بخمسة أشهر. وهكذا صدر الحكم بالإعدام شنقًا، دون محاكمة عادلة ودون محام.
وتضيف كيميا: " بالطبع هناك أناس يُحكمون بالإعدام بانتظام في ظل هذا النظام، لكن القتلى عادة ما يكونون من تجار المخدرات أو اللصوص، وليس المتظاهرين".
ووُجهت لهؤلاء الرجال الثلاثة تهمة قتل ضابط شرطة واثنين من أفراد ميليشيا الباسيج أثناء الاحتجاجات، وكان الدليل الوحيد اعترافاتهم القسرية تحت وطأة التعذيب.
Shocking account of life in Iran today where the brutal regime's thugs beat, blind, kill and execute protesters And as religion fades and the regime seeks to turn the country Shia and Persian, ethnic and cultural divisions are revealed.
(£)https://t.co/uCCFr5pBnU
وقبل يومين من تاريخ إعدامهم، كتب الرجال الثلاثة رسالة على صفحة مقطوعة من كتاب في مكتبة سجن أصفهان المركزي، حيث سلموها إلى عائلاتهم خلال لقائهم الأخير. تقول الرسالة: "مرحبًا، . . نطلب من مواطنينا الأعزاء عدم السماح لهم بقتلنا. ساعدونا. توقيع أبناء إيران سعيد اليعقوبي وصالح مرهاشمي ومجيد كاظمي".
وأكدت المحكمة العليا حكم الإعدام، وفي 19 مايو (أيار) تم تنفيذ الحكم. وفي إيران، يتم تنفيذ الإعدامات شنقًا حتى الموت، عادة باستخدام حبل أزرق رخيص الثمن. ويقوم جندي من رتبة متدنية بتشغيل رافعة المشنقة، ويحصل على إجازة في اليوم التالي تعويضًا له. ويمكن أن يستغرق المحكوم 20 دقيقة حتى يلفظ أنفاسه.
وفيما كان الرجال الثلاثة يسيرون إلى حتفهم في ذلك اليوم، ربما لم يكونوا على علم بما ينتظرهم. ففي الليلة السابقة كانوا قد أُبلغوا هم وعائلاتهم بصدور عفو عنهم.
اليوم الأخير للاحتجاجات
تلاشت الاحتجاجات بعد هذه الإعدامات. وكانت اليوم الأخير فظيعاً، فقد أغلقت قوات الأمن جميع الشوارع بسياراتها وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على الحشد المحاصر. وتقول كيميا: "رأيت بعيني رصاصة تمر أمام وجهي. كانوا يطلقون قنابل صوتية لترويع الناس وقد نجحوا، حيث امتلأت نفسي رعباً. كانت عيناي تسيلان دمعًا بسبب الغاز، وكان وجهي يحترق، وكنت أصرخ لأصدقائي لكي يتحركوا. ثم راحت قوات الحرس الثوري الإسلامي تطلق النار علينا. لم نستطع التحرك، ولم نكن نرى. كانت بجانبنا فتاة مصابة بالربو تصرخ طلبًا للنجدة. حاولنا مساعدتها، لكنها اختفت وسط الحشد. كان الموقف أشبه بالحرب لا الاحتجاج".
ومع ذلك فإن توقف الاحتجاجات بعد الإعدامات لم يكن كافيًا في أعين النظام. كانوا يعلمون أن المقاومة لم تنته. فقد كان الناس يرسمون شعارات مناهضة للنظام على الجدران، و يغنون الأغاني الاحتجاجية من نوافذ وشرفات منازلهم.
طاردت قوات الامن عائلات المحتجين، مثلما حدث مع أم كيان بيرفلك، الصبي البالغ من العمر 9 سنوات الذي كان في سيارة م ع والده في أحد شوارع مدينة إيذه عندما أطلقت عليه قوات الحرس الثوري الإيراني النار. وكان الفتى يحب بناء الروبوتات في المدرسة. فأخذت أمه ماه منير، معلمة الفنون، جثمانه إلى البيت وحرسته حتى موعد الجنازة، حيث حفظته بقطع الثلج حتى لا تسرق قوات الأمن ابنها وتخفي ما حدث له.
وفي الجنازة، ألقت قصيدة شعرية عن المرشد الأعلى. قالت إن قلبه من صخر، وإن ابنها "قُتل على أيدي قوات الأمن، قُتل على أيدي الإرهابيين".
وكانت تلك بداية كفاحها للحصول على العدالة. كانت تنشر كل يوم صورًا ومقاطع فيديو لابنها كيان على صفحتها على إنستغرام. كان زوجها قد أصيب بالرصاص في ذلك اليوم أيضًا وتعرض لإعاقة خطيرة. لكنها طلبت من الناس عدم الرضوخ للجمهورية الإسلامية. كتبت تحكي عن الأغنيات التي كانت تغنيها لكيان في المهد، وكيف أحست بالندم ذات مرة على عدم شرائها له ثمرة عندما طلبها لكن لم يكن لديها ما يكفي من المال، فقالت له إنها ستشتريها له لاحقًا، لكن الفرصة لم تتح لها بعد ذلك قط.
وبعد بضعة أشهر من مقتل كيان، وتحديدًا في عيد ميلاده، أطلقت قوات الأمن النار على ابن عم ماه منير أثناء حفل تأبين لابنها القتيل، وتم إغلاق صفحتها على إنستغرام، التي كانت تطالب فيها بالعدالة. ولم يُسمع عنها شيء منذ ذلك الحين، ويُعتقد أن الأسرة تخضع للإقامة الجبرية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني مهسا أميني قوات الأمن
إقرأ أيضاً:
من درعا "مهد الثورة السورية".. أهالي المفقودين يطالبون بالكشف عن مصير ذويهم وتحقيق العدالة
اجتمع عشرات من أقارب المفقودين السوريين والناشطين في مدينة درعا، يوم الأحد، في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الاحتجاجات في سوريا، مطالبين الحكومة المؤقتة بمواصلة جهود البحث عن أحبائهم المختفين قسرًا.
في درعا، حيث انطلقت "الثورة السورية" عام 2011، تجمع الأهالي من مختلف أنحاء البلاد، وبينهم من عادوا من الخارج بعد سنوات من اللجوء، بحثًا عن أي خيط يقودهم إلى ذويهم.
عندما أطاحت "هيئة تحرير الشام" بالرئيس السابق بشار الأسد في نيسان/ أبريل، اقتحم المعارضون السجون وأطلقوا سراح بعض المعتقلين. وسارع الأهالي للبحث على أحبائهم، لكنهم واجهوا اكتشافًا مأساويًا تمثل في العثور على مقابر جماعية، حيث حاولت فرق الإنقاذ التعرف على هويات الضحايا من خلال الرفات التي تم انتشالها.
وتُقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 130 ألف سوري، من بينهم رجال ونساء وأطفال، اختفوا قسرًا منذ بدء النزاع في سوريا، إذ اعتُقل العديد منهم على يد أجهزة مخابرات نظام الأسد، فيما فُقد آخرون على أيدي جماعات معارضة مسلحة أو تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
رفعت الناشطة وفاء مصطفى صورة لوالدها علي، الذي اعتقلته قوات أمن النظام عام 2013، وهربت إلى ألمانيا بعد ذلك خوفًا من مصير مشابه. ومنذ الإطاحة بالأسد، عادت مرتين إلى سوريا بحثًا عن أي أثر له، قائلة: "أحاول، وأنا أشعر بالأمل واليأس في آنٍ واحد، العثور على أي إجابة عن مصير والدي".
وأضافت: "بحثت في السجون، المعتقلات، المشارح، والمستشفيات، وحتى بين جثث القتلى، لكن دون جدوى". ودعت الحكومة المؤقتة إلى الحفاظ على السجون كمواقع توثق الجرائم بدلاً من إغلاقها.
أما خديجة السعيد، فقد اعتُقل ابنها عام 2014 وهو في الرابعة عشرة من عمره، ولم تعرف عنه شيئًا منذ ذلك الحين. بدموع وألم، تساءلت: "ماذا كانت جريمته؟ ما ذنبه؟ نريد العدالة، نريد محاسبة من تسببوا بهذه المعاناة".
Relatedسوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الكبرىجدل واسع حول الإعلان الدستوري الجديد في سوريا: ترحيب حذر وانتقادات لاذعة للمرة الأولى بعد سقوط الأسد.. احتفالات في أنحاء سوريا بالذكرى الـ14 لانطلاق "الثورة السورية"وفي ظل استمرار مطالب الأهالي بتحقيق العدالة، دعت لجنة مدعومة من الأمم المتحدة، يوم الجمعة، الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع إلى الحفاظ على الأدلة الموثقة من السجون كجزء من الجهود الرامية لكشف مصير المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
مع الإشارة إلى أن الاحتجاجات في سوريا اندلعت عام 2011، كجزء من موجة شعبية اجتاحت العالم العربي من خلال ما عرف بـ"الربيع العربي"، لكن سرعان ما تحولت الثورة إلى حرب دامية بعد أن واجه الأسد الاحتجاجات السلمية بالقمع والعنف.
وعلى مدار السنوات الماضية، خلف الصراع أكثر من نصف مليون قتيل، ودفع أكثر من خمسة ملايين شخص إلى اللجوء خارج البلاد، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العصر الحديث.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سوريا: مقتل 16 شخصاً وإصابة 18 آخرين في انفجار ذخائر من مخلفات الحرب في مدينة اللاذقية للمرة الأولى بعد سقوط الأسد.. احتفالات في أنحاء سوريا بالذكرى الـ14 لانطلاق "الثورة السورية" بين إعادة الإعمار وتحقيق العدالة... كيف يمكن للاتحاد الأوروبي دعم مستقبل سوريا؟ سورياالأمم المتحدةسقوط الأسدالحرب في سورياسجونهيئة تحرير الشام