عودة التوتر للقوقاز.. ما الخيارات أمام طهران؟
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
طهران- على وقع التوتر المتصاعد بين أذربيجان وأرمينيا وتبادلهما الاتهامات بدفع منطقة القوقاز إلى الحرب، رفعت إيران شعار رفض أي تغيير "جيوسياسي في المنطقة" بسبب ما تعده "تحركات تطعن بالسلم والاستقرار الإقليميين" على حدودها الشمالية الغربية.
وبعد أيام من عقد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مؤتمرا صحفيا مشتركا مع نظيره التركي هاكان فيدان في العاصمة طهران، أكد الوزير الإيراني أن بلاده "لا تتحمل أي تغيير جيوسياسي في المنطقة".
وحذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من مغبة أي تحركات ترمي إلى تغيير الحدود التاريخية في المنطقة، ووصف في اتصال هاتفي تلقاه من رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان المساعي الرامية إلی تغيير في الحدود بأنها "خط أحمر لإيران"، وجدد استعداد بلاده "للعب دور مؤثر للحيلولة دون اندلاع مواجهات جديدة وإحداث أي تغيير جيوسياسي في المنطقة".
وأعادت وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية نشر موقف المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي بشأن النزاع على منطقة ناغورني قره باغ.
عزيزي: طهران تعارض أي حضور أجنبي في القوقاز وأي تغيير جيوسياسي في المنطقة (وكالة الأنباء الإيرانية)سياسة تغيير الحدود
وللوقوف على التقديرات الإيرانية حيال تطورات القوقاز، يعتقد إبراهيم عزيزي، نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، أن الأيادي الخارجية تصب الزيت على نار الخلافات بين باكو ويريفان، وأن طهران تعارض أي حضور أجنبي في القوقاز وأي تغيير في الحدود السياسية.
ويشدد عزيزي على أن طهران تعارض أي حضور أجنبي في القوقاز وأي تغيير في الجغرافيا السياسية بالمنطقة.
وردا على سؤال الجزيرة نت، قال عزيزي إن موقف إيران من أي تغيير في الحدود القائمة بالمنطقة ثابت، وإنه لا يقتصر على معارضة طهران مع التحركات الرامية إلى شق ممر زنغزور، وإغلاق الحدود القائمة بين إيران وأرمينيا.
وكان خامنئي قد قال عقب انتهاء حرب قره باغ الثانية بين أذربيجان وأرمينيا عام 2020 "إننا فرحون بعودة قره باغ إلى أذربيجان، لكن إذا كانت هناك سياسة لإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا، فإن الجمهورية الإسلامية ستعارض تلك السياسة، لأن تلك الحدود كانت طريقا للتواصل منذ آلاف السنوات".
وفقا للخارجية الإيرانية، فإن البند الـ78 من الدستور الإيراني "يحظر إدخال أي تغيير فـي الخطوط الحدودية، سوى التغييرات الجزئية، مع مراعاة مصالح البلاد، وبشرط أن تتم التغييرات بصورة متقابلة، وألا تضر باستقلال البلاد ووحدة أراضيها، وأن يصادق عليها 4 أخماس عدد النواب فـي مجلس الشورى الإسلامي".
خطر محدقويرى البرلماني الإيراني في ما وصفه "خطط القوى الأجنبية الرامية إلى إيجاد تغيير جيوسياسي بمنطقة القوقاز" خطرا محدقا بالأمن القومي الإيراني، يتمثل في سعي بعض الأطراف لإلغاء الحدود المشتركة بين إيران وأرمينيا، إلى جانب بحث القوى الأجنبية عن إيجاد موطئ قدم لها قرب الحدود الإيرانية.
ويرى مراقبون إيرانيون في التصعيد العسكري بالقوقاز مؤشرا لسيطرة باكو بدعم من أطراف أجنبية على الشريط الحدودي، البالغ طوله نحو 44 كيلومترا بين إيران ومحافظة سيونيك الأرمينية، لربط إقليم نخجوان بالأراضي الأذربيجانية عبر ممر زنغزور.
وفي الوقت الذي يوفر فيه الممر لتركيا وصولا مباشرا إلى آسيا الوسطى، إلى جانب ربط بين مقاطعة نخجوان وبقية الأراضي الأذربيجانية، فإن طهران ترى الخطوة محاولة لتطويقها والإخلال بالتوازنات القائمة، فضلا عن خشيتها من عرقلة مشاريعها الرامية إلى تحويل إيران مركزا للممرات الدولية.
ضرر مضاعف
وإلى جانب تضرر إيران سياسيا وأمنيا من إغلاق حدودها مع أرمينيا، فإن الضرر الاقتصادي سيكون مضاعفا إذا قُطع الطريق الواصل بين الجمهورية الإسلامية ودول أوروبا الشرقية، وذلك وفق أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران يوسف مولائي، الذي يرى أن المادة 78 في الدستور الإيراني تحظر على السلطات الرسمية في البلاد السماح بتغيير حدود الدولة، لكنها لا تشمل التطورات الإقليمية الخارجة عن إرادة البلاد، لا سيما إذا توصلت باكو ويريفان إلى اتفاق يسمح بمد ممر على أراضيهما.
وعن حظوظ كسب طهران إذا ما رفعت شكوى للمحاكم الدولية ضد الأطراف التي تعمل على تغيير الحدود الجغرافية، يؤكد مولائي للجزيرة نت أن القانون الدولي لن يتفاعل مع إيران إلا إذا تعرضت أراضيها لانتهاك من أطراف أجنبية.
خيارات دبلوماسية أم عسكرية؟
وعن الخيارات المتاحة أمام طهران لمنع أذربيجان من إغلاق حدودها المشتركة مع أرمينيا، باعتبارها بوابة طهران نحو روسيا وأوروبا الشرقية، تُجمع الأوساط الإيرانية على ضرورة تنشيط الدبلوماسية أكثر فأكثر، للمحافظة على الحدود القائمة بين كل من إيران وأذربيجان وأرمينيا منذ عقود.
من جانبه، يؤكد النائب إبراهيم عزيزي أن بلاده تنشط الدبلوماسية للتوسط بين باكو ويريفان، للتوصل إلی حل بشأن الخلافات القائمة بينهما، مستدركا أن طهران على أتم الاستعداد لاتخاذ ما يجب فعله لضمان مصالحها الوطنية.
من ناحيته، يستبعد السفير الإيراني الأسبق في الأردن ولبنان أحمد دستمالجيان أن تُقدم باكو على فعل عسكري لشق ممر زنغزور، مستدركا أن باكو وحليفتها تل أبيب تعانيان من أزمات داخلية جمة، وقد تقدمان على تصدير تلك المشكلات إلى الخارج عبر افتعال حرب في القوقاز.
وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد دستمالجيان أن القرار بعدم السماح لأي تغيير جيوسياسي اتُخذ على أعلى المستويات في إيران، وأنه يمثل "خطا أحمر" لطهران، موضحا أن قوات بلاده المسلحة على أتم الاستعداد للتدخل عسكريا لمنع إقامة أي ممر يهدف لتطويق إيران.
في المقابل، يرى مولائي أن أي تدخل عسكري إيراني من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه لتدخل قوى إقليمية أو دولية أخرى، وينصح بتفعيل الدبلوماسية لحصول بلاده على ضمانات بعدم قطع الطريق بوجهها نحو أوروبا الشرقية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی القوقاز بین إیران تغییر فی
إقرأ أيضاً:
عربي21 ترصد عودة السوريين إلى بلداتهم عبر الحدود الأردنية (شاهد)
يشهد معبر "نصيب" على الحدود السورية مع الأردن توافد العديد من السوريين العائدين إلى قراهم وبلداتهم، في حركة متواصلة بشكل متفاوت الوتيرة منذ سقوط النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى روسيا.
ورصد مراسل "عربي21" تصاعد وتيرة المقبلين على العودة إلى سوريا، حيث يشهد معبر "جابر" الأردني المقابل لمعبر "نصيب" السوري توافدا متواصلا منذ عودته إلى الخدمة بعد سيطرة المعارضة على البلاد.
وعند بوابة معبر "جابر"، تصطف العديد من المركبات المحملة بالأثاث والأمتعة للسوريين العائدين، دون الكشف بعد عن إحصائية دقيقة توضح أعداد المسافرين.
وفي السياق ذاته، قال فارس اللحام، وهو أحد السائقين المعنيين بتقديم خدمة الدخول إلى الجانب السوري من الحدود انطلاقا من الأراضي الأردنية: إن "حركة المركبات التي كانت تُعنى قبل سقوط النظام بنقل البضائع بشكل أساسي تحولت بجزء كبير منها إلى نقل الأشخاص والسوريين العائدين".
وأضاف اللحام، في حديث لـ"عربي21"، أن المعبر الحدودي يشهد إقبالا متفاوت الوتيرة خلال الأيام الأخيرة.
وفي المقابل، تحدث أحد عناصر حرس الحدود السوري إلى "عربي21" حول الحركة التي يشهدها معبر نصيب والوضع الأمني في المنطقة، موضحا أن المعبر "يقوم على تقديم الخدمات للعائدين بهدف تسهيل عودتهم دون عراقيل".
وأشار رافضا كشف هويته لأسباب شخصية، إلى أن الطرقات مفتوحة دون عوائق أمام العائدين والقادمين من الجانب الأردني.
ولا تزال سوريا تمر في مرحلة حساسة للغاية بعد سقوط النظام، حيث تواصل الحكومة المؤقتة مساعيها لتقديم الخدمات الأساسية وبسط الأمن في البلاد.
وتأتي هذه العودة رغم تحذير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "UNHCR" في الأردن للاجئين السوريين من العودة إلى بلادهم في الوقت الراهن، بسبب عدم استقرار الأوضاع هناك، قائلة في بيان لها أعقب سقوط الأسد: إنها "لا تشجع ولا تسهل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم في الوقت الحالي".
وأضافت أن الأوضاع الحالية في سوريا غير مناسبة لعودتهم الآمنة، مؤكدة أن ما يُقال عن تقليص أو قطع المساعدات بهدف إجبار اللاجئين على العودة إلى بلدهم غير صحيح.
وأشارت المفوضية إلى أن طواقمها بذلت خلال العامين الماضيين جهودا كبيرة لتأمين التمويل للبرامج، رغم أنها كانت أقل من السنوات السابقة.
وشددت المفوضية على موقفها الراسخ بشأن عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم في هذا الوقت، موضحة أن هذا الموقف يعتمد على حقيقة أن الأوضاع في سوريا لا تزال غير مناسبة لعودتهم الآمنة، وأن قرار العودة إلى بلدهم هو قرار طوعي تماما.
وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وسبقها مدن أخرى، مع انسحاب قوات نظام بشار الأسد من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.