يجب الاحتفاء بفشل #عملية_أوسلو
#لميس_أندوني- السلفي الجديد
في الذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاق إعلان المبادئ بين #منظمة_التحرير_الفلسطينية و #إسرائيل (تفاهمات أوسلو)، تركز التحليلات والآراء على العملية التي أطلقها الاتفاق في الوصول إلى #سلام في #فلسطين. وترتكز هذه الاستنتاجات إلى أن #الاتفاقيات هدفت إلى سلام حقيقي، وإلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولكنها منذ البداية كانت نتاج اختلالٍ في موازين القوى، مكّن إسرائيل من فرض شروطٍ تمنع تحقيق سلام عادل وممارسة #الشعب_الفلسطيني حقّه بتقرير المصير، ولو في الحدود الدنيا.
الأنكى أن ذلك كان يُراد تقديمه إلى العالم أنه “تنازل إسرائيلي” للفلسطينيين، مقابل التخلّي عن القدس وحق العودة وحقوق الأجيال الفلسطينية بالمطالبة بأي من حقوقها الفردية أو الجمعية منها، أي أن تكون خاتمة المرحلة الانتقالية الاستسلام الفلسطيني الكامل والتنازل عن جميع الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني. وهذا بالفعل ما حاولت فرضه الإدارة الأميركية في عهد بيل كلينتون، تحت شعار “العرض الإسرائيلي السخي”، الذي قدّمه إيهود باراك إلى ياسر عرفات، وملخّصه النقاط التي أوردتُها، تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية، وبالتالي فرض تطبيع عربي إسرائيلي كامل ودمج إسرائيل في المنطقة. كان “العرض”، كما أسمته آلة الدعاية الأميركية – الإسرائيلية” كذبا، نهاية المطاف المرسومة لـ”أوسلو”، فأولويات الاستراتيجية قبل “أوسلو” وبعدها، والآن وغدا، هي طمر “عقبة” القضية الفلسطينية، ودمج إسرائيل في المنطقة مع ضمان هيمنتها العسكرية والأمنية.
المقصود بهذا السرد أن هناك فرقا بين وهم أوسلو الفلسطيني وواقع ما تفرضه الشروط الإسرائيلية –الأميركية. ومن هذا المنظور، فشلت العملية التي أطلقتها “أوسلو” في إخضاع الشعب الفلسطيني، وإن كانت شطرت حلم من كان لديه وهم أو أمل، أو وأدته، وهناك خيط فاصل بين الأمل والوهم، كان آيلا إلى الاختفاء. إذ كان هناك فرق شاسع بين التوقعات الفلسطينية وأهداف القوى المهيمنة (أميركا وإسرائيل) التي فرضت شروط ليس اتفاقيات أوسلو فحسب، وإنما أيضا شروط ما تسمّى “عملية السلام” في المجمل، كان دائما المقصود منها القبول الفلسطيني والعربي بانتصار إسرائيل.
مقالات ذات صلة الاستعداد لزلزال محتمل بات ضرورة إنسانية ووطنية 2023/09/11هنا، أجد ضروريا، لإنصاف أغلبية من رأوا بريق أمل في اتفاقيات أوسلو، خصوصا وأنني كنت مناوئة لها في حينها، والتأكيد أنه كان اجتهاد فئات مناضلة كانت تأمل وبصدق أن تستطيع قلب الطاولة فور عودتها إلى أرض الوطن، ومنها أسماء غدت في عداد الشهداء أو تمضي أحكام سجن طويلة أو مؤبّدة في المعتقلات الصهيونية. وهذا درس لنا جميعا آمل أن ينتبه إليه الجيل الجديد، فليس كل من أيدوا “أوسلو” بوصفه مرحلة انتقالية، يجري الاجتهاد في أثنائها نحو تحقيق الحلم الفلسطيني، غير وطنيين، وإن كان منهم من غيّروا مواقفهم بعد مشاهدة توسيع المستوطنات والاقتراحات الأميركية والأوروبية التي جعلت التحرّر الفلسطيني أبعد من أي وقتٍ مضى.
والمسؤولية الأساس تقع على القيادة الفلسطينية وهيمنة تيارٍ يؤمن بمقولة أنور السادات بأن 99% من الحل في يد أميركا، وما يزال هذ التيار مهيمنا، وخصوصا بعد مرحلة ياسر عرفات، منكرا ومتجاهلا أن صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته هو ما أفشل، وما يزال يُفشل، هذه المشاريع التي أصبحت معلنة، حتى قبل صعود اليمين الإسرائيلي المتطرّف إلى الحكم. ولذا؛ نرى اليوم أن الإدارة الأميركية لم تعد مهتمة بفرض اتفاق على الفلسطينيين، بل وبتطويق الفلسطينيين وعزلهم بتحالف تطبيعي عربي إسرائيلي، يجعل القضية الفلسطينية من منظورهم قضيةً جانبية تختفي تدريجيا من الذاكرة والوعي الجمعي العربي.
وقد فتح اتفاق أوسلو باب التطبيع العالمي مع إسرائيل، فأغلبية من الدول التي قطعت علاقاتها مع تل أبيب بعد عدوان عام 1967، أو لم يكن لها علاقات مع إسرائيل، سارعت بإقامتها بعد توقيعه، وهذا قِصَر نظرٍ خطير من القيادة الفلسطينية، حتى لو فرضنا أنها كانت مُجبرة، وإن أقررنا بالظروف الصعبة بالحصار العربي الكامل لمنظمة التحرير والشعب الفلسطيني. وفي النتيجة، فُتح الباب على مصراعيه لكسر مقاطعة عالمية، وخصوصا في دول الجنوب، لإسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، وجدت أميركا أن دخول الفلسطينيين في اتفاق أوسلو لم يؤدّ إلى تطبيع شعبي أو قبول لإسرائيل، حتى بعد توقيع معاهدة وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، وحتى بعد القمع الوحشي للانتفاضة الفلسطينية الثانية. إذ ظنّت واشنطن أن عهد الانتفاضات قد ولّى، وخصوصا في ظل التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، وراهنت بعد الانتفاضة الثانية على سياسات السلطة والضغط الدائم من خلال التمويل ووقف التمويل عن أجهزة السلطة، بغية إحداث انهيارٍ للمعنويات الشعبية الفلسطينية والفكر المقاوم. لكنها لم تسع إلى غير محاولة ما يسمّى استئناف “عملية السلام” لتخدير الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، لتتخلّى عن ذلك، مع محاولة دونالد ترمب المتهوّرة لفرض استسلام فلسطيني ومعلن، من منطلق ان “المنتصر يأخذ كل شيء”، ولكنه استعجل وفشل في فرض رسمي لما سماها “صفقة القرن”، وإنْ نجح في إحداث اختراقٍ علني غير مسبوق في الخليج العربي، بتحقيق التحالفات التطبيعية الإبراهيمية التي ما زالت تتسع، ففي الأسبوع الماضي جرى افتتاح سفارة إسرائيل في البحرين. وهاهي الإدارة الأميركية لم تعد مهتمة لا بأوسلو ولا بعملية سلام، وإنما بتحقيق تطبيع سعودي إسرائيلي، يشكّل برأيها ضربة قاصمة للفلسطينيين. ومسعى الفلسطينيين إلى وضع شروط للتطبيع السعودي الإسرائيلي بتنفيذ المبادرة العربية للسلام التي تدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية، ما هو إلا تكتيك لكسب الوقت، فواشنطن لم تقبل ولن تقبل، فهي مستعجلة في إلحاحها، وهي لا تستطيع، ولا تريد، كبح اليمين الإسرائيلي المتطرّف، وتراقب فشل إسرائيل في إنهاء المقاومة الفلسطينية، فترى الحل في تطبيع سعودي – إسرائيلي رسمي، تأمل أن يُسكت الفلسطينيين إلى الأبد، أو أن لا يعود أحد يسمع صوتهم.
المهم هنا أنه يجب ألّا نعيش في أجواء أوسلو، بل الحلّ في العودة إلى أهم مرحلة: مرحلة التحرّر الوطني، خصوصا وأن المجموعات المقاومة أثبتت انبعاث وعي تحرّري يوازيه صعود جيل فلسطيني جديد يحاول وضع رؤية تحرّرية، لا تأبه باتفافيات أوسلو أو بشروط أميركية، وتؤمن بالحقّ الفلسطيني وبالعودة إلى التحالفات الطبيعية مع الفئات والشعوب المقهورة.. هذا هو المستقبل، وما مثله “أوسلو” من محاولة لفرض استسلام تاريخي على الشعب الفلسطيني فشل، وعلينا أن نحتفي بهذا الفشل، وننخرط في النهوض مجدّدا.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: منظمة التحرير الفلسطينية إسرائيل سلام فلسطين الاتفاقيات الشعب الفلسطيني الشعب الفلسطینی إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.
وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.
وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.
وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.
وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".
وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.
وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.
دولة، وليس قطاعاً غير حكومي
وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.
وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.
"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.
وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".
ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.
وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.
إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور
أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.
وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.
وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.
بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.
وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.
يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".
ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.
وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.
وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.