عربي21:
2025-02-11@17:27:55 GMT

هل يخشى الجنرال الثورة؟.. لماذا التحذير منها؟!

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

أعمى من لا يرى من الغربال!

فمن الغربال يمكن لنا أن نرى أن هناك ما يقلق الجنرال على مستقبل وجوده على رأس السلطة، رغم أن خصومه كفّوا عن الفعل منذ عام 2015، عندما تم فض اعتصام المطرية بقرار من قيادة التنظيم، التي صارت بالصفة والوجود تمثل "الباب العالي"، صاحب السيادة في ظل الدولة العثمانية التي كانت تهيمن على مصر!

خلال السنوات الماضية شهدت مصر عدداً محدوداً من التظاهرات من القوى المدنية بسبب تيران وصنافير، انتهت إلى اعتقال عدد من المشاركين فيها، ثم مظاهرات محدودة بدعوة من محمد علي، بجانب فشل ذريع لدعوات أخرى كان آخرها الدعوة الى 11/11، حيث لم يخرج نفر للشارع، وتحولت الدعوة إلى أضحوكة للقوم وإعلامهم، وإذ اعتبرتُ فزع السلطة مفتعلاً، والمبالغة في التعامل معها هو للترويج لحالة الفشل هذه، فقد أدهشني أن أستمع من قريب من دوائرهم أنهم كانوا في فزع حقيقي!

لا بأس، فقد فشلت الدعوة، ووظف النظام الحاكم هذا الفشل في إثبات أن الأوضاع مستقرة، وأن المعارضة ماتت، وأن الشعب كشف المعارضين ولم يعد -لهذا- يؤوب معهم!

عدم اليقين في الاستقرار:

والحال كذلك فإن الأصل أن يشعر أهل الحكم بالاطمئنان التام، لكن الحقيقة تقول غير ذلك، فما نسمعه من دوائر محيطة، ونقلاً عن دوائر مستفيدة، يقول إن الأمور ليست كذلك، بشكل ذكرني بنغمة "الانقلاب يترنح"، فهم يتوقعون أن نهاية الحكم قاب قوسين أو أدنى!

ويمكن اعتبار هذه مبالغات، من أناس يخشون سقوط نظامهم بالثورة، الأمر الذي يجعلهم عرضة للانتقام أو المحاكمات، لكن أن يصل عدم اليقين في الاستقرار إلى رأس هذه السلطة، فهذا هو اللافت للانتباه!

إن حديث "أولي الأمر منهم" عن الزيادة السكانية قد يكون ملائماً تماماً لعنوان المؤتمر الذي عُقد في القاهرة، فهو مؤتمر دولي للسكان، لكن أن يتم الدخول من موضوعه مبرراً للتحذير من إعادة انتاج ما جرى في كانون الثاني/ يناير 2011، والتذكير مجدداً بخسارة مصر من جراء الثورة أكثر من 400 مليار دولار، فهذا يدفعنا للسؤال هل يرى القوم ما لا نراه؟!

إن المشاهد المتأمل لما بين السطور، بعد تجاوز المناكفة السياسية، سيقف على أن ما قيل ليس لغواً، وإن درجت المعارضة على اعتباره كذلك، وإن كانت المشكلة فيما يتم تصديره على أنه سبب الثورة على مبارك، أقصد الأزمة الاقتصادية من خلال القول: لأن الدولة لم تستطع تلبية مطالب الناس، لأن قدرتها لا تمكنها من ذلك.

ومن هنا قرر أن أصعب ما تواجهه الدولة أن يكون المتاح أقل من المطلوب!

القراءة الصحيحة أن ثورة يناير لم تكن لأسباب اقتصادية، ولهذا فهي ثورة نخبة؛ وحتى الذين شاركوا فيها من عامة الشعب لم تكن دوافعهم اقتصادية، وإن كانت شريحة كبيرة من الشعب قد بدأت تتأذى من الفشل الاقتصادي لا سيما في السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك، إلا أن هذه الشريحة جاءت تحتفل بتنحي مبارك، لكنها لم تكن حاضرة قبل ذلك!

وأزعم أن زوجات حراس العقارات اللاتي خرجن يقدمن لنا الخل والبصل للتغلب على آثار القنابل المسيلة للدموع في يوم كثر واتره وقل ناصره، لم يفعلن هذا لدوافع اقتصادية!

فوضع مبارك في الحكم لثلاثين عاماً كان مستفزاً لشريحة كبيرة من المصريين، والذي زاد وغطى هو الحديث عن توريث الحكم، وأساء الثلاثي الحاكم؛ جمال مبارك، وأحمد عز، وحبيب العادلي، تقدير الأمور، عندما أغلقوا المجال العام عنوة، وأفقدوا الناس الأمل في التغيير السلمي، بما ارتكبوه من جرائم في انتخابات 2010!

وانسداد الأفق السياسي كان سبباً في الثورة عليه، وكان عليه أن يغادر قبل ست سنوات على الأقل، وربما لا تعرف الأجيال الجديدة أن مبارك ظل لعام 2000 يحوز على رضا شريحة معقولة من المصريين، لا سيما كبار السن، وكان يمكن للمرء أن يتعرض لمشكلات كبيرة إن ذكر مبارك بسوء في حافلة عامة قبل هذا التاريخ، من الناس وليس من الأجهزة الأمنية مثلاً، وإن بدأ فتورهم لشخصه في السنوات العشر الأخيرة من حكمه. وذات يوم وكنا في 2003، مع بداية أزمة اقتصادية، سمعت مسناً يلعنه في الشارع لارتفاع الأسعار، فقلت يبدو أنها هانت.

ربما كان الرفض لدى شريحة لا بأس بها بسبب أداء الحزب الوطني، وكانت النغمة السائدة أن من حوله هم السيئون لكنه حاكم جيد، وأنه ليس مطلعاً على ما يفعلونه، وكانت هناك مطالب حتى على مستوى أهل السياسية أن يترك رئاسة الحزب الوطني، لكنه كان يعتبر هذه الدعوة كميناً، لأن وجهة نظره التي نقلها لي أبو الفضل الجيزاوي (عضو البرلمان وأحد الضباط الأحرار)، أنه يستخدم الحزب في المحافظات في الحشد الجماهيري عندما يكون المطلوب موقفاً بعينه، كأن يحشدون له الجماهير تلبية لدعوته للاستفتاء على حل البرلمان ونحو ذلك، فمن يقدر على ذلك إذا ترك رئاسة الحزب لكي يكون رئيساً لكل المصريين كما تريد الأحزاب؟!

عمرو أديب والقادم أسوأ:

المهم، فتصور أن ثورة يناير كانت بسبب أن المتاح أقل من المطلوب، وأن إمكانيات الدولة كانت متواضعة، ليس في محله، لكن الجنرال يدرك أنه إذا قامت ثورة في البلاد فستكون لأسباب اقتصادية هذه المرة، نظراً لعجز الأغلبية عن توفير الحد الأدنى من متطلبات البقاء على قيد الحياة، والقادم أسوأ!

ولا نضرب الودع عندما نقول إن القادم أسوأ، فهناك يقين لدى دوائر الحكم أن الحال الآن سيكون رفاهية بما يعيشه المصريون من ضنك وغلاء أسعار، وبعد أن أوصلها الجنرال لهذا الحد ذهب يقول إنه مفتوح على كل اقتراح يحل أزمة الدولار، وسوف يعمل بهذه الاقتراحات، فقد تواضع كثيراً فلم يعد يتحدث عن أن الله أعطاه البركة، وأنه كسيدنا سليمان عليه السلام، وأنه يعرف ما لا نعرف، وأنه ظل نصف قرن يدرس ماهية الدولة!

إنه يدخل الانتخابات بدون القدرة على إطلاق الوعود التي أطلقها من قبل؛ انتظروا عامين، انتظروا العام القادم، انتظروا ست شهور (كمان)، فليس قادراً حتى على أن يطلق وعداً من هذا القبيل، وفي جلسته الأخيرة ربط بين الزيادة السكانية والأزمة الاقتصادية، وظهر غاضباً لعدم استجابة المصريين لهذه الدعوة التي أطلقتها الدولة!

ذكرني في هذا الأمر بذات سهرة رمضانية بالهيئة المصرية للكتاب، وكانت مناظرة بين الدكتور محمد عمارة والدكتور فرج فودة حول تنظيم النسل، وكان الأخير يتبنى الدعوة لتنظيمه أو تحديده، وبعد المناظرة وأمام القاعة بدأت مذيعة بالتلفزيون المصري حواراً مع المتحدثين كل على حدة!

سألت المذيعة صديقي الدكتور فرج فودة إن كان له أبناء فأجاب: أربعة، فسألته ولماذا لم ينظم هو نسله، ولأول مرة أشاهده متلعثماً وهو حاضر البديهة متوقد الذهن، وإن أخفى تلعثمه بابتسامته الخجلى، وأجابها: لقد كان هذا زمان. ولم تسأله المذيعة لقد كانت الدعوة لتنظيم النسل من زمان أيضاً!

السيسي الذي أدهشه عدم التزام المصريين بدعوة الدولة، يمكنه أن يجيب على سؤال: لماذا يتمرد المصريون على دعوة أطلقتها الدولة؟ لأن لديه أربعة أبناء، ودعوة الدولة لتنظيم النسل، بدأت قبل زواجه بسنوات طويلة وعلى لسان الرئيس الخالد، واستمرت بعده، وقد تزوج في عهد السادات الذي كان يواصل المسيرة لتنظيم النسل، نظراً لتواضع إمكانيات الدولة، ولا أعرف إن كان الملك فؤاد ونجله قد دعيا إلى ذلك أم أنه أمر ارتبط بالحكم العسكري؟!

لا أظن أن المصريين يتمردون على دعوة الدولة كما تمرد الجنرال، غير أن الدولة نفسها هي التي تغير مفهومها عن تنظيم النسل، ففي فترة قالت بالاكتفاء بثلاثة أبناء، وبعد فترة قالت: اثنان، وبعض الدعوات تقول بواحد وكفى!

الثورة فيها سم قاتل:

ومهما يكن، فعملية إرجاع ثورة يناير إلى زيادة النسل هو ربط تعسفي، لكن الجنرال يريد أن يدفع عن نفسه الفشل، فاذا استقر في وجدان الناس أنه فاشل، فإن الثورة فيها سم قاتل، لقد خسرت مصر بسببها 400 مليار دولار، أي أن الأوضاع ستنتقل من سيئ الى أسوأ، وبالتالي عليهم الرضا بالمكتوب، وباعتباره هو المكتوب على الجبين!

واستدعاء ثورة يناير الآن يؤكد أنه يرى من البعد شجراً يمشى، لهذا فالجوقة من الإعلاميين عزفوا نفس اللحن، وذكروا المصريين بالإخوان، وهو استدعاء قسري آخر، مع أن الإخوان يضعون أيديهم في الماء البارد، وتوقفوا عن أي فعل، ومنذ ثماني سنوات وهم في حالة استسلام كامل لمصيرهم!

الاستدعاء القسري للإخوان قد لا يكون المقصود به العامة بشكل عام، ولكن هو تخويف لدوائره والذين يستفيدون من حكمه، بأن البديل له لن يكون سوى الإخوان، الذين سيعودون للانتقام!

هو قلق وهم قلقون، وكل يعبر عن قلقه حسب رؤيته، وعلى مدى اليومين السابقين عبر عمرو أديب عن قلقه وقلق دوائر في الحكم، ومحذرا من القادم لأنه -حسب رأيه- هو الأسوأ، ولا بديل عن انتخابات رئاسية تعددية نزيهة!

لم نعد نحن هذا الجائع الذي يحلم بسوق الخبز، فقد سلمنا راية الأحلام لفريق من مؤيديه أو الذين كانوا من مؤيديه ويخشون الآن من هذا القادم، حد تصورهم أن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة، وستتم الاستجابة للضمانات المطلوبة، بما فيها الحضور الدولي، لكن لن يعلن هذا حتى لا يغامر أقوياء بخوضها، والترتيبات ستكون بعد غلق باب الترشيح، فلما سمعت هذا الرأي قلت إن القوم يتسيّرون.. أي يذكرون سيرتنا زمن الانقلاب يترنح!

وكما أني لم أردد الانقلاب يترنح، فلا يمكنني تصديق هذه التصورات، بل لا أسلم بتخمين أن ثورة قد تخرج مرة ثانية في الأمد المنظور.

وددت لو يمكنني أن أبث الطمأنينة في قلب الجنرال.. لكنه أبداً لا يطمئن!

twitter.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السكانية الاقتصادية السيسي اقتصاد السيسي معيشة السكان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ثورة ینایر إن کان

إقرأ أيضاً:

توكل كرمان: من يحاولون تشويه مسار ثورة 11 فبراير يسعون لتبييض صفحة النظام الساقط

قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إن من يحاولون التلاعب بالحقائق وتشويه مسار ثورة 11 فبراير الشبابية السلمية يسعون إلى تبييض صفحة النظام الساقط، (نظام علي عبدالله صالح).

 

وأضافت كرمان في خطاب لها بمناسبة الذكرى الرابعة عشر للثورة إن الحملة على ثورة 11 فبراير تهدف لتبرئة الدور الإقليمي المشبوه للسعودية والإمارات في اليمن.

 

وأكدت أن قوى الثورة المضادة استثمرت في الفوضى واستغلتها لإعادة إنتاج نفوذها، مشيرة إلى أن الحملات ضد ثورة فبراير وقواها محاولة لتبرئة الانقلاب الكهنوتي، وتبرئة الدور الإقليمي المشبوه.

 

واردفت "من يريدون الرياض وأبو ظبي حليفتين لاستعادة الدولة في اليمن يبيعون الوهم".

 

وأشارت إلى أن التحالف العربي الذي قادته السعودية والإمارات أوغل في شرذمة قوى الشرعية والتحكم بها واستخدمها ضد أهداف اليمنيين. وقالت إن "عدونا الإمامة الحوثية التي تواصل نهجها المعادي لشعبنا في مناطق سيطرتها، فالمليشيا اختارت خيانة الوطن والشعب وجرت البلد إلى مستنقع الحرب والتمزيق".

 

واستدركت "مليشيا الحوثي اختارت خيانة الوطن والشعب وجرت البلد إلى مستنقع الحرب والتمزيق".

 

وذكرت كرمان أن الشعب يقف وحيدا أعزل في مواجهة تجبر الإمامة وسياساتها الهادفة لإذلاله وإفقاره، مؤكدة أن الشعب اليمني لن يرضخ للإمامة ولن يقبل بتمزيق اليمن من قبل دول خارجية.

 

وتابعت "من يحكمون اليمن اليوم لا يقلون ضررا عن سلطة الحوثيين وأصبحوا أدوات للخارج، فالشرعية بكل مكوناتها ارتهنت للخارج وتخلت عن مسؤولياتها تجاه شعبها".

 

وعن المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا قالت كرمان إن "الانتقالي مكشوف أمام الجنوبيين قبل الشماليين ويتحمل مسؤولية تحوله إلى أداة لتقسيم اليمن وتعمل ضد اليمنيين".

 

وقالت "لم يعرف التاريخ قيادة تدعي أنها تمثل بلدا وتسيطر على 80% من أراضيه بينما تقيم خارجه".لافتة إلى أن هناك فجوة عميقة بين الشعب ومسؤولي الشرعية.

 

واتهمت الناشطة كرمان مسؤولي الشرعية بالإمعان في الإضرار بالشعب وقضيته ومعيشته.

 

وأردفت "كلما أوغل أعداء ثورة فبراير وزادت حملتهم ضدها زاد ايماننا بقضيتنا العادلة، فاليمنيون لن يرضوا أن يحكمهم الفساد والطائفية وقوة تعمل خارج الدولة".

 

وأكدت كرمان بالقول "نحن في اليمن ماضون في درب ثورتنا حتى تحقيق أهدافنا في تحرير اليمن، وانتصار الثورة السورية هو انتصار للجميع ودليل أن إرادة الشعوب لا تموت وأن الظلم إلى زوال".

 

وزادت "اليمنيون لن يرضخوا لأي قوة خارجة عن الدولة تسعى لفرض سيطرتها على رقابهم، وسيواصلون نضالهم من أجل الكرامة ولن تكون مليشيا الحوثي سوى ريح عابرة".


مقالات مشابهة

  • مجلس شباب الثورة يحتفي بذكرى ثورة 11 فبراير في مأرب
  • حميد الأحمر يسلط الضوء على ثورة فبراير ويكشف عن أفضل رئيس وزراء لليمن
  • مسيرة في تعز بذكرى ثورة فبراير وتأكيد على استكمال تحقيق أهدافها
  • ثورة ١١ فبراير… من مبادئ الجمهورية انطلقت ولأجل مكتسباتها اندلعت  
  • 11 فبراير.. 14 عاماً من النكبة ودمار الدولة وأحلام اليمنيين
  • في ذكراها الرابعة عشرة…شباب ثورة فبراير يجددون التمسك بمبادئها ويتعهدون بتحقيق كامل أهدافها  
  • 14 عاماً على ثورة 11 فبراير اليمنية... تغيير لم يكتمل
  • توكل كرمان: من يحاولون تشويه مسار ثورة 11 فبراير يسعون لتبييض صفحة النظام الساقط
  • مجلس شباب الثورة: 11 فبراير لم يكن مشروعا عائليا ولا مناطقيا بل مشروع وطني مستمر والاستبداد إلى زوال مهما طال أمده
  • سليمان وهدان: زيادة الحد الأدنى للأجور نقلة نوعية لتحسين معيشة المصريين