اصطدمت جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاستغناء عن هيمنة الدولار الأمريكي بعقبات فاقمتها العقوبات الغربية الكبيرة على روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا منذ فبراير (شباط) عام 2022.

وبحسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية، لا تزال مليارات الدولارات من أرباح مبيعات النفط الروسي عالقة في البنوك الهندية، ما يمثل ضربة لمحاولات بوتين لوقف استخدام الدولار الأمريكي في التجارة.


ويتم عادة تداول السلع مثل النفط والذهب والقمح في جميع أنحاء العالم بالدولار الأمريكي، العملة الاحتياطية في العالم. نتائج عكسية وقالت المجلة الأمريكية: "كان النظام المالي الروسي معزولاً بشكل أساسي بسبب العقوبات الغربية التي فرضت بعد قرار بوتين بدء الحرب في أوكرانيا، مما جعل بلاده غير قادرة على إجراء المعاملات بالدولار، وبالتالي الحد من التجارة".
وأضافت "حاول بوتين الالتفاف على ذلك من خلال بيع النفط لدول مثل الصين والهند بعملتيهما المحليتين، اليوان والروبية على التوالي، مما أثار مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تقويض قوة الدولار الأمريكي في الخارج".

#روسيا والصين تتخليان عن الدولار في التعاملات الاقتصادية https://t.co/uZMan9sNwm

— 24.ae (@20fourMedia) September 9, 2023 وتابعت "مع ذلك، يبدو أن المحاولات الأخيرة لإلغاء اعتماد التجارة الثنائية مع الهند بالدولار قد أدت إلى نتائج عكسية على موسكو".
وأصبحت روسيا واحدة من أكبر موردي النفط للهند وحققت مبيعات بمليارات الدولارات، وقد أدى ذلك إلى تراكم ما يصل إلى مليار دولار شهرياً من أصول الروبية في البنوك الهندية التي لا يمكن الوصول إليها بسبب القيود التي يفرضها بنك الاحتياطي الهندي". قوة الدولار وقال الخبير الاقتصادي تيموثي آش، إن "الحرب في أوكرانيا والعقوبات التي فُرضت بعد ذلك على روسيا أعادت التأكيد على قوة الدولار.
وأضاف "ببساطة لا يوجد حل سريع لروسيا والصين وآخرين، في حين لا يزال الأمر على مستوى العالم هو الدولار الأمريكي، أعتقد أن روسيا تكتشف فقط سبب ثقة الجميع بالدولار، فهو قابل للتحويل بحرية، في حين أن الروبية ليست كذلك".
وبحسب أديتيا بهان الباحث من مؤسسة أوبزرفر، فإن الهند تدير حساب رأس مال قابل للتحويل جزئياً، وهو ما يستلزم إمكانية مبادلة الروبية الهندية بالعملات الأجنبية والعكس".

توسعة بريكس.. مرحلة اقتصادية جديدة تهدد الدولار https://t.co/wHc6V63y9B pic.twitter.com/13L17fneLd

— 24.ae (@20fourMedia) August 24, 2023 وتشكل المخاوف بشأن استقرار سعر الصرف العقبة الرئيسية وراء إحجام الحكومة الهندية عن جعل الروبية قابلة للتحويل بالكامل.
وأضاف "تشكل الأسعار المستقرة الشرط المسبق الأكثر أهمية لتدويل العملة، وهناك مصدر قلق آخر يتمثل في أن تدويل الروبية الهندية قد يحد من قدرة بنك الاحتياطي الهندي على إدارة المعروض النقدي المحلي والتأثير على أسعار الفائدة وفقاً لظروف الاقتصاد الكلي السائدة".
ونتيجة لهذه القيود، قد يتم احتجاز ما يصل إلى 39 مليار دولار في حسابات البنوك الهندية.
خيارات ضيقة وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مايو (أيار) الماضي: "هذه مشكلة، نحن بحاجة إلى استخدام هذه الأموال، ولكن يجب تحويل هذه الروبيات بعملة أخرى، وهذا قيد المناقشة الآن".
وبحسب المجلة الأمريكية، في شهر سبتمبر (أيلول)، بدا أن لافروف يعترف بأن موسكو قد تخلت عن إنقاذ مخزونها من الروبية الذي تبلغ قيمته المليارات من الهند.
وقالت إن "الخيار الوحيد المتاح أمام روسيا لاستخدام هذه الأموال في الوقت الحالي يتلخص في إنفاقها أو استثمارها في الهند، ولكن هناك علاقة تجارية غير متوازنة بين نيودلهي وموسكو، حيث تبيع الهند القليل لروسيا".

#بريكس.. خطوة إضافية نحو عالم متعدد الأقطاب وإنهاء نفوذ الدولار #تقارير24https://t.co/mQrnvIUk7K pic.twitter.com/Hybtec09HB

— 24.ae (@20fourMedia) August 21, 2023 وأضافت "إلى جانب النفط، تعد روسيا واحدة من أكبر موردي الأسلحة والمعدات العسكرية للهند. وفي الفترة بين أبريل (نيسان) 2022 وفبراير (شباط) 2023، وصلت واردات الهند من روسيا إلى 41.56 مليار دولار، بما في ذلك زيادة بأكثر من 900% في واردات النفط الخام على أساس سنوي، وفي الوقت نفسه، بلغت صادراتها إلى روسيا 3 مليارات دولار فقط".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية روسيا بوتين الدولار الدولار الأمریکی

إقرأ أيضاً:

بوتين يسعى لنظام عالمي جديد يخدم مصالح روسيا

يسعى بوتين إلى إعادة تشكيل النظام العالمي وفق رؤية تخدم مصالح موسكو، مستنداً إلى تحالفات جديدة ومنطق القوة بدلاً من مبادئ القانون الدولي، في محاولة لإعادة توزيع النفوذ بين القوى الكبرى.

الأمم المتحدة والقوى الغربية تعجز عن ردع الهجوم الروسي أو فرض سلام عادل ودائم

وتقول الباحثة الأوكرانية الدكتورة ليسيا بيدوتشكو، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية إن الحكومة الروسية والدعاية الرسمية تروجان بشكل نشط لفكرة ضرورة إعادة تقسيم العالم بين روسيا والصين والولايات المتحدة، وذلك على خلفية الذكرى السنوية لمؤتمر يالطا عام 1945.

As long as the Kremlin can recruit at least as many troops as it is losing, Russia’s leadership will continue its “special military operation” in Ukraine. https://t.co/NDuLQC2g1A

— National Interest (@TheNatlInterest) February 15, 2025 النظام الدولي

وتضيف بيدوتشكو وهي أستاذة مساعدة في العلوم السياسية في أكاديمية كييف موهيلا بأوكرانيا، إن هذا العام يصادف الذكرى الثمانين للمؤتمر التاريخي الذي اجتمع فيه قادة الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل وجوزيف ستالين، للتفاوض حول النظام الدولي بعد الحرب.

إلا أن هذا النظام شهد تحولات جوهرية، لا سيما بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وما تبعه من اندماج دول أوروبا الشرقية في المنظومة الأطلسية، وهي الدول التي كانت سابقاُ جزءاً من الاتحاد السوفيتي أو ضمن دائرة نفوذه.

وتقول بيدوتشكو إن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 أصبح نقطة تحول مفصلية في تفكك نظام يالطا بوتسدام، حيث شكل إشارة إلى عودة سياسة القوى العظمى ورفض الأعراف الدولية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية.

The Russian military, paramilitary units, and pro-Russian separatist forces average 1,500 losses every day. https://t.co/UcrGa9aQRh

— National Interest (@TheNatlInterest) February 12, 2025

وبمناسبة هذه الذكرى، كتب وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها على منصة إكس: "قبل 80 عاماً، تم تشكيل النظام العالمي ومناطق النفوذ في يالطا. واليوم، يريد بوتين يالطا جديدة وحدوداً جديدة ومناطق نفوذ جديدة. ومن أجل عالم آمن، يجب رفض مطالب المعتدي غير الشرعية. ويجب إجباره على السلام العادل بدلاً من ذلك".

وبعد 80 عاماً على مؤتمر يالطا، ينظر العالم إلى إرثه بطرق متباينة جوهرياً. فبالنسبة للغرب، يمثل المؤتمر تسوية ضرورية لكنها معيبة وضعت أسس التعاون الدولي. أما بالنسبة لروسيا، فهو أداة تستخدمها لتبرير طموحاتها الإمبريالية الجديدة.

وأسس مؤتمر يالطا فبراير (شباط) 1945 ومؤتمر بوتسدام 17 يوليو (تموز) إلى  2 أغسطس (آب) 1945 الإطار الجيوسياسي للنظام الدولي ما بعد الحرب العالمية الثانية.

Latest Defence intelligence update on the situation in Ukraine - 05 February 2025.

Find out more about Defence Intelligence's use of language: https://t.co/3ST7zKvsYL #StandWithUkraine ???????? pic.twitter.com/eKz8bGrk72

— Ministry of Defence ???????? (@DefenceHQ) February 5, 2025 آلية الأمن الجماعي

وقد كرس المؤتمران أولاً تقسيماً فعلياً لمناطق النفوذ، حيث خضعت أوروبا الشرقية للسيطرة السوفيتية، بينما تحالفت أوروبا الغربية مع الولايات المتحدة وحلفائها. ثانياً، وضع المؤتمران أسس إنشاء الأمم المتحدة كآلية للأمن الجماعي وحسم النزاعات.

ثالثا، أطلق المؤتمران عمليات نزع السلاح واجتثاث النازية، وكان أبرزها تقسيم ألمانيا وإعادة هيكلتها لمنع أي عدوان مستقبلي. لكن استقرار نظام يالطا بوتسدام بدأ يتآكل تدريجياً مع نهاية الحرب الباردة. وأدى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 إلى تفكيك النظام العالمي ثنائي القطب، مما جرد موسكو من هيمنتها على أوروبا الشرقية.

وسعت الجمهوريات السوفيتية السابقة والدول التابعة للاتحاد السوفيتي إلى الاندماج في المنظومة الأوروبية الأطلسية، مما أضعف بشكل أكبر نفوذ روسيا في مرحلة ما بعد يالطا.

وتقول بيدوتشكو إنه بين عامي 1999 و 2004، شهد حلف الناتو والاتحاد الأوروبي توسعاً كبيراً بضم أعضاء سابقين في حلف وارسو وجمهوريات سوفيتية سابقة، مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا والمجر والتشيك، ما عزز ارتباط هذه الدول بالبنى الأمنية والاقتصادية الغربية.

وأدى انضمامها إلى الناتو والاتحاد الأوروبي إلى إضعاف نفوذ روسيا بشكل حاسم، مما شكل تحدياً لطموحاتها الجيوسياسية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. وفي عام 2008، غزت القوات الروسية جورجيا بحجة حماية الانفصاليين الموالين لروسيا في إقليم تسخينفالي، المعروف روسيا باسم أوسيتيا الجنوبية، من سيطرة تبليسي. واعتبر هذا التدخل العسكري تحدياً مباشراً لمبدأ سيادة الدول الذي ساد بعد الحرب الباردة.

ثم في عام 2014، ضمت روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني، في انتهاك صارخ لمبدأ سلامة الأراضي، مما جسد انهيار التوافق العالمي الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية. وأدى الاستيلاء غير القانوني على القرم والحرب الشاملة ضد أوكرانيا لاحقاً إلى القضاء نهائياً على التفاهمات الكبرى التي كانت تهدف إلى منع اندلاع الحروب في أوروبا.

???????????????????? REPORT: BBC has confirmed that 90 THOUSAND Russian troops have DIED in the Ukraine War.

UKRAINE has suffered nearly 1 MILLION losses. pic.twitter.com/fUB5SiuSHm

— Legitimate Targets (@LegitTargets) January 27, 2025 المؤسسات الدولية

وكشفت هذه الأحداث أيضاً عن محدودية المؤسسات الدولية، مسلطة الضوء على عجز الأمم المتحدة والقوى الغربية عن ردع العدوان أو فرض سلام عادل ودائم. وتقول بيدوتشكو إنه لطالما استدعت الدولة الروسية ونخبها السياسية إرث مؤتمر يالطا لتبرير طموحاتها الجيوسياسية المعاصرة.

وعلى سبيل المثال، في يونيو (حزيران) 2020 وبمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لـ"النصر العظيم" للاتحاد السوفيتي، كتب فلاديمير بوتين: "إن التحريف التاريخي الذي نشهده حالياً في الغرب، وخاصة فيما يتعلق بالحرب العالمية الثانية ونتائجها، يشكل خطراً لأنه يشوه بشكل ساخر المبادئ التي أرستها مؤتمرات يالطا وسان فرانسيسكو عام 1945 لتحقيق التنمية السلمية. وكان الإنجاز التاريخي الأساسي ليالطا والاتفاقيات الأخرى في تلك الحقبة هو إنشاء آلية تسمح للقوى الكبرى بحل خلافاتها في إطار الدبلوماسية".

وبعد أقل من عامين على استحضاره "إطار الدبلوماسية"، شن فلاديمير بوتين حرباً شاملة على أوكرانيا. وكان قبل ذلك بـ6 سنوات ضم شبه جزيرة القرم وأشعل حرباً في شرق أوكرانيا، وهي الأحداث التي شكلت الانهيار الحاسم لنظام يالطا بوتسدام.

وتزعم الدعاية الروسية أن الغرب، وليس موسكو، هو من انتهك "روح يالطا" عبر توسيع حلف الناتو و"تقويض" أمن روسيا. ووفقاً لهذا السرد، فإن مؤتمر يالطا قد أضفى الشرعية على سيطرة موسكو على الجمهوريات السوفيتية السابقة، بينما اعتبرت دمقرطتها وانخراطها مع الغرب تدخلاً غير مشروع.

وفي عام 2023، أعلن المسؤولون في شبه جزيرة القرم أن القرم مرة أخرى "مركز السياسة العالمية"، فيما تكهنت وسائل الإعلام المحلية بإمكانية عقد مؤتمر يالطا حديث. وبدأت تظهر مقالات بعناوين مثل "مؤتمر يالطا 2 هل يمكن للقرم أن توقف إراقة الدماء من جديد"؟، مما عزز السردية التي يروج لها الكرملين  ووفقاً لموسكو، حان الوقت لـ"يالطا2".

Although the North Korean troops were highlighted as a decisive escalation in the conflict, their performance appears to have fallen well short of expectations. https://t.co/JLJEUbPFlw

— National Interest (@TheNatlInterest) February 3, 2025

وصرح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا مستعدة لعقد مثل هذه القمة، ولكن بشرط أن يكون اثنان من القوى الثلاث الكبرى على الطاولة مناهضين للغرب. ففي قمة "يالطا2" المتخيلة، تحل الصين محل بريطانيا العظمى، لتتحالف مع روسيا ضد الولايات المتحدة.

ووضع مؤتمر يالطا عام 1945 الأساس للقانون الدولي الحديث، ومع ذلك فإن روسيا، من خلال ضمها غير القانوني لشبه جزيرة القرم، تجاهلت علناً المبادئ ذاتها للقانون الدولي التي ساهمت سابقاً في ترسيخها.

وبدلاً من الاعتراف بهذا الانتهاك، سعت موسكو باستمرار إلى إعادة كتابة التاريخ، محملة الغرب مسؤولية عدوانها، وملقية باللوم على الولايات المتحدة وحلف الناتو بزعم أنهما "استفزاً" روسيا.

ويبدو أن الكرملين يترقب صفقة جيوسياسية على غرار يالطا، صفقة تخدم مصالحه عبر اتفاق قوي بين القوى الكبرى. فمن منظور موسكو، لن يقتصر تأمين مثل هذا الاتفاق على إضفاء الشرعية على توسعاتها الإقليمية فحسب، بل سيعزز أيضاً فكرة أن النظام العالمي يحدد عبر القوة العسكرية والنفوذ السياسي، وليس من خلال مبادئ السيادة وتقرير المصير. وباختصار، تسعى روسيا إلى صياغة عالم تحدد فيه القوة العسكرية والمصالح السياسية مصير الأمم، بدلاً من القانون الدولي.

مقالات مشابهة

  • بوتين يسعى لنظام عالمي جديد يخدم مصالح روسيا
  • الهند ترفع واردات النفط والغاز الأميركية لتجنب الرسوم الانتقامية
  • تحليل-اضطرابات في سوق النفط بعد عقوبات أمريكية جديدة على روسيا
  • بيان مشترك: الولايات المتحدة ستتصدر مورّدي النفط للهند
  • تركيز على قطاع النفط.. «ترامب ومودي» يتفقان على إطلاق أعظم «طرق التجارة» بالتاريخ!
  • ترامب يهدد "الصديق العظيم" برسوم إضافية على السلع الهندية
  • واشنطن تتجه لتزويد الهند بمقاتلات "إف-35" وزيادة صادرات النفط والغاز
  • ترامب يشيد بمودي ويحذر من رفع الرسوم على السلع الهندية
  • الهند ترحب بخطوات ترامب لاستعادة السلام بين روسيا وأوكرانيا
  • ترامب: الهند ستشتري النفط الأمريكي وسأناقش مع مودي موضوع التجارة