رأي الوطن : جهود القطاعات للوصول إلى الحياد الصفري
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
تُعدُّ سلطنة عُمان من الدوَل القليلة حَوْلَ العالَم التي ربطت توجُّهها نَحْوَ تحقيق التنمية الشَّاملة بالبُعد البيئي؛ وذلك إيمانًا مِنْها بالمسؤوليَّة الجماعيَّة العالَميَّة لحفظ البيئة وصون مفرداتها، وحماية حقِّ الأجيال القادمة. لذا حرصت منذ انطلاق نهضتها المباركة على أنْ يكُونَ الاهتمام بالبيئة وحمايتها ثقافة اجتماعيَّة راسخة، وحرصت على الاعتناء بالأولويَّة البيئيَّة عِنْد وضع السِّياسات والخطط والبرامج التنمويَّة، حتَّى لا يطغى سَعْيُها التنمويُّ على البُعد البيئيِّ مثلما حدَث في تجارب دوليَّة عدَّة، أدَّت لِمَا نعانيه الآن من معضلات بيئيَّة أبرزها الاحتباس الحراريُّ، الذي باتَ يُشكِّل خطرًا وجوديًّا نتيجة إهمال البيئة والجور على الموارد الطبيعيَّة وعدم مراعاتها منذ الثورة الصناعيَّة الكبرى وحتَّى الآن.
لقَدْ عملت السِّياسات العُمانيَّة على إقامة نظام تشريعيٍّ فاعل يحرص على الرقابة البيئيَّة تحقيقًا للاستدامة، التي تعني ضمان قدرة النظام البيئيِّ على الوفاء باحتياجات الجيل الحاليِّ والمستقبليِّ من الموارد والخدمات البيئيَّة دُونَ تخطِّي قدرته الاستيعابيَّة، والحرص على ضمان حماية التنوُّع البيولوجيِّ، والحفاظ على العمليَّات البيئيَّة ونُظُم دعم الحياة، وذلك عَبْرَ وضع توازن بَيْنَ النُّموِّ السكَّانيِّ والقدرات البيئيَّة عَبْرَ ربط بَيْنَ معدَّلات نُموِّ السكَّان وأنماط استهلاك الموارد الطبيعيَّة، والعمل على تحقيق الأمن الغذائيِّ دُونَ استنزاف تلك الموارد. ومع انطلاق تطبيق رؤية «عُمان 2040» بدءًا من الخطَّة الخمسيَّة العاشرة، حرصت سلطنة عُمان على تحقيق الخطوات تلو الأخرى لتحقيق أهداف الرؤية للاستدامة البيئيَّة، وعملت على مواجهة التحدِّيات عَبْرَ مجموعة من البرامج الاستراتيجيَّة.
وواكَبَ هذه النَّقلة الاستراتيجيَّة إعلان حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ عن الوصول للحياد الصفريِّ الكربونيِّ بحلول عام 2050، ووجَّه جلالته بضرورة اتِّخاذ الخطوات ووضع الخطط والبرامج اللازمة للوصول لهذا الهدف المُهمِّ على الصعيدَيْنِ المحلِّيِّ والعالَميِّ. ومن هذا المنطلق، يواصل البرنامج الوطنيُّ للحياد الصفريِّ في أسبوعه الثاني على التوالي جدوَل أعمال سلسلة حلقات خطط القِطاعات للوصول إلى الحياد الصفريِّ (مستهدف 2030)، حيث تشمل الحلقات مناقشة قِطاع النَّقل بجميع تقسيماته وتقنيَّة المعلومات، والتعريف بقِطاع النَّقل وتقنيَّة المعلومات والمستهدفات للوصول إلى الحياد الصفريِّ، والحقائق والمبادرات والمشروعات المعمول بها في القِطاع، وأبرز التحدِّيات والممكنات المطلوبة فيه. إنَّ إقامة هذه الاجتماعات والحلقات تهدف إلى متابعة وتنفيذ الاستراتيجيَّة الوطنيَّة للانتقال المُنظَّم للحياد الصفريِّ سعيًا للوصول إلى خطَّة تنفيذيَّة موَحَّدة، مع إضافة العديد من المشروعات لتحقيق المستهدفات المرحليَّة، حيث تسعى إلى توفير جميع الممكنات للوصول لمستهدف سلطنة عُمان نَحْوَ صفر انبعاثات بحلول 2050، وذلك عَبْرَ مشاركة واسعة من ممثِّلي الجهات المعنيَّة الحكوميَّة والخاصَّة ومجموعة من الخبراء والفنِّيين في تلك الاجتماعات التي تحرص على استكمال بقيَّة القِطاعات خلال الأسابيع القادمة، خصوصًا القِطاعات المرتبطة أكثر من غيرها بالبُعد البيئيِّ مِثل قِطاعات الصِّناعة والنفط والغاز وبعض القِطاعات الممكنة الأخرى.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: للوصول إلى تحقیق ا
إقرأ أيضاً:
تغير ألوان البحيرات في العالم.. اضطراب كبير بالنظام البيئي
على مدار الأربعين عاما الماضية، تغير لون غالبية بحيرات العالم، وفقًا لدراسة جديدة، حللت الدراسة 32 مليون صورة التقطتها الأقمار الصناعية لأكثر من 67 ألف بحيرة، ويُعتقد أن التغيرات الكبيرة في النظم البيئية للبحيرات هي السبب.
البحيرات مكونات أساسية للنظام البيئي للأرض، فهي توفر موائل للأنواع المائية والبرية، وتدعم التنوع البيولوجي، وتساعد في الحفاظ على التوازن البيئي، كما أنها ضرورية لتوفير مياه الشرب، ودعم الزراعة، والتأثير على المناخ من خلال تأثيرها على درجة الحرارة والرطوبة والعمليات الجوية.
يعد لون البحيرات مؤشرا مهما على صحتها، إذ تكشف درجاتها المختلفة عن الحالة البيئية للبحيرات والعمليات الفيزيائية والكيميائية الجارية فيها.
في دراسة نشرت بمجلة Water Resources Research، قام فريق من الباحثين بتحليل 32 مليون صورة التقطتها الأقمار الصناعية لأكثر من 67 ألف بحيرة من عام 1984 فصاعدا.
بعد مقارنة بيانات المناخ والسكان، وجد الباحثون أن 14% فقط من البحيرات المدروسة حافظت على ثبات ألوانها مع مرور الوقت.
اضطراب كبير في النظام البيئي
ويشير تغير ألوان العديد من البحيرات إلى اضطراب كبير في النظام البيئي ناجم عن تغيرات في جودة المياه، وتركيزات الطحالب، وتدفق المواد العضوية المذابة، وعوامل أخرى مساهمة.
ووفقًا لتشنج دوان، الباحث في الجغرافيا الطبيعية بجامعة لوند: “تُظهر نتائجنا وجود علاقة قوية بين تغيرات ألوان البحيرات وتغير المناخ والتأثير البشري، وقد اكتشفنا أن 60% من البحيرات شهدت تغيرات ملحوظة في ألوانها”.
ألوان البحيرات تختلف باختلاف موقعها
تختلف ألوان البحيرات باختلاف موقعها، تتواجد البحيرات الزرقاء بشكل رئيسي في المناطق الواقعة على خطوط العرض الشمالية، بينما تكثر البحيرات الخضراء في المناطق المكتظة بالسكان الواقعة على خطوط العرض الوسطى، مثل جنوب أوروبا، أما البحيرات المائلة إلى الحمرة والأصفر فتتواجد بشكل رئيسي في نصف الكرة الجنوبي.
في الدراسة وجد الباحثون أن معظم البحيرات قد تحولت نحو أطوال موجية أقصر (نحو الأزرق) على مدى الأربعين عامًا الماضية.
وتشير البحيرة ذات اللون الأزرق عمومًا إلى مياه أكثر صفاءً، وقد تعكس حالة بيئية أكثر صحة، مع أن هذا يختلف باختلاف الخصائص الطبيعية للبحيرة ومحيطها.
ومع ذلك، فإن التغيرات الكبيرة في لون البحيرة قد تشير إلى اضطرابات بيئية، مثل زيادة الأحمال الغذائية أو عوامل أخرى تؤثر على الخصائص الفيزيائية والكيميائية الحيوية لمياه البحيرة. وكانت الاختلافات بين المناطق ملحوظة.
يقول دوان: “أظهرت البحيرات في مناطق خطوط العرض العليا، مثل أمريكا الشمالية وشمال أوروبا، تغيرًا أكثر وضوحًا في اللون مقارنةً بتلك الموجودة عند خط الاستواء وفي نصف الكرة الجنوبي، لا نعرف سبب ذلك تحديدًا، يشير هذا التباين الإقليمي إلى أن تغير المناخ والنشاط البشري يؤثران على النظم البيئية بطرق معقدة ومحلية.
رسم خرائط عالمية لألوان البحيرات
من خلال رسم خرائط عالمية لألوان البحيرات، تُسلّط الدراسة الجديدة الضوء على كيفية تأثير تغيّر المناخ والنشاط البشري على النظم البيئية للبحيرات، مما يُؤثّر بشكل كبير على إنتاج الغذاء وإمدادات المياه والترفيه، إن فهم هذه التغييرات يُساعد المجتمعات وصانعي السياسات على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن إدارة موارد المياه والحفاظ عليها وحماية البيئة.
وعلاوة على ذلك، تظهر الدراسة كيف يمكن للاستشعار عن بعد المستند إلى الأقمار الصناعية أن يكون أداة قابلة للتطوير وفعالة من حيث التكلفة لرصد التغير البيئي بمرور الوقت، وهو أمر بالغ الأهمية للتنمية المستدامة في عالم سريع التغير.
ويقول دوان: “إن النهج القائم على الاستشعار عن بعد يقدم حلاً لمراقبة جودة المياه والاستقرار البيئي على المدى الطويل، ما يسمح بالتدخل المبكر”.