"الأسعار ترتفع مرة أو مرتين في اليوم، وأحيانا يصلنا تحديث كل ساعة"، هكذا وصف الشاب، أحمد عبد الغفار، الذي يعمل في متجر بقالة (سوبر ماركت) بالعاصمة المصرية القاهرة، موجة الغلاء التي تجتاح البلاد بلا هوادة.

وقال الرجل البالغ من العمر 35 عاما في حديثه لموقع قناة "الحرة"، إن "كثيرا من الناس يعزفون عن الشراء، عندما يدركون أن الأسعار ارتفعت"، مردفا: "ومع ذلك، هناك آخرون يشترون".

في مصر، وصل معدل التضخم السنوي إلى 39,7 بالمئة في أغسطس، وفق ما أظهرت أرقام رسمية، الأحد، وهو مستوى قياسي جديد، وسط معاناة البلد من أزمة اقتصادية خانقة.

وأفاد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بارتفاع سنوي بنسبة 71,9 بالمئة في أسعار المواد الغذائية، و15,2 بالمئة بالنسبة لأسعار النقل، و23,6 بالمئة لأسعار الملابس.

"أعلى من قدرة الناس على الشراء"

وفي حديثه لموقع "الحرة"، قال الخبير الاقتصادي المصري، ممدوح الولي، إن "الأسعار أعلى من القدرة الشرائية للناس"، لا سيما "المواد الغذائية الأساسية، التي ارتفعت بشكل غير مسبوق"، على حد وصفه.

وتعيش مصر أزمة اقتصادية تفاقمت منذ العام الماضي، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وسط نقص في احتياطي العملة الصعبة، وارتفاع التضخم، وفقدان الجنيه لأكثر من نصف قيمته مقابل الدولار الأميركي خلال عام واحد.

وكان معدل التضخم السنوي في مصر قد سجل مستوى قياسيا في يونيو، حين بلغ 36,8 بالمئة، مدفوعا بغلاء أسعار المواد الغذائية.

وقال عبد الغفار، إن "كل السلع تقريبا تشهد ارتفاعا في الأسعار، وفي المقابل تبقى الأجور على ما هي عليه"، مضيفا: "ما كنا نشتريه بـ 10 أو 12 جنيها، أصبحت قيمته 25 و30 جنيها".

وأضاف: "أصبحنا نوازن بين الكمية والسعر، بحيث نقلل من الكميات حتى نستطيع الشراء".

وتذهب، رندا البنا، وهي شابة مصرية من محافظة بور سعيد، في الاتجاه ذاته، بقولها إن "الناس أصبحت تشتري كميات أقل من المواد الغذائية الأساسية".

وأضافت لموقع "الحرة": "الزيادات كانت مفاجأة.. كل شيء ارتفع.. من الأكل إلى الدواء ومصاريف المدارس. بعض الزيادات تصل إلى 50 بالمئة".

وضربت مثالا بـ "كيلو الطماطم الذي كنا نشتريه الشهر الماضي بـ 10 جنيهات، وصل الآن إلى 20 جنيها".

ورأت البنا أن غلاء الأسعار "يؤثر بشكل كبير على المجتمع المصري، حيث كثير من الناس لا يجدون أعمالا". وتابعت: "هناك مرضى لا يجدون أدويتهم، وإن كانت متوفرة فإن أسعارها ارتفعت إلى حد كبير".

"مسؤولية تائهة"

ومنذ عام 2017، حصلت مصر على 4 قروض من صندوق النقد الدولي لمواجهة النقص في الدولار ودعم الموازنة، لكن ما زالت مؤشرات التعافي من الأزمة الاقتصادية سلبية.

وكان آخر هذه القروض العام الماضي، حين وافق الصندوق على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، حتى يتاح للحكومة المصرية تأمين مصادر تمويل أخرى، أبرزها من البلدان الخليجية، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

ويفتح ارتفاع الأسعار على المواطن المصري باب التساؤلات بشأن إمكانية حدوث رد فعل شعبي، أو اضطرابات اجتماعية، كان الرئيس، عبد الفتاح السيسي، قد لمح إليها خلال وقت سابق من العام الجاري.

وفي يونيو الماضي، وبينما لا يزال صندوق النقد الدولي ينتظر من مصر أن تسمح بسعر صرف مرن للجنيه مقابل الدولار الأميركي لتمرير قرضه الجديد، قال السيسي إنه "لا يمكن تحرير سعر صرف العملة المحلية، إذا كان نتيجة مثل هذه الخطوة تعريض الأمن القومي وحياة المواطنين في البلاد للخطر".

وأضاف السيسي آنذاك: "نحن مرنون فيما يخص سعر الصرف، لكن حينما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي، وأن الشعب المصري يضيع.. لا لا لا"، في إشارة إلى مطالب صندوق النقد التي من بينها أيضا خصخصة العديد من الشركات العامة.

وفي هذ السياق، قال الولي إن الأزمة "المستمرة منذ سنوات"، لها "آثار متعددة، والحلول الجزئية لم تعد تجدي نفعا مع تفاقم المشكلة الاقتصادية".

وانتقد الحكومة في التعامل مع الأزمة، قائلا: "لا يوجد قيادات اقتصادية تقود ملف الأزمة منذ تولي السيسي للسلطة"، مشيرا إلى أن "المسؤولية تائهة" فيما يتعلق بهذا الملف. 

"تداعيات خطيرة"

عضو مجلس النواب المصري السابق، عماد جاد، تحدث لموقع "الحرة" عن تأثير الأزمة الاقتصادية على المجتمع المصري، ورسم "سيناريو متشائما" إلى حد بعيد.

ووصف جاد تداعيات الأزمة الاقتصادية بـ "الخطيرة" على مصر، لا سيما وأنه "لا حلول تلوح في الأفق" لهذه المشكلات التي يعاني منها المواطن البسيط.

واعتبر أن الأزمة الاقتصادية "تتفاقم بازدياد، وهذا من شأنه أن يذهب بنا لمشاكل أبعد"، مردفا: "الانفجار الاجتماعي وارد، ما لم يحدث تدخل سريع يخفض من التضخم لتهدأ الأسعار".

لكن الولي يستبعد هذا السيناريو، بسبب ما وصفه بـ "القبضة الأمنية الشديدة للدولة، على أي صوت معارض".

ولم يحدث حراك شعبي في الشارع، والنقابات لم تتحرك ولا أعضاء المجتمع المدني، لأن القبضة الأمنية شديدة"، حسبما ذكر الولي، الذي أشار إلى أن "خوف الناس يمنعهم من الاحتجاج".

وقال: "لا أتصور هناك رد فعل شعبي.. الناس تئن بصمت".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأزمة الاقتصادیة المواد الغذائیة

إقرأ أيضاً:

حلم الغناء الفاحش.. استمرار حبس عصابة التنقيب عن الآثار في بولاق أبو العلا

قرر قاضي المعارضات المختص تجديد حبس أحد الأشخاص ونجله، لاتهامهما بالحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار أسفل منزل بمنطقة بولاق أبو العلا، 15 يوما على ذمة التحقيقات.

كانت أجهزة وزارة الداخلية قد رصدت ما تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تضرر احدى السيدات من قيام بعض الأشخاص مستأجري غرفة بالعقار محل سكنها بمنطقة بولاق أبو العلا بالقاهرة، بأعمال الحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار أسفل المنزل.

بالفحص، أمكن تحديد وضبط مرتكبي الواقعة (أحد الأشخاص ونجله)، وبحوزتهما أدوات الحفر والتنقيب، وبمواجهتهما اعترفا بقيامهما بالحفر بقصد التنقيب غير المشروع عن الآثار.

وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيالهما، واخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيق.

اقرأ أيضاًجمعوهم من تجارة «الكيف».. القبض على المتهمين بغسل 50 مليون جنيه

الواقعة الغامضة.. تحقيقات موسعة في العثور على جثة شخص بـ «شقة الدقي»

مقالات مشابهة

  • حلم الغناء الفاحش.. استمرار حبس عصابة التنقيب عن الآثار في بولاق أبو العلا
  • المصري للدراسات الاقتصادية يصدر تقرير الترتيب الدولي لمصر 2025
  • الحصادي: لا بد من حل شفاف للتصدي للأزمة الاقتصادية والمالية
  • بسبب الرسوم.. «العملات المشفرة» تنضمّ لموجة هبوط الأسواق العالمية
  • ياسين السقا في مرمى الهجوم بسبب سيد الناس.. أسرته تدافع عنه
  • خسائر كبيرة في البورصات العربية والعالمية بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية
  • الشحومي: المصرف المركزي شريك في الأزمة الاقتصادية
  • حلم الثراء الفاحش.. حبس عصابة التنقيب عن الآثار داخل عقار بمنشأة ناصر
  • شريحة” لـ”حسني بي”: استبدال الدعم لن يحل الأزمة الاقتصادية بل يزيد الأعباء على الليبيين
  • الريال الإيراني يهبط لمستوى قياسي جديد مقابل الدولار