قراءة بوثائق علماء العراق قبل الاحتلال وبعده
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
من المناسب ونحن نتوقف عِنْد محطَّات مضيئة في دَوْر ومَسيرة علماء العراق أن نقلبَ صفحات تلك المحطَّات قَبل غزو العراق واحتلاله، التي أضاء جانبًا كبيرًا مِنْها الدكتور مثنى حارث الضاري رئيس القِسم السِّياسي في هيئة علماء المُسلِمين في العراق حتَّى لا يطويها النسيان؛ لأنها ـ كما يوضِّح الضاري في كتابه الموسوم (موقف علماء العراق من غزو العراق واحتلاله) الذي صدر حديثًا أنَّ الوثائق التي كشف جانبًا كبيرًا مِنْها، وسلَّط الضوء على محطَّات تاريخيَّة، كانت شاهدًا على موقف علماء العراق قَبل الاحتلال وبعده.
وتنبع أهمِّية الوثائق من كونها أبرزت دَوْر علماء العراق في رفض مبرِّرات غزو العراق واحتلاله، والموقف الوطني المسؤول الذي نهضت به هذه الشريحة من العراقيين الذين وجدوا في احتلال بلادهم مقَدِّمة لتخريب العراق، وتدمير النسيج الاجتماعي، وحاضر ومستقبل العراق، وأنَّ مخرجات الغزو والاحتلال كانت كارثيَّة وضعت العراق في الخانق الذي يتخبط به منذ احتلاله وحتى الآن.
وفي معرض إشارته إلى مقَدِّمات تشكيل رابطة العلماء العراقيين في الخارج، يقول الضاري: إنَّها كانت بداية لنهضة واصطفاف وطني جامع ضم َّنخبة من علماء العراق الذين تصدَّروا المشهد السِّياسي يشار إليهم بالبنان ـ اسمًا ومكانةً ومنصبًا ـ تنادوا للعمل والحفاظ على العراق أرضًا وهُوِيَّة، وتوافقوا على إصدار فتوى تاريخيَّة لمواجهة تداعيات الغزو والاحتلال وبما يُعزِّز من ترسيخ الموقف الوطني الجامع وتفادي آثاره الخطيرة على المُجتمع والمنطقة عمومًا.
ويكشف الضاري في معرض التوقف عِنْد مسار التحضير والإعداد لِتشكيلِ رابطة علماء العراق وأهمِّيتها في إبراز دَوْر العلماء في رفض مبرِّرات الغزو والاحتلال الذي ترافق مع صدور العديد من الفتاوى الشرعيَّة التي كانت عنوانا لاستنهاض طاقة الشَّعب والأُمَّة، لا سِيَّما وأنَّ فكرة التأسيس كانت في ظرف حسَّاس وبالغة الخطورة على العراق والأُمَّة، الأمْرُ الذي تطلَّب من نخبة من العلماء القيام بدَوْرهم الشرعي وهم يرون نازلة الغزو والاحتلال قادمة ولا مفرَّ من مواجهتها بالصبر والاستعداد، كما يوضِّح الضاري.
وحسنًا فعل الدكتور مثنى حارث الضاري عِنْدما سعَى لتوثيق مَسيرة علماء العراق وحفظ تراثهم وإبراز دَوْرهم الوطني؛ لِتطَّلعَ الأجيال على هذا الدَّوْر، وإماطة اللثام عن جوانب مضيئة في حياتهم التي ستبقى شاهدًا على دَوْر هذه النخبة من أبناء العراق الغيارى. وعِنْدما نقلِّب أوراق الوثائق التي تضمَّنها كتاب (موقف علماء العراق من غزو العراق واحتلاله) نستطيع القول إنَّها كانت مقَدِّمة ومهَّدت لِتشكيلِ هيئة علماء المُسلِمين في العراق بتاريخ 14 نيسان 2003 كرافعة وطنيَّة وامتداد لمحاولات وجهود مضنية لنخبة من علماء العراق الأجلَّاء في صدارة هذا المسعى رفع رايته الراحل الشيخ حارث سليمان الضاري، ومن بعده إخوة استلموا المسؤوليَّة ساروا على نهج ودَوْر المؤسِّس الذي وضع بصمته على مسار وهُوِيَّة وطنيَّة جامعة أثبتت أنَّها كيان كبير ومظلَّة لكُلِّ العراقيين.
أحمد صبري
كاتب عراقي
a_ahmed213@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
"الذكاء الاصطناعي وحروب الجيل الرابع" لقاء تثقيفي بمركز إعلام الفيوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظم مركز اعلام الفيوم التابع للهيئة العامة للاستعلامات لقاء تثقيفيا بالتعاون مع كلية التربية الرياضية بعنوان تعزيز الهوية المصرية.. حروب الجيل الرابع ومناهضة الأفكار الهدامة بحضور د. أشرف العباسي وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، الدكتور احمد سلامة استاذ نظم المعلومات بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي والمدير التنفيذي لشبكة معلومات جامعة الفيوم. و مشاركة لفيف من أعضاء هيئة التدريس والعاملين وطلاب الكلية.
يأتي اللقاء في إطار حرص قطاع الإعلام الداخلي بالهيئة العامة للاستعلامات بقيادة الدكتور احمد يحيى رئيس القطاع على المشاركة في فعاليات المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان المصري والاستثمار في رأس المال البشري.
وفي كلمة افتتاحية ذكرت سهام مصطفى مدير مركز اعلام الفيوم أن الهيئة العامة للاستعلامات تسعى من خلال الحملات الاعلامية إلى زيادة وعي الشباب ورفع إدراكه بالمخاطر المحيطة به في مختلف الجوانب إيماناً بتوجهات الدولة المصرية؛ نحو تطوير الإنسان، وتعزيز قدراته في جميع المجالات .
وناقش اللقاء مفاهيم الهوية الثقافية والوطنية وكيفية الحفاظ عليها، ومشكلات الغزو الثقافي، وكيفية حماية عقول الشباب، وتعزيز دور الأسرة ومؤسسات
الدولة، حيث أوضح أشرف العباسي أن هناك أهمية بالغة للعودة إلى القيم والحفاظ عليها، والتركيز على حضارتنا العريقة، خاصة في ظل وجود كثير من التحديات التي أثرت في وجهة نظر الشباب ومعتقداتهم الثقافية والفكرية، مؤكداً أنه مهما بلغت التحديات والصعوبات، التي نواجهها فإن الدولة المصرية بوزاراتها وهيئاتها المختلفة، تتعاون باستمرار من أجل ضمان غد أفضل لأبنائنا وللأجيال المقبلة قائم على أسس وجذور ومعايير تحافظ على الهوية الوطنية، وتحمي الشباب من الغزو الثقافي والأفكار الدخيلة.
وحول مفهوم الغزو الثقافي، أضاف أنه عبارة عن مجموعة السياسات والممارسات التي تنتهجها أمة بذاتها لاستهداف أمة بعينها، مشدداً على أنه أكثر خطورة من الغزو العسكري، ويستهدف القيم الوطنية، وينال من المعتقدات الدينية ويزعزع القيم والأفكار والعادات والتقاليد التي تحكم أبناء الأمة، كما يستهدف عقول الشباب من خلال الذوبان في الثقافات المختلفة والانسلاخ من الهوية الوطنية؛ وأشار أنه لحماية الشباب من مخاطر الغزو الفكري والثقافي، ينبغي أن يتعلم الشباب ويتدرب جيدًا على كيفية انتقاء العناصر التي لا تتنافى مع قيمنا الثقافية، إلى جانب أهمية دور الأسرة والدور التكاملي للمؤسسات التعليمية المختلفة بالدولة.
ومن جانبه تحدث الدكتور احمد سلامة عن الحروب السيبرانية وكيف توظف الدول التكنولوجيا في صراعاتها ،كما تطرق إلى تطور آليات الحرب النفسية نتيجة التطور التكنولوجي في طرق وأساليب الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، للعمل على هدم النظم والأسس والمبادئ التي تقوم عليها الدول بالتشكيك والشائعات، أو جذب مجموعة من الشباب بالخداع والتضليل والتلاعب بمدركاتهم، وإثارة سخطهم على الأوضاع القائمة للعمل ضد الدولة، والانتقاص من شرعية الحكومات ونظم الحكم القائمة، والتشكيك في مصداقية وسائل الإعلام التقليدية من خلال إثارة التوترات المجتمعية، والترويج للأفكار المتطرفة والهدامة، وبث الشائعات ونشر الأخبار الكاذبة التي تزداد خطورتها بالنظر إلى أن مستقبلي الشائعات الذين يساعدون على ترويجها ليسوا أعداء وإنما هم عادة، مواطنون صالحون تعرضوا للخداع، وتحولوا إلى أدوات لترديد ونشر الأكاذيب دون أن يدركوا أنهم فريسة.
وفى سياق متصل نوه سلامة الى ضرورة زيادة الوعى الإلكترونى لدى الشباب لمواجهة التحديات التى يفرضها العالم الرقمى وأيضا لمواجهة حروب الجيل الرابع والخامس، كما تحدث عن أهمية الذكاء الإصطناعى فى المستقبل واستخدامه في مجالات عديدة ، ومدي محاكاته للقدرات الذهنية للعقل البشري، ومقدرته علي الخروج ببدائل فائقة الذكاء، وغير عادية مضيفا أن استخدام الذكاء الاصطناعي يتطلب وجود بيئة فضاء معلوماتي متطورة ودفاع سيبراني محكم وقوة رقمية وأشخاص مؤهلين ذوي كفاءة عالية وتحدث أيضًا عن قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات المستمدة من منصات التواصل الاجتماعي مما يعزز القدرات العسكرية للدول .
وفي نهاية اللقاء تم فتح باب المناقشة والحوار مع الطلاب والرد على تساؤلاتهم المختلفة بهدف إثراء أفكارهم، واكد الحاضرون على أهمية مواكبة التكنولوجيات المتقدمة، وفي صدارتها؛ الذكاء الاصطناعي، بتقنياته المختلفة، داعين الطلاب لصُنع قدراتهم، وتنميتها، واستثمار هذه المستجدات التكنولوجية في التسلح بالعلوم، والمعارف؛ ليكونوا قادرين على تلبية المتغيرات الجديدة التي يقتضيها سوق العمل محلياً، وعالمياً، مدركين المخاطر المختلفة في ظل ما تشهده حدود الدولة من أحداث ملتهبة، وعدم التجاوب مع أيه محاولات لحروب الجيل الرابع من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، بالإضافة الى ضرورة الحفاظ على لغتهم العربية وهويتهم الوطنية، وزيادة الانتماء والولاء لوطنهم .
أدار اللقاء شيماء الجاحد المسئول الإعلامي بالمركز تحت اشراف سهام مصطفى مدير المركز.