يبدو أن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل "أمر محتمل بشكل متزايد، حتى لو لم يتم ذلك في المستقبل القريب"، وفقا لبول سالم الرئيس والمدير التنفيذي لـ"معهد الشرق الأوسط" (MEI) عير تحليل ترجمه "الخليج الجديد".

ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وترهن الأمر بموافقة الأخيرة على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

ومقابل صمت رسمي سعودي، تتواتر منذ أشهر تصريحات رسمية أمريكية وإسرائيلية عن أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تناقش صفقة صخمة لتطبيع محتمل للعلاقات بين إسرائيل والسعودية، التي تتمتع بمكانة دينية بازرة في العالمين العربي والإسلامي، بالإضافة إلى قدرات اقتصادية هائلة.

وقال سالم إنه "بالنسبة لإسرائيل، كان تطبيع العلاقات مع أكبر عدد ممكن من الدول العربية، هدفا استراتيجيا دائما، خاصة إذا لم تكن تل أبيب مضطرة للتخلي عن الكثير في المقابل".

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم ست دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية فإن الرياض عرضت على واشنطن إمكانية تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل مقابل قائمة مطالب سعودية.

وتلك المطالب، بحسب التقارير الإعلامية، هي توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع الولايات المتحدة والحصول على أسلحة أكثر تقدما ودعم أمريكي لبرنامج نووي مدني في السعودية، بالإضافة إلى تحركات إسرائيلية للحفاظ على احتمال إقامة دولة فلسطينية.

أما "بالنسبة للسعودية الجديدة والتنفيذ الكامل لرؤيتها 2030، فإن هذه الأهداف الطموحة تشير بقوة إلى الانفتاح على الاقتصاد الإسرائيلي"، كما أضاف سالم.

ومنذ فترة، تعمل السعودية، أكبر دولة مصدّرة للنفط، على جذب استثمار أجنبي مباشر وضخ أموال في مشروعات ضخمة بقطاعات متنوعة، بينها التكنولوجيا والطاقة المتجددة والزراعة والرياضة والسياحة والفنون.

وتهدف رؤية 2030 التنموية بالأساس إلى توسيع وتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، في ظل تقلب أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة النظيفة غير الملوثة للبيئة.

اقرأ أيضاً

إعلام عبري يكشف عن أول زيارة رسمية لوفد إسرائيلي إلى السعودية

خيارات استراتيجية

"بشكل متزايد، أصبحت هاتان القوتان (السعودية وإسرائيل) مستقلتين، وإذا حدث التطبيع، فسيكون مدفوعا بخياراتهما الاستراتيجية، وليس "صُنع في الولايات المتحدة الأمريكية"، وفقا لسالم.

وأضاف أنه "بطبيعة الحال، يرغب كلا الجانبين في التثليث مع واشنطن والحصول على أكبر قدر ممكن في هذه العملية، ولدى واشنطن مصلحة استراتيجية في أن تكون جزءا من الصفقة وهي تتطلع إليها".

وبعد توتر في العلاقات مع السعودية خيمت على بدايات فترة رئاسة بايدن (2021-)، ترغب واشنطن في إصلاح هذه العلاقات، والدفع نحو مزيد من دمج حليفتها إسرائيل مع جيرانها العرب، إلى جانب وضع حد لنفوذ الصين (منافستها الاستراتيجية) المتصاعد في الشرق الأوسط.

سالم استدرك: "لكن العقبات التي تحول دون تحقيق تقدم سريع على الجوانب الثلاثة لهذا المثلث شديدة الانحدار، فأي اتفاق يتطلب بالنسبة للسعوديين، وخاصة بالنسبة للملك سلمان، تنازلا كبيرا إلى حد ما لصالح الفلسطينيين. لكن لا يمكن تصور مثل هذا التنازل في ظل اليمين المتطرف (في إسرائيل)".

ومنذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تتولى السلطة في إسرائيل حكومة ائتلافية برئاسة بنيامين نتنياهو توصف بأنها "أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل"، لاسيما على مستوى سياساتها تجاه الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وأردف سالم أن "العلاقات الأمريكية السعودية بدأت خلال هذه الإدارة (بايدن) معادية ثم تحسنت، لكن مستوى عدم الثقة يعيق التقدم السريع. كما تواجه علاقات الإدارة الأمريكية مع الحكومة الإسرائيلية الحالية درجة عالية من عدم اليقين وعدم الاستقرار".

اقرأ أيضاً

واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟

انتخابات أمريكية

و"في حين قد يتصور المرء، أنه بجهود استثنائية من جانب الأطراف الثلاثة، ربما يمكن التوصل إلى اتفاق إطاري أو إطاري في الأشهر المتبقية قبل موسم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، فإن التوصل إلى اتفاق كامل لا يزال يبدو غير مرجح في هذا الإطار الزمني"، كما أضاف سالم.

وتُجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة في نوفمير/ تشرين الثاني 2024، على أن تبدأ الفترة الرئاسية الجديدة في يناير/ كانون الثاني 2025.

واستدرك سالم: "لكن في الإطار الزمني 2025، يبدو مثل هذا الاتفاق أكثر ترجيحا. وعلى الجانب الإسرائيلي، ونظرا لعدم استقرار السياسة الإسرائيلية، فمن المحتمل أن تكون هناك حكومة مختلفة (معتدلة)".

وزاد بأنه "في واشنطن، إما أن يفوز بايدن (ديمقراطي) بإعادة انتخابه، وسيكون لدى إدارته في ولايته الثانية الوقت لإتمام مثل هذه الصفقة، أو أن يكون (سلفه) دونالد ترامب (2017-2021) أو جمهوري آخر في البيت الأبيض، وستسعى الإدارة الجمهورية إلى تحقيق هذا الهدف".

أما "في الرياض فلن يتغير الكثير، باستثناء أن الملك سلمان (87 عاما) ربما يكون قد توفي أو تنازل عن العرش، مما يطلق يد ولي العهد (نجله الأمير محمد بن سلمان- 37 عاما) بشكل أكبر في متابعة اتفاق التطبيع"، بحسب سالم.

اقرأ أيضاً

على قطار التطبيع السعودي.. نتنياهو ينتظر من بايدن ثمن التذكرة

المصدر | بول سالم/ معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تطبيع إسرائيل الولايات المتحدة السعودية

إقرأ أيضاً:

لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين .. ماذا دار بين الرئيس السيسي وترامب؟

تقوم السياسة المصرية الخارجية على أسس قوية، حيث تدير علاقاتها الخارجية إقليميًا ودوليًا بثوابت راسخة ومستقرة، قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام، وإعلاء قواعد القانون الدولي. كما تسعى إلى تعميق العلاقات الخارجية على كافة المستويات الإقليمية والدولية.

اتصال بين الرئيس السيسي وترامب

تلقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إلى أن السيد الرئيس هنّأ الرئيس ترامب مجددًا بمناسبة توليه السلطة رئيسًا للولايات المتحدة لفترة ثانية، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة التي يتمتع بها لدى الشعب الأمريكي واعترافًا بقدراته.

كما وجّه السيد الرئيس دعوة للرئيس ترامب لزيارة مصر في أقرب فرصة ممكنة، لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتباحث حول القضايا والأزمات المعقدة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، مما يسهم في دعم استقرار المنطقة، وكذلك للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الجديد. ومن جانبه، وجه الرئيس ترامب دعوة مفتوحة إلى السيد الرئيس لزيارة واشنطن ولقائه بالبيت الأبيض.

وتناول الاتصال القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، مع التأكيد على العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين، وضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بينهما، والتعاون في مجال الأمن المائي. كما أكد الرئيسان على حرصهما على تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الاتصال شهد حوارًا إيجابيًا بين الرئيسين، بما في ذلك حول أهمية الاستمرار في تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتثبيته في قطاع غزة، الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، وضرورة تكثيف إيصال المساعدات لسكان غزة.

وفي هذا الإطار، أكد السيد الرئيس على أهمية التوصل إلى سلام دائم في المنطقة، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يعول على قدرة الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام دائم وتاريخي ينهي حالة الصراع القائمة في المنطقة منذ عقود، خاصة مع انحياز الرئيس ترامب إلى السلام، وهو الأمر الذي أكد عليه في خطاب تنصيبه بكونه رجل سلام. وشدد السيد الرئيس على ضرورة تدشين عملية سلام تفضي إلى حل دائم في المنطقة.

وفي نهاية الاتصال الهاتفي، اتفق الزعيمان على أهمية استمرار التواصل بينهما، والتنسيق والتعاون بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مع التأكيد على ضرورة تكثيف الاجتماعات بين المسؤولين المعنيين من الجانبين لمواصلة دفع العلاقات الثنائية في كافة المجالات، ودراسة سبل المضي قدمًا في معالجة الموضوعات المختلفة، مما يعكس قوة وعمق العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية.

تعيد الأمور إلى نصابها

في هذا الصدد، قال أحمد التايب، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إنه لا شك أن اتصال دونالد ترامب بالرئيس السيسي يؤكد ويعزز جهود الدولة المصرية بشأن دعم الفلسطينيين على كل الأصعدة، ودور مصر في الوقوف كحائط صد منيع ضد تصفية القضية الفلسطينية، من خلال موقف حاسم وواضح بشأن التهجير، وهو ما أكدته للعالم كله منذ اندلاع الأزمة في 7 أكتوبر 2023، وصولًا إلى قرار الرئيس السيسي أول أمس، بعد تصريحات ترامب بنقل سكان غزة إلى مصر والأردن.

وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد": "أعتقد أن الرسالة وصلت بشكل جيد للبيت الأبيض ومؤسسات الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد كلمة الرئيس السيسي بشأن تهجير سكان غزة، وبعد تأييد ودعم كل أطياف المجتمع المصري للقيادة السياسية، وكذلك بعد تظاهرات المصريين أمام معبر رفح. وبالتالي، كان لابد من حدوث هذا الاتصال، خاصة أن الولايات المتحدة تعلم ثقل مصر السياسي والاستراتيجي في المنطقة، ودورها المحوري والمركزي كقوة إقليمية كبرى."

وتابع: "غير أن مصر تمتلك من القدرات والأدوات في التعامل مع كل القضايا والمتغيرات، وفقًا لمحددات أمنها القومي، وهو ما ينعكس خلال تحركاتها الدبلوماسية والسياسية في التعامل مع كل الملفات، وهو ما تعلمه جيدًا الولايات المتحدة. إضافة إلى أن واشنطن تحرص على علاقاتها الاستراتيجية مع الدولة المصرية."

من جانبه، قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق: "إن الرئيس الأمريكي ترامب يستدعي العلاقات الاستراتيجية الهامة والمكانة التي يحظى بها الرئيس السيسي، وبالتالي قدم له دعوة مفتوحة. وبالتالي، المكالمة الهاتفية فيما بينهما تعيد الأمور إلى نصابها."

وأضاف محمد حجازي خلال مداخلة ببرنامج "الحياة اليوم" المذاع على قناة الحياة: "لم يكن منطقيًا أن تصدر مثل هذه التصريحات التي أدلى بها ترامب في توقيت شديد الحساسية، سعت فيه الدبلوماسية المصرية على مستوى القيادة والخارجية والأجهزة لصياغة اتفاق أجهزة."

ولفت السفير محمد حجازي إلى أن الرئيس السيسي أوضح موقف مصر من قضية التهجير القسري، ورغم تجاوزات الصحافة الإسرائيلية والأمريكية تجاه الدور المصري، عاد الرئيس ترامب ليعيد ثقة هذه العلاقات، والجميع يقف صفًا واحدًا ضد التهجير القسري ومع الثوابت الشرعية لحل الدولتين.

مقالات مشابهة

  • خارجية النواب: مكالمة الرئيس السيسي وترامب تعكس التعاون بين مصر وأمريكا
  • الإحتلال يكشف عن تطورات جديدة في صفقة التطبيع المرتقبة مع السعودية
  • خامنئي: غزة انتصرت على إسرائيل وأمريكا بإذن الله
  • رئيس سوريا يصل إلى السعودية في أول زيارة رسمية
  • صحيفة: ترامب ونتنياهو سيعلنان عن تقدم في التطبيع بين إسرائيل والسعودية
  • لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين .. ماذا دار بين الرئيس السيسي وترامب؟
  • معاريف: اتفاق التطبيع مع السعودية ناضج تقريبا
  • ترامب يتهم بايدن وأوباما بحادث اصطدام مروحية عسكرية بطائرة ركاب قرب العاصمة واشنطن
  • معرض الكتاب يسلط الضوء على العلاقات الثقافية بين مصر وتونس والسعودية.. صور
  • ترامب يتّهم بايدن وأوباما بخفض معايير السلامة الجوية