إسلاميو المغرب يدعون إلى التضامن صفا واحدا في مواجهة تداعيات الزلزال
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
أعلن قسم الدعوة والعمل الثقافي لحركة التوحيد والإصلاح المغربية عن حملة "شعب واحد جسد واحد" تحت شعار قوله صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" تفاعلا مع زلزال الحوز.
وتأتي هذه الحملة، وفق بلاغ صحفي صادر عن "التوحيد والإصلاح"، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية المعارض، استجابة لنداء الأخوة الإيمانية والإنسانية ونداء الوطن، والتفاعل الإيجابي مع الحدث المأسوي الذي ألم بوطننا وشعبنا، مع الانخراط الفاعل في تلبية احتياجات المصابين بما يخفف عنهم وطأة الحدث نفسيا واجتماعيا.
وتعمل الحملة على نشر تسجيلات وبطائق في مواضيع تقارب الحكمة والعبر المستفادة من الحدث، وتخفف عن المصابين نفسيا واجتماعيا، وتحفز على تقديم يد العون لهم بمختلف أشكاله، يقدمها متخصصون نفسيون ودعاة وعلماء.
وعلى إثر الزلزال الذي ضرب البلاد وخلف خسائر بشرية ومادية جسيمة، وجهت حركة التوحيد والإصلاح، نداء مستعجلا لكافة المغاربة من أجل دعم فرق الإنقاد والسلطات المعنية حسب الحاجة في كل المناطق المتضررة بكل ما ييسر تدخلها ويعينها على إنجاز عمليات الإنقاذ بالفاعلية اللازمة.
ودعت التوحيد والإصلاح في نداء لها، إلى التوجه على عجل إلى المراكز الصحية المخصصة للتبرع بالدم لفائدة ضحايا الزلزال، ومد يد العون لضحايا الفاجعة والتكافل معهم بما يقتضيه الحال من الاستعجال.
من جهته أشاد حزب العدالة والتنمية بالتعليمات الملكية لكل الجهات والسلطات المعنية بتسخير كل الإمكانات للإنقاذ ودعم المتضررين وتوفير ما يحتاجونه في هذه اللحظات العصيبة، كما حيى كافة المتدخلين من القوات المسلحة الملكية والأمن الوطني والدرك الملكي والوقاية المدنية والقوات المساعدة والسلطات المحلية والأطقم الطبية والصحية.
وثمّن "العدالة والتنمية" في بيان سابق له جميع المبادرات التضامنية التي قال بأنها تعبر عن قيم التعاون والتضامن والتآزر الأصيلة لدى المجتمع المغربي، ودعا مناضليه إلى المسارعة إلى مراكز تحاقن الدم من أجل التبرع وتحفيز المواطنين على القيام بذلك، كما دعا مناضليه ومنتخبيه وكافة المواطنين الذين يوجدون في المناطق المتضررة أو القريبة منها للإسهام في جهود الإنقاذ، بتنسيق مع الجهات المسؤولة، مع تقديم كل أشكال الدعم والمواساة لأسر الضحايا وأقاربهم لتجاوز هذه اللحظة الصعبة.
من جهته دعا فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، وعضو مجلس إرشاد الجماعة الشعب المغربي إلى التكافل والتضامن والتعاضد والتراحم، وأن يواسي بعضه بعضا مثل "الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" مصداقا لقول الرسول المعظم صلى الله عليه وسلم. مستبشرا بطبيعة المغاربة وفطرتهم حين يتعاونون ويتضامنون خصوصا في المُلمَّات، وبرهنوا على ذلك في مناسبات كثيرة.
وأضاف: "الزلزال مسَّ الجسد المغربي، أصيبت منه أعضاء فيجب أن نتداعى جميعا، في مناطق النكبة أو بعيدا عنها، ونعيش مع إخواننا وأخواتنا هناك تلك المآسي، ونهُب لاحتضانهم ومواساتهم ومساعدتهم بكل ما نملك وبكل ما نستطيع".
وتابع: "صحيح أن الدولة هي المسؤولة الأولى على تقديم ذلك، لكن المصاب جلل، ويجب أن يتجند الجميع وهناك جوانب لا يمكن أن يؤديها إلا عموم الشعب بقربهم وحنانهم وفتح بيوتهم واحتضانهم للمكلومين".
كما وجَّه القيادي في العدل والإحسان إخوانه وأخواته في جماعة العدل والإحسان "أن يكونوا في مقدمة المتطوعين وأن يبرهنوا بتضحياتهم أن هذا المصاب لا يمكن أن يتقاعس عنه أحد".
وأنهى فتح الله أرسلان كلمته المصورة التي نشرتها على الجماعة على صفحتها، بالقول "يجب أن نجعل ما وقع مناسبة ليراجع كل منا نفسه ولنعلم ونتأكد أن الدنيا ليست دار قرار ولا استقرار، وإنما هي دار عبور وأن الآخرة هي خير لمن اتقى"، وفق تعبيره.
وكان مركز الزلزال الذي وقع يوم الجمعة بقوة 6.8 درجة، وهو الأكثر دموية في المغرب منذ أكثر من ستة عقود، أسفل مجموعة معزولة من القرى الجبلية على بعد 45 ميلا جنوب مراكش، مما هز البنية التحتية في مناطق بعيدة مثل الساحل الشمالي للبلاد.
وقالت وزارة الداخلية اليوم الإثنين إن عدد القتلى بلغ 2497 شخصا، وعدد الجرحى 2476 جريحا، على الرغم من التوقعات باحتمال ارتفاع إجمالي عدد القتلى مع وصول فرق الإنقاذ إلى القرى النائية في أعالي جبال الأطلس.
وكانت العديد من هذه القرى المتمركزة في قمم منطقة الحوز جنوب مراكش، الأقرب إلى مركز الزلزال، هي الأكثر تضررا. وأظهرت لقطات التقطتها طائرات بدون طيار من قنوات تلفزيونية محلية منازل تقليدية مبنية من الطوب اللبن وقد سويت بالأرض تماما.
وأظهرت لقطات نشرتها وسائل التواصل الاجتماعي جنودا يحفرون بشكل محموم بين أكوام الأنقاض الشاهقة ويستخدمون الكلاب على أمل ضعيف في العثور على أي ناجين متبقين، بينما كانت الجثث المغطاة بالبطانيات مصطفة في مكان قريب.
ويخشى الكثيرون من أن الصعوبات المشتركة في الوصول إلى القرى الجبلية النائية، فضلاً عن تأخر الاستجابة لحالات الطوارئ تعيق جهود الإنقاذ.
وتأثر ما لا يقل عن 300 ألف شخص بالزلزال الذي ضرب مراكش والمناطق المحيطة بها، بحسب منظمة الصحة العالمية. وكان الزلزال هو الأكثر دموية في المغرب منذ زلزال عام 1960 الذي دمر أغادير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المغربية زلزال المغرب زلزال مواقف اسلاميون تداعيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
المعنى في الصورة- مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
المعنى في الصورة– مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
وجدي كامل
24 أبريل 2025
عندما تُقرأ الحربُ لا من فُوَّهةِ البندقيّة، بل من تعبيرات الوجه، ووَضْعِيّات الجسد، ونظرات الازدراء والتحدّي، فإنّنا نكون في صُلبِ معركةٍ أعمقَ للحرب الثقافيّة الرمزيّة، التي تُمهِّدُ لما بعدها من عنفٍ ودمار. فالتحليلُ للحربِ الدائرةِ بأنّها حربٌ تستمدُّ تغذيتها من تاريخٍ مهولٍ من العنصريّةِ والكراهيّةِ وشَتّى علاماتِ الانقسامِ الاجتماعيّ والثقافيّ، قد يستغرق وقتًا وعملًا معلوماتيًّا مُجهِدًا، قد يحتاج إلى عشرات المؤلّفات، كما هي مبذولةٌ لمن أراد التثبّت من الوقائع والإقناع بها. ولكن، صورة فوتوغرافيّة واحدة، في أقل من ثانية، مُقْتطَعة من تصوير فيديو جرى بكاميرا الهاتف أو بكاميرا احترافيّة، في هذا التوقيت من الزمان، تُصبح قادرةً على إيصال المعنى والتأكيد على الحُجّة. هكذا، انتشر في الأيام الماضية مقطعٌ لفيديو يُظهِرُ شخصًا بدينًا، ضخمَ الجثة، شماليَّ أو وَسَطيَّ الملامح، في لحظة تصوير وهو يتهجّم على صبيّ، تقول هيئتُه إنّه قادمٌ من إحدى مناطق الغرب، أو جبال النوبة، أو جنوب النيل الأزرق، فأبطَلَ من تدفُّقِ الرجل، الذي كان – وفيما ثبت لاحقًا – يُسجّل مقطعًا عن عودة الحياة لطبيعتها في منطقةٍ من مناطق الجزيرة، لصالح قناة الجزيرة مباشر. تحرُّشُ البدين بالصبيّ في وسط سوق الخضار لم يكن لخطأٍ مقصودٍ أو إساءةٍ مُفتعلةٍ قام بها الصبي، عندما قاطع التصويرَ بمروره ما بين البدين والكاميرا، بل لسوء تقدير، أو عدم معرفة أصلًا بما يجري من تصوير، وما يتطلّبه من سلوكٍ حركيّ ما بين المتحدّث والكاميرا. لاحقًا، ذُكرت المعلومات أنّه “الشيخ” عبد الباسط الشُّكري، والذي وصفه المحلّلُ المعلوماتيّ والصحفيّ الاستقصائيّ بُشرى علي بأنّ آخر وظيفةٍ تسنَّمها كانت مشرفًا على خلوة مجمّع إبراهيم مالك، وما عُرِف عنه حينها باهتمامه بركوب عربته الـ”برادو” الجديدة أكثر من اهتمامه بوظيفة الإشراف على الخلوة. وأنّ المصوّر هو شقيقه المراسل، الذي -فيما يبدو- أراد أن يخصّ شقيقه الأكبر سنا بالإكراميّة الماليّة التي تُقدّمها القناة في مثل هذه الإفادات. أظهر الفيديو المُتداوَل عبد الباسط متحرّشًا بالصبي، بينما أبدى الأخيرُ ردًّا دفاعيًّا استثنائيًّا عن كرامته بعدم الانصياع لأوامر عبد الباسط بالابتعاد من دائرة التصوير، الأمر الذي سجّل إعجابًا شعبيًّا منقطع النظير، منحازًا للحظة دفاع الصبي عن نفسه. الصورة، بالتفاصيل التي أوردتها لغةُ الكلام والجسد، عبّرت عن السلوك العنيف، غير الإنسانيّ، للشيخ عبد الباسط، بحيث انطوت على توبيخٍ لم يكن يجد تبريرًا إلّا في سياقٍ يُذكّرُ بتعامل التّجار التاريخيّين في الرقّ، أو سادة الحملات الاسترقاقيّة باحتقارهم لرعاياهم من المُستَرَقّين. غير أنّ ردّة فعل الصبيّ المُستنكرة ألغت كلّ “ملكيّة” مزعومة لعبد الباسط في الأمر والنهي. لقد كشفت الصورةُ بجلاءٍ عن انتفاض كرامة “المُستَعبَد المفترَض”، التي رفضت الانصياع، وتمرّدت على التوبيخ، فواجهت النظرة الفوقيّة بندّيّةٍ مذهلة، ما جعل المشهد ليس مجرّد شجار، بل احتكاك هُويّتين: هُويّة “السّيّد”، المرتكزة على الجسد المترهّل، والملبس التقليدي، والميكروفون المثبَّت بعناية، والذي يحمل صورة “الشرعيّة” الإعلاميّة والدينيّة؛ وهويّة الصبيّ، الباحث عن ردّ اعتبار لكرامته التي جُرِحت. القراءة السيمائيّة البصريّة لزاوية التصوير تُظهر عبد الباسط وهو يطأ بظلّه الجسديّ والنفسيّ على مساحة الطفل، فتعكس نظامًا تراتبيًّا مُكرّسًا، كأنّه يقول: “أنا الأعلى، أنت الأدنى”. فلغةُ الجسد، التي تعتمد على القُرب لدرجة الالتحام المُهدِّد بالضرب واستعمال العنف، تصنع خطابًا بصريًّا مُنتِجًا للمعنى، من صراع الاحتقار والمقاومة في دلالته العامّة. أمّا زاوية التصوير، أو الصورة فلسفيًّا، فتقول أكثر مما يُقال. ففي نظريّة ميشيل فوكو عن السلطة، يُفهم الجسد كمساحةٍ تُمارَس عليها أنظمة الضبط والانضباط. وفي هذه الصورة، يحاول “الشيخ” أن يضبطَ الجسد الخارج عن الطاعة – جسد الصبي – لكن الردّ المقاوم يفضح آليّات السلطة كلّها، بالتحدّي، إلى عكسه: شدّ الصبي لجسده، وإرساله نظرةَ تحدٍّ استثنائيّة للشُّكري. أمّا في سيمياء رولان بارت، فهذه الصورة تُمثّل لحظةَ انفجارٍ للمعنى، الذي أعاد تعريفها كونها ليست مجرّد صورة، بل خطابًا اجتماعيًّا كاملًا، مشحونًا بالعنصريّة، والتاريخ، والمقاومة، مما يجعلها ليست فقط توثيقًا للحظةٍ عابرة، بل شهادةً بصريّة تعبّر عن أنّ الانقسام الاجتماعيّ في السودان ليس مزروعًا فقط في المظالم السياسيّة والاقتصاديّة، بل في النظرات، والأجساد، وردود الأفعال المتباينة في لحظات الصدام. المفارقة الساخرة، أنّ هذا التهجُّم وقع أثناء تصوير مشهدٍ إعلاميّ يُفترَض أنّه “يطمئن” الناس على عودة الحياة إلى طبيعتها، بينما “اللاطبيعيّ” تجلّى في عنف الشُّكري ذاته. وهكذا، نخلصُ من الفيديو، أو الصورة بوصفها وثيقةً وشهادة، إلى أنّ الحرب لم تبدأ مع البنادق، بل بدأت حين تمّ ترسيخ طبقيّاتٍ وإثنيّاتٍ تُهين الإنسان وتُجزِّئه حسب لون بشرته، أو لهجته، أو لباسه. وتُكرِّس لكلّ ذلك حربًا بداخلها قانونٌ غير مكتوب، يحمل اسم: الوجوه الغريبة، في أرجاءٍ ومناطقَ بعينها، من بلدٍ من المفترض أن يكون واحدًا، موحّدًا، انسانه متساوي في الحقوق والواجبات.
الوسومالانقسام الاجتماعي في السودان البنادق الحرب المعنى في الصورة مشهد ما قبل وبعد الرصاصة الأولى وجدي كامل